(الصفحة 221)
لا الوجوب وقد مرّ ان الظاهر منه مع قطع النظر عن التحديد الواقع بعده هو جواز الارخاء بنحو يشمل جميع الوجه لكنه بعد سؤال رجل عن حدّ الارخاء أجاب بقوله: تغطي عينها والظاهر ان المراد من هذه العبارة هو التحديد بما وقع في صحيحة العيص المتقدمة التعبير عنه بقدر ما تبصر فانه مع تغطية العين لاتتمكن من السير والحركة فالمراد هو التغطية الى حدّ العين.
وامّا قوله: نعم في مقام الجواب عن السؤال عن بلوغ الفم فلابد اوّلاً من ملاحظة انه كيف يجتمع مع التحديد الاوّل فان جعل الحدّ هو العين لايجتمع مع تجويز البلوغ الى الفم وثانياً من ملاحظة انه كيف يجتمع التحديد مع اطلاق الحكم بارخاء الثوب ولا محيص من ان يقال ان المراد مجرّد تجويز الارخاء المضاف الى الثوب سواء بلغ الى حدّ العين أو الى حدّ الفم وبقرينة ساير الروايات يستفاد الجواز الى حدّ الذقن بل الى حدّ النحر.
وعليه فهذه الصحيحة شاهدة على انه لا تنافي بين الحدين ولا تعارض بين الأمرين فما عرفت في كلام بعض الاعلام (قدس سرهم) من انه لو كانت هذه التحديدات واقعة في كلام واحد لكانت من المتنافيات، يدفعه هذه الصحيحة المشتملة على الجمع بين التحديدين فاللازم ان يقال بعدم ثبوت التنافي بوجه بل مرجعه الى جواز الجميع ومشروعية الاسدال بكل حدّ غاية الأمر انه حيث يكون موردها ما اذا كانت المحرمة في معرض نظر الأجنبي وقد وقع التصريح بهذا القيد في روايتي سماعة ومعاوية المتقدمتين فلابد من الاقتصار على هذا المورد والحكم بالجواز في هذه الصورة بالاضافة الى جميع الحدود المذكورة في الروايات وامّا في غير هذه الصورة فالحكم فيه ما تقدم في مسألة تغطية الوجه.
(الصفحة 222)مسألة 36 ـ لا كفارة على تغطية الوجه، ولا على عدم الفصل بين الثوب والوجه وان كانت أحوط في الصورتين 1 .
التاسع عشر: التظليل... 2 .
والظاهر ان قوله (قدس سره) في المتن: للستر عن الأجنبي راجع الى أصل الحكم بجواز الاسدال بناء منه على حرمة تغطية بعض الوجه ايضاً وامّا بناء على ما اخترناه فلا يتوقف جواز الاسدال الى الأنف على ان يكون الغرض هو الستر عن الأجنبي بل يجوز مطلقاً كما ان الاحتياط المستحبي المذكور فيه انّما هو للخروج عن خلاف من اعتبر عدم الالصاق بالوجه مثل الشيخ (قدس سرهم) على ما عرفت.
(1) وجه عدم ثبوت الكفارة عدم الدليل على ثبوتها بنحو الخصوص وامّا الدليل العام فهي رواية علي بن جعفر (عليه السلام) التي تقدم البحث فيها مراراً وقلنا انها ضعيفة سنداً بعبدالله بن الحسن الذي هو حفيد علي بن جعفر (عليه السلام) ودلالة لعدم ثبوت نسخة «جرحت» بل المحكى في الوسائل «خرجت» مضافاً الى عدم ملائمة كلمة الجرح لمثل هذه المقامات.
وامّا الاحتياط المستحبي فمنشأه ما ذكره الشيخ (قدس سره) عقيب الفتوى بلزوم الفصل في مسألة الاسدال بين الثوب والوجه من وجوب الدم مع تعمّد المباشرة واستظهر منه صاحب الجواهر ثبوت الكفارة المذكورة حتى اذا زال أو ازاله بسرعة فاذا كانت الكفارة في هذه الصورة ثابتة ففي التنقب ومثله بطريق أولى لكنك عرفت ان الاسدال جائز ولو كان مصيباً للوجه وملصقاً به وفي التغطية المحرمة لم ينهض دليل على ثبوت الكفارة بوجه.
(2) قد قدّمنا البحث عن التظليل مفصّلاً في أوّل محرّمات الاحرام لأجل شدّة الابتلاء به خصوصاً في هذه الأزمنة فلا مجال للإعادة.
(الصفحة 223)العشرون: اخراج الدم من بدنه ولو بنحو الخدش أو السواك، وامّا اخراجه من بدن غيره كقلع ضرسه أو حجامته فلا بأس به كما لابأس باخراجه من بدنه عند الحاجة والضرورة، ولا كفارة في الادماء ولو لغير ضرورة 1 .
(1) قال المحقق في الشرايع في عداد محرّمات الاحرام: «واخراج الدّم إلاّ عند الضرورة وقيل يكره وكذا قيل في حكّ الجسد المفضى الى ادمائه وكذا السّواك والكراهة أظهر» وحكى في الجواهر حرمة اخراج الدم عن المقنعة وجمل العلم والعمل والنهاية والمبسوط والاستبصار والتهذيب والاقتصاد والكافي والغنية والمراسم والسرائر والمهذب والجامع مع اضافة قوله: على ما حكى عن بعضها وعليه فالشهرة انّما هي على الحرمة والمراد من القائل بالكراهة الذي اشار اليه المحقق في عبارته المتقدمة هو الشيخ في الخلاف لكن مورده الاحتجام وعن المصباح ومختصره كراهيته والفصد والكلام في هذا الأمر يقع في مقامين:
المقام الاوّل: في عنوان الادماء واخراج الدم من نفسه بنحو الاطلاق فنقول الدليل على حرمته عدّة روايات:
منها صحيحة معاوية بن عمّار قال سألت ابا عبدالله (عليه السلام) عن المحرم كيف يحكّ رأسه ؟ قال باظافيره مالم يدم أو يقطع الشعر(1) . فان المتفاهم العرفي منها انّ حكّ الرأس بالاظافير اذا اتّصف بالادماء وتعقبه خروج الدم يكون محرّماً من جهة الادماء واخراج الدم لا من جهة كون حكّ الرأس متعقّباً بخروج الدم، كما ان الأمر كذلك بالاضافة الى قطع الشعر الذي عرفت انه من الاُمور المحرّمة على المحرم ولا فرق بين ان يكون موجبه حكّ الرأس أو شيئاً آخر غيره، فهذه الرواية تامة من حيث السند والدلالة.
- (1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثالث والسبعون، ح1.
(الصفحة 224)
ومنها رواية عمر بن يزيد عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال لابأس بحكّ الرأس واللحية مالم يلق الشعر وبحكّ الجسد مالم يدمه(1) .
ومنها صحيحة الحلبي قال سألت ابا عبدالله (عليه السلام) عن المحرم يستاك قال: نعم ولا يدمى(2).
المقام الثاني: في العناوين الخاصة الواقعة في الروايات وهي متعددة:
الاوّل الاحتجام وقد وردت فيه طائفتان من الاخبار:
الطائفة الاولى : ما ظاهره المنع وعدم الجواز مثل:
صحيحة الحلبي قال سألت ابا عبدالله (عليه السلام) عن المحرم يحتجم ؟ قال: لا، إلاّ أن لايجد بدّاً فليحتجم ولا يحلق مكان المحاجم(3).
ورواية زرارة عن ابي جعفر (عليه السلام) قال لايحتجم المحرم إلاّ ان يخاف على نفسه ان لايستطيع الصلاة(4).
والرّاوي عن زرارة هو مثنى بن عبدالسّلام الذي هو من رجال صفوان بن يحيى وقد اشتهر ان روايته وكذا رواية ابن ابي عمير وابن ابي نصر البزنطي عن شخص دليل على وثاقته وان كان مجهول الحال بنفسه لكن فيه كلام كما قرّر في محلّه.
ورواية الحسن الصيقل عن ابي عبدالله (عليه السلام) عن المحرم يحتجم ؟ قال: لا، إلاّ ان يخاف التلف ولا يستطيع الصلاة وقال: اذا آذاه الدم فلا بأس به ويحتجم ولا يحلق
- (1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثالث والسبعون، ح2.
- (2) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثالث والسبعون، ح3.
- (3) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثاني والستون، ح1.
- (4) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثاني والستون، ح2.
(الصفحة 225)
الشعر(1) . والمراد هو الشعر الموجود في مكان الحجامة.
ورواية ذريح انه سأل ابا عبدالله (عليه السلام) عن المحرم يحتجم فقال نعم اذا خشي الدم(2).وظاهرها عدم الجواز مع عدم خشية الدم التي يعبر عنها في الفارسية به «فشار خون».
الطائفة الثانية: ما يدلّ بظاهره على الجواز مثل:
صحيحة حريز عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال لا بأس ان يحتجم المحرم ما لم يحلق أو يقطع الشعر(3).
ومرسلة الصدوق المعتبرة ـ على ما نبهنا عليها مراراً ـ قال: احتجم الحسن «الحسين خ ل» بن علي (عليهما السلام) وهو محرم(4).
ورواية يونس بن يعقوب قال: سألت ابا عبدالله (عليه السلام) عن المحرم يحتجم ؟ قال: لا احبّه(5). بناء على ظهور قوله: لا احبّه في الكراهة الملائمة للجواز وامّا بناء على ظهوره في الحرمة فالرواية تكون من روايات الطائفة الاولى.
ورواية فضل بن شاذان قال سمعت الرضا (عليه السلام) يحدّث عن أبيه عن آبائه عن علي (عليه السلام) انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) احتجم وهو صائم محرم(6).
ورواية علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال سألته عن المحرم هل
- (1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثاني والستون، ح3.
- (2) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثاني والستون، ح8 .
- (3) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثاني والستون، ح5.
- (4) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثاني والستون، ح7.
- (5) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثاني والستون، ح4.
- (6) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثاني والستون، ح10.