جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 31)

ذلك ورود الإذن من الشارع ولو كان في ضمن الأمر ، وأمّا اعتبار قصد إطاعة الأمر وامتثاله ، فلا دليل عليه ، كما أنّ اعتبار قصد القربة بمعناه الظاهري الذي يرجع إلى الإتيان بالعبادة لتحقّق القرب من المولى لا دليل عليه أيضاً .
مضافاً إلى ما عرفت من أنّ هذه المرتبة من المراتب السافلة في مقام الإتيان بالعبادات ، فإنّ بعض الأوحديّين من الناس يكون الداعي له إلى العبادة مجرّد كون المعبود أهلا ومستحقّاً لها ، كما حكي عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه قال : «إلهي ما عبدتك خوفاً من عقابك ولا طعماً في ثوابك ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك»(1) .
ومضافاً إلى أنّه لو كان قصد التقرب بمعناه الظاهر معتبراً ، لكان الواجب على الناس معرفة القرب من الله تعالى بأيّ معنى حتّى يقصد ذلك المعنى ، ومن المعلوم خلافه .
والذي ينبغي أن يقال: إنّ المعتبر في صحة العبادة هو الذي يقتضي طبع العبادة وكذا طبع العابد الإتيان بها بذلك النحو ، وحيث إنّ ذلك متحقّق غالباً بل دائماً في عامّة الناس بالنسبة إلى عباداتهم ، بعدما عرفت من عدم ترتّب غرض دنيوي عليه ، فلذا تكون الأخبار خالية عن بيانه ، واعتباره في الصلاة .
نعم ربما يعرض عليها بعض الأغراض الفاسدة التي تمنع عن وقوعها بمقتضى طبعها ، فتكون صورتها صورة العبادة ، والمقصود بها ترتّب الأغراض الدنيوية وهو الذي يسمّى بالرياء ، فلذا قد تكرّر في الأخبار ذكره ومذمّته والتوبيخ عليه ، وإنه مبطل للصلاة .
وفي الحقيقة يكون مفاد تلك الأدلة الواردة في الرياء إنّه لو لم يطرء على العبادة
  • (1) بحار الأنوار 41 : 14 .


(الصفحة 32)

هذا الأمر الذي يصرفها عن وجهها ، فهي تقع بمقتضى طبعها عبادة ، فالمعتبر في صحّتها هو مجرّد خلوّها عن ذلك الأمر ، إذ بذلك تقع على ما هو مقتضى طبعها ، سواء كان الداعي له إلى إتيانها كون المعبود أهلا لها ، أو تحقق القرب إليه ، أو غيرهما من المراتب المتقدّمة ، وسواء كان قصد إطاعة الأمر وامتثاله واسطة في ذلك أم لا .
ثم إنّك عرفت أنّ مقتضى الأخبار بطلان العبادة بالرياء وحرمته(1) ، ولا فرق في ذلك بين أن يصير داعياً إلى الإتيان بمجموع العبادة أو ببعض أجزائها ، كما أنّه لا فرق في الثاني بين أن يكون الجزء من الأجزاء الواجبة أو المستحبة ، لأنّ مرجع الرياء في كلّ منهما إلى الرياء بالمجموع ، فالإتيان بالقنوت رياءً ليس إلاّ لإظهار أنّه يصلّي كذلك .
نعم لو كان المستحب شيئاً خارجاً عن الصلاة ، فالإتيان به رياءً في أثناء الصلاة لا يضر بصحتها ، إلاّ أن يرجع أيضاً إلى الرياء فيها ، وكذلك لا فرق في الثاني ـ أي الرياء في الأجزاء ـ بين تدارك الجزء والإتيان به ثانياً وعدمه ، وإن لم نقل ببطلان الأول من حيث الزيادة المبطلة .
هذا ، وقد قيل(2): بعدم بطلان العبادة فيما لو نوى الرياء ببعض الأجزاء المستحبة ، كالقنوت ورفع اليدين بالتكبير ، وغيرهما من الأجزاء المستحبة للصلاة ، لأنّ بطلان الجزء المستحبّ لا تؤثر في بطلان الأجزاء الواجبة المأتيّ بها خالصاً لوجه الله .
قال الشيخ المحقّق الأنصاري(قدس سره) ، في كتاب الصلاة ، في وجه عدم البطلان ، ما
  • (1) الوسائل 1 : 70. أبواب مقدّمة العبادات ب12 .
  • (2) مصباح الفقيه، كتاب الصلاة: 238 .


(الصفحة 33)

هذا لفظه : «لأنّ بطلان الجزء المستحبّ لا يوجب الاخلال بالأجزاء الواجبة التي هي المناط في تحقق الامتثال للأمر الوجوبي ، وإن لم يحصل امتثال الأمر الاستحبابي المتعلّق بنفس المستحب ، أو بالعبادة المشتملة عليه ، وممّا ذكرنا يظهر الجواب عن التمسّك للإبطال بما دلّ على بطلان كلّ عمل لم يخلص لله، مثل رواية عليّ بن سالم(1) قال: سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: قال الله سبحانه : «أنا خير شريك، من أشرك معي غيري في عمل لم أقبله إلاّ ما كان خالصاً لي»(2) . ورواية زرارة وحمران عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «لو أنّ عبداً عمل عملا يطلب به وجه الله والدار الآخرة وأدخل فيه رضى أحد من الناس كان مشركاً»(3) ، وغير ذلك ممّا دلّ على بطلان العمل المشترك على وجه الإشاعة أو التبعيض(4) ، كما فيما نحن فيه ، فإنّا لا نمنع بطلان هذه العبادة ، بمعنى مخالفته للأمر الخاص المستحب المتعلّق بهذا الفرد الخاص ، ولا يلزم منه عدم مطابقته للأمر بمطلق الماهيّة الموجودة فيه ، الذي هو مناط التقرب بالعمل من حيث كونه واجباً...» إلى أن قال : «وممّا ذكرنا يظهر حكم ما لو نوى الرياء بالزائد على الواجب من الأفعال كطول الركوع والسجود»(5) . إنتهى موضع الحاجة من كلامه(قدس سره) .
وقال في المصباح في مقام الجواب عن الاستدلال للبطلان بالأخبار المذكورة ماملخّصه : إنّه كما يصح أن يقال على مجموع الصلاة: إنّها عمل ، كذلك يصح إطلاقه
  • (1) هو علي بن أبي حمزة البطائني وأبو حمزة كنية أبيه واسمه سالم (منه) .
  • (2) المحاسن 1: 392 ح874 ; الكافي 2 : 295 كتاب الايمان والكفر باب الرياء ح9; الوسائل 1 : 61. أبواب مقدّمة العبادات ، ب8 ح9 .
  • (3) عقاب الأعمال : 289 ح1; المحاسن 1: 212 ح384; الكافي 2: 293 ح3; الوسائل 1: 67. أبواب مقدّمة العبادات ب11 ح11.
  • (4) الكافي 2: 293 باب الرياء; الوسائل 1: 64. أبواب مقدّمة العبادات ب11.
  • (5) كتاب الصلاة للشيخ الأنصاري (رحمه الله): 88 ـ 89 .


(الصفحة 34)

على أجزاء العمل ، لأنّ أجزاء العمل أيضاً عمل عند العقل ، وحينئذ فيصح أن يقال: إنّه أشرك في قنوته مثلا ، وأدخل فيه رضا غيره تعالى .
وحينئذ نقول : إنّ القنوت والصلاة ليسا مصداقين للعامّ على سبيل التواطؤ ، لاستحالة كون رياء واحد فردين من العام ، فصدقه على سبيل التشكيك بمعنى أنّ صدقه على القنوت لذاته ، وعلى الصلاة بواسطته ، وحينئذ فمجرّد وقوع القنوت لغير الله لا يضرّ بوقوع الأجزاء الواجبة متقرّباً بها إلى الله تعالى ، بعد كون كلّ واحد منهما عملا مستقلاً ، فغاية مدلول الأخبار بطلان القنوت مثلا ، لأنّه عمل أدخل فيه رضا غيره تعالى ، فلا يؤثر في صيرورة الفرد المشتمل عليه أفضل الأفراد ، ودعوى إنّ المراد من العمل في الروايات، الأعمال المستقلّة التي تعلّق بها أمر نفسي ، مع أنها بلا بينة يكذبها شهادة العرف بصدقها على أجزاء العمل ، ولذا لا يتوهّم أحد بطلان الحجّ بوقوع شيء منه رياءً مع عدم إمكان تداركه وعدم فوات محلّه ، وممّا ذكرنا يظهر حكم ما نوى الرياء بالزائد على الواجب من الأفعال، كطول الركوع والسجود(1) . إنتهى ملخّص كلامه(قدس سره)  .
وأنت خبير بأنّ مرجع كلامهما إلى أنّ الرياء اِنّما وقع في الصلاة بمرتبتها الكاملة الفاضلة ، لأنّ المفروض إنّه نوى الرياء بالأجزاء المستحبة ، أو بالزائد على الواجب من الأفعال ، ومقتضى الروايات بطلانها بهذه المرتبة التي أدخل فيها رضا أحد من الناس ، وهو لا ينافي صحتها بالمرتبة غير الكاملة التي أتى بها خالصاً لوجه الله ، متقرباً بها إليه ، لأنّه لم يشرك فيها ، ولم يدخل رضا غيره تعالى ، فلا وجه للحكم ببطلانها من رأس  .
هذا ، ولكن لا يخفى أنّ المرتبة غير الفاضلة ـ التي بها تتحقق طبيعة الصلاة المأمور بها ، وتكفي في امتثال الأمر الوجوبي المتعلّق بها ـ أتى بها على المفروض
  • (1) مصباح الفقيه، كتاب الصلاة : 239 .


(الصفحة 35)

بعنوان الجزئية للصلاة ، لأنّ القصد إنما تعلّق بتلك المرتبة الكاملة ، فغيرها لا يكون مقصوداً إلاّ بنحو الجزئية لتلك المرتبة .
وبالجملة : فالمصلّي إنما قصد امتثال الأمر الوجوبي بأفضل الأفراد ، والمفروض بطلانه ، لأنّه أشرك وأدخل فيه رضا أحد من الناس ، وأمّا المرتبة غير الكاملة ، فلم يقصد بها امتثال الأمر الوجوبي أصلا ، فكيف يمكن الاجتزاء بها في مقام الامتثال ، مع أنّها لم تقصد إلاّ جزءً للفرد الذي يريد المصلّي أن يمتثل به .
هذا ، مضافاً إلى أنّ ما ذكره صاحب المصباح من صدق العمل على أجزاء الصلاة أيضاً محلّ نظر بل منع ، فإنّه لا يقال على من اشتغل بالصلاة ، إلاّ أنّه مشتغل بعمل واحد ، كما أنّ الرياء في بعض الأجزاء يوجب صحة إطلاق كونه مرائياً في صلاته ، وتنظيره أجزاء الصلاة بأفعال الحج ممنوع أيضاً ، فإنّ أفعال الحج كلّها عبادة بحيالها ، يترتب عليها الثواب مستقلاً ، والأولى التنظير بنافلة المغرب ، المركبة من الصلاتين إذا أتى بالثانية منهما ، مرائياً فيها من حيث انّها صلاة ، وأمّا إذا رآى فيها من حيث إنّه يأتي بنافلة المغرب ، فالظاهر بطلان الصلاة الأولى أيضاً .
والحقّ في المقام أن يقال: إنّه لو نوى الرياء ببعض الأجزاء الواجبة ثم تداركه ، بناءً على عدم كون مثل هذه الزيادة مبطلا ، أو نوى الرياء بالأجزاء المستحبة ، سواء تداركها أم لم يتدارك ، فإنّ قصد الرياء فيها لا من حيث أنّها جزء للصلاة ، بل من حيث أنّه يحسن القراءة مثلا ، فالظاهر أنّه لا يضرّ بصحة الصلاة أصلا .
وأمّا لو نوى الرياء فيها من حيث أنّها جزء للصلاة ، فالظاهر بطلانها بذلك ، فإنّ قصد الجزئية بمثل هذا الجزء يؤثر في صيرورة العمل عملا غير خالص أدخل فيه رضا أحد من الناس ، وقد عرفت أنّ العمل لا يطلق على أجزاء الصلاة ، لأنّه عبارة عمّا يؤتى به لترتّب الأثر المترقّب منه عليه .