(الصفحة 87)مسألة 20 ـ لاتختص حرمة الاكتحال بالنّساء فيحرم على الرجال ايضاً 1 .
قال لاتكتحل قلت بسواد ليس فيه طيب قال: فكرهه من أجل انه زينة وقال اذا اضطرّت اليه فلتكتحل(1) .
هذه هي الروايات الواردة في الباب والمستفاد من ملاحظة مجموعها ثبوت الحرمة في موردين بلا شبهة: احدهما الاكتحال بالسواد مع قصد الزينة ثانيهما الاكتحال بما فيه طيب يوجد ريحه مع عدم وجود الاضطرار في شيء من الموردين.
وامّا المورد الثالث وهو الاكتحال بالسواد مع عدم قصد الزينة فالمستفاد من التعليل في بعض الروايات ومن اطلاق النهي عن الاكتحال بالسواد في البعض الآخر هي الحرمة أيضاً وقد وقع التصريح به في المتن.
كما ان المورد الرابع وهو الاكتحال بغير السواد الذي يكون فيه الزينة فقد احتاط وجوباً فيه بتركه والاجتناب عنه مع ان مقتضى التعليل بكون السواد زينة كما في صحيحة حريز وفي الرواية الأخيرة بعد ظهور كون المراد من الكراهة الحرمة وهو الحكم بالحرمة ولعلّ منشأ التنزل الى الاحتياط الوجوبي هي دلالة مثل صحيحة زرارة على استثناء خصوص الكحل الأسود من الحكم بجواز الاكتحال ولكن الظاهر هو لزوم الأخذ بمقتضى التعليل خصوصاً اذا كان مقروناً بقصد الزينة لصلاحيته لتقييد اطلاق مثل رواية زرارة وامّا المورد الخامس وهو ما اذا لم يكن بالسواد ولا بما فيه طيب ولا بما فيه زينة فلا اشكال في جوازه لتقييد المطلقين بغيرهما مما ذكر.
(1) الوجه في عدم اختصاص حرمة الاكتحال بالنساء وان كانت جملة من الروايات المتقدمة واردة فيهنّ مضافاً الى اطلاق عنوان «المحرم» في بعضها ورود بعض الروايات في الرجل المحرم وتصريح الصحيحة الثانية لمعاوية بن عمار المتقدمة
- (1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثالث والثلاثون، ح14.
(الصفحة 88)مسألة 21 ـ ليس في الاكتحال كفارة لكن لو كان فيه الطيب فالأحوط التكفير 1 .
مسألة 22 ـ لو اضطر الى الاكتحال جاز 2.
الثامن: النظر في المرآة من غير فرق بين الرجل والمرأة، وليس فيه الكفارة لكن يستحبّ بعد النظر ان يلبيّ، والاحوط الاجتناب عن النظر في المرآة ولو لم يكن للتزيين 3.
بكلا العنوانين.
(1) امّا عدم ثبوت الكفارة في الاكتحال بغير الطيب فلعدم الدليل عليها إلاّ رواية علي بن جعفر المتقدمة التي يستدلّ بها على ثبوت الكفارة لكلّ خلاف المشتملة على كلمة مرددة بين «خرجت» و «جرحت»(1) . وقد تقدمت المناقشة في الاستدلال بها سنداً ودلالة في المسألة الخامسة عشر فراجع.
واما الاكتحال بما فيه الطيب فان قلنا باعتبار وصف وجدان الريح فيه كما ذكرنا فالظاهر ثبوت الكفارة فيه لا من باب الاكتحال بل من باب شمّ الطيب الذي قد عرفت ثبوت الكفارة فيه كما انه ان قلنا بحرمة مسّ الطيب ولو بالاضافة الى الباطن كما في الاحتقان بالطيب فالظاهر فيه ايضاً ثبوت الكفارة من ذلك الباب وامّا لو لم نقل بحرمة مسّ الطيب أو قلنا بها بالاضافة الى خصوص الظاهر فلا مجال للحكم بثبوت الكفارة ولو بنحو الاحتياط الوجوبي ومما ذكرنا ينقدح النظر فيما في المتن فانه على تقدير لابد من الفتوى بالتكفير وعلى تقدير آخر لا وجه له نعم الحكم به بنحو الاحتياط الاستحبابي لا مانع منه اصلاً.
(2) الوجه فيه واضح.
(3) من محرّمات الاحرام النظر في المرآة والكلام فيه يقع من جهات:
- (1) الوسائل، ابواب بقية كفارات الاحرام، الباب الثامن، ح5.
(الصفحة 89)
الجهة الأولى في أصل حرمته في الجملة في مقابل الكراهة مطلقاً فنقول: قال المحقق في الشرايع: وكذا ـ يعني لايجوز في حال الاحرام ـ النظر في المرآة على الاشهر. ونسبه في محكى المدارك بل غير واحد الى الأكثر لكن عن جملة من كتب القدماء كالجمل والعقود والوسيلة والمهذب والغنية انه مكروه كالمحقق في النافع بل ربما نسب الى الخلاف لكن استدلاله على الكراهة مضافاً الى الاجماع بطريقة الاحتياط يدلّ على ان مراده من الكراهة هي الحرمة لأنها ربما تستعمل فيها.
وكيف كان فالظاهر انه لا مجال لدعوى الكراهة بعد كون جميع ماورد في الباب من الروايات الثلاثة أو الأربعة ظاهرة في الحرمة أعم مما عبر فيها بالجملة الانشائية وما عبّر فيها بالجملة الخبرية وليس في مقابلها ما يقتضي الحمل على الكراهة فلا محيص عن الأخذ بظاهرها وسيأتي التعرض لها انشاء الله تعالى في الجهة الآتية.
الجهة الثانية في انّ المحرم هل هو النظر في المرآة مطلقاً او انه يختص بما اذا كان النظر للزينة ظاهر الكلمات هو الاول لكن المحكّى عن الذخيرة يقتيد الحكم بالقيد المذكور ويستفاد من صاحب الوسائل ذلك ايضاً حيث انه قيّد عنوان الباب بذلك واللازم ملاحظة الروايات فنقول:
منها صحيحة حمّاد يعني ابن عثمان عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال: لاتنظر في المرآة وانت محرم فانّه من الزينة...(1)
وأصل الحكم المذكور في الصدر وان كان مطلقاً وظاهره حرمة النظر في المرآة كذلك إلاّ ان التعليل بقوله فانّه من الزينة يوجب التضييق والاختصاص بما اذا كان الغرض من النظر الزينة لا أمراً آخر فان الظاهر ان مرجع الضمير في قوله: فانّه هو النظر
- (1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الرابع والثلاثون، ح1.
(الصفحة 90)
لا المرآة بداهة انّ المرآة لاتكون بنفسها زينة بل النظر اليها ربما يكون لغرض التزيين وإلاّ فنفس النظر ايضاً لايكون زينة وليس النظر كالاكتحال الذي تقدم الذي يكون زينة بنفسه. وعليه، فلا مجال لاحتمال كون مرجع الضمير هي المرآة كما ان الظاهر في مثل المقام مما تكون العلّة عنواناً معلوماً لدى العرف ومعرّفاً في اللغة، ان لاتكون أمراً تعبدياً حتى ترجع الى حكم الشارع بثبوت العلّة تعبّداً وان كان على خلاف ما هو الثابت عند العرف واللغة.
وعلى ما ذكرنا فالعلّة المذكورة في الرواية توجب اختصاص الحكم بالحرمة بما اذا كان الغرض من النظر في المرآة الزينة فاحتمال كون العلّة أمراً تعبدياً غير موجب لتضييق دائرة الحكم كما أفاده بعض الأعاظم (قدس سرهم) لا سبيل اليه اصلاً كما ان ما أفاده بعض الاعلام (قدس سرهم) من انه لو قيل بالاطلاق وعدم دخل الزينة في الحكم فمعناه ان مجرد النظر الى الزينة حرام وهذا ليس بحرام قطعاً إذ لانحتمل ان النظر الى الزينة كالنظر الى الحلّى ونحوه حرام شرعاً، من عجائب الكلام إذ لو فرض ثبوت الاطلاق وعدم اقتضاء التعليل للتقييد يكون مقتضاه اطلاق حرمة النظر في المرآة ولا ارتباط لذلك بالنظر الى المرآة الذي لم يقع التعرّض له في الرواية بوجه ومرجع الاطلاق الى انه لافرق في الحرمة المذكورة بين ان يكون النظر في المرآة لغرض التزيين وبين ان يكون لغرض آخر كالسائق الذي ينظر في المرآة ليرى خلفه من السيارات وغيرها.
ومنها صحيحة حريز عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال لا تنظر في المرآة وانت محرم لأنه من الزينة(1) . والبحث فيها كالبحث في الصحيحة المتقدمة من دون فرق.
ومنها صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لاتنظر المرأة المحرمة
- (1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الرابع والثلاثون، ح3.
(الصفحة 91)
في المرآة للزينة(1) . والظاهر كون اللام للغاية لا للتعليل وعليه فظهورها في الاختصاص أقوى من السابقتين.
ومنها صحيحة اُخرى له قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام) لاينظر المحرم في المرآة لزينة فان نظر فليلب(2). وهي على تقدير كونها رواية اُخرى وان كان يحتمل قويّاً اتحادها مع السابقة وان كان بينهما الاختلاف في التعبير يكون ظهورها أقوى من الجميع لعدم جريان احتمال التعليل فيه بوجه كما لايخفى.
اذا عرفت الروايات الواردة في الباب فاعلم ان المحكى عن السبزواري صاحب الذخيرة ان مقتضى قاعدة حمل المطلق على المقيّد هو حمل المطلق منها على ما ظاهره التقييد بصورة ما اذا كان الغرض من النظر الزينة.
وأورد عليه صاحب الجواهر بما يرجع الى انه حيث لا منافاة بين المطلق والمقيد هنا لا مجال للحمل المذكور وعبّر عن هذا بعض الاعاظم (قدس سرهم) بانه حيث يكونان مثبتين أي غير مختلفين في الاثبات والنفي لاتجري قاعدة الحمل المذكورة ولكنك بملاحظة ما عرفت من التحقيق في معنى الروايات وانّها بين ما يكون مشتملاً على التعليل المقتضى للتضييق وبين ما وقع فيه التقييد بما اذا كان الغرض من النظر الزينة يظهر لك انه ليس في المقام مطلق اصلاً حتى يتكلم في لزوم حمله على المقيد وعدمه بل الروايات بأجمعها تدلّ على مدخلية القيد امّا من طريق التعليل وامّا من طريق التقييد.
نعم يبقى الكلام ـ ح ـ فيما أفاده في المتن من ان مقتضى الاحتياط الوجوبي ترك النظر في المرآة ولو لم يكن للتزيين فانه بعد عدم دلالة الروايات على الاطلاق وكون
- (1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الرابع والثلاثون، ح2.
- (2) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الرابع والثلاثون، ح4.