جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه ثلاث رسائل
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 183)

وبعد هذا المحقّق ، من أصرّ على هذا المبنى هو الإمام الخميني (قدس سره) فإنّه (قدس سره) دوّن رسالة موجزة في تعيين طلوع الفجر في الليالي المقمرة وكنت استنسخه في السنوات الماضية وتلك النسخة موجودة عندي ولكن في زماننا هذا طبعت هذه الرسالة وهذه الرسالة كما قلنا مختصرة في حد صفحة أو صفحتين . واختار هو مختار الهمداني (رحمه الله) باستناد الكتاب والسنّة وقال المحقّق الهمداني: «مقتضى ظاهر الكتاب والسنة وكذا فتاوى الأصحاب اعتبار اعتراض الفجر وتبيّنه في الاُفق بالفعل فلا يكفي التقدير مع القمر لو أثّر في تأخّر تبين البياض المعترض في الاُفق» وسيأتي بيان إنّه لماذا قال ظهور «فتاوى الأصحاب» مع أنّ هذه المسألة لم تكن معنونة في كلمات الفقهاء .
والعمدة هو البحث عن الكتاب وهو قوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الاَْبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الاَْسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)(1) .
ذكر المفسرون ذيل هذه الآية وجوهاً في وجه نزولها وقال الطبرسي (رحمه الله) في المجمع: «روى علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه رفعه إلى أبي عبدالله (عليه السلام): قال كان الأكل محرّماً في شهر رمضان بالليل بعد النوم وكان النكاح حراماً بالليل والنهار في شهر رمضان وكان رجل من أصحاب رسول الله يقال له مطعم بن جبير أخو عبدالله بن جبير الذي كان رسول الله وكلّه بِفَم الشعب يوم أحد في خمسين من الرماة وفارقه أصحابه وبقي في اثني عشر رجلاً فقتل على باب الشعب وكان أخوه
  • 1  . البقرة: 186 .

(الصفحة 184)

هذا مطعم بن جبير شيخاً ضعيفاً وكان صائماً فأبطأت عليه أهله بالطعام فنام قبل أن يفطر فلمّا انتبه قال لأهله قد حرم عليّ الأكل في هذه الليلة فلمّا أصبح حضر حفر الخندق فأغمي عليه فرآه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فَرَقَّ له وكان قوم من الشباب ينكحون بالليل سرّاً في شهر رمضان فأنزل الله هذه الآية فأحلّ النكاح بالليل في شهر رمضان والأكل بعد النوم إلى طلوع الفجر» . فحاصل شأن النزول أنّه بعد تشريع الصوم كان هناك حكمان أحدهما تحريم مجامعة النساء في ليلة شهر رمضان مضافاً إلى حرمتها في نهار رمضان لمن كان صائماً وثانيهما عدم جواز الأكل والشرب بعد النوم فإنّ نام بعد أكل العشاء واستيقظ قبل الفجر فلا يجوز له السحور أي ما يسمى بالفارسية بـ«سحرى» فجواز أكل السحور كان لمن لم ينم في الليل .
ولمّا وقع اغماء الشيخ وتخلّف الشباب تغيّر الحكم وجوّز الشارع أكل السحور بعد النوم والجماع في الليل ولايخفى أن الأمر في قوله تعالى: (باشِرُوا) وفي قوله تعالى: (كُلُوا وَاشْرَبُوا) في مقام رفع الحظر ولا يدلّ على الوجوب ، بمعنى أن المباشرة والأكل والشرب في الليل كان ممنوعاً ومحظوراً والآن لا بأس بها .

الكلام في الغاية

إلى هنا اتضح شأن نزول الآية ومفادها إلى الغاية أي «حتّى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر» والكلام هنا في الغاية ومن المعلوم انّ العرف يستفيد منها بمناسبة شأن النزول وخصوصيات الآية جواز المباشرة والأكل والشرب إلى تبين طلوع الفجر أمّا بعده فلا والمؤيّد لهذا المطلب قوله بعد ذلك «ثُمَّ اتِمُوا الصّيامَ إلَى اللّيل» بمعنى انّ إباحة هذه الاُمور تنتهي بمجرّد طلوع الفجر وعليكم من بعد طلوع الفجر إتمام الصيام إلى الليل .

(الصفحة 185)

والمهم توضيح هذه الغاية ومن المؤسف أ نّ أكثر الكتب التي اُلّفت في توضيح آيات الأحكام وبعض التفاسير التي راجعتها لم أجد توضيحاً وافياً بالنسبة إلى هذه الغاية مع إنّ ثمرة مهمة فقهيّة تترتّب على هذه الفقرة وقبل توضيح هذه الغاية نقدم مقدّمة عبّر عن هذه المقدّمة في بعض الكتب بعنوان «الضابطة» .
الضابطة: وهو أنّ العناوين والمفاهيم المأخوذة في موضوعات الأحكام وخصوصيات الأحكام ظاهرة في الفعلية أو لا .
مثال ذلك أنّه إذا قال الشارع في دليل: «الماء المتغيّر نجس» أو قال الفقهاء في الرسائل العملية أو الكتب الفقهية: «إذا تغيّر الماء الطاهر أحد أوصافه الثلاثة ـ اللون والرائحة والطعم ـ بملاقاة نجس العين يصير نجساً ولو كان الماء عشرة اكرار» . فما المراد بالتغير ، هل التغير فعلي وتحقيقي بمعنى أنّه إذا تغير رائحته يستشمّ منه الرائحة بالفعل وإذا تغير لونه يرى تغيره كالدم الذي اُريق في الكرّين من الماء وصار الماء أحمر أو أنّ المراد بالتغيّر هو الأعم من الفعلي والتقديري كما إذا اُرِيقَتْ مادة كيمياوية في الماء ثمّ اريق دم كثير فيه بنحو لو لم تكن تلك المادة في الماء لتغيّر لونه ، هل هو نجس أو لا .
يذكر المحققون هنا تلك الضابطة ويقولون ظاهر العنوان المأخوذ في موضوع الدليل الفعلية أيّ الماء المتغيّر بالفعل ، ففي المثال لا يحكم بالنجاسة لأنّ التغير هنا «تقديرى» أو «لولائي» بمعنى أنّه لولا المادة لأثّر الدم في الماء لكنّها مانعة عن التغيّر بالفعل .
واستثنى الفقهاء من هذه القاعدة عنوان العلم واليقين وأمثال ذلك فإنّه إذا أخذ في الدليل فلا موضوعية له بل هو طريق إلى الواقع كقوله «الماء كلّه طاهر حتّى تعلم أنه نجس» .
أو «كلّ شيء شكّ في طهارته ونجاسته فهو طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» .

(الصفحة 186)

ولا خصوصية لعنوان العلم بل يجوز قيام البيّنة مقامه فيثبت بها نجاسة الشيء أيضاً وهكذا يجوز قيام الاستصحاب مقام العلم فيثبت به نجاسة الشيء أيضاً . وهكذا يجوز قيام أخبار ذي اليد مقامه كما إذا أخبر صاحب البيت بأنّ هذه السجادة نجسة فيثبت بأخباره نجاستها وإخباره حجّة ولو لم تحصل مظّنة أو علم بالنجاسة .
فتحصل أن هنا ضابطتين الأولى بالنسبة إلى المستثنى منه وهي إنّ موضوعات الأحكام ظاهرة في الفعلية ولعناوين الموضوعات خصوصيّة وموضوعيّة .
والثانية بالنسبة إلى المستثنى وهو عنوان العلم واليقين وأمثال ذلك كالتبيّن ولا خصوصيّة عرفاً لهذه العناوين ولذا يجوز قيام غيره كالأمارة والأصل مقامه .
ثمّ إذا اتضح هاتان الضابطتان نرجع إلى قوله تعالى: (كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الاَْبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الاَْسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ)فنقول:
أوّلاً: أنّ الخيط الأبيض هو الفجر الصادق الذي يشبه الخيط لقلّة عرضه وهو بنحو أفقي في السماء ويتزايد شيئاً فشيئاً .
وثانياً: أنّ الخيط الأسود عبارة عن الليل وعبّر عنه بالخيط أيضاً لوجهين أمّا للمشاكلة(1) التي من المحسنات البديعية التي ذكرت في المطول والمختصر بمعنى أنه لمّا عبّر عن الفجر بالخيط الأبيض عبّر عن الليل بالخيط الأسود للمشاكلة في التعبير وإمّا للمقايسة بين الخط الأبيض ومايشغل من الليل فإنّ الخيط الأبيض يشغل بمقدار خيط أسود من الليل وأنّه يزول بالخيط الأبيض مثله من السواد وهذا الوجه يمكن استفادته من المجمع بالتأمّل وإن لم أقل أنه يريد ذلك جزماً .
وثالثاً: أنّ قوله «من الفجر» احتمالات ثلاثة: التبعيضية والتبيينية والنشوية
  • 1  . قال الخطيب القزويني في تلخيص المفتاح: المشاكلة وهي ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته تحقيقاً أو تقديراً (مختصر المعاني ، ص 190) .

(الصفحة 187)

الأوّل أنّه للتبعيض وعلى هذا «من» متعلّق بالخيط الأبيض(1) ومعنى الآية هكذا «حتّى يتبين الخيط الأبيض الذي هو بعض الفجر» والبعضية بحسب شروع الفجر حيث إنّ الفجر الصادق في شروعه كالخيط الأبيض الدقيق وقليل العرض ثمّ بتقرّب الشمس إلى الأفق يصير البياض عريضاً يعترض شيئاً فشيئاً . والإمام الخميني جعل هذا الاحتمال بعيداً عن ظاهر الآية(2) .
والثاني: أنّه للتبيين وفي هذا الفرض احتمالان:
أحدهما: وهو الذي عليه المفسّرون ـ أنّه يُبيّن الخيط الأبيض الّذي هو فاعل «يتبيّن» ونقل أهل التفسير أ نّ عدي بن حاتم بعد نزول الآية توهّم أنّ معناها عدم جواز الأكل والشرب حتّى إذا بلغ بياض السماء إلى حدٍّ يتميز الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولذا أخذ بيده خيطاً أبيض وخيطاً أسود(3) .
ونقل بعض أنه أخذ عقالين أسود وأبيض ووضعهما تحت فراشه وآخر الليل كان يستيقظ وينظر إليهما ولكنّه لمّا لم يتمكن من التميّز إلاّ بعد مضي زمان كثير من طلوع الفجر راجع النبي ونقل ما فعل فضحك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال (صلى الله عليه وآله)  : ليس معنى الآية ما فهمتَ بل المقصود من الخيط الأبيض هو الفجر والنهار والمقصود من الخيط الأسود الليل .
فعلى هذا الاحتمال أعني من للتبيّين وأنّها مبّينة للخيط الأبيض فمعنى الآية هكذا «حتّى يتبّين لكم الخيط الأبيض أيّ الفجر» وبناءً على هذا الاحتمال الفجر
  • 1  . مراده الشريف أنّه متعلّق بأحد أفعال العموم مثل «ثابتاً» وهو حال للخيط الأبيض .
  • 2  . قال في رسالته الشريفة: «وأمّا جعل «من» تبعيضية فبعيد كما لايخفى» (رسالة في تعيين الفجر ، ص 13 في الليالي المقمرة) ولعلّ وجهه إنّ الفجر هو أول ظهور الضوء وشروعه ولا فرض للكلّ والبعض هنا .
  • 3  . قال في المجمع: روى أنّ عدي بن حاتم قال للنبي: إنّي وضعت خيطين من شعر أبيض وأسود فكنت انظر فيهما فلا يتبين لي فضحك رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتّى رؤيت نواجذه ثمّ قال يابن حاتم إنّما ذلك بياض النهار وسواد الليل (مجمع البيان ، ج 1 ، ص 281 ، منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي) .