(الصفحة 450)
صاحبه؟ قال : نعم إذا كان بينهما قدر موضع رحل»(1) . قال في الوافي : أراد بالرحل رحل البعير وهو الذي يكون له كالسرج للفرس(2) .
ومنها : ما رواه أيضاً عن كتاب حريز، عن زرارة قال : قلت له : المرأة تصلّي بحيال زوجها؟ فقال : «تصلّي بإزاء الرجل إذا كان بينها وبينه قدر ما لا يتخطّى أو قدر عظم الذراع فصاعداً»(3) . ورواه الصدوق في الفقيه بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام)(4) من دون ذكر السؤال مع حذف قوله : «تصلّي بإزاء الرجل» من الجواب وإضافة كلمة «لا بأس» إلى آخره .
ومنها : ما رواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اُذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : سألته عن المرأة تصلّي عند الرجل؟ فقال : «لا تصلّي المرأة بحيال الرجل إلاّ أن يكون قدّامها ولو بصدره»(5) .
ومن تلك الرواة أبو بصير ، وله أيضاً ثلاث روايات :
منها: ما رواه الشيخ بإسناده عن موسى بن القاسم، عن علي، عن درست، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سألته عن الرجل والمرأة يصلّيان معاً في المحمل؟ قال : «لا ولكن يصلّي الرجل وتصلّي المرأة بعده»(6) . ومضمونها من حيث السؤال والجواب موافق لإحدى روايات محمد بن مسلم المتقدّمة .
- (1) السرائر 3 : 586 ; الوسائل 5 : 126. أبواب مكان المصلّي ب5 ح12.
- (2) الوافي 5: 473 ح6380 .
- (3) السرائر 3 : 587 ; الوسائل 5 : 126. أبواب مكان المصلّي ب5 ح13 .
- (4) الفقيه 1: 159 ح748 وفيه: «قدر ما يتخطّى».
- (5) التهذيب 2 : 379 ح1582; الاستبصار 1 : 399 ح1525; الوسائل 5 : 127 . أبواب مكان المصلّي ب6 ح2.
- (6) التهذيب 5 : 403 ح1404; الوسائل 5 : 132 . أبواب مكان المصلّي ب10 ح2 .
(الصفحة 451)
ومنها : ما رواه أيضاً عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن حسين بن عثمان، عن الحسن الصيقل، عن ابن مسكان، عن أبي بصير هو ليث المرادي قال : سألته عن الرجل والمرأة يصليان في بيت واحد المرأة عن يمين الرجل بحذاه؟ قال : «لا إلاّ أن يكون بينهما شبر أو ذراع» ثمّ قال : «كان طول رحل رسول الله(صلى الله عليه وآله)ذراعاً، وكان يضعه بين يديه إذا صلّى يستره ممّن يمرّ بين يديه»(1) .
قال في الوافي : أريد بالرحل رحل البعير، وأريد بطوله ارتفاعه من الأرض(2) ، أعني السُمك ، ويحتمل قريباً بقرينة الذيل أن يكون المراد بقوله : «إلاّ أن يكون . . .» وجود حائل بينهما كان طوله شبراً أو ذراعاً ، كما أنّه يحتمل أن يكون المراد تقدّم الرجل على المرأة بهذا المقدار . وهذا الاحتمال يجري في الرواية الاُولى ، وكذا الثانية ممّا رواه زرارة .
ومنها : ما رواه أيضاً عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان، عن عبدالله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سألته عن الرجل والمرأة يصلّيان جميعاً في بيت المرأة عن يمين الرجل بحذاه؟ قال : «لا حتّى يكون بينهما شبر أو ذراع أو نحوه»(3) والظاهر اتحادها مع الرواية الثانية كما لا يخفى .
وأمّا الطائفة الثانية من الرواة الذين رووا رواية واحدة :
فمنهم : عمّار ، فقد روى الشيخ عن محمّد أحمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق، عن عمّار، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنّه سُئل عن الرجل يستقيم له أن يصلّي وبين يديه امرأة تصلّي؟ قال : «لا يصلّي حتّى يجعل بينه وبينها أكثر من عشرة أذرع وإن كانت عن يمينه وعن يساره جعل بينه وبينها مثل ذلك
- (1) التهذيب 2 : 230 ح906; الوسائل 5 : 124 . أبواب مكان المصلّي ب5 ح3 .
- (2) الوافي 5 : 481 .
- (3) التهذيب 2 : 231 ح908; الكافي 3: 298 ح3; الوسائل 5 : 124 . أبواب مكان المصلّي ب5 ح4 .
(الصفحة 452)
فإن كانت تصلّي خلفه فلا بأس وإن كانت تصيب ثوبه وإن كانت المرأة قاعدة أو نائمة أو قائمة في غير صلاة فلا بأس حيث كانت»(1) .
ومنهم : إدريس بن عبدالله القمّي، فروى في الكافي عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن حمّاد بن عثمان، عن إدريس بن عبدالله القمّي قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن الرجل يصلّي وبحياله امرأة قائمة على فراشها جنبته؟ فقال : «إن كانت قاعدة فلا يضرّك وإن كانت تصلّي فلا»(2) . وليس المراد بقوله : «قاعدة» الجلوس في مقابل القيام ، بل المراد عدم الاشتغال بالصلاة والقعود عنها ، بقرينة قوله : «وإن كانت تصلّي» .
ومنهم : عبدالرحمن بن أبي عبدالله، فروى في الكافي عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن الرجل يصلّي والمرأة بحذاه عن يمينه أو عن يساره؟ فقال : «لابأس به إذا كانت لا تصلّي»(3) .
ومنهم : عبدالله بن أبي يعفور، فروى الشيخ بإسناده عن سعد، عن سندي بن محمّد البزّاز، عن أبان بن عثمان، عن عبدالله بن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) : أُصلّي والمرأة إلى جنبي وهي تصلّي؟ قال : «لا إلاّ أن تتقدّم هي أو أنت ولا بأس أن تصلّي وهي بحذاك جالسة أو قائمة»(4) .
ومنهم : معاوية بن وهب، فروى الصدوق عنه، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنّه سأله
- (1) التهذيب 2 : 231 ح911; الاستبصار 1 : 399 ح1526; الوسائل 5 : 128 . أبواب مكان المصلّي ب7 ح1 .
- (2) الكافي 3 : 298 ح5; التهذيب 2: 231 ح910; الوسائل 5 : 121 . أبواب مكان المصلّي ب4 ح1; وفيه: «جنبه» .
- (3) الكافي 3 : 298 ح2; الوسائل 5 : 121 . أبواب مكان المصلّي ب4 ح2 .
- (4) التهذيب 2 : 231 ح909; الوسائل 5 : 124. أبواب مكان المصلّي ب5 ح5 .
(الصفحة 453)
عن الرجل والمرأة يصلّيان في بيت واحد؟ قال : «إذا كان بينهما قدر شبر صلّت بحذاه وحدها وهو وحده لا بأس»(1) .
ومنهم : هشام بن سالم; فروى الصدوق عنه، عن أبي عبدالله(عليه السلام) ـ في حديث ـ قال : «الرجل إذا أمَّ المرأة كانت خلفه عن يمينه سجودها مع ركبتيه»(2) .
ومنهم : ابن بكير، وقد تقدّم نقل روايته في ضمن الروايات المتقدّمة التي رواها جميل .
ومنهم : محمّد الحلبي ، وقد تقدّم نقل روايته أيضاً في ضمن ما رواه محمّد بن مسلم .
ومنهم : حريز بن عبدالله، فروى في الكافي عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبدالله(عليه السلام) في المرأة تصلّي إلى جنب الرجل قريباً منه، فقال : «إذا كان بينهما موضع رحل فلا بأس»(3) .
ومنهم : الفضيل، فروى الصدوق في العلل عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن فضالة، عن أبان، عن الفضيل، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : «إنّما سمّيت مكّة بكّة لأنّه يبكّ فيها الرجال والنساء والمرأة تصلّي بين يديك وعن يمينك وعن يسارك ومعك ولا بأس بذلك، إنّما يكره في سائر البلدان»(4) .
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ عمدة أدلّة الجواز هي إحدى روايات جميل المتقدّمة وهي ما تدلّ على جواز صلاة الرجل والمرأة تصلّي بحذاه على الاطلاق ، ويؤيّدها
- (1) الفقيه 1 : 159 ح747 ; الوسائل 5 : 125 . أبواب مكان المصلّي ب5 ح7.
- (2) الفقيه 1: 259 ح1178; الوسائل 5: 125. أبواب مكان المصلّي ب5 ح9.
- (3) الكافي 3 : 298 ح1; الوسائل 5 : 126 . أبواب مكان المصلّي ب5 ح11 .
- (4) علل الشرائع: 397 ب137 ح4، الوسائل 5: 126. أبواب مكان المصلّي ب5 ح10.
(الصفحة 454)
خبر عيسى بن عبدالله القمي حيث إنّه سأل الصادق(عليه السلام) عن امرأة صلّت مع الرجال وخلفها صفوف وقدّامها صفوف؟ قال(عليه السلام) : «مضت صلاتها ولم تفسد على أحد ولا تعيد» .
هذا ، ولكنّك عرفت فيما تقدّم أنّه ليس للجميل روايات متعدّدة ، بل الظاهر أنّ هذا الخبر الذي يدل على الجواز بنحو الإطلاق هو ما يدل على الجواز ، مقيداً بأن يكون سجودها مع ركوعه ، لترجيح احتمال النقيصة السهوية على احتمال الزيادة السهوية عند العرف ، فالواجب الأخذ بما يدل على الجواز مقيداً بذلك القيد المذكور ، وقد عرفت أيضاً إنّه لو قلنا بتعدّدهما فالواجب أيضاً تقييد اطلاقها بالصورة المذكورة ، ولا وجه لحمل الآخر على الاستحباب .
وأمّا خبر عيسى بن عبدالله ، فليس بمنقول في الكتب المعدّة لجمع الأخبار الواردة عن النبي(صلى الله عليه وآله) والأئمة(عليهم السلام) ، إذ كل ما تتبعنا في مظانه لم نظفر به ، نعم هو مذكور في بعض الكتب الفقهية(1) ، فلا يصلح شيء من هاتين الروايتين للاستناد إليه للقول بالجواز .
والرواية الأخيرة من روايات جميل وإن كان ظاهرها الجواز بنحو الاطلاق ، إلاّ أنّك عرفت الإشكال فيها من حيث اشتمالها على التعليل المذكور ، وحينئذ فلم تبق في المسألة إلاّ طائفتان من الأخبار ، فطائفة تدلّ على المنع مطلقاً ، مثل رواية إدريس بن عبدالله ، ورواية عبدالرحمن بن أبي عبدالله المتقدمتين ، وغيرهما ممّا تقدّم . وطائفة تدلّ على التفصيل على اختلافها كأكثر الروايات المتقدمة .
ثمّ لا يخفى أنّ ما يدل منها على اعتبار الحاجز بينهما كأكثر ما رواه محمّد بن مسلم ، وبعض روايات عليّ بن جعفر ، ورواية الحلبي ، لا يصادم الإطلاقات
- (1) مصباح الفقيه كتاب الصلاة: 179; جواهر الكلام 8 : 306; كشف اللثام 3 : 280; رياض المسائل 3 : 259 .