(الصفحة 118)
أوجب تنجّزه على كلّ حال ، ومرجع ذلك إلى استحقاق العقوبة على ارتكاب الخمر الموجود في البين ، وأنّ عدم تميّزه تفصيلا لا يمنع عن جواز المؤاخذة عليه .
وفي هذه الصورة لا يصحّ الإذن ، ولو في ارتكاب بعض الأطراف ، لعدم اجتماع الإذن كذلك مع تنجّز التكليف على كلّ حال ، وأمّا لو لم يكن التكليف معلوماً ، بل قامت حجة إجمالية على ثبوته مثل قوله تعالى:
{إنّما الخمر . . .}(1) ، فإنّ غاية أمره أن يكون له ظهور في حرمة جميع أفراد الخمر ، مشكوكاً كان أو معلوماً ، والمعلوم مجملا كان أو مفصّلا .
ففي هذه الصورة لا مانع من ترك هذا الظهور بسبب ظهور آخر حاكم عليه ، مثل قوله عليه السلام: «كلّ شيء لك حلال . . .(2)» ، الظاهر في أنه لا يريد إلاّ ترك الحرام الذي عرف بعينه وتميّز بشخصه ، ومقتضى ذلك عدم تنجّز التكليف إلاّ إذا كان معلوماً تفصيلا . ولا يخفى أنّ الأصحاب أبوا أن يتمسّكوا به في الشبهة المحصورة ، لما ورد فيها من طائفتين من الأخبار:
إحداهما:
في السمن والجبن وأنه لا ينبغي أن يجتنب من أجل إدخال الميتة في سمن وجبن واحد(3) .
ثانيتهما:
في الماء النجس المشتبه بين الإنائين ، وقد أمر بإهراقهما والتيمم(4) ، فعلموا من ذلك خروج الشبهة المحصورة عن عموم مثل: «كلّ شيء لك حلال» واختصاصه بمثل الجبن الواحد المشتبه بين كثير .
وحاصل الكلام أنه مع العلم بالتكليف لا مجال لجريان الأصل أصلا ومع
- (1) المائدة : 90 .
- (2) الوسائل 17: 89 . أبواب ما يكتسب به ب4 ح 4 .
- (3) الوسائل 24: 235 . أبواب الأطعمة المحرّمة ب64 ح1 .
- (4) الوسائل 1 : 151 . أبواب الماء المطلق ب8 ح2 .
(الصفحة 119)
الحجة الاجمالية لا مانع منه ، وقد أطلق عليها العلم مجازاً كما لايخفى .
الحادية والعشرون:
لو علم أنه إمّا ترك سجدة أو تشهّداً . قال في العروة: وجب الإتيان بقضائهما وسجدة السهو مرّة(1) .
أقول:
فيما إذا لم يجز المحلّ يأتي بالتشهّد ويحتاط بعد الفراغ بقضاء السجدة ، ولكنّ الظاهر عدم لزوم هذا الإحتياط ، لعدم تجاوز الفرض عن الاحتمال ، فلا مانع عن جريان قاعدة التجاوز بالنسبة إلى السجود ، وإذا جاز خصوص محلّه الشكّي دون السهوي ، فلا مجال حينئذ لجريان القاعدة للمعارضة ، ومقتضاها التساقط ، فلابدّ من الرجوع إلى استصحاب العدم ، فيرجع ويتدارك التشهّد ويقضي السجدة بعد الفراغ .
ومثله في عدم جريان القاعدة ما إذا جاز المحلّين ودخل في ركوع الركعة اللاحقة ، فإنّ مقتضى استصحاب عدم الإتيان بشي منهما لزوم تداركهما ، غاية الأمر إنّه يتداركهما بعد الفراغ ، ويسجد سجدتي السهو بقصد ما في الذمّة .
الثانية والعشرون:
إذا علم أنه إمّا ترك سجدة من هذه ، أو من السابقة ، ففي صورة تجاوز المحلّين يتمّ صلاته ويقضي سجدة بعد الفراغ . ويأتي بسجدتي السهو ، ومع عدم تجاوز المحلّ الشكّي يرجع فيتدارك ، وله أن يحتاط بعد الفراغ بقضاء السجدة ، ومع تجاوز المحلّ الشكّي دون السهوي يكون الكلام فيه مثل ماتقدّم .
- (1) العروة الوثقى 1: 708 ، المسألة الثانية والخمسون .
(الصفحة 120)
(الصفحة 121)
المطلب الخامس :
في
قضاء الصلوات
(الصفحة 122)