(الصفحة 358)مسألة 7 ـ لا يجب الوقوف في كلّ شوط، ولا يجوز ما فعله الجهّال من الوقوف
للوهن على المذهب الحقّ والظاهر انّ منشأ الاشكال امّا دعوى كون المقام من صغريات مسئلة الاجتماع المعروفة في الاصول وحيث ان الحكم بالصحة في مورد الاجتماع اذا كان عبادة كالصلوة في الدار المغصوبة محلّ اشكال فالمقام ايضاً كذلك وامّا دعوى ان محلّ البحث في تلك المسئلة صورة اتّحاد العنوانين وتصادق المفهومين على وجود واحد خارجي والمقام لا يكون من هذا القبيل لعدم تحقق الاتحاد بين المأمور به الذي هو الطواف وبين الوهن المذكور المحرم بل الطواف بالكيفية المذكورة مستلزم للوهن المحرم وحيث ان اللازم وهو وهن اصل المذهب الحق بمكان من المبغوضيته لا يساويه كثير من المحرمات وعليه فما يوجبه يحتمل ان لا يكون صالحاً للمقربية بوجه وعليه فالحكم بالبطلان في تلك المسئلة لا يوجب الحكم به في المقام بل غايته الاستشكال في الصحّة ويظهر من مجموع ما افاده في هذا الامر انّ تمامية الشوط في كل من الاشواط السبعة تتحقق بالختم بما ابتدء من اجزاء الحجر الاسود الاوّل والوسط والاخر ولابد من ملاحظة ان الاثر المترتب على تمامية الشوط مع ان الواجب في الطواف هي سبعة اشواط انّما يظهر في الاحكام المترتبة على الاشواط الخاصة كالشوط الرابع على ما عرفت من ان عروض الحدث الاصغر او الاكبر بعد تماميته لا يقدح في صحة ما اتى به من الاشواط بخلاف ما اذا ان قبل تمامية الشوط الرّابع.
كما انه يظهر ان الابتداء بالحجر والختم به انما يكون اعتبارهما بعنوان الشرطية وان كانا معدودين من اجزاء الحقيقة لكن صرّح في المتن بان الامر سهل وقد مرّ ترتب الثمرة على عنواني الجزئية والشرطية.
(الصفحة 359)والتقدم والتأخر بما يوجب الوهن على المذهب 1 .
الثالث: الطواف على اليسار بان تكون الكعبة المعظّمة حال الطواف على يساره، ولا يجب ان يكون البيت في تمام الالات محاذياً حقيقة على الكتف، فلو انحرف قليلاً حين الوصول الى حجر اسماعيل صحّ وان تمايل البيت الى خلفه ولكن كان الدور على المتعارف، وكذا لو كان ذلك عند العبور عن زوايا البيت فانه لا اشكال فيه بعد كون الدور على النحو المتعارف مما فعله سائر المسلمين 1 .
مسألة 8 ـ الاحتياط بكون البيت في جميع الحالات على الكتف الايسر وان كان ضعيفاً حدّاً ويجب على الجهّال والعوام الاحتراز عنه لو كان موجباً للشهرة ووهن المذهب لكن لا مانع منه لو فعله عالم عاقل بنحو لا يكون مخالفاً للتقيّة او موجباً للشهرة 2 .
(1) قد ظهر البحث في هذه المسئلة مما تقدم ولا حاجة الى الاعادة لكن الذي ينبغي التنبيه عليه هو انّ رعاية الاحتياط بحيث لا يوجب الوهن المزبور ولا يحلّ بشىء من الاقوال المتقدمة تقتضي ان ينوي قبل الوصول الى الحجر بقليل شروع الطواف من المحادي والذي يجب الشروع منه وفي الشوط السابع يمرّ على الحجر ويمضي عنه بقليل مع كون المنوي هو تحقق الختم بما يجب ان يتحقق الختم به من الحجر الاسود فاذا راعي الاحتياط بهذه الكيفية فقد راعي جميع الاقوال ولم يصدر منه ما يوجب وهن المذهب بوجه وقد وفقني الله تعالى لرعاية هذا الاحتياط في جميع اسفار الحج والعمرة مع تعددها وكثرتها الاّ السفر الاوّل الذي لم اكن متوجها اليه وملتفتاً الى الخصوصيات لاجل كونه السّفر الاول واللازم على جميع الروحانيين المتصدين لامور الحجاج والمعتمرين التوجه الى هذا الاحتياط الجامع ين رعاية جميع الاقوال وعدم تحقق المشقة بوجه ثم تعليم الزائرين وارشادهم الى ذلك.
(1) و (2) البحث في هذا الامر وكذا في المسئلة الثامنة يقع في امرين:
(الصفحة 360)
الامر الاوّل اصل اعتبار كون الطواف على اليسار بان يكون البيت في حاله على يساره والظاهر انه لا حاجة الى اقامة الدليل على اعتباره بعد وضوح كون طواف الرسول والائمة ـ عليه وعليهم الصلوة والسلام ـ بهذه الكيفية ولم ينقل الخلاف ولو في مورد وقد استمرت سيرة المسلمين بجيمع فرقهم واختلاف مذاهبهم على الطواف على اليسار وهو المرتكز في اذهانهم بحيث لو فرض طواف واحد منهم بغير هذه الكيفية لرأوه غير مشروع ومخالفاً لما والثابت في الاسلام وعليه فليس في هذا الامر مجرد نفي وجدان الخلاف فيه بل ثبوت الاجماع بقسميه عليه كما في الجواهر بل امر فوق ذلك وهو ثبوت الارتكاز عند كل مسلم على ذلك نعم حكى عن ابي حنيفة انه ان جعله على يمينه اعاده ان اقام بمكّة والاّ جبره بدم وظاهره انّ اللازم هو الجعل على اليسار وثبوت الاعادة او الكفارة مع المخالفة والجعل على اليمين وحكى عن اصحاب الشافعي انه لم يرد عنه نصّ في استدباره والذي يجىء على مذهبه الاجزاء بل عنهم ايضاً في وجه الاجزاء ان استقبله او مرّ القهقري نحو الباب.
هذا ولكن اصل المطلب من الوضوح بمكان ولاجله لم يقع التعرض لاعتباره في شيء من الروايات بالمطابقة بل يستفاد منها بالاستلزام مثل صحيحة عبدالله بن سنان قال: قال ابو عبدالله (عليه السلام) اذا كنت في الطواف السّابع فايت المتعوذ وهو اذا قمت في دبر الكعبة حذاء الباب فقل: اللّهم البيت بيتك والعبد عبدك وهذا مقام العائذ بك من النّار اللّهم من قبلك الرّوح والفرج ثم استلم الركن اليماني ثم ائت الحجر فاختم به(1) . فان الدّعاء عند المستجار اوّلاً ثم استلام الركن اليماني ثم اتيان الحجر والختم به لا ينطبق الاّ على كون البيت واقعاً في اليسار في حال الطواف ومثلها صحيحة معاوية بن
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب السادس والعشرون ح ـ 1 .
(الصفحة 361)
عمار(1) التي جعلها في الوسائل وغيرها روايتين.
الامر الثاني انه هل يجب ان يكون البيت محاذياً على الكتف حقيقة حتى عند فتح الحجر الذي يتمايل البيت الى الخلف وكذا عند الفتح الاخر الذي يتمايل البيت الى القدام وكذا عند العبور عن زوايا البيت ولازم ذلك ان يكون الدور عند المواضع المذكورة على خلاف المتعارف او ان الواجب هو الدور على النحو المتعارف في ميع الحالات من دون الانحراف اصلاً الظاهر هو الثاني خصوصاً بعد تحقق الطواف من النبى (صلى الله عليه وآله) راكباً ووضوح عدم حصول التغيير في الكيفية في الحالات المختلفة والاّ لنقل.
وعليه فما يفعله بعض الجهال والعوام مما يوجب وهن المذهب الحق والتعيير على ائمّتنا المعصومين (صلى الله عليه وآله) لا ينبغي صدوره من شيعي لابدّ وان يكون زيناً لهم لا شيناً بل كما مرّ في مسئلة اعتبار الابتداء بالحجر عند الشروع في الطواف ربما يستشكل في صحته مع هذه الكيفية واللازم ارشاد العوام وتعليمهم والتبيين لهم ان اعتبار كون الطواف على اليسار انّما هو في مقابل ان تكون الكعبة على يمينه او مستقبلاً او مستدبراً من دون فرق بين الحالات اصلاً(2).
وان شئت قلت ان الدليل على اعتبار هذا الامر ليس الاّ السيرة المتقدمة ولا دلالة لها بعد كونها دليلاً لبيّاً على اعتبار ازيد من هذا المقدار وهو ان يجعل الكعبة على يساره ويدور على النحو المتعارف ولم يقم دليل على تغيير الوضع عند الوصول الى تلك المواضع خصوصاً مع ما يترتب عليه من الشهرة ووهن المذهب وعليه فيجب
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب السادس والعشرون ح ـ 4 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب السادس والعشرون ح ـ 9 .
(الصفحة 362)مسألة 9 ـ لو طاف على خلاف المتعارف في بعض اجزاء شوطه ـ مثلاً ـ كما لو صار بواسطة المزاحمة وجهه الى الكعبة، او خلفه اليها، او طاف على خلفه على عكس المتعارف يجب جبرانه ولا يجوز الاكتفاء به 1 .
مسألة 10 ـ لو سلب بواسطة الازدحام الاختيار منه في طوافه فطاف ولو على اليسار بلا اختيار وجب جبرانه واتيانه باخيار ولا يجوز الاكتفاء بما فعل 2 .
الاجتناب عن مثل هذه الاعمال خصوصاً في مثل هذه الازمته التي يكون عمل الشيعة مورداً للدقة والمراقبة للطعن عليهم وعلى مذهبهم.
(1) بعد اعتبار كون الطواف على اليسار لو طاف في بعض اجزاء شوطه ـ مثلاً ـ على خلاف المتعارف كما في الامثلة المذكورة في المتن فاللازم جبرانه ولا يجوز الاكتفاء به نعم لا يبطل به اصل الطواف بحيث كان الواجب الاعادة من رأس بخلاف باب الصلوة التي يكون الاستدبار فيها موجباً لبطلانها من رأس وذلك لقيام الدليل هناك على البطلان ولزوم الاعادة ولم ينهض دليل عليه في المقام غاية الامر لزوم كون جميع الاشواط وكذا ابعاضها واقعة على اليسار فاذا لم يقع بعض اجزاء شوط ـ مثلاً ـ كذلك فاللازم ايقاعه بالكيفية المعتبرة وجبرانه ويمكن ان يقال بعدم لزوم الجبران وكفاية ما اتي به كذلك لما مرّت الاشارة اليه في ذيل المسئلة السابقة من ان الدليل الوحيد في ذا الباب هي السيرة المستمرة العملية وهي دليل لبّي يقتصر فيه على القدر المتيقن وهو جعل الكعبة على اليسار والحركة على النحو المتعارف والظاهر ان الحركة الكذائية لا تكون خالية نوعاً عن توجه الوجه الى الكعبة او الى مقابلها ولو في بعض الحالات احياناً ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط والجبران في مثل الصور المذكورة.
(2) الدليل على لزوم الجبران في هذه الصورة عبارة عن الدليل اللفظي الدال على اعتبار صدور الحركة الطوافيّة من الطائف بحيث كانت مستندة اليه وصادرة عن ارادته