(الصفحة 356)الثاني الختم به، ويجب الختم في كل شوط بما ابتدء منه ويتم الشوط به. وهذان الشرطان يحصلان بالشروع من جزء منه والدور سبعة اشواط والختم بما بدء منه، ولا يجب بل لا يجوز ما فعله بعض اهل الوسوسة وبعض الجهال مما يوجب الوهن على المذهب الحقّ بل لو فعله ففي صحة طوافه اشكال 1 .
(1) الدليل على اعتبار الختم بالحجر الاسود ما مرّ من الدليل على اعتبار البدئة به من السيرة المذكورة وصحيحة معاوية بن عمار المتقدمة ولا اشكال في هذه الجهة.
انّما الاشكال في جهة اخرى وهي انه لو قلنا في الامر الاوّل بلزوم الابتداء من اوّل الحجر كما عليه والعلاّمة وغيره ممّن تأخر عنه فلا اشكال في ناحية الختم من جهة انه لابد وان يكون الى اوّل الجزء من الحجر لتمامية السبعة به وتحقق الطواف الكامل من دون زيادة ولا نقيصة.
وان قلنا بما عليه المتن تبعاً لصاحب الجواهر (قدس سره) من كفاية كون الشروع من اىّ جزء من اجزاء الحجر سواء كان اوّله او وسطه اواخره فان كان الشروع الخارجي من الجزء الاوّل فلا اشكال ايضاً في ان الختم يتحقق بمحاذاة الجزء المذكور، وان كان الشروع في لخارج من الوسط او الاخر يقع! الكلام ـ ح ـ في انه هل يكفي في الختم الوصول الى الجزء الذي يكون قبل هذا الجزء الذي تحقق الشروع فيه كما انه قد وقع فيه الخلاف فالمحكي عن ظاهر المدارك والرياض وغيرهما عدم اعتبار محلّ الابتداء وانه لو ابتدء مثلاً باخر الحجر كان له الختم باوّله ولكن صرّح جماعة باعتبار محاذاة الحجر في الشوط الاخر لما ابتدء به اوّلاً وينبغي ان يعلم محل الابتداء لئلاّ ينقص عنه ولا يزيد عليه وهذا هو الذي يظهر من المتن في قوله: والختم بما بدء منه، نظراً الى انه ليس المراد من الموصول الحجر الاسود باجمعه بل المراد به هو الجزء الذي بدء منه من اوّله او وسطه او اخره وقال في الجواهر: ولا ريب في انه احوط ان لم يكن اقوى.
(الصفحة 357)
ولعلّ وجهه انه لا يصدق الختم حتى يصل الى محلّ الابتداء الذي هو الوسط والاخر ولكن الظاهر عدم لزومه فانّ المعيار هو كون الابتداء من الحجر والختم به فكما انه مخير في الابتداء بين الاجزاء المختلفة من الحجر الاول والوسط والاخر وبكل واحد يتحقق عنوان الابتداء كذلك في الشوط الاخير يتحقق عنوان الختم بمجرد الوصول الى الحجر من دون فرق بين موارد الابتداء اصلاً بل يمكن ان يقال بالتخيير بين الاجزاء في لختم ايضاً وصدق الزيادة والنقيصة غير قادح بعد وضوح كون المراد من الادلة على ما هو ظاهرها الزيادة على الحجر والنقيصة عنه ولا تتحققان في الفرض المزبور وبالجملة الملاك في الابتداء والانتهاء ما هو معنا هما العرفي الذي لا يفترق فيه اجزاء الحجر.
ثم انّ المذكور في ذيل المتن امران:
احدهما عدم الوجوب بل عدم جواز ما يفعله بعض اهل الوسوسة وبعض الجهّال مما يوجب الوهن على المذهب الحقّ والظاهر بملاحظة الحكم في المتن بانه من ان يكون الختم بما ابتدء به من اجزاء الحجر انّ المنشأ للوسوسة المذكورة وما يفعله بعض الجهال هو ما عرفت من فتوى العلامة ومن تأخر عنه بلزوم كون الابتداء بالجزء الاوّل من الحجر على النحو الذي عرفت فان رعاية الابتداء بهذه الكيفية مثار للوسواس كما في الجواهر وقد شبهه فيها بما يصنعه بعض الناس عند ارادة النية للصلوة بناء على انه الاخطار من الاحوال التي تشبه احوال المجانين.
مع ان ما افاده في المتن من لزوم كون الختم بما بدء منه من اجزاء الحجر مثار ايضاً للوسوسة وان كان لا تبلغ من حيث الشدة للوسوسة المذكورة في المتن الناشية من رعاية فتوى العلاّمة والانصاف انه لا مجال لا ثبات هذه التضييقات بوجه.
ثانيهما الاستشكال في صحة الطواف بالكيفية الصادرة من بعض الجهال الموجبة
(الصفحة 358)مسألة 7 ـ لا يجب الوقوف في كلّ شوط، ولا يجوز ما فعله الجهّال من الوقوف
للوهن على المذهب الحقّ والظاهر انّ منشأ الاشكال امّا دعوى كون المقام من صغريات مسئلة الاجتماع المعروفة في الاصول وحيث ان الحكم بالصحة في مورد الاجتماع اذا كان عبادة كالصلوة في الدار المغصوبة محلّ اشكال فالمقام ايضاً كذلك وامّا دعوى ان محلّ البحث في تلك المسئلة صورة اتّحاد العنوانين وتصادق المفهومين على وجود واحد خارجي والمقام لا يكون من هذا القبيل لعدم تحقق الاتحاد بين المأمور به الذي هو الطواف وبين الوهن المذكور المحرم بل الطواف بالكيفية المذكورة مستلزم للوهن المحرم وحيث ان اللازم وهو وهن اصل المذهب الحق بمكان من المبغوضيته لا يساويه كثير من المحرمات وعليه فما يوجبه يحتمل ان لا يكون صالحاً للمقربية بوجه وعليه فالحكم بالبطلان في تلك المسئلة لا يوجب الحكم به في المقام بل غايته الاستشكال في الصحّة ويظهر من مجموع ما افاده في هذا الامر انّ تمامية الشوط في كل من الاشواط السبعة تتحقق بالختم بما ابتدء من اجزاء الحجر الاسود الاوّل والوسط والاخر ولابد من ملاحظة ان الاثر المترتب على تمامية الشوط مع ان الواجب في الطواف هي سبعة اشواط انّما يظهر في الاحكام المترتبة على الاشواط الخاصة كالشوط الرابع على ما عرفت من ان عروض الحدث الاصغر او الاكبر بعد تماميته لا يقدح في صحة ما اتى به من الاشواط بخلاف ما اذا ان قبل تمامية الشوط الرّابع.
كما انه يظهر ان الابتداء بالحجر والختم به انما يكون اعتبارهما بعنوان الشرطية وان كانا معدودين من اجزاء الحقيقة لكن صرّح في المتن بان الامر سهل وقد مرّ ترتب الثمرة على عنواني الجزئية والشرطية.
(الصفحة 359)والتقدم والتأخر بما يوجب الوهن على المذهب 1 .
الثالث: الطواف على اليسار بان تكون الكعبة المعظّمة حال الطواف على يساره، ولا يجب ان يكون البيت في تمام الالات محاذياً حقيقة على الكتف، فلو انحرف قليلاً حين الوصول الى حجر اسماعيل صحّ وان تمايل البيت الى خلفه ولكن كان الدور على المتعارف، وكذا لو كان ذلك عند العبور عن زوايا البيت فانه لا اشكال فيه بعد كون الدور على النحو المتعارف مما فعله سائر المسلمين 1 .
مسألة 8 ـ الاحتياط بكون البيت في جميع الحالات على الكتف الايسر وان كان ضعيفاً حدّاً ويجب على الجهّال والعوام الاحتراز عنه لو كان موجباً للشهرة ووهن المذهب لكن لا مانع منه لو فعله عالم عاقل بنحو لا يكون مخالفاً للتقيّة او موجباً للشهرة 2 .
(1) قد ظهر البحث في هذه المسئلة مما تقدم ولا حاجة الى الاعادة لكن الذي ينبغي التنبيه عليه هو انّ رعاية الاحتياط بحيث لا يوجب الوهن المزبور ولا يحلّ بشىء من الاقوال المتقدمة تقتضي ان ينوي قبل الوصول الى الحجر بقليل شروع الطواف من المحادي والذي يجب الشروع منه وفي الشوط السابع يمرّ على الحجر ويمضي عنه بقليل مع كون المنوي هو تحقق الختم بما يجب ان يتحقق الختم به من الحجر الاسود فاذا راعي الاحتياط بهذه الكيفية فقد راعي جميع الاقوال ولم يصدر منه ما يوجب وهن المذهب بوجه وقد وفقني الله تعالى لرعاية هذا الاحتياط في جميع اسفار الحج والعمرة مع تعددها وكثرتها الاّ السفر الاوّل الذي لم اكن متوجها اليه وملتفتاً الى الخصوصيات لاجل كونه السّفر الاول واللازم على جميع الروحانيين المتصدين لامور الحجاج والمعتمرين التوجه الى هذا الاحتياط الجامع ين رعاية جميع الاقوال وعدم تحقق المشقة بوجه ثم تعليم الزائرين وارشادهم الى ذلك.
(1) و (2) البحث في هذا الامر وكذا في المسئلة الثامنة يقع في امرين:
(الصفحة 360)
الامر الاوّل اصل اعتبار كون الطواف على اليسار بان يكون البيت في حاله على يساره والظاهر انه لا حاجة الى اقامة الدليل على اعتباره بعد وضوح كون طواف الرسول والائمة ـ عليه وعليهم الصلوة والسلام ـ بهذه الكيفية ولم ينقل الخلاف ولو في مورد وقد استمرت سيرة المسلمين بجيمع فرقهم واختلاف مذاهبهم على الطواف على اليسار وهو المرتكز في اذهانهم بحيث لو فرض طواف واحد منهم بغير هذه الكيفية لرأوه غير مشروع ومخالفاً لما والثابت في الاسلام وعليه فليس في هذا الامر مجرد نفي وجدان الخلاف فيه بل ثبوت الاجماع بقسميه عليه كما في الجواهر بل امر فوق ذلك وهو ثبوت الارتكاز عند كل مسلم على ذلك نعم حكى عن ابي حنيفة انه ان جعله على يمينه اعاده ان اقام بمكّة والاّ جبره بدم وظاهره انّ اللازم هو الجعل على اليسار وثبوت الاعادة او الكفارة مع المخالفة والجعل على اليمين وحكى عن اصحاب الشافعي انه لم يرد عنه نصّ في استدباره والذي يجىء على مذهبه الاجزاء بل عنهم ايضاً في وجه الاجزاء ان استقبله او مرّ القهقري نحو الباب.
هذا ولكن اصل المطلب من الوضوح بمكان ولاجله لم يقع التعرض لاعتباره في شيء من الروايات بالمطابقة بل يستفاد منها بالاستلزام مثل صحيحة عبدالله بن سنان قال: قال ابو عبدالله (عليه السلام) اذا كنت في الطواف السّابع فايت المتعوذ وهو اذا قمت في دبر الكعبة حذاء الباب فقل: اللّهم البيت بيتك والعبد عبدك وهذا مقام العائذ بك من النّار اللّهم من قبلك الرّوح والفرج ثم استلم الركن اليماني ثم ائت الحجر فاختم به(1) . فان الدّعاء عند المستجار اوّلاً ثم استلام الركن اليماني ثم اتيان الحجر والختم به لا ينطبق الاّ على كون البيت واقعاً في اليسار في حال الطواف ومثلها صحيحة معاوية بن
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب السادس والعشرون ح ـ 1 .