جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 158)

رجّح أخبار المواسعة عليها؟ مع أنّ الانصاف أنه لو وصلت النوبة إلى إعمال المرجحات لما كان محيص عن الأخذ بأخبار المضايقة بعد كونها مشهورة بين القدماء ، كما عرفت عند نقل الأقوال في صدر المسألة  .
وبعد كون الشهرة في الفتوى هي أوّل المرجحات على ما اخترناه وحقّقناه . هذا ، ولكن يمكن الجمع بينهما بأن يقال ـ بعدما ما عرفت من عدم دلالة الأخبار التي استدلّ بها على الفورية على وجوبها ، لأنّ مفادها مجرّد وجوب الإتيان بالفائتة عند وجود الذكر لا عند حدوثه بنحو التوقيت ، أو مجرّد الفورية والمبادرة  ـ : إنّ الأخبار التي تمسّك بها على وجوب مراعاة الترتيب وشرطيّة الإتيان بالفائتة لصحّة الحاضرة ، لا دلالة لها عليه .
لأنّه يحتمل قويّاً أن يكون المراد بالإتيان بالفائتة عند دخول الوقت الحاضرة عدم كون دخول وقتها مانعاً عن الإتيان بها ، لا عدم جواز الإتيان بالحاضرة قبلها ، ومرجع ذلك إلى جواز الإتيان بالفائتة متى شاء ولو كان ذلك عند دخول وقت الفريضة ، كما أنّ مرجع الأخبار التي استند إليها للفورية إلى جواز الإتيان بالفائتة عند حدوث الذكر ، ولو كان زمان حدوثه مصادفاً لبعض الأزمنة التي يكره التطوّع فيها .
فمرجع الطائفتين إلى جواز الإتيان بالفائتة في جميع أوقات الليل والنهار ، وربّما يشهد لهذا الجمع ما رواه ابن أبي عمير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر(عليه السلام)(1) ، وقد تقدّم حيث أنّ ظاهرها جواز الإتيان بالفائتة متى ما ذكرها في أيّ ساعة ذكرها من ليل أو نهار ، وإن دخل وقت صلاة الفريضة فإنّه يجوز الإتيان بها حينئذ أيضاً ما لم يتخوّف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي حضرت وقتها .

  • (1) الوسائل 8 : 256  . أبواب قضاء الصلوات ب 2 ح 3  .

(الصفحة 159)

وإن شئت قلت: إنّ الأمر بالابتداء بالفائتة عند دخول وقت الفريضة وقع في مقام توهّم الحظر ، لأنّه حيث كان الإتيان بالفريضة في أوّل وقتها معمولا بين المسلمين ومورداً لاهتمامهم ، بحيث لم يكونوا يؤخّرونها عن أوّل وقتها مع عدم العذر والضرورة .
فلذا ربما يتوهّم ترجيح الحاضرة على الفائتة ، وأنه لا مجال للإتيان بالفائتة مع حضور الحاضرة ، وأنّ الأخبار الدالّة على الإتيان بالفائتة في حال وجود الذكر لا تشمل الإتيان بها مع دخول وقت الفريضة الحاضرة التي كان بناؤهم على الإتيان بها في أوّل وقتها ، والأمر بالابتداء بالفائتة إنّما وقع لدفع هذا التوهم ، وأنّ دخول وقت الحاضرة لا يمنع من الإتيان بالفائتة أصلا ، فلا دلالة له على الوجوب حتّى يستفاد منه الشرطية والترتّب كما لا يخفى .
والظاهر أنّ الجمع بالنحو الذي ذكرنا أولى من الجمع بين الطائفتين ، بحمل الوقت على وقت الفضيلة لا الإجزاء ، لأنّ تقييد الابتداء بالعصر في صحيحة زرارة الطويلة بعدم الخوف عن وقت المغرب ، مع أنّ المفروض التذكّر أوّل دخول الوقت دليل عليه ، لعدم امكان أن تكون صلاة العصر موجبة لفوات وقت الإجزاء للمغرب ، فيكون دليلا على جواز الإتيان بالمغرب ، بل على رجحانه لو تضيّق وقت الفضيلة لها ، وإن كان في سعة من وقت الإجزاء .
وحيث إنّ اتيان المغرب في وقت الفضيلة لا يكون واجباً قطعاً ، فالأمر بإتيان المنسي في صورة عدم خوف التضيق أيضاً معناه الاستحباب بقرينة مقابله ، وهكذا حال الروايات الدالّة على تقديم الفائتة على الحاضرة إلى أن يتضيّق وقتها ، فإنّها أيضاً محمولة على تضيّق وقت الفضيلة ، وبقرينة المقابلة يستفاد عدم وجوب التقديم مع عدم خوف التضيّق كما لا يخفى .

(الصفحة 160)

ثمّ لا يذهب عليك ، أنّ الروايات الدالّة على المواسعة وإن كان كثير منها ضعيفة السند أو مشتملة على ما لا يقول به أحد من الأصحاب ، كما أشرنا إليه عند نقلها ، إلاّ أنه يستفاد من مثل فتوى الصدوقين في محكيّ رسالة الشرائع على ما حكاه في مختلف الشيعة ومفتاح الكرامة والفقيه(1) ، ثبوت هذا المضمون وصدوره من الأئمّة(عليهم السلام) ، لوضوح استناد فتواهما إلى النصوص الصادرة منهم الواجدة لشرائط الحجّية باعتقادهما .
ومن هنا يمكن أن يقال: بأنّه على فرض عدم إمكان الجمع بين الطائفتين ليست الشهرة الفتوائية بين القدماء رضوان الله عليهم بالغة إلى حدّ يوجب سقوط أخبار المواسعة عن الحجّية ، بعد موافقتها لفتوى الصدوقين اللذين هما متقدّمان على المفيد والشيخ وغيرهما من القائلين بالمضايقة ، هذا مع أنّ الأخبار الدالّة على الفورية إن كانت بصدد إثبات توقيت الفائتة ، وأنّ أوّل وقتها يتحقّق بحدوث الذكر فهو مخالف لما هو المرتكز عند المتشرّعة .
ضرورة أنّهم لا يرون للقضاء وقتاً خاصّاً ، بحيث لو أخّر عنه لصار قضاءً أيضاً وهكذا ، وإن كانت بصدد إثبات أنّ هنا أمراً آخر تعلّق بالبدار والإتيان بالقضاء فوراً ، لكانت أيضاً مخالفة لارتكازهم .
نعم ، لو كان المراد بالفورية ما ذكرنا في تقريب جريان الأصل ، من أنه ليس هنا أمر آخر تعلّق بالمبادرة بالإتيان بالقضاء ، بل مقتضى الأمر المتعلّق بنفس الطبيعة لزوم الإتيان بها فوراً ، فإذا أخّرها إلى ثاني الوقت أو ثالثه وهكذا ، مع احتمال زوال تمكّنه في ذلك الوقت ، فإن اتّفق الإتيان بها فيه لا يكون مستحقّاً للعقاب إلاّ من جهة التجرّي الحاصل بالتأخير مع احتمال زوال التمكّن ، وإن لم يتّفق
  • (1) مختلف الشيعة 3 : 5 ; مفتاح الكرامة 3 : 389 ; الفقيه 1 : 315 ح1428  .


(الصفحة 161)

يكون معاقباً من جهة الترك عمداً ، لما كان ذلك مورداً لإنكار المتشرّعة كما هو غير خفيّ .
ثمّ إنّك عرفت أنّه لو فرضنا سقوط أخبار المواسعة عن الحجّية ، وقلنا بلزوم الأخذ بمقتضى أخبار المضايقة ، فالقدر المتيقّن من تلك الأخبار هو ترتّب الحاضرة على الفائتة المتّصلة بها ، أو الشريكة للمتّصلة في الوقت ، ولا يتجاوز ذلك عن يوم وليلة ، ومن المعلوم أنّ هذا المقدار لا يوجب تعطيل أمر المعاش والاقتصار من النوم وغيره على مقدار الضرورة .
وقد انقدح من جميع ما ذكرنا بطلان القول بأصل المضايقة أوّلا وبالمضايقة المطلقة ثانياً ، هذا تمام الكلام في مسألة المضايقة والمواسعة .

الترتيب بين الفوائت



`اعلم أنّ العامّة لم يفرّقوا بين هذه المسألة والمسألة المتقدّمة ، فمن قال منهم بعدم الترتيب كالشافعي قال به مطلقاً ، ومن قال باعتبار الترتيب بالنسبة إلى يوم وليلة في الحاضرة والفائتة كأبي حنيفة ومالك ، قال به في الفوائت أيضاً بعضها بالنسبة إلى بعض ، ومن قال بالترتيب مطلقاً كأحمد ، قال به مطلقاً ، هذا حالهم(1) .
وأمّا أصحابنا فالقدماء منهم ـ القائلون بالمضايقة في المسألة المتقدّمة ـ لم يتعرّضوا لهذه المسألة ، نعم قد تعرّض لها السيّد في الجمل ، واختار الترتيب بين الفوائت أيضاً ، وقرّره على ذلك القاضي ابن البراج في شرحه(2) ، ولكن لا يستفاد
  • (1) المجموع 3: 70 المغني لابن قدامة 1: 676 ـ 677; الشرح الكبير 1 : 483 ـ 484; بداية المجتهد 1 : 256 ـ 257; تذكرة الفقهاء2: 351 ـ 353; مسألة 58 و 59  .
  • (2) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى) 3: 38; المهذّب 1 : 126; مختلف الشيعة 3: 3 و4 .

(الصفحة 162)

منهما الملازمة بين المسألتين .
وأمّا المتأخّرون فقد عنونوا مسألتين واختلفوا في كلتيهما ، وظاهرهم عدم الملازمة بينهما ، فيمكن حينئذ القول بالمضايقة في المسألة المتقدّمة دون هذه المسألة ، وكذا العكس كما هو المعروف بينهم ، وقد ادعي الاجماع عليه بالنسبة إلى هذه المسألة(1) .
وكيف كان فربّما يقال في المسألتين: إنّ المرتكز في أذهان أهل العرف في الأوامر المتعدّدة المتعلّقة بطبيعة واحدة في الأزمنة المتعاقبة ، رعاية التقدّم والتأخّر الثابتين لتلك الأوامر في مقام التوجّه إلى المكلّف في مقام الامتثال والاطاعة ، بحيث يمتثلون أوّلا الأمر المتوجّه إليه أوّلا وثانياً الأمر المتوجّه إليه ثانياً وهكذا .
فالقطعات المختلفة من الزمان التي هي ظروف للمكلّف به كما أنّها متقدّمة بعضها على بعض ذاتاً ، وتكون السابقة متّصفة بوصف السبق أصالة ، واللاحقة بوصف اللحوق كذلك ، كذلك لها مدخليّة في اتّصاف الأمر الواقع في القطعة اللاحقة بوصف اللحوق ، وكذا الواقع في السابقة ، والعرف يراعي هذين الوصفين الثابتين للأمر مثلا في مقام الامتثال ، ويأتي بمتعلّق الأمر السابق أوّلا واللاحق ثانياً .
وكأنّه يكون الإتيان بمتعلّق السابق عندهم شرطاً لصحّة الامتثال بالنسبة إلى الأمر اللاحق ، إمّا لكون نفس الإتيان بالمتعلّق وجوده شرطاً للثاني مع قطع النظر عن تعلّق الأمر به أوّلا ، لأجل تقدّم ظرفه على ظرفه ، وإمّا لكون تعلّق الأمر به أوّلا مستدعياً لتقديم الإتيان بمتعلّقه في مقام الامتثال .

  • (1) الخلاف 1 : 382 مسألة 139; المعتبر 2 : 405 ـ 406; المنتهى 1 : 421; التنقيح الرائع 1: 267; ذخيرة المعاد: 385; كفاية الاحكام : 28  ، مستند الشيعة 7 : 313 ; جواهر الكلام 13: 19 .