(الصفحة 428)
اقول امّا الرواية الاولى فمضافاً الى عدم تمامية سندها عدم تمامية دلالتها ايضاً لوضوح ثبوت غير الصلوات اليومية من الصلوات المفروضة ولو كان المراد خصوص الصلوات المفروضة التي لا تترك بحال ولا يكون وجوبها مشروطاً بعنوان خاص فلا يقدح خروج صلوة الطواف بعد وضوح اختصاص وجوبها بمن طاف في الحج او العمرة وامّا الاستثناء الواقع فيها فقد احتمل السيوطي في شرح النسائي ان يكون المراد انه في لصلوة التي يتطوع بها اذا تحقق الشروع يجب الاتمام نظير الحج الذي يجب اتمامه وان كان اصله غير واجب وعليه يكون الاستثناء متصلاً كما انه احتمل بل استظهر ان يكون الاستثناء منقطعاً والمراد ان الواجب ليس الاّ الخمس وامّا التطوع فهو يدور مدار اختيارك من دون ان يكون هناك فرض .
وامّا الرواية الثانية فهي ايضاً غير تامة الدلالة من جهة عدم التعرض لعشرة أوجه فيها مضافاً الى عدم كون صلاة الاستسقاء من الصلوات الواجبة.
وكيف كان فمثل هذه الرواية لا تصلح للنهوض في مقابل الكتاب والسنّة الدالين على وجوب صلوة الطواف خصوصاً الروايات المستفيضة بل المتواترة فلا ينبغي الاشكال في الوجوب.
الجهة الثانية في وجوب المبادرة الى الاتيان بها عرفاً بعد الفراغ عن الطواف وقد احتاط وجوباً في المتن في رعاية المبادرة وقد عبّر المحقق في الشرايع عن صلوة الطواف بقوله: «ومن لوازمه ركعتا الطواف وهما واجبتان في الطواف الواجب» واستفيد من هذه العبارة لاجل التعبير باللازم لزوم المبادرة الى الصلوة وانّها متممة للطواف مع انه من الواضح انه ليس المراد من اللازم الاّ مجرد التبعيّة الراجعة الى ترتبها على الطواف وتأخرها عنه وامّا الوجوب فضلاً عن المبادرة فلا دلالة له عليه ويؤيده بل
(الصفحة 429)
يدل عليه الحكم بالوجوب في خصوص الطواف الواجب بعد هذا التعبير الجاري في مطلق الطواف اعم من الواجب والمستحب وكيف كان لا دلالة لهذا التعبير على لزوم المبادرة ولم ار التعرض لهذه الجهة لا في كلام المحقق ولا في الجواهر نعم ذكر في ذيل شرح المسئلة الخامسة قوله: «ان قلنا بفورية صلاة الطواف كما يشعر به بعض النصوص...»
وامّا الروايات فيدل على وجوب المبادرة مثل:
صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة في الجهة الاولى بلحاظ قوله (عليه السلام) في الصّدر اذا فرغت من طوافك فاتت مقام ابراهيم (عليه السلام) وصلّ ركعتين واظهر منه قوله (عليه السلام) في الذيل ولا تؤخرها ساعة تطوف وتفرغ فَصَلِّهِما.
وصحيحة محمّد بن مسلم قال: سئلت ابا جعفر (عليه السلام)عن رجل طاف طواف الفريضة وفرغ من طوافه حين غربت الشمس قال: وجبت عليه تلك السّاعة الركعتان فليصلّهما قبل المغرب(1) . اي قبل صلوة المغرب.
وصحيحة منصور بن حازم عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال سألته عن ركعتي طواف الفريضة قال: لا تؤخّرها ساعة اذا طفت فصلّ(2).
وغير ذلك من الروايات الظاهرة في وجوب المبادرة العرفية وعدم جواز تأخير الصلوة عن الطواف والظاهر ان المراد من الوجوب هو الوجوب الشرطي الذي مرجعه الى شرطية المبادرة في صحة الصّلوة وكون الاخلال بها موجباً للبطلان كسائر الاوامر والنواهي الواردة في العبادات والمعاملات حيث انّها ظاهرة في الارشاد الى الشرطية
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب السادس والسبعون ح ـ 1 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب السادس والسبعون ح ـ 5 .
(الصفحة 430)
والمانعيّة كقوله (عليه السلام) لا تصلّ في وبرما لا يؤكل لحمه ولا تبع ما ليس عندك وعليه فليس الاخلال بالمبادرة موجباً لمخالفة حكم تكليفي نفسي بل موجباً لعدم وقوعها صحيحة اصلاً ثم ان هنا بعض الروايات الدالة على كراهة الاتيان بصلوة الطواف في بعض حالات الشمس كاحمراده وطلوعه او عدم جواز الاتيان بها بعد الغداة وبعد العصر وهو في وقت الصّلوة وهذه الروايات مضافاً الى ثبوت المعارض لها كصحيحة معاوية بن عمار المتقدمة والروايات الاخر لا تنافي اصل الحكم بوجوب المبادرة الى الصلوة بعد الفراغ عن الطواف فان البحث في هذه الجهة راجع الى نفس صلوة الطواف من حيث هي وهذا لا ينافي ثبوت الكراهة بل عدم الجواز في بعض الموارد والحالات ولا بأس بالتعرّض لما يدل على عدم الجواز وهي صحيحة على بن يقطين قال سئلت ابا الحسن (عليه السلام) عن الذي يطوف بعد الغداة وبعد العصر وهو في وقت الصلوة يصلّي ركعات الطواف نافلة كانت او فريضة؟ قال لا(1) .
ونقل في الوسائل عن الشيخ انه حملها على تأخير ركعتي الطواف عن الفريضة الحاضرة والظاهر انه ليس مراد الشيخ صورة تضيق وقت الحاضرة كما استفاده بعض الاعلام (قدس سره) بل كلامه يشمل صورة السعة ايضاً ولذا اورد عليه صاحب الجواهر (قدس سره) بانّ فيه منعاً ضرورة ان الاصل يقتضي التخيير بينهما كما عن الفاضل التصريح به لانهما واجبان موسّعان فلا وجه لترجيح احدهما على الاخر بل ان قلنا بفورية صلاة الطواف كما يشعر به بعض النصوص اتجه ـ ح ـ تقديمها على الفريضة كما هو واضح.
هذا ولكن تعارضها في موردها صحيحة ابن مسلم المتقدمة الدالة على وجوب الاتيان بصلوة الطواف قبل صلوة المغرب التي دخل وقتها فاللازم في مقام الجمع امّا
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب السادس والسبعون ح ـ 11 .
(الصفحة 431)
حمل صحيحة ابن يقطين على خصوص صورة تضييق وقت الحاضرة بقرينة صحيحة ابن مسلم حيث ان موردها صورة سعة وقت صلوة المغرب وعدم تضيّقها وامّا الحكم بالتعارض والتساقط ثم الرجوع الى صحيحة معاوية بن عمار الدالة على جواز الاتيان بها في اىّ ساعة من ساعات الليل والنهار من دون كراهة في البين فضلاً عن عدم الجواز والروايات الدالة على ان صلوة الطواف من جملة اربع صلوات او خمس التي تصلي في كل حال هذا وكلنك عرفت انّ مثل صحيحة ابن يقطين لا يكون دليلاً على الخلاف ففي اصل المسئلة وهو لزوم المبادرة في صلوة الطواف من حيث هي.
ثم انه ورد في بعض الرّوايات ما يدل على انّ الناس قد اخذوا من الحسنين (عليهما السلام)شيئاً واحداً مثل موثقة اسحق بن عمار عن ابي الحسن (عليه السلام) قال: ما رأيت الناس اخذوا عن الحسن والحسين الاّ الصلوة بعد العصر وبعد الغداة في طواف الفريضة(1) .
لكن في صحيحة محمد بن اسماعيل بن بزيع ما لعلّه ينافي ما في الموثقة قال سئلت الرّضا عن صلوة طواف التطوع بعد العصر فقال لا فذكرت له قول بعض آبائه ان النّاس لم يأخذوا عن الحسن والحسين (عليهما السلام) الاّ الصلوة بعد العصر بمكّة فقال نعم ولكن اذا رأيت النّاس يقبلون على شيء فاجتنبه فقلت ان هولاء يفعلون فقال لستم مثلهم(2).
قال المجلسى (قدس سره) في شرح الحديث: «اي على تجسس شيء فانهم يتجسّسون ويمنعون عن صلوة الطواف في ذلك الوقت وذلك علامة التشيع عندهم قال فان العامة ايضاً يفعلون فقال لستم مثلهم لانكم معروفون بالتشيع فاذا فعلتم احتجوا عليكم
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب السادس والسبعون ح ـ 4 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب السادس والسبعون ح ـ 10 .
(الصفحة 432)مسألة 2 ـ الشك في عدد الركعات موجب للبطلان، ولا يبعد اعتبار الظنّ فيه، وهذه الصلوة كسائر الفرائض في الاحكام 1 .
بخلاف بعض العامّة فانهم يعلمون انهم يوافقونهم في المذهب كذا خطر بالبال».
هذا ولكن الظاهر ثبوت الاشكال في مفاد الصحيحة من جهة دلالة الموثقة على ان ما اخذوا عن الحسنين (عليه السلام) كان بالنسبة الى صلوة طواف الفريضة مع ان مورد السؤال في لصحيحة كان هي صلوة طواف التطوع ومن جهة انّ المحكي عن ابائه (عليه السلام)فيها لا اشعار فيها بالاختصاص بصلوة الطواف ومن جهة الحكم بعدم الجواز رأساً والحكم بوجوب الاجتناب .
الجهة الثالثة في استحباب قرائة سورة التوحيد في الركعة الاولى من صلوة الطواف وسورة قل يا ايها الكافرون في الركعة الثانية وهو المشهور ويدل عليه صحيحة معاوية ابن عمار المتقدمة ولا مجال لتوهم كون ظاهرها بيان الكيفية وانّه لابد وان يؤتى بها كذلك بعد وقوعها في عداد المستحبات الكثيرة المذكورة فيها وعدم الفتوى بالتعين من احد من الاصحاب مضافاً الى خلو الروايات الواردة في مقام البيان عن ذكر هذه الخصوصية ولا موقع لحمل المطلق على المقيد في باب المستحبات بعد ثبوت المراتب فيها غالباً.
الجهة الرابعة جواز الاجهار بصلوة الطواف والاخفات لخلّو الروايات الواردة في مقام البيان عن التعرض لتعين احدى الخصوصتين مع انها لا تكون من الصلوات اللّيلية التي يؤتى بها جهراً ولا من الصلوات النهارية التي يؤتى بها اخفاتاً لوقوعها في جميع الساعات من ساعات الليل والنهار من دون كراهة فيجوز الاجهار بها والاخفات والجمع بينهما ايضاً كما لا يخفى.
(1) صلوة الطواف الواجب بمنزلة فريضة الصبح فيعتبر فيها جميع ما يعتبر في