جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 425)

والمفاسد النفس الأمريّة، كما اشتهر ذلك بين العدليّة، حيث يقولون: إنّالواجبات الشرعيّة إنّما وجبت لكونها ألطافا في الواجبات العقليّة، فاللطفوالمصلحة النفس الأمريّة إمّا هو المأمور به حقيقة، والأوامر المتعلّقة بمثلالصلاة والصوم ونظائرهما أوامر إرشاديّة والغرض منها الإرشاد إلى عدمحصول المأمور به حقيقة إلاّ بمثلها، وإمّا أنّه غرض للآمر، وعلى كلا التقديرينفيجب تحصيل العلم بحصول اللطف لعدم العلم بإتيان المأمور به على الأوّل،وبحصول الغرض على الثاني مع الاقتصار على الأقلّ في مقام الامتثال، ومنالواضح عند العقول لزوم العلم باتيان المأمور به وبحصول الغرض، أمّا الأوّلفبديهي، وأمّا الثاني فلأنّ الغرض إنّما هو العلّة والداعي للأمر، ومع الشكّ فيحصوله يشكّ في سقوط الأمر، فمرجع الشكّ فيه إلى الشكّ في الإتيان بالمأموربه المسقط للأمر، وقد عرفت أنّ لزوم العلم بإتيانه من الواضحات عندالعقول.

هذا، ولا يخفى أنّ المحقّق الخراساني رحمه‏الله اعتمد في الكفاية(1) على هذا الكلاموردّ ما أجاب به عنه الشيخ في الرسائل.

والتحقيق في الجواب عن هذا الإشكال أن يقال: إنّ هذه المسألة ـ وهي أنّالأوامر والنواهي الشرعيّة هل هي تابعة للمصالح والمفاسد النفس الأمريّة أملا؟ ـ مسألة كلاميّة، ومنشأ البحث فيها مسألة كلاميّة اُخرى أيضا، وهي: أنّههل يمتنع على اللّه‏ الإرادة الجزافيّة، فلا يجوز عليه الفعل من دون غرض ـ كمعليه العدليّة ـ ، أو أنّه لايمتنع عليه تعالى ذلك، بل يجوز منه الإرادة الجزافيّةوالفعل من دون غرض ومصلحة، كما عليه الأشاعرة؟

فظهر أنّه بناءً على مذهب العدليّة لابدّ من الالتزام بعدم كون الأفعال


  • (1) كفاية الاُصول 2: 233.
(صفحه426)

الاختياريّة الصادرة عن اللّه‏ تعالى خالية من الغرض والمصلحة، أمّا أنه لابدّمن أن يكون المأمور به حقيقة هو نفس تلك المصلحة والغرض، أو يكونالغرض أمرا آخر مترتّبا على المأمور به، فلا يستفاد من ذلك، بل اللازم هوأن يقال بعدم كون إرادته تعالى المتعلّقة بإتيان المأمور به إرادة جزافيّة غيرناشئة من المصلحة في المراد. وهو كما يتحقّق بأحد الأمرين المذكورين كذلكيتحقّق بأن يكون المأمور به الذي هو عبارة عن مثل الصلاة والصوم والحجّبنفسه مصلحة ومحبوبا؛ لأنّه لا فرق في عدم كون الإرادة جزافيّة بين أنتكون الصلاة مؤثّرة في حصول غرض ومصلحة، وهي «معراج المؤمن»كما قيل، أو أن تكون بنفسها محبوبة ومصلحة؛ لاشتمالها على التهليل والتكبيروالتسبيح مثلاً، كما أنّه يتحقّق ذلك بالطريق الرابع، وهو كون المصلحة في نفسالأمر لا في المأمور به.

وبالجملة، فمقتضى مذهب العدليّة أنّه لابدّ أن يكون في البين غرض وغايةومصلحة ولطف، أمّا لزوم أن يكون هو متعلّق الأمر بحيث كانت الأوامرالمتعلّقة بمثل الصلاة والصوم إرشادا إليه أو أن يكون أمرا آخر وراء المأمور بهفلا، فمن المحتمل أن يكون نفس المأمور به محبوبا بذاته وغاية بنفسه، أو يكونالغرض في نفس الأمر، وعلى هذين التقديرين لاوجه للاحتياط بإتيانالأكثر.

أما على التقدير الأوّل فلأنّ محبوبيّة الأقلّ معلومة، ولم يقم دليل علىمحبوبيّة الخصوصيّة الزائدة، والعقل يحكم بعدم جواز العقوبة عليها مع عدمقيام الحجّة عليها، كما أنّه على التقدير الثاني حصل الغرض بمجرّد الأمروالبعث، ولا يكون المكلّف مأخوذا بأزيد ممّا قام الدليل على لزوم الإتيان به.

هذا كلّه، مضافا إلى أنّه لو فرض كون الغرض مترتّبا على المأمور به نمنع

(صفحه 427)

لزوم العلم بحصوله؛ لأنّ المكلّف إنّما هو مأخوذ بالمقدار الذي ورد البيان منقبل المولى على دخالته في المأمور به، ومع الإتيان به لا معنى لعقوبته وإن كانشاكّا في حصول الغرض؛ لأنّ الأمر لم يتعلّق بتحصيل الغرض، بل تعلّقبالأجزاء التي يعلم بانحلال المركّب إليها، وتعلّقه بالزائد مشكوك يحكم العقلبالبراءة عنه، كيف؟ ولو كان اللازم العلم بحصول الغرض لم يحصل العلمبامتثال كثير من المركّبات الشرعيّة؛ إذ ما من مركّب إلاّ ونحتمل دخالة أمرآخر فيه شطراً أو شرطاً واقعا وإن لم يصل إلينا دليله، كما هو واضح، فاللازمبحسب نظر العقل هو العلم بإتيان المأمور به الذي قامت الحجّة عليه، وهويحصل بإتيان الأقلّ فثبتت محبوبيّة تسعة أجزاء ـ مثلاً ـ ويحكم العقل بإتيانها،وأمّا الجزء العاشر فلم تثبت محبوبيّته ولم يصدر من المولى دليل على أنّهمحبوب، فتجرى البراءة العقليّة عنه.

الإشكال الثامن: وهو يختصّ بالواجبات التعبديّة ولا يجرى فيالتوصّليّات، وهو أنّه لابدّ فيها من قصد التقرّب، وهو لايكون إلاّ بالواجبالنفسي؛ لأنّ الواجب الغيري لايكون مقرّبا، وحينئذ فمع الاقتصار على الأقلّلايكاد يمكن قصد التقرّب؛ لأنّه يحتمل أن يكون الواجب في الواقع هو الأكثروكان الأقلّ واجبا غيريّا، وهذا بخلاف ما إذا أتى بالأكثر، فإنّه يقطع بكونهمقرّبا إمّا بنفسه، وإمّا بالأقلّ المتحقّق في ضمنه.

والتحقيق في الجواب أن يقال: أمّا أوّلاً فلا نّ المعتبر في العبادات أنلايكون الإتيان بها بداع نفساني، بل بداع إلهي اُخروي، ومن المعلوم أنّهلافرق في ذلك بين الإتيان بالاقلّ أو بالأكثر؛ ضرورة أنّ الآتي بالأقلّلايكون الداعي له إلى الإتيان به إلاّ أمر إلهي. نعم، لايعلم بكون المأتي به، هوالمأمور به كما أنّ الآتي بالأكثر أيضا لايعلم بذلك.

(صفحه428)

وبالجملة، لافرق بين الإتيان بالأقلّ أو بالأكثر في إمكان قصد التقرّبالذي مرجعه إلى الإتيان بالعمل لا لداع نفساني من رياء وغيره، وكذا في عدمالعلم بكون ما يأتي به هو المأمور به.

وأمّا ثانيا فلأنّ مبنى الإشكال على كون الأقلّ واجبا بالوجوب الغيريعلى تقدير كون متعلّق التكليف هو الأكثر، وقد عرفت غير مرّة منع ذلك وأنّالأجزاء واجبة بعين وجوب المركّب، والأمر المتعلّق به يدعو إلى الأجزاء بعيندعوته إليه، وحينئذ فالأقلّ واجب بالوجوب النفسي على التقديرين.

وبالجملة، لافرق في الداعي بين القائل بالبراءة والقائل بالاشتغال، فإنّالداعي بالنسبة إليهما هو الأمر المتعلّق بإقامة الصلاة لدلوك الشمس إلى غسقالليل، غاية الأمر أنّه لايصلح للداعويّة في نظر القائل بالبراءه إلاّ بالنسبة إلىما علم انحلال الصلاة إليه من الأجزاء، كما أنّه في نظر القائل بالاشتغال يدعوإلى جميع ما تنحلّ إليه واقعا ولو كان هو الأكثر، ولذا لايتحقّق العلم بامتثالهإلاّ بالإتيان به. فلا اختلاف للداعى بالنسبة إليهما، فيجوز الإتيان بالأقلّبداعي الأمر المتعلّق بالصلاة بلا ريب، ولا يوجب ذلك قدحا في عباديّتهأصلاً، كما لا يخفى.

هذا كلّه في البراءة العقليّة، وقد عرفت جريانها وعدم ورود شيء منالإشكالات المتقدّمة عليها في جريان البراءة الشرعيّة في المقام.

وأمّا البراءة الشرعيّة فالظاهر أنّه لا مانع من جريانها بناءً على ما هومقتضى التحقيق من انحلال العلم الإجمالي إلى العلم التفصيلي بوجوب الأقلّوالشكّ في وجوب الأكثر، كما عرفت؛ وذلك لأنّ الأقلّ معلوم وجوبه النفسيتفصيلاً والأكثر مشكوك، فيكون مرفوعا بمثل حديث الرفع(1).


  • (1) الوسائل 15: 369، الباب 56 من أبواب جهاد النفس، الحديث 1.
(صفحه 429)

ولا فرق في ذلك بين أن يقال بدلالة الحديث على رفع الجزئيّة المجهولة بناءًعلى إمكان رفعها لكونها قابلة للوضع، أو يقال بدلالته على رفع الوجوبالنفسي المتعلّق بالأكثر بناءً على عدم إمكان رفع الجزئيّة، وكيف كان، فلمانع من جريانها بالنسبة إلى الأكثر بناءً على الانحلال.

وأمّا بناءً على عدم الانحلال الموجب لعدم جريان البراءة العقليّة، فهلتجري البراءة الشرعيّة مطلقا، أو لاتجري كذلك، أو يفصّل بين ما إذا كان العلممقتضيا لوجوب الموافقة القطعيّة فتجري، وبين ما إذا قيل بكونه علّة تامّة لهفلا تجري؟ وجوه، بل أقوال، ذهب إلى الأوّل المحقّق الخراساني رحمه‏الله وإلى الأخيرالمحقّق العراقي على ما في تقريرات بحثه(1).

والحقّ هو الوجه الثاني؛ لأنّه لو كان مجرى البراءة هو الوجوب النفسيالمتعلّق بالأكثر المجهول فالأصل وإن كان يجري بالنسبة إليه لكونه مشكوكا،إلاّ أنّه معارض بالأصل الجاري في الأقلّ؛ لأنّ وجوبه النفسي أيضا مشكوكبناءً على ما هو المفروض من عدم انحلال العلم الإجمالي؛ لأنّه يلزم منجريانهما مخالفة عمليّة للتكليف المعلوم المتحقّق في البين المردّد بين الأقلّوالأكثر.

ودعوى أنّ طبيعة الوجوب بالنسبة إلى الأقلّ معلومة بالتفصيل، فلا تجريأصالة البراءة بالنسبة إليه، وأمّا الأكثر فأصل تعلّق الوجوب به مشكوك فلمانع من جريان الأصل فيه.

مدفوعة، بأنّ الأمر المشترك بين الوجوب النفسي والغيري أمر انتزاعيلايكون قابلاً للجعل؛ ضرورة أنّ المجعول إمّا هو الوجوب النفسي، وإمّا هوالوجوب الغيري، غاية الأمر أنّ العقل بعد ملاحظتهما ينتزع منهما أمرا واحدا،


  • (1) كفاية الاُصول 2: 235.