(الصفحة 347)
مخالفة التكليف الوجوبي المتعلق بالسّتر بعنوان الواجب النفسي وان كان مستحقاً لها من جهة الغصب يعني التصرف في مال الغير بغير اذنه فكيف اجتمع بين الامرين تحقق المأمور به وكون المحقق له هو الامر المحرّم.
انّ الحلّ ما ذكرنا من كون المسئلة مبتنية على مسئلة اجتماع الامر والنهي وان مقتضي التحقيق جوازه والمجمع يكون موافقة للمأمور به ومخالفة للمنهي عنه ولا مانع من اجتماع الامرين في وجود واحد وكيف كان فالحكم في هذه الجهة هو عدم اعتبار الاباحة فيما يستر العورة ولا يمنع حرمة التصرف فيه عن صحة الطواف بوجه.
الجهة الثالثة في شرطية الاباحة في سائر ثيابه غير ما يتحقق به ستر العورة وقد احتاط في لمتن وجوباً لزوم رعايتها وبطلان الطواف بدونها.
وحيث انّا قد اخترنا في الجهة الثانية الصحة فثبوتها في هذه الصورة بطريق اولى لكن على تقدير القول بالبطلان هناك لا يكون لازمه القول بالبطلان هنا لعدم اتحادّ الطواف مع لبس اللباس غير الساتر للعورة بوجه وموضوع مسئلة اجتماع الامر والنهي كون العنوانين متحدين في مادة الاجتماع ضرورة ان مثل النظر الى الاجنبية في حال الصلوة خارج عن المسئلة المذكورة والمقام من هذا القبيل من دون فرق لعدم اتحاد اللبس المزبور مع الطواف بوجه غاية الامر وقوع الاقتران وثبوت المعيّة وهو لا يجري فيه توهم الامتناع فضلاً عن القول به فعلى هذا القول ايضاً لا وجه للحكم بالبطلان ولو بنحو الاحتياط الوجوبى.
نعم ربما يقال بحرمة الطواف لانه مقدمة للتصرف في الثوب المغصوب لانه يتحرّك بتحرك الشخص وبطوافه حول البيت.
وقد اجيب عن ذلك بانّ العليّة وان كانت متحققة الاّ انّ العلة في باب الحرام
(الصفحة 348)السادس: الموالاة بين الاشواط عرفاً على الاحوط بمعني ان لا يفصل بين الاشواط بما خرج عن صورة طواف واحد 1 .
لا تصير محرمة بسبب حرمة المعلول لانّ الثابت في بحث المقدمة المذكور في الاصول هو وجوبها بسبب وجوب ذيها مع اختلاف فيه وقد اخترنا عدم الوجوب وعدم ثبوت الملازمة العقلية بوجه وامّا حرمة المقدمة بسبب حرمة ذيها فلم تثبت في ذلك البحث بل لا وجه لها اصلاً وعليه فحرمة التصرف في المغصوب بتحرّكه لا توجب حرمة الطواف الذي هي مقدمة لتحقق الحركة المذكورة.
هذا ولكن التحقيق في الجواب ما حكيناه في كتاب الصلوة عن المحقق الحائرى (قدس سره) في تابه في الصّلوة الذي هو كتاب قليل اللفظ والعبارة وكثير المعني والمفاد على ما افاده سيدنا العلامة الاستاذ البروجردى (قدس سره) في مجلس بحثه.
وخلاصته انّ المحرّم انّما هو التصرف في اللباس من جهة لبسه وامّا تغيير هيئته بتبع حركات اللابس بمشيه او قيامه او قعودة وامثال ذلك مما لا يكون انتفاعاً اخر به سوى اللّبس ولا يكون موجباً لتلفه واندراسه فلا يكون مبغوضاً اخر للمالك حتى يتعلق به النهي ضرورة انّ المبغوض للمالك في جميع الحالات شيء واحد وهو كونه لابساً لثوبه ولا يكون مبغوضه في حال الحركة ـ مثلاً ـ امرين احدهما كونه لابساً وثانيهما حدوث الحركة فيه تبعاً لحركة اللابس وهكذا، وعليه فلا يكون المحرّم في جميع الحالات هو التصرف اللبسي وامّا الهيئات من الركوع والسجود والقيام فهي اشياء اخر مقارنة له لا انّها محرمة.
ومحصّله ان المعلول لا يكون محرّماً حتى تتوهم حرمة علّته وهذا الذي افاده في غاية الْجَوْرة والمتانة.
(1) قد استظهر صاحب الجواهر من النصوص والفتاوى وجوب الموالاة في
(الصفحة 349)
الطواف الواجب في غير المواضع التي دل الدليل على عدم لزومها قال: «ولذا جعلها في لدّروس الحادي عشر من واجباته نعم هي غير واجبة في طواف النافلة نصّاً وفتوى بلا خلاف اجده فيه واضاف اليه قوله: لكن في الحدائق المناقشة في وجوبها في طواف الفريضة ايضاً لنصوص المزبورة التي هي اخصّ من دعواه بل بعضها صريح في بطلان الطواف بعدمها في الانقص من النصف».
وقد احتاط في المتن وجوباً في رعايتها بالمعني المذكور فيه وهو ان لا يفصل بين الاشواط بما خرج عن صورة طواف واحد وما يمكن ان يستدل به لاعتبارها امور:
الاوّل الرواية النبوية المعروفة: الطواف بالبيت صلوة بضميمة اعتبار الموالاة في باب الصلوة وقد مرّ الجواب عن الاستدلال بها سنداً ودلالة.
الثاني ما في كلام بعض الاعلام (قدس سره) من انّ الطواف عمل واحد يعتبر فيه الموالاة بين اجزائه والاّ فلا يلحق الجزء اللاّحق بالجزء السابق.
ويرد عليه مضافاً الى ان مقتضاه اعتباره في طواف النافلة لانّه ايضاً كصلوة النافلة ايضاً عمل واحد ولا يكون اعمالاً متعددة انّ كون العمل واحداً لا يستلزم اعتبار الموالاة فيه لعدم الملازمة بين الطرفين ولذا ترى انّ الغسل مع كونه امراً عباديّاً يحتاج الى نيّته وقصد القربة ايضاً لا تكون الموالاة معتبرة فيه اصلاً ولا يكون هذا كاشفاً عن عدم وحدته وثبوت تعدّده فمجرد كون الطواف عملاً واحداً لا يقتضي اعتبار الموالاة فيه بوجه.
الثالث طائفة من الروايات مثل صحيحة ابان بن تغلب عن ابي عبدالله (عليه السلام) في رجل طاف شوطاً او شوطين ثم خرج مع رجل في حاجة (وفي الوسائل المطبوعة اخيراً حكى عن المصدر مكان في حاجة: في حاجته وهو الظاهر).
(الصفحة 350)
قال: ان كان طواف نافلة بني عليه، وان كان طواف فريضة لم يبن(1) . وموردها وان كان شوطاً او شوطين الاّ انّ الظاهر انه لا خصوصية فيهما بل يشمل الشوط الثالث وكذا الرّابع فما زاد واحتمال الاختصاص بما اذا لم تتحقق تمامية الشوط الرابع لا مجال له اصلاً ومجرد وقوع التفصيل في روايات الحدث العارض في اثناء الطواف بين تمامية الشوط الرابع بالحكم بالبناء على طوافه بعد الوضوء او الغسل وعدم تماميتها فيعيد الطواف من رأس لا دلالة له على كون مورد هذه الرواية هو قبل تمامية الشوط المذكور لعدم الارتباط بين المسئلتين بوجه وعليه فالظاهر انّ المراد من مورد الرواية كون الرجل في اثناء الطواف ولمّا يتم طوافه بعد كما انّ المراد من الخروج مع الرجل في حاجته هو مجرد الخروج عن الطواف ودائرة المطاف ومقتضي اطلاقه الشمول لما اذا كان الفصل الذي يستلزمه الخروج المذكور قصيراً غير قادح في الموالاة وعليه فمقتضي الرواية ان الخروج المذكور موجب للبطلان في طواف الفريضة دون النافلة وبهذه الصحيحة يقيّد اطلاق صحيحة صفوان الجمال قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام)الرجل يأتي اخاه وهو في الطواف فقال يخرج معه في حاجته ثم يرجع ويبني على طوافه(2). بالحمل على طواف النافلة فيصير المتحصل من الجمع بطلان طواف الفريضة بمجرد الخروج ورفع اليد عن الطواف لكن هذا لا ينطبق على مسئلة الموالاة لان النسبة بين عدم الموالاة وبين الخروج عموم من وجه لانه قد يتحقق الاخلال بالموالاة من دون خروج كما اذا جلس في اثناء الطواف ساعات متعددة في نفس دائرة المطاف وقد يتحقق الخروج من دون ان يخلّ بالموالاة كما اذا خرج ورجع بعد زمان يسير لا يوجب
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الواحد والاربعون ح ـ 5 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب الثاني والاربعون ح ـ 1 .
(الصفحة 351)
الاخلال بالموالاة وقد عرفت انّ مقتضي اطلاق صحيحة ابان الشمول لهذه الصورة ايضاً وعليه فلا يمكن الاستدلال بها لاعتبار الموالات التي هي محلّ البحث في المقام.
ثم انّ الروايات الواردة في عروض الحدث في الاثناء الدالة على التفصيل بين تمامية الشوط الرابع وعدمها لا يمكن ان يستفاد منها حكم المقام لانّها مضافاً الى دلالتها على الصحة بعد تمامية الشوط المذكور واعتبار الموالاة على تقديره لا يختص بما قبلها لانّ القائل به يقول باعتبارها مطلقا كما في جميع اجزاء الصلوة وركعاتها يكون موردها عروض الحدث غير الاختياري ولا تشمل الفصل الاختياري المانع عن تحقق الموالاة واشتمال بعض الروايات الواردة في عروض الحيض على التعليل بقوله (عليه السلام): لانّها زادت على النصف لا دلالة له على كون الزيادة على النصف انّما هي الملاك والمعيار في جميع الموارد بل يختص بموردها وما يشابهه مثل حدث الجنابة وبطريق اولى يشمل الحدث الاصغر ايضاً وامّا استفادة حكم المقام منها فلا مجال لها اصلاً.
لكن يظهر من المتن في مسئلة عشرين الآتية من مسائل الطواف ما لعلّه يغاير المقام حيث قال فيها: «لو قطع طوافه ولم يأت بالمنافي حتى مثل الفصل الطويل اتمّه وصحّ طوافه، ولو اتى بالمنافي فان قطعه بعد تمام الشوط الرابع فالاحوط اتمامه واعادته» فان قوله: ولو اتى بالمنافي يراد به بقرينة الصدر ما يشمل الفصل الطويل وظاهره اختصاص مورد الاحتياط الوجوبي بالاتمام والاعادة بما اذا كان القطع بعد تمام الشوط الرابع وعليه فاذا كان القطع قبل تمامه فالظاهر منه هو الحكم بالبطلان مع ان المذكور هنا في المتن ان اعتبار الموالات يكون بنحو الاحتياط الوجوبي مطلقا من دون فرق بين تمام الشوط الرابع وعدمه.