(الصفحة 337)الرّابع: ان يكون مختوناً وهو شرط في الرجال لا النّساء، والاحوط مراعاته في الاطفال، فلو احرم الطفل الاغلف بامر وليّه او احرمه وليّه صحّ احرامه ولم يصحّ طوافه على الاحوط، فلو احرم باحرام الحج حرم عليه النّساء على الاحوط وتحلّ بطواف النساء مختوناً او الاستنابة له للطواف، ولو تولّد الطفل مختوناً صحّ طوافه 1 .
ترك الاستفصال للجهل والنسيان مع انّ الظاهر بطلان هذه الدعوى لان التعبير الوارد في سؤال الرواية لا يلائم مع النسيان بوجه بل ظاهره خصوص صورة الجهل لكنها شاملة للفروض الثلاثة المتقدمة.
والعمدة في الحكم بالصحة في صورة النسيان عدم نهوض دليل على البطلان فيها فانّ المستند في اصل اعتبار الطهارة ان كان مثل قوله (صلى الله عليه وآله) الطواف بالبيت صلوة لكان الدليل على البطلان في صورة النسيان موجوداً الا انك عرفت عدم تماميته سنداً ودلالة والعمدة رواية يونس وهي لا تدل على الشرطية في حال النسيان بوجه بل مفادها الشرطيه في حال العلم في مقابل الجهل ولو فرض وجود دليل دالّ على شرطية الطهارة مطلقاً لكان مقتضي حديث رفع الخطأ والنسيان رفع الشرطية في حال النسيان وبالجملة الظاهر الصحة في مفروض المسئلة نعم لو وقعت صلوة الطواف كذلك تكون باطلة.
(1) اعتبار شرطية الختان في صحة الطواف بالاضافة الى خصوص الرجال واجباً كان او مندوباً مما نفي وجدان الخلاف فيه في الجواهر بل عن الحلبي انّ اجماع ال محمد ـ صلوات الله عليه وعليهم اجمعين ـ عليه لكن عن المدارك انه نقل عن ابن ادريس التوقف في ذلك لكن ذكر صاحب الجواهر: انا لم نتحقّقه واضاف اليه ان عدم ذكر كثير له على ما في كشف اللثام ليس خلافاً محقّقاً.
والعمدة الروايات الكثيرة الواردة في المقام مثل:
(الصفحة 338)
صحيحة معاوية بن عمّار عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال: الاغلف لا يطوف بالبيت ولا بأس ان تطوف المرأة(1) . ومن الواضح انّ النهي لا يكون نهياً تكليفياً بل ارشاد الى فساد طواف الاغلف غير المختون اذا كان رجلاً.
ورواية ابراهيم بن ميمون عن ابي عبدالله (عليه السلام) في الرجل يسلم فيريدان يحج وقد حضر الحج ايحجّ ام يختتن قال لا يحجّ حتى يختتن(2).
وصحيحة حريز عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال لا بأس ان تطوف المرأة غير المخفوضة، فامّا الرجل فلا يطوف الاّ وهو مختتن(3).
ورواية حنان بن سدير قال سئلت ابا عبدالله (عليه السلام) عن نصراني اسلم وحضر الحج ولم يكن اختتن ايحجّ قبل ان يختتن قال لا ولكن يبدء بالسنّة(4). فلا اشكال في اصل الاعتبار وكذا في الاختصاص بالرجال في مقابل النساء هذا بالنسبة الى غير الطفل وامّا الطفل المذكر فقد وقع فيه الاختلاف وقد استظهر من المحقق في الشرايع وبعض اخر عدم الاعتبار في الصبّي وحكى عن بعض اخر الاعتبار وفي المتن اعتباره بنحو الاحتياط الوجوبي وظاهر الجميع بل صريح المتن انه لا فرق بين المميز وغيره واختار بعض الاعلام (قدس سره) التفصيل بين الصبي المميز الذي يطوف بنفسه وبين الصبي غير المميز الذي يطاف به فيعتبر في الاوّل دون الثانى.
والعمدة في هذه الجهة صحيحة معاوية بن عمّار الواردة في الاغلف لان غيرها واردة في مورد الرجل الذي يكون المتبادر منه هو المذكر البالغ وان كان يمكن ان
- (1) الوسائل ابواب مقدمات الطواف الثالث والثلاثون ح ـ 1 .
- (2) الوسائل ابواب مقدمات الطواف الباب الثالث والثلاثون ح ـ 2 .
- (3) الوسائل ابواب مقدمات الطواف الباب الثالث والثلاثون ح ـ 3 .
- (4) الوسائل ابواب مقدمات الطواف الباب الثالث والثلاثون ح ـ 4 .
(الصفحة 339)
يقال بان قرينة المقابله تقتضي ان يكون المراد به جنس المذكر اعم من البالغ.
وكيف كان فهذه الصحيحة واردة في الاغلف الذي يشمل غير البالغ ولا اختصاص له به لكن لابد من النظر في دلالتها من وجهين الاوّل انه يمكن ان يقال كما قيل بانّ النّهي عن الطواف بالاضافة الى الاغلف قرينة على كون المراد به هو البالغ لانّ غيره لا يكون مكلّفاً بتكليف الزامي وان قلنا بشرعية عبادات الصبي كما هو مقتضي التحقيق والظاهر ان البحث في المقام متفرع على هذا القول لانه على تقدير عدمها وكون عباداتها تمرينته مخصة لا مجال لدعوى اعتبار الختان في طوافه يعني في صحته ومشروعيته.
وكيف كان فمقتضي هذا الوجه اختصاص الاغلف في الصحيحة بالبالغ لعدم توجه التكليف الالزامي الى الصبي بوجه والجواب عن هذا الوجه ان الظاهر كون النهي في لصحيحة ارشاداً الى فساد الطواف في حال كون الطائف اغلف فالنهي دال على شرطية الختان او مانعية الاغلفية ومن الواضح انه لا فرق في الاحكام الوضعية بين البالغ وغيره كسببية اتلافه للضمان واشتراط صلوته بالطهور واشباههما.
هذا والظاهر ان دلالة مثل هذا النهي على الحكم الوضعي لا تكون تابعة للدلالة على الحكم التكليفي كما يظهر من صاحب الجواهر (قدس سره) بل النهي الدال على الحكم الوضعي قسيم للنهي الدال على الحكم التكليفي ولا يكون في البين اصالة وتبعية بوجه.
الثاني ما افاده بعض الاعلام (قدس سره) من ان الاغلف في الصحيحة وان كان شاملاً لمطلق الذكر الاّ انه مع ذلك لا يمكن الحكم بالتعميم والالتزام باعتباره في الصبي غير المميّز لان موضوع النهي هو الشخص الذي يطوف بنفسه ويكون مأمورا بالطواف بنفسه.
(الصفحة 340)
وامّا الذي يطاف به ولا يطوف بنفسه فلا امر له بالطواف لانه متوجه الى الولىّ فمقتضي الاصل ـ ح ـ عدم الاعتبار في الصبّي غير المميّز وفيه انه ان كان الفرق في مجرد الطواف بنفسه والطواف به فلازمه تعميم الحكم بعدم اعتبار الختان في كل من لا يطوف بنفسه بل يطاف به وان كان بالغا كما اذا كان مريضاً لا يقدر على ان يطوف بنفسه ومن الواضح عدم امكان الالتزام به بوجه.
وان كان الفرق من جهة كون التكليف متوجها الى الولي في الصبي غير المميّز والى الطائف الذي يطوف بنفسه في غيره فيرد عليه انه لا دلالة للصحيحة على هذا الفرق بوجه فانّ مفادها اعتبار الختان في الطواف بما هو طواف من دون فرق بين من توجّه اليه التكليف وعليه فالتفصيل الظاهر في هذا المقام هو الفتوى بالاعتبار في الصبّي المميّز والاحتياط المطلق في الصبي غير المميّز لا الحكم بعدم الاعتبار.
ثم انّ الظاهر من النصوص والفتاوى ان الختان المعتبر انّما هو الختان بمعناه الاسم المصدري وهو كونه مختوناً لا بمعناه المصدري وهو صدور الختان منه ولو بالتسبيب وعليه فلو تولّد الطفل مختوناً كما قد يتفق في الخارج لا يحتاج صحة طوافه من هذه الجهة الى شيء اخر بل يصح طوافه كذلك.
بقي في هذا المقام فرعان لم يقع التعرض لهما في المتن.
الفرع الاوّل انه لو حصلت له الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحج وتعذّر عليه الختان في عام الاستطاعة لضيق الوقت او غيره من الجهات ففيه وجوه بل اقوال ثلاثة:
الاوّل سقوط شرطية الختان واعتبار التمكن في اعتباره قال في الجواهر بعد حكاية هذا القول عن القواعد وغيرها: «ولعلّه لاشتراط التكليف بالتمكن كمن لم يتمكن من الطهارة مع عموم ادلة وجوب الحج والعمرة».
(الصفحة 341)
ولكنك عرفت انّ النهي الوارد في مثل المقام ليس نهياً تكليفيّاً حتى يكون مشروطاً بالقدرة كسائر الشرائط العامة بل نهي وضعي مفاده الارشاد الى الشرطية او المانعيّة وظاهر اطلاق دليله الشرطية المطلقة او المانعية كذلك ولازمهُ عدم التمكن من اصل الطواف لعدم التمكن من شرطه.
الثاني ما احتمله في محكى كشف اللثام من انه يكون كالمبطون في وجوب الاستنابة.
ويرد عليه انّه ان اراد استفادة حكم المقام ممّا ورد في المبطون فالظاهر عدم تماميتها لانه يمكن ان يكون للمبطون من جهة استلزام دائه لامرين وهما نقض وضوئه ودخول النجاسة في المسجد الحرام ولو لم تكن متعدية ولا هاتكة خصوصية مانعة عن استفادة حكم المقام الذي يكون فاقداً للختان فقط نعم تمكن الاستفادة منه ومن اشباهه ونظائره على ما يأتي تفصيله.
الثالث ما احتمل اتجاهه صاحب الجواهر من سقوط الحج عنه في عام الاستطاعه ولزوم الاتيان به مع الختان في العام القابل نظراً الى فوات المشروط بفوات شرطه قال: «بل لعلّ خبر ابراهيم بن ميمون لا يخلو عن اشعار بذلك وان كان هو غير نص في انه غير متمكن من الختان لضيق الوقت وان عليه تأخير الحج عن عامه لذلك فانّ الوقت انّما يضيق غالباً عن الاختتان مع الاندمال فاوجب (عليه السلام) ان يختتن ثم يحج وان لم يندمل».
وصريح بعض الاعلام (قدس سره) اختيار هذا الوجه نظراً الى انه لا يتمكن من الحج في هذه السنة لعدم تمكنه من الطواف مع الختان ولا دليل على الاستنابة في خصوص هذا الفرض لانّها انما تجب في فرض الاستطاعة والمفروض ان هذا الشخص غير مستطيع