(الصفحة 310)الثاني: الطهارة من الاكبر والاصغر فلا يصحّ من الجنب والحائض ومن كان محدثاً بالاصغر من غير فرق بين العالم والجاهل والنّاسي 1 .
فيجتزي به لا لاتيان المأمور به بل لسقوط الامر بحصول الغرض كغسل الثوب الذي يجتزي به ولو بسبب اطارة الريح ونحوها.
واخرى يراد بها قصد القربة وهذا ايضاً مما لا ريب فيه ويدل على ذلك مضافاً الى الضرورة والارتكاز، الكتاب والسنة. ويرد على المتن انّ تفسير النية بقصد القربة كما يدل عليه التفريع لا مجال له بوجه فانّك عرفت ان القربة من الخصوصيات المعتبرة في النية والاّ فمعناه هي النية المتعلقة بالطواف بعنوان الجزئية للحج او العمرة.
كما انه يرد على الشرح انّ احتمال كون المراد من النيّة هي قصد الفعل وصدوره عن ارادة واختيار ممّا لا وجه لتوهّمه اصلاً فانه كيف يمكن ان يحمل كلمات القوم الدالة على اعتبار النية على كون المراد منها ذلك ولو على سبيل الاحتمال بل التحقيق في معنى النيّة ما ذكرنا.
وينبغي هنا التنبيه على امر وهو انّ متعلق النية في باب الطواف والسعي وكذا الوقوفين وسائر اعمال الحج او العمرة هي نفس تلك العناوين ولا يجري فيها ما افاده الماتن (قدس سره)في بحث ماهية الاحرام من استحالة تعلق النية بعنوان الاحرام بل اللازم تعلق النية بعنوان الحج او العمرة ونحن وان منعنا الاستحالة بالتقريب المتقدم في ذلك البحث الاّ انه قلنا بان المنوى هو احد العنوانين لقيام الدليل عليه وان كان لا يتحقق محذور لو فرض قيام الدليل على لزوم تعلّق النيّة بنفس عنوان الاحرام وكيف كان فامر الاحرام يغاير الطواف ومثله من الاعمال حيث تتعلق النية بنفس عناوينها بلا اشكال.
(1) الظاهر تسالم الاصحاب تبعاً للروايات على اعتبار الطهارة من الحدثين في الطواف الواجب في الجملة كما ان الظاهر تحقق الشهرة على عدم الاعتبار في المندوب خلافاً
(الصفحة 311)
لما عن ابي الصلاح من وجوبها فيه ايضاً كما ان الظاهر الاتفاق على كون الشرطية في الواجب شرطية مطلقة من دون فرق بين العالم والجاهل والناسي نعم ظاهر ما حكي عن الشيخ من حمل الرواية الآتية الدالة على عدم البأس بما اذا وقع الطواف من غير وضوء على الناسي والساهي عدم كون الشرطية عنده شرطية مطلقة وكيف كان فالاخبار الواردة في هذا المجال على ثلاث طوائف.
الطائفة الاولى ما تدل على الاعتبار مطلقا من دون فرق بين الواجب والمستحبّ مثل:
صحيحة على بن جعفر عن اخيه ابي الحسن (عليه السلام) قال سئلته عن رجل طاف بالبيت وهو جنب فذكر وهو في الطواف قال يقطع الطواف ولا يعتدّ بشيء ممّا طاف، وسئلته عن رجل طاف ثم ذكر انه على غير وضوء قال: يقطع طوافه ولا يتعد به(1) .
ورواية على بن الفضل الواسطي عن ابي الحسن (عليه السلام) قال اذا طاف الرجل بالبيت وهو على غير وضوء فلا يعتد بذلك الطواف وهو كمن لم يطف(2).
الطائفة الثانية ما تدل على عدم الاعتبار مطلقا كذلك وهي رواية واحدة رواها الشيخ باسناده عن زيد الشحام عن ابي عبداللّه (عليه السلام) في رجل طاف بالبيت على غير وضوء قال لا بأس(3).
الطائفة الثالثة ما تدل على التفصيل بين الطواف الواجب والمندوب وهي كثيرة مثل:
- (1) الوسائل، ابواب الطواف، الباب الثامن والثلاثون، ح 4.
- (2) الوسائل، ابواب الطواف، الباب الثامن والثلاثون، ح 11.
- (3) الوسائل، ابواب الطواف، الباب الثامن والثلاثون، ح 10.
(الصفحة 312)
صحيحة محمد بن مسلم قال سئلت احدهما (عليهما السلام) عن رجل طاف طواف الفريضة وهو على غير طهور قال:
يتوضّأ ويعيد طوافه وان كان تطوِّعاً توضّأ وصلى ركعتين(1) . والظاهر بملاحظة التعبير بالاعادة في الجواب كون مورد السؤال هو وقوع الطواف كذلك في حال الجهل او النسيان لان هذا التعبير لا يناسب العالم لانه لا يكون في مقام الامتثال والاتيان بالمأمور به والعبادة المناسبة له هو ايجاب الاتيان بالمأمور به دون الاعادة ولاجله نقول باختصاص حديث لا تعاد المعروف في باب الصلوة بغير العالم لاجل التعبير فيه بالاعادة.
ورواية عبيد بن زرارة عن ابي عبداللّه (عليه السلام) انه قال لا بأس ان يطوف الرجل النافلة على غير وضوء ثم يتوضّأ ويصلي فان طاف متعمداً على غير وضوء فليتوضّأ وليصلّ، ومن طاف تطوّعاً وصلّى ركعتين على غير وضوء فليعد الركعتين ولا يعد الطواف(2).
وصحيحة معاوية بن عمّار قال قال ابو عبداللّه (عليه السلام) لا بأس ان يقضى المناسك كلّها على غير وضوء الاّ الطواف بالبيت والوضوء افضل(3). والمراد من الذيل هو الوضوء في غير الطواف من سائر المناسك كما ان موردها الطواف الواجب ولا تشمل الطواف المندوب، وغير ذلك من الروايات الواردة في هذه الجهة.
ومقتضى الجمع بين الطوائف الثلاث هو جعل الطائفة الثالثة شاهدة للجمع بين
- (1) الوسائل، ابواب الطواف، الباب الثامن والثلاثون، ح 3.
- (2) الوسائل، ابواب الطواف، الباب الثامن والثلاثون، ح 2.
- (3) الوسائل، ابواب الطواف، الباب الثامن والثلاثون، ح 1.
(الصفحة 313)مسألة 1 ـ لو عرضه في اثنائه الحدث الاصغر فان كان بعد اتمام الشوط الرّابع توضّأ واتى بالبقيّة وصحّ، وان كان قبله فالاحوط الاتمام مع الوضوء والاعادة. ولو عرضه الاكبر وجب الخروج من المسجد فوراً واعاد الطواف بعد الغسل لو لم يتمّ اربعة اشواط والاّ اتمّه1 .
الطائفتين الاوليين والتفصيل بين الطواف الواجب بالحكم باعتبار الطهارة فيه مطلقا من دون فرق بين العالم والجاهل والناسي وبين المندوب بالحكم بعدم الاعتبار فيه كذلك كما عليه المشهور هذا مضافاً الى ضعف سند رواية زيد الشحّام بابي جميلة.
ثم لا يخفى انّ الرواية النبوية العامية المذكورة في سنن البيهقي وكنز العمّال من قوله (صلى الله عليه وآله) الطواف بالبيت صلوة لا ارتباط لها بالمقام فانّ التنزيل لا يدل على اعتبار ما كان معتبراً في الصلوة في الطواف ايضاً بل ظاهرها انّ تحيّة المسجد الحرام تتحقق بالطواف كما ان تحيّة ساير المساجد تتحقق بخصوص الصّلوة وان الطواف مثلها في الفضيلة فلا ارتباط لهذه الرواية بالمقام ومثله.
(1) اقول الترتيب الطبيعي يقتضي تقديم البحث عن الفرض الثاني كما ان الظاهر ثبوت الصّورتين للفرض الثاني ويختلف حكمهما وعليه فالفروض ثلاثة لابد من البحث في كل منها مستقلاًّ.
الفرض الاوّل ما لو عرضه الحدث الاصغر الذي يكون المراد به بحسب الظاهر هو الحدث غير الاختياري قبل بلوغ النصف الحقيقي من الطواف اعنى ثلاثة اشواط ونصفاً والظاهر اتفاق الفتاوى فيه على البطلان ولزوم الوضوء واستيناف الطواف من رأس بل عن المدارك هذا الحكم مقطوع به في كلام الاصحاب وعن ظاهر المنتهى الاجماع عليه، ولم ينقل الخلاف فيه من احد نعم حكى عن الصدوق في الفقية انّ الحائض تبنى مطلقا استناداً الى رواية صحيحة دالة على ذلك وان كان في مقابلها
(الصفحة 314)
روايات متعددة ظاهرة في البطلان وقد قدمّنا البحث في عروض الحيض في اثناء الطواف مفصّلاً فراجع.
وكيف كان فيمكن ان يقال بان عروض الحيض في اثناء الطواف في هذا الفرض اذا لم يكن موجباً للبطلان فعروض الحدث الاصغر لا يكون كذلك بطريق اولى ولكن الظاهر عدم التزام الصدوق بذلك بل يكون الحكم مختصّاً بالحيض فلا يوجد مخالف في لمقام.
وبعد ذلك يقع الكلام في مستند فتاوى الاصحاب والبحث فيه يقع تارة من جهة ماهو مقتضي القاعدة بعد دلالة الادلة المتقدمة على شرطية الطهارة للطواف واخرى من جهة ما ورد من الروايات في خصوص المقام.
فنقول: امّا من الجهة الاولى فربما يستدل للفتاوى بان مقتضي ادلة شرطية الطهارة بطلان الطواف مع عروض الحدث في الاثناء لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه كبطلان الصلوة بذلك غاية الامر قيام الدليل في المقام على عدم البطلان بالعروض بعد تماميه الشوط الرابع وامّا في الفرض الذي هو محل البحث فلم يدل دليل على الصحة بل اللازم رعاية القاعدة المقتضية للبطلان كما في باب الصّلوة.
واورد عليه بعض الاعلام (قدس سره) بما حاصله: انّ المانعيّة في الصلوة شيء والقاطعية شيء اخر وادلة اعتبار الطّهارة مثل قوله: لا صلوة الابطهور لا يستفاد منها الاّ لزوم اقتران اجزاء الصلوة بالطهارة وامّا الاكوان المتخلّلة فلا يعتبر فيها الطهارة فلو صدر الحدث في الاثناء يتوضّأ ويأتي بالاجزاء اللاحقة وعليه يكون جميع الاجزاء مقرونة بالطهارة الاّ انّه دلّ دليل خاص على قاطعية الحدث وانه موجب لعدم قابلية لحوق الاجزاء اللاحقة بالسابقة وعليه فالفساد في باب الصلوة لاجل قيام الدليل على