(الصفحة 403)
على رفع الجزئية والشرطية في حال النسيان ، ودلالته على رفع المانعية إذا صدر المانع عن نسيان نظراً إلى أنّه يعتبر في جريان الحديث أن يكون المرفوع شاغلاً لصفحة الوجود بحيث كان له تقرّر وثبوت في الوعاء المناسب له، وعاء التكوين، أو وعاء التشريع، ومعنى نسيان الجزء هو خلوّ صفحة الوجود عنه، وعدم تحقّقه في الخارج، ولا يعقل تعلّق الرفع بالمعدوم.
وهذا بخلاف نسيان المانع الراجع إلى نسيان الكون في الصلاة الموجب للإتيان بالمانع عن إرادة واختيار، فإنّ معنى نسيانه هو الإتيان به وإشغال صفحة الوجود به وحينئذ فيمكن تعلّق الرفع به لكونه أمراً متحقّقاً في الخارج. ومعنى رفعه رفع الأثر الشرعي المترتّب على وجوده وهو المانعية، وكون وجوده مانعاً عن انطباق عنوان الصلاة على المأتيّ به من الأفعال والأقوال بقصد ترتّب عنوانها عليه.
ويمكن تفصيل آخر عكس التفصيل المتقدّم، وهو القول بدلالة الحديث على رفع الجزئية والشرطية في حال النسيان، وعدم دلالته على رفع المانعية، نظراً إلى أنّ ظاهر رفع النسيان هو رفع ما تعلّق به النسيان بما له من الأثر الشرعي، ومن الواضح أنّ متعلّق النسيان في الجزء والشرط هو نفس الجزء والشرط، لأنّ نسيان الجزء صار سبباً لعدم إيجاده، فالمنسيّ وهو الجزء أو الشرط مرفوع بما له من الأثر الشرعي وهي الجزئية والشرطية.
وأمّا متعلّق النسيان في المانع فليس هو نفس المانع، لما عرفت من أنّه لا يعقل أن يوجد فعل إراديّ مع الغفلة والذهول عنه بعد كون صدوره متوقّفاً على الإرادة ومباديها التي منها التصوّر والالتفات، بل متعلّق النسيان في المانع هو الكون في الصلاة وكونه مشتغلاً بها، وبعبارة اُخرى المنسيّ هي نفس الصلاة التي هي المجموع المركّب من الأجزاء، فالرفع إنّما يتعلّق بالصلاة لا بالمانع.
(الصفحة 404)
فانقدح من جميع ما ذكرنا أنّ في نسيان الجزء والشرط والمانع وجوهاً أربعة:
أحدها: القول بأنّ مقتضى الحديث رفع الجزئية والشرطية والمانعية.
ثانيها: القول بأنّ مقتضاه في الجميع رفع الكلّ بما له من الأثر الشرعي.
ثالثها: التفصيل بين الأولين والأخير بعدم دلالة الحديث على رفع ما لهما من الأثر وهو الجزئية والشرطية، بل الذي يلزم من نسيانهما هو سقوط الطلب عن الكلّ، ودلالته على رفع المانعية في الأخير.
رابعها: عكس هذا التفصيل، بالقول بدلالة الحديث على رفع الجزئية والشرطية وعدم دلالته على رفع المانعية ، بل المرفوع فيما إذا أوجد المانع نسياناً هو الطلب المتعلّق بالكلّ فيما إذا استوعب النسيان لجميع الوقت.
والظاهر هو الوجه الأخير، لأنّ ظاهر الحديث تعلّق الرفع بنفس عنوان النسيان لا عنوان ما نسي حتّى يكون على نسق ما اضطرّوا إليه، وما استكرهوا عليه، فيدلّ على كون المرفوع هو الوجود الصادر عن نسيان كالوجود الصادر عن إضطرار أو إكراه، وحينئذ فبعد ملاحظة عدم معقولية تعلّق الرفع بنفس النسيان الذي هي صفة منقدحة في النفس، لابدّ وأن يكون المراد منه هو ما صار النسيان سبباً لتركه.
وبعبارة اُخرى: ما إذا منع المكلّف عن الإتيان بمقتضى التكليف، النسيان المتعلّق بوجود المكلف به، وحينئذ فينحصر في أن يكون المراد به هو رفع التكليف الوجوبي المقتضي للإتيان بمتعلّقه، وصار النسيان والذهول عنه موجباً لعدم الإتيان به بلسان رفع المكلّف به، فيكون سبيل رفع النسيان كسبيل رفع ما لا يطيقون، بلا فرق بينهما إلاّ من جهة كون الرفع هناك لعدم القدرة العرفيّة، وهنا للذهول وعزوب المكلّف به عن الذهن، فلا يدلّ الحديث على رفع مانعية المانع الصادر في حال النسيان، لأنّه لم يصر النسيان عنه علّة لوجوده، لما مرّ غير مرّة من أنّ علّة وجود
(الصفحة 405)
الفعل الإرادي هي الإرادة ومباديها من التصوّر وغيره، وإذا لم يصر النسيان عنه علّة لوجوده فلا يدلّ الحديث على رفعه، لأنّ مقتضاه رفع ما تعلّق به النسيان وصار سبباً لتركه. فتأمّل في المقام فإنّه من مزالّ الأقدام.
(الصفحة 406)
(الصفحة 407)
المطلب الرابع
فيالخلل الواقع في الصلاة
|