جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه ثلاث رسائل
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 137)

والمورد الآخر هو مسألة الإيمان بأصل المذهب بالنسبة لمن يشقّ عليه قبول الإسلام بدرجة يتمنّى معه أن يمطره الله تبارك وتعالى بحجارة من السماء ، أو ينزل عليه العذاب دون أن يستسلم لقول الحقّ . والمورد الثالث هو مسألة حضور القاتل أمام المحكمة ، وتمكين وليّ الدم من نفسه في القصاص ، وكذا الحال بالنّسبة لمن حكم عليه بالرجم حيث يمكّن من نفسه في سبيل أن يجري الحاكم الشرعي الحدّ الإلهي عليه ، وهناك ثلاثة ردود لصاحب الفصول (قدس سره) في مسألة الجهاد(1) .
الردّ الأوّل هو نفس ما ذكره السيّد بحر العلوم (قدس سره) ، حيث يشترك الإثنان صاحب الفصول والسيّد بحر العلوم (قدس سره) بردّ واحد: وهو كالتالي: إنّنا لا نقبل كونه أمراً حرجيّاً ، لأنّ كون الجهاد أمراً حرجيّاً لابدّ وأن يقرّه عامّة النّاس ، والحال أنّه ليس المسلمين فحسب ، بل عموم الناس من أيّ مذهب كانوا وأيّاً كان دينهم ، وأكثر من ذلك حتّى الذين لايدينون بدين كالشيوعيين وأمثالهم نرى أنّ مسألة الحرب مسألة مطروحة ومتعارف فيما بينهم ، وبالطبع فإنّ دواعي الحرب تختلف من شخص لآخر . ومن مجموعة إلى مجموعة ، فالبعض يحارب من أجل الدفاع عن نفسه وأحواله وعرضه ، والآخر يحارب من أجل مذهبه وعقيدته وإن كانت عقيدته فاسدة ، إذن ، الحرب أمر طبيعي جدّاً ، فقد يخاطر الإنسان بحياته من أجل هدف يعتقد به ، وهذه المسألة ليست بالمسألة الحرجيّة ، بل هي طبيعيّة ومتعارف عليها لدى المسلمين وغير المسلمين . من هنا أمكننا القول أنّ مفهوم الجهاد الذي جاء به الإسلام موجود لدى الشعوب والاُمم الاُخرى ، ويفوق الإسلام غيره من المذاهب والاتجاهات بما يولي الجهاد من أهمية خاصّة ، وبما يحتسب له من ثواب وأجر اُخروي . إذن وجود مثل هذه المعطيات من أجر وثواب لدى الإسلام
  • 1  . الفصول: 334 .

(الصفحة 138)

خاصّة يجعلنا نتساءل: لماذا نعتبر الجهاد أمراً حرجيّاً؟ بل هو مسألة طبيعية ; إذن مجرد إحتمال خطر الموت ، أو ذهاب الأموال لا يوجب القول بحرجيته . فلو كان حرجيّاً لهرب الجميع ، ولمّا وجد هناك من يتصدّى لمهامّ الحرب والجهاد ، في حين نرى أ نّ الحرب أمرٌ طبيعي رافق البشريّة منذ تأريخها الأوّل واشترك فيها الجميع .

الحرج من خلال الملاكات والمصلحة:

ولكن أفضل ردّ على الإشكال هو الردّ الثاني لصاحب الفصول ، ومفاده هو: إننّا إذا أردنا أن نعيّن كون الفعل حرجيّاً أو لا ، لابدّ من أن نلحظ جانب المصلحة في الفعل ، فليس من الصحيح أن نلحظ صورة الفعل بما فيه من خصوصيّة ، هل هو حرجيّ ، أم لا؟ بل الصحيح أن نرى ماهو الهدف من وراء هذا الفعل؟ وما هي المصلحة المترتّبة عليه؟ فالدقّة في هذه اللحاظات له مدخلية في كون الفعل حرجيّاً أو غير حرجيّ .
ونورد مثالاً على ما قلناه غير المثال الذي أورده صاحب الفصول ، لنفرض أنّ إنساناً بقي مستيقظاً طوال الليل ولم ينم أبداً ، هنا لايمكننا أن نقول : إنّ عمله هذا حرجيّ أو غير حرجيّ ، أي لا نستطيع أن نحكم عليه . بل يجب أن نرى وقبل كلّ شيء ما هي المصلحة من بقائه مستيقظاً . فلو أراد أن يسهر طوال الليل لأمر ثانوي غير مهم ولنفرض أنّه لم ينم ليلته مقابل شيء يسير من المال ، فالسهر ليلة كاملة هذا يعدّ أمراً حرجيّاً ، ولكن نفس هذا السهر ، لو كان لإحياء ليلة القدر وطلب ما في هذه الليلة من أجر وثواب عظيم لا يعتبر أمر حرجيّ فحسب ، بل الإنسان يتمنّى أن تكون كلّ ليلة من ليالي شهر رمضان ليلة القدر كي يبقى مستيقظاً ليطلب الفيض الإلهي ويستفيد من بركاته . وهذه المسألة عرفيّة . ولنفرض أنّ إنساناً بقي مستيقظاً حتّى الصباح يرعى مريضاً يحتاج إلى رعايته
(الصفحة 139)

وخدمته ، ولنفرض ثانية هذا الشخص يحبّ المريض حبّاً شديداً ، هنا نراه يبقى ساهراً من دون أن يشعر بشيء من التعب أو الإعياء ، فعمله هذا ليس بحرجيّ . وفي المقابل إذا قيل لسجين من السجناء: يجب عليك أن لا تنام الليل حتّى يسفر الصباح . فإنّه يشعر بالحرج في كلّ دقيقة تمرّ ، في حين أ نّ العمل واحد في كلا الحالتين .
من هنا نقول: إنّ إعتبار الحرج وعدم إعتباره بالنسبة لفعل مّا ، إنّما يتمّ بلحاظ المصالح المترتّبة على الفعل . وامّا لماذا أخذت المصلحة بعين الإعتبار في حرجية الفعل؟ هذا السؤال لم يجب عنه صاحب الفصول عليه الرحمة ، لكنّنا نقول: إنّ السبب في إعتبار المصلحة هو أنّنا عندما عرّفنا الحرج قلنا: إنّه أقلّ مرتبة من عدم القدرة لدى العرف ، إذن ما هو الملاك في الحرج؟ الملاك في ذلك هو ما كان في العرف قادراً عليه ، إلاّ أنّه يأبى أن يقوم به ، فلابدّ أن نذهب إلى العرف لنرى متى يتقبّل العرف القيام بعمل معيّن ، ومتى يأبى ذلك! وهنا بالذات ينفسخ المجال للأهداف والمصالح ، فعندما تكون المصلحة شديدة وكبيرة نجد العرف يقدم على العمل بدون سأم وبلا تردّد ، بل برغبة وشوق كبيرين ، أمّا عندما تكون المصلحة جزئية ، وليست بذات أهمية ، فإنّ العرف يأبى من أن لا ينام الليل كلّه مقابل منفعة جزئية قليلة ، وهذا هو ما يقال عنه بأنّه لا يتحمّل . ونحن مضطرّون إلى أن نحكّم العرف ، لأنّ الحرج في الآية الكريمة يراد به نفس هذا المعنى العرفي ، ومن هنا يتبيّن لنا أنّ الجهاد في نظر العرف ليس فوق طاقة الإنسان المسلم ، فالجهاد من أجل حفظ بيضة الإسلام ، والحفاظ على استقلال الدولة ، سواءً كان جهاداً دفاعياً كما هو المفترض في زماننا ، أو كان الجهاد جهاداً ابتدائياً لأجل نشر الأحكام الإسلامية ليس هو ممّا لا يطاق في نظر العرف .
إذن ، خلاصة الردّ الثاني الذي قال به صاحب الفصول والذي أرى أنّه في
(الصفحة 140)

مسألة الجهاد خاصّة يعدّ أفضل الردود ، أي أنّنا لا نستطيع أن نقول: إنّ هذا العمل حرجي وهذا غير حرجي جزافاً ومن دون أيّ اعتبار ، بل لابدّ من ملاحظة الغايات والمصالح المترتّبة عليه .

الحرج بالقياس إلى الحالة النفسيّة للمكلّف:

والردّ الثالث الذي أجاب به صاحب الفصول هو: أنّه لابدّ أن نعرف أوّلاً: هل أنّ الحرج الملحوظ في الجهاد بما في الجهاد من الأعمال الشاقّة ، أو هو بإعتبار الحالة النفسيّة التي تتولّد عند بعض والتي تسمّى بالخوف ، أي هل أنّ الإشتراك في الحرب واستخدام الأسلحة والمشي على الأقدام لمسافات طويلة هي التي تشكّل جانب الحرج ، أو أ نّ الحالة النفسيّة التي نسمّيها الخوف والتي قد ترافق الإنسان في الجهاد ، فيخاف أن يتعرّض لقصف جوي ، أو أن تصيبه طلقة هي التي تجعل من الجهاد أمراً حرجيّاً؟
يقول المرحوم في الإجابة على هذا التساؤل: بأنّ حالة الخوف منشؤها في نفس الإنسان ، أي أنّ هذا الشخص بحدّ ذاته يفتقد للشجاعة والجرأة ، وهذا لا علاقة له بالتكليف الإلهي ، فلو كنت إنساناً يملأ الخوف وجودك ، فلا يحقّ لك أن تصوّر الجهاد بأنّه أمر حرجي ، ثمّ تستدلّ بقاعدة نفي الحرج على إرتفاع التكليف الحرجي ، إذن الحرج لابدّ وأن يتحقّق في التكليف بحدّ ذاته . وإلاّ فخوف المكلّف لا علاقة له بالتكليف . والخوف هو رذيلة من الرذائل لدى هذا الإنسان .

القاعدة وإيقاع الإنسان نفسه في الحرج:

وهنا نورد أجوبة المرحوم صاحب الفصول في الموردين المتبقّيين ، والمورد الأوّل: هو المثال الذي ساقه عن اُولئك الذين لا يطيقون الإسلام ، حيث يحكي
(الصفحة 141)

القرآن الكريم قولهم: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ} هنا لابدّ وأن نرى هل إنّ الإسلام بحدّ ذاته يستدعي الحرج ، أو إنّ خبث هؤلاء وسوء سريرتهم هو الذي جعل قبولهم الإسلام أمراً حرجياً؟
والصحيح إنّ خباثتهم وسوء سريرتهم هو الذي جعلهم يستشعرون الحرج في الإسلام ، بدليل انّنا نرى إنّ النّاس قاطبة عشقوا الدين الإسلامي واستهوته قلوبهم ، والواقع هو إنّه لايوجد هناك حرج في التكليف بحدّ ذاته . فأدلّة نفي الحرج تنصّ على إسقاط التكليف الذي يستوجب الحرج .
والمورد الثاني: هو خصوص تمكين النفس لأجل القصاص وإجراء الحدود . فيقول المرحوم صاحب الفصول: إنّ التمكين واجب شرعاً وهو أمر حرجي للغاية ، ولكن الشخص بنفسه هو الذي أوجد هذا التكليف الحرجي ، أي أنّ الذنب ذنبه ، فلو أراد أن لا يقع في مثل هذا الحرج لكان عليه أن لا يرتكب الزنا ، ولو شاء الإحتراز من الوقوع في الحرج لما قتل النفس المحترمة عن عمد . ويضيف إنّ هذه تهلكة . والبعض بإرادته ألقى بنفسه في هذه التهلكة . وفي مثل هذه الحالة لايمكن أن نطلق على هذا التكليف المتعيّن على المجرم ـ وهو تكليف التمكين ـ اسم الحرج ، فلماذا أوجب على نفسه التمكين للقصاص في حين كان بوسعه أن يحترز من أيّ تكليف من هذا النوع ، ويستفاد من كلام صاحب الفصول إنّ قاعدة لا حرج لم يشملها التخصيص مطلقاً ، أيّ لايوجد هناك أي مورد حرج خرج عن القاعدة بالتخصيص .

حكومة حديث الرفع وقاعدة نفي الحرج:

وهناك نقطة مهمّة أشار إليها كلّ من الشّيخ الأنصاري (قدس سره) في كتاب الرسائل ، والمرحوم الآخوند (قدس سره) في كتاب الكفاية ، وهي أنّ حديث الرفع يرفع الخطأ