جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 134)

إلى ذلك وتحقيقه في محلّه .
وكيف كان ، فيقع الكلام هنا في أنّه هل يجوز عند قراءة فاتحة الكتاب أن يقصد معاني ألفاظها أيضاً ، بأن يقصد من قوله تعالى :{الحمد لله ربّ العالمين}معناه أيضاً ، وهو اختصاص الحمد والثناء بذاته المقدّسة ، ومن قوله تعالى :{إيّاك نعبد وإيّاك نستعين} ، توجيه الخطاب إلى الله وتخصيصه بالعبادة ، والاستعانة أو لا؟ وجهان .
الظاهر هو الوجه الثاني ، لأنّ الظاهر أنّ وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة إنما هو من باب وجوب قراءة القرآن فيها ، وكون الفاتحة هو القدر المتيقّن ، ولذا تراهم يعبّرون في مقام بيان أفعال الصلاة وكيفيتها ، بأنّه هل تجب قراءة القرآن فيها أم لا؟ واختار الوجوب كافّة المسلمين(1) إلاّ شاذاً منهم(2) .
ثم ذهب القائلون بالوجوب إلى أنّ الواجب قراءة الفاتحة ، لكونها المتيقنة من القرآن المأمور بقراءته في الصلاة .
وبالجملة: لا ينبغي الإشكال في أنّ وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة إنما هو لوجوب قراءة القرآن فيها ، وحينئذ فلا ينبغي مجال للقول بجواز إرادة معاني جملاتها أيضاً ، لأنّه بعدما كان معنى القراءة راجعاً إلى جعل الألفاظ المقروءة بحذاء الألفاظ المحكية ، وحاكية لها ومندكّة فيها ، لا يعقل أن تجعل تلك الألفاظ بحذاء معانيها أيضاً ، وليس ذلك إلاّ استعمال اللفظ في معنيين ، وقد بيّن في الأصول عدم
  • (1) الخلاف 1: 327 مسألة 81 ; المعتبر 2: 164; تذكرة الفقهاء 3: 128 مسألة 218; جواهر الكلام 9: 285; مفتاح الكرامة 2 : 350; مستند الشيعة 5 : 68; بداية المجتهد 1: 181 ـ 182; المجموع 3: 327 و330; المغني لابن قدامة 1: 485; الجامع لأحكام القرآن 1: 117 و 124 .
  • (2) مثل الحسن بن صالح بن حيّ والأصمّ وابن علية; راجع التفسير الكبير 1: 188; والمجموع 3: 330; والخلاف 1: 328 مسألة 81 .


(الصفحة 135)

جوازه بل استحالته ، كما هو ظاهر الكفاية(1) .
ويؤيد ما ذكرنا من أنّ قراءة الفاتحة في الصلاة إنما هو من باب قراءة القرآن ، ولا يجتمع ذلك مع قصد معاني جملاتها أيضاً، ما ذكره المحقّق في المعتبر ، في مسألة تحريم قول آمين بعد الحمد ، من أنّ التأمين الذي يكون معناه : اللهمّ استجب ، يستدعي سبق دعاء ، ولا يتحقّق الدعاء إلاّ مع القصد(2) ، ومن المعلوم عدم سبق دعاء مقصود ، وبدون القصد يخرج التأمين عن حقيقته فيكون لغواً .
هذا ولكن لا يخفى أنّ مثل قوله: «إيّاك نعبد وإيّاك نستعين» ، لا يعقل أن يكون بنفسه من كلمات الله تعالى ، لأنّ ضرورة الشرع بل العقل على خلافه ، فالواجب أن يكون في أمثال هذه الجمل كلمة «قل» أو «قولوا» مقدّرة ، فصحة كونها كلاماً له تعالى إنما هو باعتبار كونه مقولا للقول المأمور به ، وإلاّ فهو بنفسه ممّا لا يعقل أن يكون كلاماً له تعالى .
ويؤيد ذلك ـ أي كون كلمة «قل» أو «قولوا» مقدّرة ـ ما في بعض التفاسير ، كتفسير التبيان لشيخنا الطوسي(قدس سره)  ، من أنّ كلمة قل يا محمّد مقدّرة في أوّل السورة ، وفي تفسير الطبري حكي ذلك بأسانيد كثيرة عن ابن عباس(3) .
وبالجملة: لا إشكال في تقدير كلمة «قل» أو «قولوا» في أوّل السورة أو قبل قوله : «إيّاك نعبد وإيّاك نستعين» إلى آخر السورة ، والسرّ في الحذف ما عرفت من كونه بديهياً ، إذ بدونه لا يعقل أن يكون كلاماً له تعالى .
وحينئذ فنقول : إذا وجب علينا أن ندعو الله تعالى بهذه الجمل ، فمعنى ذلك أن نتلفّظ بهذه الألفاظ قاصداً بها معانيها المدلول عليها ، بأن نجعل هذه الألفاظ بحذاء
  • (1) كفاية الاُصول 1 : 36 ، عنوان : الثاني عشر .
  • (2) المعتبر 2 : 186 .
  • (3) تفسير التبيان 1 : 38; جامع البيان للطبري 1 : 76 ح113; وص78 ح114 وص94 ح130.


(الصفحة 136)

تلك المعاني ، وحاكية لها ومندكّة فيها ، نظير استعمال اللفظ في معناه الموضوع له ، بل هو عينه .
ولعلّ ذلك هو السرّ في حذف كلمة «قل» أو «قولوا» ، فإنّه لو كانت هذه اللفظة مذكورة في الجملة لكان من الممكن أن نوجد مماثل هذه الكلمات ، ونجعل كلّ واحدة منها بحذاء مماثلها من الألفاظ المحكيّة ، من دون نظر إلى المعنى أصلا ، وأمّا مع حذفها ، فبما أنّها لا يمكن أن تكون كلامه تعالى ، فلا يجوز أن يقصد نفس تلك الألفاظ ، لكونها منزلة من الله تعالى ، بل لابدّ أن يتعلّق القصد بنفس معانيها ولو إجمالا .
وبالجملة: فالظاهر جواز قصد المعنى في أمثال هذه الجملات .
ثم إنّ بعض المحقّقين من المعاصرين تعرّض في كتاب صلاته لنظير المسألة ، وهي مسألة جواز ردّ السلام في الصلاة بقوله سلام عليكم بقصد القرآنية قاصداً به رد تحية المسلم تبعاً فقال ما ملخّصه :
إنّه قد يتخيّل هنا إشكال على القائلين بجواز ردّ السلام كذلك ، وبيان الاشكال أنّ قراءة القرآن لا تصدق إلاّ إذا صدر الألفاظ من القارئ بعنوان الحكاية عن الألفاظ المنزلة ، ورد التحية يتوقّف على أن يوجه سلامه إلى المسلم مخاطباً إياه ، والمفروض أنّ قوله سلام عليكم بقصد القرآنية لم يكن خطاباً للشخص المسلم ، حتى يكون ردّاً لتحيته ، وليس هذا من جهة الاشكال في امتناع الجمع بين قصد اللفظ وقصد المعنى في استعمال واحد ، فإنّ هذا الإشكال مندفع بإمكان ذلك طولا ، بأن يقصد اللفظ ويقصد من اللفظ المقصود ، أي المستعمل فيه معناه ، بل الإشكال في المقام إنما هو من جهة أنّ اللفظ المقصود ليس معناه السلام على هذا الشخص المسلم حتّى يقصد تبعاً ، ويصير ردّاً لتحيته ، ودفع الاشكال بأنّ المتكلّم بسلام عليكم إنما يقصد بلفظه حكاية الكلام المنزل مع قصده من الكلام
(الصفحة 137)

المحكيّ الخطاب إلى المسلم ، لا أنّه يسلّم على المخاطب باللفظ الصادر منه ، ونظير ذلك كتابة السلام عليكم لشخص تريد أن ترسل المكتوب إليه ، فإنّ المكتوب إنما قصد به الحكاية عن السلام الملفوظ ، وقصد من السلام الملفوظ الخطاب إلى المخاطب المقصود(1) . انتهى ملخّصاً .
وأنت خبير بأنّ ما دفع به الإشكال هو بعينه نفس الإشكال ، لأنّ صريح كلامه أنّ الإشكال ليس من جهة امتناع اجتماع قصد اللفظ والمعنى ، بل من جهة أنّ اللفظ المقصود ليس معناه السلام على هذا المخاطب المسلم ، حتى يقصد تبعاً ، وما دفع به الإشكال إنما يدلّ على كون قصد المعنى في طول قصد اللفظ وتبعاً له ، فهو إنما يصلح للجواب عن إشكال امتناع اجتماع القصدين لا عن الإشكال الذي هو المهم في المقام .
ثم إنّ تنظيره بمسألة الكتابة لا يخلو عن تأمّل ونظر ، لأنّ النقوش الكتابية وإن كانت بحذاء الألفاظ ، والألفاظ موضوعة للمعاني بحيث لو أراد الإنسان أن يعرف معنى كلمة منقوشة ، يكون ذلك متوقفاً أولاً على تطبيق تلك الكلمة المنقوشة على ملفوظها ، وثانياً على العلم بمعنى ذلك الملفوظ ، فإذا أراد أن يعرف معنى كلمة الصعيد المنقوشة في القرآن ، يتوقّف ذلك على العلم بكون هذا النقش مطابقاً للفظ الصعيد ، وعلى العلم بمعنى الصعيد الملفوظ .
ولكن تلك النقوش إنما تجعل بدلا عن الألفاظ في الدلالة على معانيها ، لا أنّها تقصد بها الألفاظ وتقصد من الألفاظ معانيها . فالشخص الذي يكتب إلى صديقه  : السلام عليكم ، إنما يقصد السلام عليه بهذه الجملة المكتوبة ، لأجل بعد مكانهما وعدم امكان المخاطبة بالألفاظ ، لا أنّه يجعل الجملة المكتوبة بحذاء ملفوظها ، ويقصد من الملفوظ السلام عليه ، لأنّه لا يكون هنا ملفوظ نوعاً حتّى يجعلها
  • (1) كتاب الصلاة للمحقّق الحائري: 299 .


(الصفحة 138)

بحذائه ، فقياس المقام على مسألة الكتابة قياس مع الفارق ، وحينئذ لا دليل على جواز ردّ التحية بقراءة آية من القرآن .
نعم ، قد يقال بأنّ قراءة آية مناسبة لردّ التحية بمجرّد صدور السلام من المخاطب ، ينتزع منها عنوان رد التحية ، وإن لم يكن قاصداً له ، نظراً إلى أنّ ذلك مشعر بكون المصلّي قاصداً لردّها ، لو لم يكن مانع في البين ، وهو الاشتغال بالصلاة .
هذا ، ولكنّ الظاهر أنّ مجرّد هذا المعنى لا يصحّح انتزاع عنوان الردّ ، ما لم يكن من قصده فعلا تحقق ذلك العنوان باللفظ الصادر منه ، والمفروض أنّ قراءة القرآن لا تجتمع مع تعلّق القصد بذلك العنوان .
نعم يمكن أن يتحقّق ذلك بحيث لا ينافي الصلاة ، بأن قصد بقوله : سلام عليكم الدعاء ، وسأل من الله تعالى أن يسلّمه ، وأمّا لو لم يكن المقصود منه الدعاء ، سواء أراد بقوله : سلام عليكم ، مجرّد سلامة المخاطب ، أو أراد به أن يسلّمه الله ، ولكن لا على سبيل الدعاء والسؤال منه تعالى حتّى يصدق عنوان الدعاء ، فالمسألة محلّ إشكال ، وسيأتي تفصيلها في محلّها إن شاء الله تعالى .
ولنرجع إلى ما كنّا فيه ونقول : إنّه لا منافاة بين قصد المعنى في مثل قوله : «إيّاك نعبد وإيّاك نستعين» وبين قراءة القرآن ، لما عرفت من أنّ هذه الآية والجمل التي بعدها وكذا نظائرها ، إنما كان الغرض من إنزالها أن يقصد العباد معانيها المشتملة عليها في مقام تحميد الله ، وتسبيحه ، وطلب الحاجة منه ، لقصور عقولهم عن أنّه يحمد الله تعالى بماذا ، وبأية كيفية ، وأنّه أيّ شيء ينبغي أن يسأل منه ، فأمره تعالى بقول تلك الجمل إنما هو لأجل إفادة أنّه ينبغي أن يحمد بمثل الحمد لله ربّ العالمين ، ويسأل عنه بما يتضمّنه قول : إهدنا الصراط المستقيم ، فلا منافاة بين قصد المعنى ، وبين قراءة مثل هذه الألفاظ الصادرة من الله تعالى أصلا .