بالدلالة الالتزاميّة العرفيّة، والدلالة الالتزاميّة إنّما هي في طول الدلالة المطابقيّةكما هو واضح.
إحدى القاعدتين على الاُخرى لا محالة. والحال أنّ لازم كلامه قدسسره لزوم الدورهنا أيضاً؛ لتوقّف جريان قاعدة الطهارة بحيث يثبت بها الموضوع على جريانقاعدة الحلّية وبالعكس؛ لدلالة كلّ منهما على جزء واحد، فلابدّ من إثبات كلالجزءين بالتعبّد الواحد.
ومن هنا نستكشف بطلان كلامه قدسسره بأنّ لغويّة كلام الحكيم كما تندفعبترتّب الأثر الفعلي على التعبّد والتنزيل، كذلك تندفع بترتّب الأثر التعليقي،بحيث لو انضمّ إليه جزؤه الآخر كان ذا أثر فعلي، فصحّة المدلول المطابقي ـ أيتنزيل المؤدّى منزلة الواقع ـ لا يتوقّف على المدلول الالتزامي حتّى يستلزمالدور.
مع أنّه يترتّب على التعبّد الأوّل أثرٌ بيّنٌ وهو قيام الأمارة مقام القطعالطريقي المحض، ونحن هنا بصدد ترتّب الأثر الثاني، أي قيامها مقام القطعالموضوعي الطريقي، وقد عرفت من ذلك بطلان ما ذكره المحقّق الإصفهاني قدسسره ؛إذ لا اقتضاء للغويّة بعدما كان أثر تنزيل المؤدّى منزلة الواقع قيام الأمارةمقام القطع الطريقي المحض قبل قيامها مقام القطع الموضوعي، فلا محذور فيمقام الثبوت من قيام الأمارات والاُصول العمليّة مقام القطع الطريقيوالموضوعي بأقسامه بنفس دليل اعتبارها.
والمهمّ هو البحث في مقام الإثبات، ويقع البحث عنه في مرحلتين: الاُولى:في الأمارات، والثانية: في الاُصول العمليّة.
أمّا المرحلة الاُولى: فاعلم أنّ المتّفق عليه بين الفحول من الاُصوليّين هوقيام الأمارات مقام القطع الطريقيالمحض بنفس أدلّة حجّيتها، فتترتّب عليهالآثار المترتّبة على القطع من التنجيز عند المطابقة والتعذير عند المخالفة.
والتحقيق: أنّ التعبير بقيامها مقامه ليس بصحيح، فإنّ معناه أصالة القطع
(صفحه74)
وتبعيّة الأمارات، مع أنّ عمل العقلاء بالأمارة حين فقدان القطع ليس إللكونها من الطرق الموصلة إلى الواقع غالباً من دون نظر إلى أيّة جهة منالجهات الاُخرى كالتنزيل والفرعيّة، فالقطع والأمارات يشتركان في أصلالحجّية، إلاّ أنّ حجّية الأمارات مقيّدة بعدم وجود القطع، لا أنّها منزّلة منزلةالقطع.
ويؤيّده ما هو المسلّم من اعتبار الاُصول العمليّة وحجّيتها في صورة فقدانالأمارات، مع أنّه لم يقل أحد بقيامها مقامها، وهكذا في ما نحن فيه.
نعم، القطع طريق عقلي مقدّم على الأمارات من حيث الرتبة، إلاّ أنّ ذلكلايستلزم أن يكون عمل العقلاء بها من باب قيامها مقام القطع حتّى يكونالطريق منحصراً عندهم بالقطع، فيكون العمل بالأمارات بعناية التنزيلوالفرعيّة.
ولايخفى أنّ حجّية الأمارات أيضاً قد تثبت من طريق العقل، وهو اعتبارالظنّ من طريق دليل الانسداد على نحو الحكومة، فيترتّب على الأمارات ميترتّب على القطع من الأثر، لا بعنوان التنزيل والفرعيّة، وإن لم تصل النوبةبالأمارات مع وجود القطع.
وأمّا الأقوال والاحتمالات في قيام الأمارات مقام القطع الموضوعي فثلاثة:
الأوّل: قيامها بنفس أدلّتها مقام القطع الموضوعي بجميع أقسامه حتّى فيماُخذ في الموضوع على نحو الصفتيّة.
الثاني: عدم قيامها مقام القطع الموضوعي مطلقاً، بلا فرق بين كونه علىنحو الطريقيّة أو الصفتيّة، كما عليه المحقّق الخراساني قدسسره .
الثالث: التفصيل الذياختاره الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره والمحقّقالنائيني قدسسره ، وهو: قيامها مقام القطع الموضوعي إذا كان على نحو الطريقيّة،