(الصفحة 352)
ومنها :
رواية عليّ بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال : سألته عن الرجل يكون خلف الإمام يجهر بالقراءة وهو يقتدي به ، هل له أن يقرأ من خلفه؟ قال : «لا ولكن يقتدي به» .
قال في الوسائل بعد حكاية هذه الرواية عن كتاب قرب الإسناد : ورواه عليّ ابن جعفر في كتابه إلاّ أنّه قال : ولكن ينصت للقرآن(1) .
ومنها :
رواية أبي خديجة عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «إذا كنت إمام قوم فعليك أن تقرأ في الركعتين الأوّلتين ، وعلى الذين خلفك أن يقولوا : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر وهم قيام ، فإذا كان في الركعتين الأخيرتين فعلى الذين خلفك أن يقرأوا فاتحة الكتاب ، وعلى الامام أن يسبّح مثل ما يسبّح القوم في الركعتين الأخيرتين»(2) .
ومنها :
مارواه سماعة في حديث قال : سألته عن الرجل يؤمّ الناس فيسمعون صوته ولا يفقهون ما يقول؟ فقال : «إذا سمع صوته فهو يجزيه ، وإذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه»(3) .
ومقتضى هذه الروايات أنه لاتجوز القراءة في الأوّلتين مع سماع قراءة الإمام والمراد من سماعها أعمّ من سماع الصوت ولو همهمة ، كما وقع التصريح به في بعضها .
وأمّا ما ورد منها في الركعتين الأوّلتين من الجهرية مع عدم سماع صوت الإمام فبعضها ظاهر في الأمر بها ، وبعضها دالّ على النهي عنها بالاطلاق ، وواحدة تدلّ عل التخيير .
أمّا ما يظهر منه الأمر بالقراءة :
- (1) قرب الإسناد : 177 ح797 مسائل عليّ بن جعفر : 127 ح101 ; الوسائل 8 : 359 . أبواب صلاة الجماعة ب31 ح16 .
- (2) التهذيب3 : 275 ح 800 ; الوسائل 8 : 362 . أبواب صلاة الجماعة ب32 ح6 .
- (3) التهذيب3 : 34 ح123; الاستبصار 1 : 429 ح 1656; الوسائل 8 : 358 . أبواب صلاة الجماعة ب31 ح10 .
(الصفحة 353)
فمنها :
صحيح الحلبي المتقدّم .
ومنها :
رواية قتيبة عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «إذا كنت خلف إمام ترتضي به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلم تسمع قراءَته فاقرأ أنت لنفسك ، وإن كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ»(1) .
ومنها :
رواية عبدالرحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن الصلاة خلف الإمام ، أقرأ خلفه؟ فقال : «أمّا الصلاة التي لا تجهر فيها بالقراءة فإنّ ذلك جعل إليه فلا تقرأ خلفه ، وأمّا الصلاة التي يجهر فيها فإنّما أُمر بالجهر لينصت من خلفه ، فإن سمعت فأنصت وإن لم تسمع فاقرأ»(2) .
وأمّا ما يدلّ على النهي بالاطلاق فهي صحيحة زرارة عن أحدهما(عليهما السلام) ، قال : «إذا كنت خلف إمام تأتمّ به فأنصت وسبّح في نفسك»(3) ورواية زرارة ومحمد بن مسلم المتقدّمة ، ورواية يونس المتقدّمة أيضاً .
وأمّا ما يدلّ على التخيير فهي رواية عليّ بن يقطين قال : سألت أبا الحسن الأوّل(عليه السلام) عن الرجل يصلّي خلف إمام يقتدي به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلا يسمع القراءة؟ قال : «لابأس إن صمت وإن قرأ»(4) .
وروى الشيخ هذه الرواية في التهذيب والاستبصار معاً في باب صلاة الجماعة ، ولكنّه رواه في الاستبصار عن سعد بن عبدالله ، عن أبي جعفر ، عن
- (1) الكافي 3 : 377 ح4; التهذيب 3 : 33 ح 117; الاستبصار 1 : 428 ح1652; الوسائل 8 : 357 . أبواب صلاة الجماعة ب31 ح7 .
- (2) الكافي 3 : 377 ح1; التهذيب 3 : 32 ح 114; الاستبصار 1 : 427 ح1649; علل الشرائع : 325 ح1; الوسائل 8 : 356 . أبواب صلاة الجماعة ب31 ح5 .
- (3) الكافي 3 : 377 ح3; التهذيب 3 : 32 ح 116; الاستبصار 1 : 428 ح1651; الوسائل 8 : 357 . أبواب صلاة الجماعة ب31 ح6 .
- (4) التهذيب 3 : 34 ح122; الاستبصار1 : 429 ح1657 ; الوسائل 8 : 358 ، أبواب صلاة الجماعة ب31 ح11 .
(الصفحة 354)
الحسن بن عليّ بن يقطين ، عن أخيه الحسين ، عن أبيه عليّ بن يقطين . وفي التهذيب عن سعد بن عبدالله ، عن أبي جعفر ، عن الحسن بن عليّ بن يقطين ، عن أبي الحسن الأوّل(عليه السلام) ولكنّه مضطرب ، والصحيح ما في الاستبصار .
وحيث إنّ هذه الرواية معمول بها عند الأصحاب فتصير قرينة على تقييد المطلقات الناهية بما إذا سمع قراءة الإمام ، وعلى أنّ المراد بالأمر الوارد في الروايات الآمرة هي الإباحة ، لكونها واردة في مقام توهّم الحظر ، كما يظهر بالتأمّل في بعضها كرواية الحلبي وشبهها ، وإن أبيت عن ذلك فلا محيص عن الحمل على الاستحباب ، ودعوى كون القراءة في هذه الصورة مستحبّة ، كما لايخفى .
وأمّا ما ورد في الصلاة الإخفاتيّة :
فمنها :
المطلقات الناهية المتقدّمة(1) .
ومنها :
إطلاق صدر رواية الحلبي المتقدّمة ، فإنّ الاستثناء فيها قرينة على شمول الصدر للصلاة الاخفاتية أيضاً .
ومنها :
إطلاق رواية زرارة المتقدّمة عن أبي جعفر(عليه السلام) .
ومنها :
رواية سليمان بن خالد قال : قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) : أيقرأ الرجل في الاُولى والعصر خلف الإمام وهو لا يعلم أنه يقرأ؟ فقال : «لا ينبغي له أن يقرأ يكله إلى الإمام(2)» .
ومنها :
رواية عبدالرحمن بن الحجّاج المتقدّمة ، الظاهرة بصدرها في النهي عن القراءة في الصلاة التي لا تجهر فيها بالقراءة .
ومنها :
رواية عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «إذا كنت خلف إمام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتى يفرغ ، وكان الرجل مأموناً على القرآن فلا تقرأ
- (1) راجع الوسائل 8 : 355 . أبواب صلاة الجماعة ب31 .
- (2) التهذيب 3 : 33 ح 119; الاستبصار1 : 428 ح1654 ; الوسائل 8 : 357 . أبواب صلاة الجماعة ب31 ح8 .
(الصفحة 355)
خلفه في الأوّلتين» ، وقال : «يجزيك التسبيح في الأخيرتين» ، قلت : أيّ شيء تقول أنت؟ قال : «أقرأ فاتحة الكتاب»(1) .
ومنها :
رواية عليّ بن جعفر عن أخيه(عليه السلام) قال : سألته عن رجل يصلّي خلف إمام يقتدي به في الظهر والعصر ، يقرأ؟ قال : «لا ، ولكن يسبّح ويحمد ربّه ويصلّي على نبيّه(صلى الله عليه وآله)» .
ومنها :
رواية بكر بن محمّد الأزدي عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنّه قال : «إنّي أكره للمرأ أن يصلّي خلف الإمام صلاة لا يجهر فيها بالقراءة فيقوم كأنّه حمار» ، قال : قلت : جعلت فداك فيصنع ماذا؟ «قال : يسبّح»(2) .
وهنا روايتان ظاهرتان في التخيير :
1 ـ
رواية المرافقي المتقدّمة(3) .
2 ـ
رواية عليّ بن يقطين قال : سألت أبا الحسن(عليه السلام) عن الركعتين اللّتين يصمت فيهما الإمام ، أيقرأ فيهما بالحمد وهو إمام يقتدى به؟ فقال : «إن قرأت فلا بأس ، وإن سكت فلا بأس»(4) .
هذا ، ويحتمل أن يكون المراد بالركعتين اللتين يصمت فيهما الإمام ، الركعتين الأخيرتين من الصلاة الجهرية ، بل لعلّه الظاهر ، وذلك لأنّ التعبير بالركعتين لايلائم مع إرادة الصلاة الاخفاتية التي يجب الاخفات في جميع ركعاتها .
هذا ، ولكن رواية المرافقي صريحة في جواز القراءة فيما يخافت فيه الإمام ، وهي تصير قرينة على تقييد المطلقات وحمل النهي في غيرها على كونه وارداً في
- (1) التهذيب3 : 35 ح124; الوسائل 8 : 357 . أبواب صلاة الجماعة ب31 ح9 .
- (2) قرب الاسناد : 47 ح 112; الفقيه1 : 256 ح 1161 التهذيب3 : 276 ح 806; الوسائل 8 : 360 . أبواب صلاة الجماعة ب32 ح1 .
- (3) الوسائل 8 : 359 . أبواب صلاة الجماعة ب31 ح15 .
- (4) التهذيب 2 : 296 ح1192; الوسائل 8 : 358 . أبواب صلاة الجماعة ب31 ح13 .
(الصفحة 356)
مقام توهّم الوجوب كما لايخفى .
نعم، لاينبغي المناقشة في أنّ مقتضى الاحتياط بملاحظة الروايات الناهية الترك.
وأمّا ورد في الركعتين الأخيرتين :
فمنها :
رواية زرارة المتقدّمة(1) ، والظاهر اختصاصها بأخيرتي الجهرية ، وقد حكم فيها بالنهي عن القراءة لأجل التبعيّة للأوليين .
ومنها :
رواية عبدالله بن سنان المتقدّمة أيضاً(2) ، الظاهرة في إجزاء التسبيح في الأخيرتين ، والظاهر عدم كون الملحوظ في هذه الفقرة فيها خصوص حال الجماعة ، بل أعمّ منه ومن حال الإنفراد ، فلا دلالة لها حينئذ بالمنطوق على حكم الأخيرتين خلف الإمام .
ومنها :
رواية زرارة الواردة في المأموم المسبوق ، وأنّه كان مسبوقاً بركعتين في الظهر أو العصر أو العشاء ، قرأ في كلّ ركعة ممّا أدرك خلف الإمام في نفسه باُمّ الكتاب وسورة ـ إلى أن قال : ـ «فإذا سلّم الإمام قام فصلّى ركعتين لا يقرأ فيهما(3)» ، هذا ، والمستفاد منها مجرد الفرق بين الأخيرتين والأوّلتين من دون دلالة على كيفية الفرق .
وقد انقدح أنه لا دليل على النهي عن القراءة في الأخيرتين ، أمّا في الاخفاتية من الصلاة فواضح ، وأمّا في الجهرية فمقتضى رواية زرارة وإن كان هو النهي ، إلاّ أنّها لا تنهض دليلا عليه بعد عدم كون النهي ثابتاً في الأوّلتين منها مع سماع صوت الإمام ، فالأقوى الجواز والتخيير بينها وبين التسبيح .
- (1) الوسائل 8 : 355 . أبواب صلاة الجماعة ب31 ح3 .
- (2) الوسائل 8 : 357 . أبواب صلاة الجماعة ب31 ح9 .
- (3) الفقيه 1 : 256 ح 1162; التهذيب 3 : 45 ح158; الاستبصار 1 : 436 ح 1683; الوسائل 8 : 388 . أبواب صلاة الجماعة ب47 ح4 .