(الصفحة 103)
في كيفية الصلاة الجامعة للآداب والمستحبات ، الدالة على أنّه(عليه السلام) قد ضم أصابعه قبل الشروع فيها ، بضميمة أنّ مقتضى الاستحباب بقاؤه بهذه الكيفية في حالة الرفع عند التكبير ، ولكن لا يخفى أنّ جريان الاستصحاب مبنيّ على أن يكون المستصحب ذا أثر شرعيّ في الزمان اللاحق ، مع أنّه مورد للنزاع كما هو واضح .
3 ـ نسب إلى علمائنا كما في محكيّ المعتبر والمنتهى ، أنّ ابتداء التكبير عند ابتداء الرفع ، وانتهائه عند انتهائه(1) ، نظراً إلى أنّ ذلك هو معنى الرفع عند التكبير .
4 ـ مقتضى بعض الأخبار(2) الدالة على استحباب الرفع عند التكبير استحباب استقبال القبلة ببطن الكفّين ، ولا معارض له .
5 ـ أنّ العبارة الواردة في كيفية التكبير إنما هي قول: الله أكبر ، وقال الشافعي : ويجوز أن يقول : الله الأكبر(3) . وقال أبو حنيفة : تنعقد بكلّ إسم من أسماء الله تعالى على وجه التعظيم ، مثل قول : الله العظيم ، الله الجليل ، وما أشبههما(4) ، والدليل على ما ذكرنا مضافاً إلى تغيّر المعنى بذلك كما هو واضح ، أنّ الصلاة عبادة خاصّة لا يجوز التخطي عمّا ورد من الشارع في كيفيتها .
6 ـ مقتضى الأخبار الكثيرة بطلان الصلاة عند نسيان التكبير(5) ، وبعض ما يدلّ على خلافه(6) ، مضافاً إلى احتمال صدوره تقية ، متناقض من حيث المدلول ، وعلى تقدير عدمه فلا يقاوم تلك الأخبار الكثيرة ، وأمّا زيادته فبطلان الصلاة
- (1) المعتبر 2: 200; المنتهى 1: 269.
- (2) التهذيب 2 : 66 ح240; الوسائل 6 : 27 أبواب تكبيرة الاحرام ، ب9 ح6 .
- (3) المغني 1: 540; المجموع 3: 292; المنتهى 1: 268.
- (4) بداية المجتهد 1: 178; المغني لابن قدامة 1: 460.
- (5) اُنظر الوسائل 6 : 12 . أبواب تكبيرة الاحرام ب2 .
- (6) الوسائل 6: 15. أبواب تكبيرة الاحرام ب2 ح9 و10 .
(الصفحة 104)
بسببها مورد للإتّفاق(1) ، مضافاً إلى أنّ ذلك مقتضى قوله(عليه السلام) : «من زاد في صلاته فعليه الإعادة»(2) والله أعلم .
- (1) المبسوط 1: 105; شرائع الاسلام 1: 69; مفتاح الكرامة 2 : 343; تذكرة الفقهاء 3 : 118 ; الذكرى 3: 258; مدارك الأحكام 3: 322; كشف اللثام 3: 422; جواهر الكلام 9: 220; جامع المقاصد 2: 239.
- (2) الكافي 3: 355 ح5; التهذيب : 2 / 194 ح764; الاستبصار : 1 / 376 ح1429; الوسائل : 8 / 231. أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب19 ح2 .
(الصفحة 105)
الرابع من أفعال الصلاة : القراءة
لا إشكال عندنا في وجوب قراءة فاتحة الكتاب في الركعتين الاُوليين من الصلاة ، سواء كانت ثنائية ، أو ثلاثية ، أو رباعية(1) ، وفي عدم وجوبها تعييناً في الركعتين الأخيرتين من الرباعيّة ، والركعة الأخيرة من الثلاثية(2) ، والكلام في باب القراءة إنما هو في مقامين :
أحدهما : فيما يقوم مقام القراءة في غير الاُوليين من الثلاثية والرباعية ، وإنّه هل هو مطلق الذكر أو خصوص التسبيح؟ وفي كيفيته وبيان مقداره .
ثانيهما : في وجوب انضمام السورة إلى القراءة في الركعتين الاُوليين واستحبابه .
- (1) المقنعة: 137; المبسوط 1: 99; النهاية: 75; الخلاف 1: 327; الإنتصار: 142; المسائل الناصريات: 216; المقنع: 93; الوسيلة: 93; المهذّب1: 92; الكافي في الفقه: 117; المعتبر2: 164; تذكرة الفقهاء3: 128; مستندالشيعة 5: 68.
- (2) الخلاف 1: 341 مسألة 93; النهاية: 76; الإنتصار: 142; مختلف الشيعة 2: 146; المهذّب 1: 97; المراسم: 69; الكافي في الفقه: 117; السرائر 1: 222; تذكرة الفقهاء 3: 128 مسألة 218.
(الصفحة 106)المقام الأوّل : الذكر في الأخيرتين
أمّا الكلام في المقام الأول فملخّصه: إنه لم يظهر من أحد من القائلين بوجوب قراءة شيء في الأخيرتين من العامة من التسبيح ذكر ولا أثر ، نعم ذكر أبو حنيفة إنّه لا يجب شيء في الأخيرتين(1) ، بل الظاهر أنّ التسبيح إنما هو مذكور في كلمات الإمامية فقط .
وحينئذ فهل الواجب في الأخيرتين تخييراً هو مطلق الذكر أو خصوص التسبيح منه؟ وعلى الثاني هل يكفي مطلق التسبيح المتحقق بقول سبحان الله ولو مرّة ، أو يلزم التسبيح بكيفية خاصّة ونحو مخصوص؟ وعلى الثاني هل يكفي الإتيان به مرّة أو يجب ثلاث مرّات؟
وجوه واحتمالات منشؤها اختلاف الأخبار الكثيرة الواردة في هذا الباب، وقد جمعها في الوسائل في الباب 42 و 51 من أبواب القراءة(2) ويرتقي المجموع إلى واحد وعشرين ، أربعة منها متعرّضة لأصل ثبوت القراءة في الأخيرتين وعدمه ، من دون تعرّض للذكر أو التسبيح ، وهي رواية جميل بن دراج ب42 ح4 ، ومنصور بن حازم ب51 ح11، ومعاوية بن عمّار ب51 ح8 ، وزرارة ب51 ح6 .
وواحد منها يدلّ على التخيير بين القراءة ومطلق الذكر وهي رواية علي بن حنظلة عن أبي عبدالله(عليه السلام) ب42 ح3 قال : سألته عن الركعتين الأخيرتين ما أصنع فيهما؟ فقال : «إن شئت فاقرأ فاتحة الكتاب وإن شئت فاذكر الله فهو سواء قال : قلت : فأيّ ذلك أفضل؟ قال : هما والله سواء، إن شئت سبّحت وإن شئت قرأت» وذكر التسبيح في الذيل يحتمل أن يكون من باب أنّه مصداق للذكر ، ويحتمل أن
- (1) المغني لابن قدامة 1: 561; الشرح الكبير 1: 560; المجموع 3: 386; التفسير الكبير 1: 189; الخلاف 1: 377 مسألة 88 ; تذكرة الفقهاء 3: 144 مسألة 229.
- (2) الوسائل 6: 107 ب42 و: 122 ب51 .
(الصفحة 107)
يصير قرينة على أنّ المراد بالذكر المذكور في الصدر هو التسبيح .
وسبعة منها تدلّ على أصل التسبيح ، من دون تعرّض لكيفيته ، وهي رواية معاوية بن عمّار ب42 ح2 ومحمّد بن حكيم ب51 ح10 ومحمّد بن قيس ب51 ح9 وابن سنان ب51 ح12 ومرسلة الفقيه عن الرضا(عليه السلام) ب51 ح4 وما أرسله المحقّق في المعتبر عن عليّ(عليه السلام) ب51 ح5 وما رواه في الاحتجاج عن مولانا صاحب الزمان(عليه السلام)ب51 ح14 .
وأربعة منها تشتمل على بيان التسبيح بنحو الاجمال، وهي رواية عبيد بن زرارة ب42 ح1 قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن الركعتين الأخيرتين من الظهر؟ قال : «تسبّح وتحمد الله وتستغفر لذنبك، وإن شئت فاتحة الكتاب فإنّها تحميد ودعاء» .
وظاهرها إنّ قراءة الفاتحة في الأخيرتين إنما هي لاشتمالها على التحميد والدعاء ، لا لمجرّد الحكاية وقراءة القرآن ، كما في الاُوليين ، فالرواية تدلّ على أنّ الواجب في الأخيرتين هو مطلق التحميد والدعاء ، غاية الأمر أنّ الفاتحة أيضاً مصداق لهما .
ورواية عمر بن اُذينة عن زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) ب42 ح6 قال : «عشر ركعات ركعتان من الظهر وركعتان من العصر وركعتا الصبح وركعتا المغرب وركعتا العشاء الآخرة لا يجوز فيهن الوهم ـ إلى أن قال ـ : وهي الصلاة التي فرضها الله وفوّض إلى محمّد(صلى الله عليه وآله) ، فزاد النبي في الصلاة سبع ركعات هي سنة ليس فيهن قراءة إنما هو تسبيح وتهليل وتكبير ودعاء، فالوهم إنما هو فيهنّ . . .» .
ورواية أبي بصير عن أبي عبدالله(عليه السلام) ب42 ح7 قال : «أدنى ما يجزي من القول في الركعتين الأخيرتين ثلاث تسبيحات أن تقول : سبحان الله سبحان الله سبحان الله» .