(الصفحة 153)
ومنها:
الروايات المتعدّدة التي رواها جماعة من الصحابة كابن مسلم والحلبي وغيرهما ، وربما تبلغ خمس روايات ، وهي تدلّ على جواز قضاء الفائتة أيّ ساعة شاء المكلّف ، كصحيح ابن مسلم قال: سألته عن الرجل تفوته صلاة النهار؟ قال: «يقضيها إن شاء بعد المغرب وإن شاء بعد العشاء»(1) .
وصحيح الحلبي قال: سئل أبو عبدالله(عليه السلام) عن رجل فاتته صلاة النهار متى يقضيها؟ قال: «متى شاء ، إن شاء بعد المغرب وإن شاء بعد العشاء»(2) .
وصحيح ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: «صلاة النهار يجوز قضاؤها أيّ ساعة شئت من ليل أو نهار»(3) .
وخبر عنبسة العابد قال: سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن قول الله عزّوجل:
{وهو الذي جعل الليل والنهار خِلفةً لمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكوراً}(4) قال: «قضاء صلاة الليل بالنهار وصلاة النهار بالليل»(5) .
والمرسل عن الصادق(عليه السلام) أيضاً قال: «كلّ ما فاتك من صلاة الليل فاقضه بالنهار ، قال الله تبارك وتعالى:
{وهو الذي جعل الليل والنهار خِلفةً لمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكوراً}»(6) .
وأمّا ما يدلّ على عدم اعتبار الترتيب:
فمنها:
خبر جابر المتقدّم .
ومنها:
رواية إسماعيل بن جابر المتقدّمة .
- (1) الكافي 3: 452 ح7 ; التهذيب 2: 163 ح640;الوسائل 4 : 241 . أبواب المواقيت ب39 ح6 .
- (2) الكافي 3: 452 ح6; التهذيب 2: 163 ح639; الوسائل 4: 41 . أبواب المواقيت ب39 ح7 .
- (3) التهذيب 2: 174 ح692; الإستبصار 1: 290 ح1063; الوسائل 4: 243 . أبواب المواقيت ب39 ح12 .
- (4) الفرقان : 62 .
- (5) التهذيب 2: 275 ح1093; الوسائل 4: 275 . أبواب المواقيت ب57 ح2 .
- (6) الفقيه 1 : 315 ح1428 ; الوسائل 4: 275 . أبواب المواقيت ب57 ح4 .
(الصفحة 154)
ومنها:
خبر عمّار المتقدّم أيضاً .
ومنها:
ما رواه عبدالله بن سنان وابن مسكان عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «إن نام رجل أو نسي أن يصلّي المغرب والعشاء الآخرة ، فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما ، وإن خاف أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة ، وإن استيقظ بعدالفجر فليصلّ الصبح،ثمّ المغرب، ثمّ العشاءالآخرة قبل طلوع الشمس»(1).
ومنها:
رواية أبي بصير عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «إن نام رجل ولم يصلّ صلاة المغرب والعشاء أو نسي ، فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما ، وإن خشي أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة ، وإن استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصلّ الفجر ثمّ المغرب ثمّ العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس ، فإن خاف أن تطلع الشمس فتفوته إحدى الصلوتين فليصلّ المغرب ويدع العشاء الآخرة حتّى تطلع الشمس ويذهب شعاعها ثمّ ليصلّها»(2) ، وروى مثله في فقه الرضا(عليه السلام) مع تبديل النوم بالنسيان(3) .
ومنها:
رواية جميل بن درّاج عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: قلت له: تفوت الرجل الاُولى والعصر والمغرب ويذكر عند العشاء؟ قال: يبدأ بالوقت الذي هو فيه ، فإنّه لا يأمن الموت ، فيكون قد ترك الفريضة في وقت قد دخل ، ثمّ يقضي ما فاته الأول فالأوّل»(4) .
ومنها:
ما رواه ابن طاووس في محكيّ رسالته في هذا الباب من كتاب الصلاة للحسين بن سعيد مالفظه: صفوان، عن عيص بن القاسم قال: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام)
- (1) التهذيب 2: 270 ح1076; الاستبصار 1: 288 ح1053; الوسائل 4: 288 . أبواب المواقيت ب62 ح4 .
- (2) التهذيب 2: 270 ح1077; الاستبصار 1: 288 ح1054; الوسائل 4: 288 . أبواب المواقيت ب62 ح3 .
- (3) فقه الرضا(عليه السلام): 122 ـ 123; بحار الانوار 85 : 324 ح2 .
- (4) المعتبر 2: 407 ; الوسائل 4: 289 . أبواب المواقيت ب62 ح6 .
(الصفحة 155)
عن رجل نسي أو نام عن الصلا حتّى دخل وقت صلاة اُخرى؟ فقال: إن كانت صلاة الاُولى فليبدأ بها، وإن كانت صلاة العصر فليصلّ العشاء، ثمّ يصلّي العصر»(1).
ومنها:
ما رواه ابن طاووس عن قرب الإسناد للحميري وقد تقدّم لكنّه نقله في الوسائل عن قرب الإسناد مشتملا على ذيل وهو أنّه قال: وسألته عن رجل نسي الفجر حتّى حضرت الظهر؟ قال: «يبدأ بالظهر ثمّ يصلّي الفجر» . وعليه فتصير الرواية من الروايات الدالّة على اعتبار الترتيب(2) .
ومنها:
ما ذكره أبو الفضل محمد بن أحمد بن سليم (الجعفي) في كتابه الفاخر الذي ذكر في خطبته أنه ما روى فيه إلاّ ما اُجمع عليه وصحّ من قول الأئمة(عليهم السلام) ، قال على ما حكاه عنه ابن طاووس في محكيّ رسالته في الباب ما لفظه: والصلوات الفائتات يُقْضَيْنَ ما لم يدخل عليه وقت صلاة ، فإذا دخل عليه وقت صلاة بدأ بالتي دخل وقتها ، وقضى الفائتة متى أحبّ(3) .
ومنها:
ما حكي عن فقه الرضا ـ وهو وإن لم تثبت نسبته إلى الرضا(عليه السلام) ، لكنّه من الكتب الفقهية القديمة المشتملة على مضامين الروايات بلسان الفتوى كما لا يخفى على من راجعه ـ من أنه قال: «وإن فاتك فريضة فصلّها إذا ذكرت ، فإن ذكرتها وأنت في وقت فريضة اُخرى فصلّ التي أنت في وقتها ، ثمّ تصلّي الفائتة»(4) .
ونظير ذلك ما ذكره الصدوق في الفقيه الذي ذكر في خطبته أنه لا يروي فيه إلاّ ما يكون حجّة بينه وبين الله ، وكذا ما حكي عن رسالة الشرائع لوالده(قدس سرهما) التي
- (1) رسالة عدم المضايقة المطبوع في مجلة تراثنا 7: 342; بحار الأنوار 85: 329; مستدرك الوسائل 6: 428 . أبواب قضاء الصلوات ب1 ح6 .
- (2) قرب الاسناد: 170 ح740; الوسائل 8 : 255 . أبواب قضاء الصلوات ب1 ح 9 .
- (3) رسالة عدم المضايقة المطبوع في مجلّة تراثنا 7: 340 ; بحار الأنوار 85 : 327 ـ 328 .
- (4) فقه الرضا(صلى الله عليه وآله) : 140; مستدرك الوسائل 6 : 433 . أبواب قضاء الصلوات ب2 ح6 .
(الصفحة 156)
كانت مرجعاً عند إعواز النصوص(1) وقد صرّح السيّد المرتضى(قدس سره) بجواز العمل بها في جواب المسائل الرسية(2) .
وأمّا ما يدلّ على عدم وجوب العدول فهو ما حكاه ابن طاووس عن الواسطي ـ الذي كان من مشايخ الكراجكي ـ في كتاب النقض على من أظهر الخلاف لأهل بيت النبيّ(صلى الله عليه وآله) ما هذا لفظه: مسألة ، من ذكر صلاة وهو في اُخرى . قال أهل البيت(عليهم السلام) يتمّم التي هو فيها ، ويقضي ما فاته ، وبه قال الشافعي .
قال السيّد: ثمّ ذكر خلاف الفقهاء المخالفين لأهل البيت ، ثمّ ذكر في أواخر مجلّده مسألة اُخرى ، فقال ما هذا لفظه: مسألة اُخرى: من ذكر صلاة وهو في اُخرى ، إن سئل سائل فقال: أخبرونا عمّن ذكر صلاة وهو في اُخرى ما الذي يجب عليه؟ قيل له: يتمّم التي هو فيها ، ويقضي ما فاته ، وبه قال الشافعي ، ثم ذكر خلاف المخالفين ، وقال: دليلنا على ذلك ما روي عن الصادق جعفر بن محمد(عليهما السلام)أنّه قال: «من كان في صلاة ثمّ ذكر صلاة اُخرى فاتته أتمّ التي هو فيها ، ثمّ يقضي ما فاته»(3) ، انتهى .
هذه هي مجموع ما ورد ممّا ظاهره المواسعة ، وقد عرفت أنّ جملة منها تدلّ على عدم لزوم المبادرة والفورية ، وجملة اُخرى على عدم ترتّب الفائتة على الحاضرة ، وبعضها على عدم وجوب العدول ، بل ظاهره عدم الجواز .
أمّا ما يدلّ على عدم وجوب المبادرة ، فجملة منها ترجع إلى ما رواه العامّة من قصّة التعريس(4) ، وهذه القصّة تدلّ دلالة واضحة على أنّ الأمر بالإتيان
- (1) الفقيه 1 : 232 ح1029 وص315 ح1428; وحكاه عن والده في مختلف الشيعة 3: 5; ومفتاح الكرامة 3: 389 .
- (2) المسائل الرسية (رسائل المرتضى) 3: 364 ـ 365 .
- (3) رسالة عدم المضايقة المطبوع في مجلة تراثنا 7: 343 ـ 344; بحار الأنوار 85 : 330 .
- (4) صحيح البخاري 1: 166 ب35 ـ 36 .
(الصفحة 157)
بالقضاء متى ما ذكر لا يكون مفاده إيجاب القضاء عند حدوث الذكر بحيث كان حدوثه وقتاً له ، أو كان وجوبه عنده من باب وجوب المبادرة والمسارعة ، بل مفاده مجرّد لزوم الإتيان به في حالة الذكر وعند وجوده .
وجملة منها كأخبار الأمالي(1) وعمّار وإسماعيل بن جابر(2) ، تدلّ على مضمون واحد ، وهو الإتيان بفائتة واحدة عند كلّ صلاة فريضة .
وأمّا ما يدلّ على عدم الترتيب ، فبعضها وارد في مورد النسيان عن العشائين وأنه لا تكون الغداة مترتّبة عليهما ، بل يجوز تأخيرهما إلى بعد شعاع الشمس .
وبعضها وارد في مورد نسيان الظهرين والمغرب وأنه لا تكون العشاء مترتّبة عليها ، بل يجب الابتداء بالوقت الذي هو فيه ، ومن المعلوم أنه بالنسبة إلى المغرب لا يكون معمولا به ، إلاّ إذا فرض كون المراد بالوقت هو الوقت الاختصاصي للعشاء الآخرة .
وبعضها وارد في مورد نسيان خصوص العصر وأنه لا تكون العشاء مترتّبة عليها ، وبعضها الآخر وارد في مورد نسيان المغرب حتّى دخل وقت العشاء ، ونسيان الفجر حتّى حضرت الظهر ، وهذا أيضاً بالنسبة إلى الفرض الأول لا يكون معمولا به ، وقد عرفت أنه مضافاً إلى هذه الروايات يكون هنا فتاوى ظاهرة في كون مضمونها مرويّاً عن الأئمة(عليهم السلام) ، كفتوى الصدوقين والجعفي وعبارة فقه الرضا(3) .
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه لم يظهر من ابن طاووس القائل بالمواسعة والجامع للأخبار الدالّة عليها ، أنه هل طرح الأخبار الظاهرة في المضايقة رأساً ، أو أنه
- (1) المراد به أمالي السيّد أبي طالب عليّ بن الحسين الحسني في المواسعة .
- (2) الوسائل 1: 127 . أبواب مقدّمة العبادات ب31 ح4 ، وج8 : 267 . أبواب قضاء الصلوات ب4 ح15 .
- (3) راجع 3 : 155 .