جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 259)

أجنبيّاً عن أصل البراءة.

وجوابه: أوّلاً: أنّ هذا الظهور يعارضه ظهور آخر، وتوضيحه: أنّ كلمة«وضع» إن تعدّت بحرف الاستعلاء دلّت على جعل شيء على شيء وإثباتهله، وإن تعدّت بحرف المجاوزة دلّت على معنى الإسقاط كقوله تعالى: «وَيَضَعُعَنْهُمْ إِصْرَهُمْ»(1)، أي أسقطها ورفعها عنهم، ومن الواضح أنّ إسقاط شيءعن شيء فرع استقراره فيه.

وعليه فالظاهر من قوله عليه‏السلام : «موضوع عنهم» رفع ما هو مجعول بحسبالواقع، لا ما لم يجعل أصلاً وكان مسكوتاً عنه من أوّل الأمر، فإنّ ما لم يجعلمن البداية لا يتعلّق به الرفع والإسقاط كما هو واضح، فليس مفاد الحديثمفاد قوله عليه‏السلام : «اسكتوا عمّا سكت اللّه‏».

وثانياً: أنّ إسناد الحجب إليه تعالى، فلأجل ما برهن عليه في المباحثالكلامية من أنّ الأفعال الاختياريّة كما يصحّ إسنادها إلى فاعلها كذلك يصحّإسنادها إلى اللّه‏ تعالى بعدما كان ممكن الوجود مرتبطاً بالعلّة، بل هو عينالربط بها، ولا استقلال له لاحتياجه في كلّ آن إلى العلّة، فلا مانع من إسنادالحجب إليه تعالى، وإن كان المانع عروض العوارض من ظلم الظالمين ومنعالمانعين وضياع الكتب.

ولكنّ التحقيق: أنّ إسناد الأفعال الاختياريّة إليه تعالى وإن كان صحيحمع توجّه التحسين والتوبيخ إلى الفاعل المباشر، إلاّ أنّ إسناد أفعال غيرحسنة إليه تعالى أمرٌ غير معهود في الكتاب والسنّة.

الرواية الخامسة: قوله عليه‏السلام : «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنّه حرامبعينه»(2).


  • (1) الأعراف: 157.
(صفحه260)

وقد استدلّ المحقّق الخراساني قدس‏سره (1) بالرواية على البراءة في الشبهات الحكميّةكالشبهات الموضوعيّة، بدعوى أنّها تدلّ على حلّيّة ما لم يعلم حرمته مطلقاً،ولو كان من جهة عدم الدليل على حرمته.

والصحيح عدم صحّة الاستدلال بها على البراءة في الشبهات الحكميّة،فتختصّ بالشبهات الموضوعيّة، وذلك لقرينة «بعينه» فإنّ الظاهر من الكلمةهو الاحتراز عن العلم بالحرام لا بعينه، ولا ينطبق ذلك إلاّ على الشبهةالموضوعيّة؛ إذ لا يتصوّر العلم بالحرام لا بعينه في الشبهة الحكميّة، فإنّه معالشكّ في حرمة شيء وحلّيته لا علم لنا بالحرام لا بعينه.

والحاصل: أنّ الرواية تفصّل بين نوعين من العلم بالحرام: أحدهما: العلمبالحرام بعينه كالعلم بخمريّة هذا المائع، فيجب الاجتناب حينئذٍ.

الثاني: العلم بالحرام لا بعينه كما إذا شككنا في أنّ المائع الخارجي خمر أوخلّ، فإنّ الحرام ـ وهو الخمر ـ معلوم لا بعينه، فلا يجب الاجتناب حينئذٍ بلهو حلال، وهذا التعبير لا ينطبق إلاّ على الشبهة الموضوعيّة كما عرفت.

نعم، ذكر اُستاذنا السيّد الإمام قدس‏سره (2) بأنّه يمكن منع قرينيّة كلمة «بعينه»وذلك بجعلها تأكيداً للعلم والمعرفة لا للحرام، فيكون كناية عن وقوف المكلّفعلى الأحكام وقوفاً علميّاً لا يشوبه شكّ، وعليه فيتمّ الاستدلال بالحديث فيالشبهات الحكميّة.

ولكن قد عرفت أنّ الظاهر من الكلام أنّه احتراز عن العلم بالحرام لبعينه لا تأكيداً للمعرفة، خصوصاً مع اشتمال لفظ «بعينه» على الضمير الراجعإلى الحرام لا إلى المعرفة.


  • (1) الوسائل 17: 89، الباب 4 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 4.
  • (2) كفاية الاُصول 2: 175.
  • (3) تهذيب الاُصول 2: 175.
(صفحه 261)

ثمّ أفاد قدس‏سره بأنّ الرواية بصدد جعل الترخيص في ارتكاب أطراف المعلومبالإجمال، فيكون وزانها وزان قوله عليه‏السلام : «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لكحلال حتّى تعرف الحرام بعينه»، فلا يصحّ الاستدلال بها في الشبهاتالبدويّة، حكميّة كانت أو موضوعيّة.

ولايخفى عليك الفرق الواضح بين الوزانين، فإنّ الرواية التي نبحث فيهتشمل الشبهات البدويّة بخلاف الرواية الثانية.

الرواية السادسة: قوله عليه‏السلام : «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتّىتعرف الحرام منه بعينه فتدعه»(1).

والبحث في هذه الرواية من جهتين:

الاُولى: في أنّها تشمل الشبهة الحكميّة في باب البراءة أم لا؟

الجهة الثانية: في أنّها بعد فرض عدم شمولها للشبهة الحكميّة هل تشملالشبهة البدويّة الموضوعيّة، أم تختصّ بالشبهة الموضوعيّة في أطراف العلمالإجمالي؟

والتحقيق في الجهة الاُولى: أنّه لا يصحّ الاستدلال بهذه الرواية على البراءةفي الشبهات الحكميّة؛ إذ فيها قرينتان تقتضيان اختصاصها بالشبهاتالموضوعيّة:

الاُولى: كلمة «بعينه» وقد مرّ توضيحها في الرواية السابقة.

القرينة الثانية: قوله عليه‏السلام : «فيه حلال وحرام» فإنّه ظاهر في الانقسام الفعلي،بمعنى أن يكون هناك قسم حلال وقسم حرام، وقسم مشكوك فيه لم يعلم منأيّهما كما في المائع المشكوك في كونه خلاًّ أو خمراً، ومن الواضح أنّ الانقسامالفعلي إنّما يجري في الشبهات الموضوعيّة، وأمّا في الشبهات الحكميّة فليس فيه


  • (1) الوسائل 17: 88، الباب 4 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 1.
(صفحه262)

إلاّ احتمال الحرمة والحلّية كما في شرب التتن.

وذهب المحقّق العراقي قدس‏سره (1) إلى أنّه يمكن أن يقال بشمول الرواية للشبهاتالحكميّة؛ نظراً إلى إمكان فرض الانقسام الفعلي فيها أيضاً كما في كلّي اللحم،فإنّ فيه قسمين معلومين: قسم حلال وهو لحم الغنم، وقسم حرام وهو لحمالأرنب، وقسم ثالث مشتبه وهو لحم الحمير لا يدرى بأنّه محكوم بالحلّية أوالحرمة، ومنشأ الاشتباه فيه هو وجود القسمين المعلومين، فيقال بمقتضىعموم الرواية أنّه حلال حتّى تعلم حرمته.

وفيه: أنّ الظاهر من الرواية أنّ منشأ الشكّ في الحلّية والحرمة هو نفسالانقسام الفعلي إلى الحلال والحرام كما هو الحال في الشبهات الموضوعيّة، ومنالواضح أنّ منشأ الشكّ في الشبهة الحكميّة ـ كلحم الحمير ـ ليس ناشئاً منانقسام اللحم إلى الحلال والحرام، بل هذا النوع من اللحم بنفسه مشكوك فيهمن حيث الحلّية والحرمة، إمّا لفقدان النصّ أو إجمال النصّ أو تعارضالنصّين، وأمّا انقسام أنواع اللحم إلى الحلال والحرام فلا دخل له بالشكّ فيلحم الحمير بوجه، ولذا لو فرضنا حرمة جميع أنواع اللحم ما عدا الحمير أوحلّيتها لكان الشكّ في لحم الحمير من حيث الحلّية والحرمة باقٍ على حاله،وعليه فالرواية لا تشمل الشبهات الحكميّة.

والتحقيق في الجهة الثانية أيضاً عدم صحّة الاستدلال بالرواية على البراءةفي الشبهات البدويّة الموضوعيّة، فإنّ الظاهر منها كون القسمين من الحلالوالحرام مورد الابتلاء بالفعل، وهذا لا يتصوّر إلاّ في الشبهة المقرونة بالعلمالإجمالي، والرواية في صدد جعل الترخيص في أطراف العلم الإجمالي كمسيأتي توضيحه في باب الاشتغال.


  • (1) نهاية الأفكار 3: 233.
(صفحه 263)

الدليل الثالث: الإجماع

لايخفى أنّ ما ينفع منه في المقام هو إجماع كافّة العلماء من الاُصوليّينوالأخباريّين على البراءة في الشبهة الحكميّة، وواضح أنّه لم ينعقد الإجماع علىهذا الوجه، بل هو مقطوع العدم، فإنّ جلّ الأخباريّين ذهبوا إلى وجوبالاحتياط فيها، ولايمكن دعوى عدم قدح مخالفتهم في تحقّق الإجماع معكونهم من العلماء الأجلاّء.

ثمّ إنّ هذا الإجماع على فرض انعقاده ليس إجماعاً تعبّديّاً كاشفاً عن رأيالمعصوم عليه‏السلام بل هو إجماع مدركي، فلابدّ من الرجوع إلى نفس المدرك.

الدليل الرابع: العقل

والبحث عنه يقع في جهات ثلاث:

الاُولى: في تماميّة قاعدة قبح العقاب بلا بيان أو عدم تماميّتها في نفسها؟

الجهة الثانية: في ملاحظتها مع قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل.

الجهة الثالثة: هل أنّها تعارض أدلّة الاحتياط أو محكومة لها؟

أمّا الجهة الاُولى: فلا شكّ في استقلال العقل بقبح العقاب والمؤاخذة عندعدم البيان أو عدم وصول التكليف إلى العبد، فيكون العقاب على مخالفتهقبيحاً عقلاً؛ إذ فوت غرض المولى حينئذٍ ليس مستنداً إلى تقصير من العبد،بل مستند إلى عدم تماميّة البيان من قبل المولى.

وعليه فالمكلّف بعد الفحص التامّ وعدم وجدانه دليلاً على الحكم يكونمعذوراً عند العقل في عدم امتثال التكليف المجهول، وإن كان هناك بيان فيالواقع، وهذا متّفق عليه بين الاُصوليّين والأخباريّين.

وظهر بما ذكرنا أنّ موضوع حكم العقل بقبح العقاب هو عدم البيان