جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 239)

المقابلة بينه وبين ما بين المشرق والمغرب ، لأنّ هذا التوهّم ممنوع ، ومع فرضه فلايدلّ على أنّ المراد بالإستدبار فيما حكاه الشيخ أيضاً ذلك ، كما لا يخفى .
ثمّ إنّ ما ذكرنا ـ من وجوب الإعادة عليه في الوقت دون خارجه فيما إذا كان الإنحراف كثيراً ـ إنّما هو فيما إذا كان مأموراً بالتحرّي والإجتهاد ، لعدم انكشاف الواقع ، فتحرّى ثمّ تبيّن مخالفته للواقع ، وأمّا إذا كان عالماً بالحكم وبالقبلة ولكن صلّى إلى غير القبلة سهواً أو إشتباهاً ، ففي إلحاقه بالصورة الاُولى خلاف بين الأصحاب .
وممّن ذهب إلى الإلحاق وعدم التفصيل ، المفيد(قدس سره) في المقنعة ، والشيخ في التهذيب والنهاية ، وبعض المتأخّرين كالمحقّق الهمداني في المصباح(1) ، ولكنّ الأقوى عدم الإلحاق وفاقاً للعلاّمة في المختلف(2) . واحتجّ الشيخ ـ على ما حكاه عنه العلاّمة فيه وإن لم نجده في كتبه ـ بحديث الرفع(3) وأجاب عنه بأنّ حديث الرفع لا يدلّ على رفع الحكم ، بل المرفوع هي المؤاخذة ، فلا يدلّ على عدم وجوب الإعادة .
أقول : إن كان المراد من حديث الرفع هو رفع حكم ما فعله الناسي في حال نسيانه ، بمعنى أنّ الفعل الذي يفعله الناسي لو كان له حكم لو خلّى وطبعه ، فذلك الحكم مرفوع في حال صدوره نسياناً ، فلا يتمّ الاستدلال أيضاً ، لأنّ المفروض أنّ الناسي المكلّف بالصلاة إلى القبلة الواقعية لم يأت بها ، ففي الحقيقة يكون كمن لم يصلّ أصلا ، فهو لم يعمل عملا له حكم حتى يرفع ذلك الحكم في حال النسيان ، بخلاف من كان مأموراً بالتحرّي والاجتهاد ، فإنّ الحكم في حقّه هي الصلاة إلى
  • (1) المقنعة : 97 ; التهذيب 2 : 47 ; النهاية : 64  ; مصباح الفقيه كتاب الصلاة : 115 .
  • (2) مختلف الشيعة 2 : 73 .
  • (3) التوحيد : 353 ح24 ; الخصال : 417 ح9 ; الوسائل 15 : 369 . أبواب جهاد النفس ب56 ح1 .


(الصفحة 240)

جهة ظنّ أنّها القبلة ، ولذا لو لم يكن دليل على وجوب الإعادة عليه في الوقت لم نقل بوجوبها عليه ، لأنّ الأمر الظاهري يقتضي الإجزاء ولو انكشف الخلاف في الوقت ، وهذا بخلاف الناسي فإنّ الحكم في حقّه هي الصلاة إلى القبلة الواقعية ، والمفروض عدم مطابقة عمله لها .
ثمّ إنّه على تقدير دلالة حديث الرفع على عدم وجوب الإعادة فهو معارض بحديث رواه زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : «لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة : الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود»(1) لأنّ مورده صورة النسيان فقط ، لا ما يشمل العامد والجاهل كما قال به بعض ، لأنّ التعبير بالإعادة لا يناسبها ، فإنّها إنّما تستعمل في مورد يكون الشخص قاصداً لإمتثال التكليف المتوجّه إليه ، ويكون هو الداعي له على إتيان العمل .
غاية الأمر أنّه منعه عن إتيانه تامّاً بأجزائه وشرائطه بعض الطوارئ القهرية ، وإلاّ فالعامد الذي يترك عمداً بعض ماله دخل في تحقّق المأمور به ، أو يفعل بعض ما كان وجوده مضرّاً به لا يكون قاصداً في الحقيقة لإتيان المأمور به ، فلا يقال عليه أنّه يجب عليك الإعادة ، بل يقال : إنّه يجب عليك أصل الصلاة كما هو واضح . نعم لايبعد أن يكون شاملا للجاهل القاصر الذي يعتقد صحّة ما يفعله ، وإن كان في الواقع فاسداً ، وسيأتي في بعض المباحث الآتية مزيد توضيح لذلك فانتظر . فإذا انحصر مورد حديث لا تعاد بصورة النسيان ولم يكن عامّاً له ولغيره ، فيكون حينئذ مخصّصاً لحديث الرفع ، وحاكماً عليه كما لا يخفى .
ثمّ إنّه لا دلالة للأخبار المتقدمة المفصلة بين الوقت وخارجه على عدم الفرق بين الناسي وغيره كما يظهر من بعض ، لأنّك عرفت أنّ موردها ما إذا كانت علائم
  • (1) الفقيه 1 : 181 ح857 ; التهذيب 2 : 152 ح597 ; الوسائل 4 : 312 . أبواب القبلة ب9 ح1 .



(الصفحة 241)

الإنكشاف مفقودة لأجل العمى أو الغيم أو غيرهما ، فلا يشمل صورة النسيان ، فالواجب الرجوع في حكم هذه الصورة إلى القواعد ، وهي تقتضي وجوب الإعادة عليه في الوقت وفي خارجه مطلقاً ، حتّى ما إذا لم يكن مستدبراً للقبلة ، فإنّه لم يأت بما هو المأمور به .
والمفروض أنه لم يتوجه إليه أمر ظاهري حتى يقال بإقتضائه للإجزاء ، فيجب عليه الإعادة كما يدلّ عليه أيضاً حديث لا تعاد على ما عرفت .
هذا كلّه فيما إذا كان الإنحراف كثيراً ، وأمّا إذا كان يسيراً فمقتضى حديث الرفع وإن كان عدم وجوب الإعادة ، بناءً على أنّ المراد برفع النسيان هو رفع حكم كلّ ما صار النسيان سبباً له ، من فعل أو ترك ، فإذا صلّى مع نسيان السورة مثلا فهو يقتضي عدم وجوب الإعادة عليه ، وعدم كون السورة جزءً في حال النسيان ، فما يترتّب على تركها من عدم تحقّق المركّب وعدم الإتيان بالمأمور به ووجوب الإعادة فهو مرفوع ، ولا يلزم من هذا عدم وجوب الإتيان بالصلاة فيما إذا تركها في بعض الوقت سهواً ، لأنّ وجوب الإتيان بها بعده ليس من آثار عدم الإتيان به فيما مضى من الوقت ، بل من آثار بقاء الأمر المتوجه إليه من أول الوقت .
وبالجملة : فمقتضى حديث الرفع وإن كان ذلك إلاّ أنّ حديث لا تعاد يدل على وجوب الإعادة عليه ، وهو مخصّص لحديث الرفع ، لأنّك عرفت أنّ مورده هو الساهي فقط ، ولا يشمل العالم العامد والجاهل . هذا مع قطع النظر عن الأخبار الخاصة الواردة في المسألة ، وأمّا مع ملاحظتها فلا يجب عليه الإعادة لإطلاق موردها على وجه يشمل الناسي ، ولا يختصّ بالمجتهد المخطئ في إجتهاده كما هو ظاهر صحيحتي معاوية بن عمّار وزرارة ، ورواية عمّار الساباطي المتقدّمة(1) .
  • (1) الوسائل 4 : 314 ، 315 . أبواب القبلة ب10 ح1 و2 و4 .


(الصفحة 242)

ثمّ إنّ الصحيحتين تدلاّن بظاهرهما على أنّ ما بين المشرق والمغرب قبلة لجميع المكلفين ، في جميع الحالات من العلم والظنّ وغيرهما ، مع أنّ أحداً من الأصحاب لم يعمل على طبقهما ، ولذا لم يعبّر بذلك في مقام تعيين حد القبلة كمعارض لقوله(عليه السلام) في رواية عمّار الساباطي : «إن كان متوجّهاً فيما بين المشرق والمغرب فليحوّل وجهه إلى القبلة ساعة يعلم» فإنّها تدلّ بظاهرها على أنّ القبلة التي لو كان المكلّف عالماً بها لوجب عليه أن يتوجّه نحوها ، أضيق ممّا بين المشرق والمغرب .
فالوجه أن يقال : إنّ المراد منهما أنّ ما بين المشرق والمغرب قبلة في الجملة ، ولو لبعض المكلفين في الحالات ، بأن يقال مثلا : إنّ الإمام(عليه السلام) قال في صحيحة زرارة أنّه لا يصدق عنوان الصلاة على الصلاة التي كانت فاقدة لشرط القبلة ، فصدقها يتوقف على أن يكون المصلّي متوجّهاً إليها ، ثمّ سأل الراوي عن حد القبلة التي لو كان المكلف متوجهاً إليها لصدق على فعله أنّه صلاة فقال(عليه السلام)  : «ما بين المشرق والمغرب قبلة» يعني : إنّه إذا تجاوز هذا الحدّ فلا يصدق عنوان الصلاة ، وأمّا صدقها على الصلاة التي كان التوجه فيها إلى ما بين المشرق والمغرب مطلقاً وفي جميع الأحوال فلا يعلم منهما .
وبالجملة : لا يستفاد منهما أنّ ما بينهما قبلة مطلقاً ، بل هي قضيّة مجملة لا تنافي عدم كونه قبلة في بعض الأحوال ، وعلى تقدير كون ظاهرهما ذلك يجب تأويلهما وحملهما على ما ذكرنا ، لما عرفت من كونهما معرضاً عنهما مع ثبوت المعارض لهما ، ويؤيد ذلك أنّ المشهور بل المتفق عليه بين الأصحاب أنّ الإلتفات إلى غير القبلة في أثناء الصلاة مبطل لها(1) ، ومعنى الإلتفات أن ينحرف بوجهه عن القبلة بحيث
  • (1) النهاية : 64  ; المعتبر 2 : 260 ; روض الجنان : 332 ; الذكرى 3 : 180 ; الروضة البهيّة 1 : 236 ; البيان : 182 ; جامع المقاصد 2 : 347 ; الحدائق 9 : 31 ; مستند الشيعة 7 : 20 .


(الصفحة 243)

يرى خلفه .
ومن المعلوم أنّه يتحقق بكون وجهه مواجهاً إلى قريب المشرق والمغرب الذي يصدق عليه إنّه ما بينهما ، فلو كان ما بين المشرق والمغرب قبلة في جميع الحالات لزم عدم بطلان الصلاة في صورة الإنحراف بوجه الإلتفات ، لأنّه لم ينحرف بوجهه عمّا بينهما ، هذا مضافاً إلى سائر الروايات الواردة في حكم المسألة الدالّة على خلاف ذلك ، مثل ما رواه في الجعفريات عن محمّد بن محمّد بن أشعث الكوفي ، عن موسى بن إسماعيل ، عن أبيه ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه(عليهما السلام) : إنّ عليّاً(عليه السلام)كان يقول : «من صلّى لغير القبلة إذا كان بين المشرق والمغرب فلا يعيد»(1) . ورواه السيّد فضل الله الراوندي في النوادر عن عبدالواحد بن إسماعيل عن محمّد بن الحسن التميمي ، عن سهل بن أحمد الديباجي ، عن محمد بن محمد إلى آخر ما ذكر في الطريق(2) الأول ، إلاّ أنّ فيها : «إذا كان إلى المشرق أو المغرب» . والظاهر أنّه من سهو الراوي والصحيح هو الأول .
نعم ، في رواية الكليني عن أبي هاشم الجعفري الواردة في الصلاة على المصلوب ما يدل على ذلك ، حيث قال : سألت الرضا(عليه السلام) عن المصلوب؟ فقال : «أما علمت أنّ جدّي(عليه السلام) صلّى على عمّه؟(3) قلت : أعلم ذلك ولكنّي لا أفهمه مبيناً ، فقال : اُبينه لك ، إن كان وجه المصلوب إلى القبلة فقم على منكبه الأيمن ، وإن كان قفاه إلى القبلة فقم على منكبه الأيسر ، فإنّ بين المشرق والمغرب قبلة ، وإن كان منكبه الأيسر إلى القبلة فقم على منكبه الأيمن ، وإن كان منكبه الأيمن إلى القبلة فقم على منكبه الأيسر ، وكيف كان منحرفاً فلا تزايلنّ مناكبه ، وليكن وجهك إلى
  • (1) الجعفريات : 87 ح295 .
  • (2) نوادر الراوندي : 155 ح499 ; بحار الأنوار 81  : 69 ح26  .
  • (3) الظاهر أنّه  : زيد بن عليّ بن الحسين (عليهما السلام) .