(الصفحة 6)
هذه الليالي عن سائرها ، والمقرّر للمحاضرات المرتبطة بهذه المسألة حجّة الاسلام والمسلمين الشيخ اكبر الخادمي الاصفهاني ، فانه قد جدّ واتعب نفسه في تقريرها واعدادها للطبع ونحن نشكر جهوده ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقه أكثر مما مضى .
الرسالة الثالثة كتبه سماحة آية الله العظمى الفاضل اللنكراني دام ظلّه بقلمه الشريف في كتاب الطلاق ، ولمّا وصل في بحث العدّة إلى عدّة من لا تحيض ، بحث استطراداً حكم المرأة التي أخرجت رحمها بالعمليّة الجراحيّة لبعض الأمراض ، وبالتالي تصير هذه العمليّة سبباً لأن لا تحيض ، وهذا البحث وإن طبعت ضمن كتاب الطلاق من كتاب تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، لكن لمّا كان نفع هذه المسألة عامّاً ومورداً للابتلاء قمنا بطبعه ضمن هذا الكتاب . نسأل من الله تعالى أن يحفظ الشيخ المرجع دام ظلّه ويديم في عمره الشريف ، وأن يستفيد المشتغلين بالعلوم الدينيّة من وجوده الشريف ومن آرائه العلمية وأفكاره الفقهية والاُصولية والتفسيرية . والسلام .
مركز فقه الأئمة الأطهار (عليهم السلام)
محمد جواد الفاضل اللنكراني
(الصفحة 7)
قاعدة نفي الحرج
(الصفحة 8)
(الصفحة 9)
قاعدة نفي الحرج
قاعدة لا حرج تدرج عادة إلى جانب قاعدة لا ضرر وفي مستوى واحد تقريباً .
وقد بحثت قاعدة لا ضرر في الاُصول بالتفصيل في خاتمة مباحث الاشتغال ، وقد بحثناها هناك أيضاً بالتفصيل ، ومع أن قاعدة لا حرج لها مزاياها وخصوصيّاتها حيث تشتمل على جوانب غير موجودة في قاعدة لا ضرر ، إلاّ أنها لم تبحث بشكل مفصّل لحدّ الآن ، ونشير إلى إحدى هذه المزايا .
الفرق بين قاعدة «لا ضرر» و «لا حرج»
في قاعدة لا ضرر هناك عدّة احتمالات متصوّرة ، أحدها هو الاحتمال الذي بحثه سيّدنا الأستاذ الأعظم الإمام ـ دام ظلّه العالي ـ وبحثناه أيضاً ، وهو أ نّ «لا» في قاعدة لا ضرر هي «لا» الناهيّة ، وإنّ هذا النهي هو نهي ولائي ، وإذا صحّ ذلك فإنّ قاعدة لا ضرر لا تعتبر حكماً إلهيّاً ولو بالعنوان الثانوي . لكن مثل هذا الاحتمال غير موجود بالنسبة لقاعدة لا حرج ، لأنّ قاعدة لا حرج ـ كما سنبحث أدلّتها إن شاء الله ـ تستمدّ جذورها من القرآن ، ولها أساسها القرآني ، ولا يمكن أن
(الصفحة 10)
نعتبرها حكماً ولائيّاً ضمن دائرة ولاية رسول الله بعنوان المتصدّي للأمر كما هو الحال في قاعدة لا ضرر ، فقاعدة لا حرج غير منظور فيها هذا اللحاظ ، وهذه من أكبر الامتيازات التي تمتاز بها قاعدة لا حرج على قاعدة لا ضرر . حيث إنّ قاعدة لا ضرر يحتمل أن لا تكون لها أيّة علاقة بالفقه ، وأمّا قاعدة لا حرج فإنّ مثل هذا الاحتمال غير متصوّر فيها ، ومن هنا فإنّ قاعدة لا حرج تكون ذات أولويّة بالنسبة لقاعدة لا ضرر . ومع الأخذ بنظر الأعتبار لهذه الخصوصيات نقول :
إنّ أوّل من بحث قاعدة لا حرج هو المحقّق ملاّ أحمد النراقي رضوان الله تعالى عليه في كتابه «عوائد الأيّام» وهو من الكتب القيَّمة والمفيدة ، وقد بحثت هذه القاعدة هناك ولكن ليس بالتفصيل ، وفي زماننا الحاضر فإنّ المرحوم آية الله البجنوردي (قدس سره) قد بحثها في كتابه «القواعد الفقهية» الذي يقع في سبعة مجلّدات تقريباً ، وهو من الكتب القيِّمة والنّفيسة جدّاً ، خاصّة إذا أخذنا بنظر الأعتبار شخصية المؤلّف العلميّة حيث يعدّ من أكابر الفضلاء والمحقّقين ، وقد كتب هذا الكتاب بقلم شيّق وأسلوب بليغ .
وكلّ من كتب بعد المرحوم النراقي (قدس سره) في هذا المجال ، تحتم عليه أن يتطرق إلى هذه القاعدة .
وفي بحثنا لهذه القاعدة ، هناك عدّة جوانب يجب أنْ نتعرّض لها ، منها سند هذه القاعدة ، حيث رأينا أ نّ من المناسب أنْ نلاحظ السند أوّلاً قبل كلّ شيء ، ومن ثمّ وبعد ذلك بيان معنى كلمة الحرج ، وحدود هذه الكلمة ، وهذا بحث لاحق يأتي تباعاً ، ويتعيّن علينا في أطار بحثنا هذا أن نتدارس معاني ودلالات المفردات والعبارات ضمن سياق الآيات والروايات . وعلى ضوء ما تحمله هذه العبارات من دلالات ومعاني نكون على أتمِّ الإستعداد في الدّخول في البحث ، إذن أوّل محطّة لابدّ أن نتوقّف عندها في قاعدة لا حرج هي مسألة مدرك هذه القاعدة .
|