جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 150)

واستشكل في المصباح على إثبات الصحة بطريق الترتّب ، بأنّ ذلك لا يجدي في الحكم بصحة صلاته ، على تقدير ترك السجدة ، والمضيّ فيها ، إذ المتبادر عرفاً من الأمر بإيجاد المبطل ، كما هو ظاهر أخبار الباب بحسب مدلولها الالتزامي ، أنّ الشارع لم يرد المضيّ في هذه الصلاة ، بل أوجب نقضها بهذا الشيء ، فيخصّص بهذه الأخبار عموم ما دلّ على وجوب المضيّ ، أو جوازه ، ولا يبقى معه طلب تقديري مصحح لصلاته على تقدير المضي .
نعم ما ذكر إنما يجدي فيما لو كان الحاكم بالتخصيص العقل من باب مزاحمته لواجب أهمّ ، حيث إنّ العقل لا يستقلّ بعدم مطلوبية غير الأهم ، إلاّ على تقدير عدم القدرة عليه ، من حيث اشتغاله بضده الأهم لا مطلقاً ، بخلاف ما لو كان التخصيص مستفاداً من دليل لفظي ، كما في المقام ، فليتأمّل(1) . انتهى كلامه رفع مقامه .
والتحقيق إنّه لو قلنا بحرمة المضيّ والإتمام ، نظراً إلى اقتضاء الأمر بالابطال لذلك ، وقلنا باحتياج العبادة إلى الأمر أيضاً ، ولكن مع ذلك لا مجال للحكم ببطلان الصلاة ، لما عرفت من أنّ هنا أمرين : أحدهما: الأمر بطبيعة الصلاة ، والآخر: الأمر بالمضيّ والإتمام ، وهذا الأمر يتوجّه إلى المكلّف ، بعد الشروع في الصلاة والدخول فيها ، والمعتبر في صحة العبادة على تقدير القول به إنما هو الأمر الأول لا الثاني ، والساقط بسبب الأمر بالإبطال هو الثاني لا الأول ، لوضوح أنّه لو أبطل صلاته بالسجدة أيضاً يجب عليه الإتيان بالصلاة ثانياً .
فما يعتبر في الصحة لا يسقط بالأمر بالإبطال ، وما يسقط به لا يعتبر في الصحة ، لظهور أنّ معنى صحة العبادة كونها موافقة لأمرها المتعلّق بها ، مع ما يعتبر
  • (1) مصباح الفقيه ، كتاب الصلاة : 292 .


(الصفحة 151)

فيها جزءً أو شرطاً ، وبعبارة اُخرى أن تكون موافقة للأمر الذي يكون متوجّهاً إلى المكلّف قبل الشروع في العمل ، ويكون هو الباعث له عليه ، ومن الواضح أنّ هذا الأمر هو الأمر المتعلّق بطبيعة الصلاة ، لا الأمر بالاتمام ، لأنّه يتوجه إلى المكلّف بعد شروعه فيها ، فالأقوى صحة الصلاة مع قراءة شيء من العزائم ، فيما لو لم يسجد عقيب آية السجدة ، غاية الأمر استحقاقه للعقوبة مع ترك السجدة عمداً من جهة مخالفة تكليف وجوبيّ مستقل ، وهو وجوب السجدة بعد قراءة آيتها .

قراءة العزيمة سهواً

لو قرأ العزيمة سهواً ، فالظاهر أنّه لا خلاف في صحة الصلاة(1) ، وإنما اختلفوا على أقوال أربعة :
الأول: القول بوجوب تأخير السجود إلى بعد الفراغ منها .
الثاني: القول بوجوب الايماء بدلا عن السجود .
الثالث: القول بوجوب الجمع بين الايماء في الصلاة والسجود بعدها .
الرابع: القول بوجوب السجود في الأثناء ، كما عن كاشف الغطاء(2) .
وليعلم أنّه لم يظهر من أحد من قدماء الأصحاب رضوان الله عليهم ـ على ما تتبّعنا ـ التعرّض للمسألة أصلا ، فليست المسألة من المسائل الأصلية المتلقّاة عن الأئمة(عليهم السلام) بعين ألفاظها الصادرة عنهم ، كما هو شأن المسائل المذكورة في أكثر كتب القدماء، فدعوى الاجماع في المسألة ممّا لاتسمع، وكذا رمي بعض الأقوال بالشذوذ، فإنّ موردها هي تلك المسائل ، لا المسائل التفريعية، كما عرفت ذلك  مراراً .
  • (1) السرائر 1: 221; تذكرة الفقهاء 3: 147; مستند الشيعة 5 : 103; جواهر الكلام 9 : 348; كشف اللثام 4 : 41; مفتاح الكرامة 2 : 358 ; الحدائق 8 : 158 و 159; الذكرى 3: 324; جامع المقاصد 2: 263.
  • (2) كشف الغطاء: 236 .


(الصفحة 152)

نعم قد تعرّض للمسألة الحلّي في السرائر ، ومن تأخّر عنه كالمحقّق والعلاّمة والشهيد قدّس الله أسرارهم(1) .
قال في السرائر : فإن كان قراءَته لها ناسياً ، لا على طريق التعمّد ، فالواجب عليه المضيّ في صلاته ، فإذا سلّم قضى السجود ولا شيء عليه ، لأنّه ما تعمّد بطلان صلاته ، فاختلف الحال بين العمد والنسيان(2) ، إنتهى .
أقول : لا يخفى أنّ القول المحكيّ عن كاشف الغطاء مبنيّ على عدم كون السجود زيادة مبطلة ، مع أنّه خلاف ما هو ظاهر رواية زرارة(3) المتقدمة بل صريحها ، لأنّ مفادها أنّ السجود زيادة تخلّ بالصلاة ، نعم ربما يستشعر من بعض الأخبار خلافه ، مثل رواية سماعة المتقدمة المشتملة على قوله(عليه السلام)  :
«إذا ابتليت بها مع إمام لا يسجد فيجزيك الايماء والركوع»(4) .
وخبر أبي بصير عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «إن صلّيت مع قوم فقرأ الإمام :{إقرأ باسم ربّك الذي خلق} أو شيئاً من العزائم وفرغ من قراءته ولم يسجد فأوم إيماءً والحائض تسجد إذا سمعت السجدة»(5) . فانّهما يشعران بأنّه لو سجد الإمام فعليه أن يسجد ، ولا تبطل صلاته ، غاية الأمر أنّ المانع من سجوده هو عدم سجود الإمام .
ولكن لا يخفى أنّ المراد بهما كما في المصباح(6) بيان الحكم عند ابتلائه بالصلاة ،
  • (1) شرائع الاسلام : 1 / 72; تذكرة الفقهاء : 2/146 مسألة 231; الذكرى 3: 324; مسالك الافهام 1: 206 .
  • (2) السرائر 1 : 218.
  • (3) الوسائل 6: 105. أبواب القراءة في الصلاة ب40 ح1.
  • (4) الوسائل 6 : 105. أبواب القراءة في الصلاة ب40 ح2 .
  • (5) الكافي 3: 318 ح4; التهذيب 2: 291 ح1168; الإستبصار 1: 320 ح1192; الوسائل 6: 103. أبواب القراءة في الصلاة ب38 ح1.
  • (6) مصباح الفقيه كتاب الصلاة : 294 .


(الصفحة 153)

مع من يأتمّ به تقية ، فلا مانع من الالتزام بوجوب السجود لو سجد الإمام في موردهما من باب المماشاة ، ولا يفهم من ذلك جوازه اختياراً ، فهذا القول ممّا لايمكن الالتزام به .
وأمّا القول الثالث : فهو مبنيّ على عدم استفادة الحكم من الدليل الاجتهادي ، ووجوب الرجوع إلى القاعدة التي تقتضي الاشتغال هنا ، لأنّ التكليف مردّد بين مراعاة الفورية والانتقال إلى الايماء ، لأنّ السجود مبطل ، وبين مراعاة الأصل ، وهو السجود وعدم الانتقال إلى بدله ، والاخلال بالفورية .
وأمّا القول الأول : فمستنده استصحاب وجوب المضيّ في الصلاة ، وحرمة قطعها ، أو أصالة براءة الذمّة عن وجوب السجدة فوراً ، عقيب قراءة آيتها ، ولا مجال لهذا القول ، لو ثبت بدليّة الايماء عن السجدة .
وأمّا القول الثاني : فمستنده ما رواه عليّ بن جعفر في كتابه عن أخيه(عليه السلام)قال : سألته عن الرجل يكون في صلاة جماعة فيقرأ إنسان السجدة، كيف يصنع؟ قال : «يؤمي برأسه». قال : وسألته عن الرجل يكون في صلاته فيقرأ آخر السجدة؟ فقال : «يسجد إذا سمع شيئاً من العزائم الأربع، ثم يقوم فيتمّ صلاته إلاّ أن يكون في فريضة فيؤمي برأسه ايماءً»(1) .
ودلالتها على هذا القول ممّا لاريب فيها .
ودعوى بطلان الفريضة بالايماء أيضاً لمساواة البدل للمبدّل في كونه زيادة في الفريضة كما ربما حكي عن منظومة العلاّمة الطباطبائي(2) .
مدفوعة بأنّ الأمر بالبدل إنما هو للفرار عن حكم مبدله ، مضافاً إلى أنّ ظاهر الرواية أنّه يؤمي فيتمّ صلاته كما أنّها ظاهرة في وجوب مراعاة الفورية ، وفي بدليّة
  • (1) مسائل عليّ بن جعفر : 172 ، 173 ح300 و303; الوسائل 6 : 243. أبواب قراءة القرآن ب43 ح3 و4 .
  • (2) الدرّة النجفية : 138 .


(الصفحة 154)

الايماء عن السجود ، فالرواية من حيث الدلالة تامّة ، لا مجال للمناقشة فيها أصلا .
وأمّا من حيث الحجية والاعتبار ، فيمكن الخدشة فيها من حيث إنّه لم يحرز سماع كتاب عليّ بن جعفر منه ، أو قراءته عليه ، وإن كان يمكن دفعها برواية الشيخ وجماعة عنه بواسطة موسى بن القاسم ، أو أبي قتادة ، أو عمركي بن عليّ البوفكي ، إلاّ أنّه لم يحرز كون النسخة التي بيد المتأخّرين مطابقة لنسخة الأصل ، وكيف كان فلو لم نقل باعتبار الرواية ، فلا دليل على بدلية الايماء عن السجود .
وتوهّم دلالة روايتي سماعة وأبي بصير المتقدّمتين(1) على ذلك ، يدفع بأنّ بدليته في موردهما لا توجب ثبوت البدلية في المقام  ، لأنّ السجود في موردهما خلاف التقية كما لا يخفى ، فيدور الأمر بين مراعاة فوريّة وجوب السجود وإبطال الصلاة ، وبين تأخيره إلى الفراغ وإتمام الصلاة .
وقد يقال: بانصراف أدلة وجوب السجود فوراً ، عن مثل المقام الذي يوجب بطلان الصلاة  ، ولكنّه مردود بدلالة رواية زرارة المتقدمة على عدم الانصراف ، إذ معه لا يبقى وجه لتعليل النهي عن القراءة بأنّ السجود زيادة في المكتوبة ، إذ ظاهره استلزام قراءة آية السجدة ، لوجوبها فوراً ، كما هو ظاهر ، فيدور الأمر بين التكليفين المتزاحمين : وجوب السجود فوراً ، وحرمة إبطال الصلاة .
وقد يقال: بأهمية التكليف بالسجود ، بمقتضى رواية زرارة ، إذ التعليل باستلزام قراءة آية السجدة لها ظاهر في الأهمية ، وإلاّ لما كان يستلزم ذلك ، ولكنّه لا يخفى أنّ التعليل إنما هو بلحاظ أنّ قراءة السورة تستلزم لمخالفة أحد التكليفين المتزاحمين  ، ولا ينافي ذلك أهمية الآخر أو مساواته أصلا ، والقاعدة في مثله تقتضي التخيير ، فيتخيّر في المقام بين السجود والإبطال ، وبين المضيّ وتأخير السجود إلى الفراغ .
  • (1) الوسائل 6: 105. أبواب القراءة في الصلاة ب40 ح2 وص103 ب38 ح1.