(الصفحة 425)مسألة 1 ـ يجب بعد الطواف صلوة ركعتين له، وتجب المبادرة اليها بعده على الاحوط، وكيفيتها كصلوة الصّبح ويجوز فيها الاتيان بكلّ سورة الاّ العزائم ويستحب في الاولى التوحيد وفي الثانية الجحد وجاز الاجهار بالقرائة والاخفات 1 .
صورة عدم الاضرار بالموالاة العرفية والاّ ففي صورة الاضرار حيث يكون اصل اعتبار الموالات بنحو الاحتياط الوجوبي كما تقدم بحثه في شرائط الطواف يكون مقتضي الاحتياط الوجوبي الجمع بين الاتمام والاعادة كما افيد في المتن فتدبّر.
(1) في صلوة الطواف جهات من الكلام تعرض لاكثرها في هذه المسئلة:
الجهة الاولى في اصل وجوبها فقد ذكر المحقق في الشرايع: وهما واجبتان في الطواف الواجب وقال في الجواهر: «على المشهور بين الاصحاب نقلاً وتحصيلاً شهرة عظيمة بل عن الخلاف نسبته الى عامة اهل العلم وان حكي فيه عن الشافعي قولاً بعدم الوجوب ناسباً له الى قوم من اصحابنا لكن لا نعرفهم بل في الرياض عنه الاجماع مع انّ فيه وفي السرائر نقل قول بالاستحباب وفي التذكرة نسبة ذلك الى شاذ كالمحكىّ عن ابن ادريس».
ويدل على الوجوب الكتاب والسنّة:
امّا الكتاب فقوله تعالى في سورة البقرة: واتخذوا من مقام ابراهيم مصلّي نظراً الى ظهوره اوّلاً في وجوب الاتخاذ المذكور وثانياً في ان المراد من المصلّي محل الصلوة المعهودة في الشريعة فيدل على وجوب الصلوة عند مقام ابراهيم وحيث انه قام الاجماع على عدم وجوب صلوة غير صلوة الطواف عنده وعلى عدم لزوم ايقاع الصلوة الواجبة مثل اليومية في المسجد الحرام عند المقام ضرورة جواز الاتيان بها في اي موضع شاء من المسجد الحرام فتظهر دلالة الأية على وجوب صلوة الطواف عند المقام واحتمال كون المراد بالمصلّي محل الدعاء يدفعه عدم استعمال لفظة الصلوة في لقرآن
(الصفحة 426)
في غير الصلوة المعهودة في الشريعة نعم قد استعمل فيه لكن مع اضافة كلمة على بعدها كما في قوله تعالى: وصلّ عليهم ان صلوتك سكن لهم وفي الموارد المتعدّدة الاخرى وامّا بنحو الاطلاق فلم يستعمل الاّ في المعني المعهود كما ان جعله بمعني محل الصلوة المعهودة وحمل الامر على الاستحباب بحيث كان المراد استحباب الاتيان بسائر الصلوات عند المقام يدفعه ما عرفت من الظهور في الوجوب ويؤيّده ما حكي عن النبىّ (صلى الله عليه وآله) من انه صلّيهما وتلا قوله تعالى: واتخذوا من مقام ابراهيم مصلّي بل قيل انّها نزلت عليه حين فعلهما كما انه يؤيده بل يدلّ عليه استشهاد الامام (عليه السلام)على ما في بعض الروايات بهذه الآية على بعض الجهات والاحكام المتعلقة بصلوة الطواف وقد مرّ غير مرّة ان الاستشهاد يغاير التفسير فان مبني الاوّل على ظهور الآية في نفسها في ذلك على حسب الظهور اللفظي والمتفاهم العرفي ومبنى الثاني على بيان المراد من الآية وان كان مخالفاً لما هو ظاهرها كما لا يخفى.
وامّا الروايات فيدل على الوجوب طوائف كثيرة مثل ما دلّ على الامر بالصلوة بعد الطواف وقد وقع في بعضها التعبير بانّها فريضة والروايات الواردة في مقام بيان اعمال الحج والعمرة وما ورد في نسيان صلوة الطواف وانه يعود ويصلّ اذا لم يكن فيه مشقة واذا كان كذلك كما اذا كان بعد رجوعه الى اهله ومحلّه يصليهما فيه نعم ما ورد مما يدل على لزوم ايقاعها عند مقام ابراهيم لا دلالة له على الوجوب لان القائل بالاستحباب ايضاً يقول بذلك فلزوم ايقاعها عنده يرجع الى الشرطية كشرطية الطهارة في الصلوة المندوبة وعليه لا وجه لجعل هذه الطائفة في عداد الطوائف المذكورة بعد استفاضة تلك الطوائف بل قد نفي البعد عن تواترها.
ونقتصر من الروايات على ذكر رواية واجدة باعتبار دلالتها على جملة من الجهات
(الصفحة 427)
الاتية ايضاً وهي صحيحة معاوية بن عمّار قال قال ابو عبدالله (عليه السلام) اذا فرغت من طوافك فائت مقام ابراهيم (عليه السلام) فصلّ ركعتين واجعله اماماً واقرء في الاولى منهما سورة التوحيد قل هو اللّه احد وفي الثانية قل يا ايّها الكافرون ثم تشهد واحمد اللّه واثن عليه وصلّ على النبي (صلى الله عليه وآله) واسئله ان يتقبل منك وهاتان الركعتان هما الفريضة ليس يكره لك ان تصلّيهما في اىّ الساعات (ساعة فى) شئت عند طلوع الشمس وعند غروبها ولا تؤخّرها ساعة تطوف وتفرع فصلّهما(1) . ولاخفاء في ظهور صدرها وذيلها في الوجوب وان كان الذيل اظهر بلحاظ التعبير بالفريضة والتفريع عليها بالحكم بعدم كراهة الاتيان بها في اىّ ساعة من ساعات الليل والنهار مع وضوح كراهة النوافل في بعض تلك السّاعات والصدر ظاهر في الوجوب بلحاظ صيغة افعل الظاهرة فيه في نفسها.
وقد استدل القائل بعدم الوجوب بعد المناقشة في دلالة الاية ببعض ما اشرنا اليه مع الجواب مضافاًالى الاصل الذي لا مجال له بعد دلالة الآية والروايات الكثيرة وببعض الروايات مثل ما رواه النسائي في سننه من انّ الاعرابي قال للنبى (عليه السلام) بعد قوله (صلى الله عليه وآله) ان الاسلام هي الصلوات الخمس اي الصلوات اليومية المفروضة: هل علىّ غير الخمس فقال (صلى الله عليه وآله) لا الاّ ان تتطوّع.
وبصحيحة زرارة قال: قال ابو جعفر (عليه السلام) فرض اللّه الصّلوة وسنّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)على عشرة أوجه صلاة السفر والحضر وصلاة الخوف على ثلاثة أوجه وصلوة كسوف الشمس والقمر وصلاة العيدين وصلاة الاستسقاء والصلوة على الميت(2).
- (1) اورد صدرها في الوسائل في باب 71 من ابواب الطواف ح ـ 3 وذيلها في باب 76 ح ـ 3 .
- (2) مصدر روايت ذكر نشده.
(الصفحة 428)
اقول امّا الرواية الاولى فمضافاً الى عدم تمامية سندها عدم تمامية دلالتها ايضاً لوضوح ثبوت غير الصلوات اليومية من الصلوات المفروضة ولو كان المراد خصوص الصلوات المفروضة التي لا تترك بحال ولا يكون وجوبها مشروطاً بعنوان خاص فلا يقدح خروج صلوة الطواف بعد وضوح اختصاص وجوبها بمن طاف في الحج او العمرة وامّا الاستثناء الواقع فيها فقد احتمل السيوطي في شرح النسائي ان يكون المراد انه في لصلوة التي يتطوع بها اذا تحقق الشروع يجب الاتمام نظير الحج الذي يجب اتمامه وان كان اصله غير واجب وعليه يكون الاستثناء متصلاً كما انه احتمل بل استظهر ان يكون الاستثناء منقطعاً والمراد ان الواجب ليس الاّ الخمس وامّا التطوع فهو يدور مدار اختيارك من دون ان يكون هناك فرض .
وامّا الرواية الثانية فهي ايضاً غير تامة الدلالة من جهة عدم التعرض لعشرة أوجه فيها مضافاً الى عدم كون صلاة الاستسقاء من الصلوات الواجبة.
وكيف كان فمثل هذه الرواية لا تصلح للنهوض في مقابل الكتاب والسنّة الدالين على وجوب صلوة الطواف خصوصاً الروايات المستفيضة بل المتواترة فلا ينبغي الاشكال في الوجوب.
الجهة الثانية في وجوب المبادرة الى الاتيان بها عرفاً بعد الفراغ عن الطواف وقد احتاط وجوباً في المتن في رعاية المبادرة وقد عبّر المحقق في الشرايع عن صلوة الطواف بقوله: «ومن لوازمه ركعتا الطواف وهما واجبتان في الطواف الواجب» واستفيد من هذه العبارة لاجل التعبير باللازم لزوم المبادرة الى الصلوة وانّها متممة للطواف مع انه من الواضح انه ليس المراد من اللازم الاّ مجرد التبعيّة الراجعة الى ترتبها على الطواف وتأخرها عنه وامّا الوجوب فضلاً عن المبادرة فلا دلالة له عليه ويؤيده بل
(الصفحة 429)
يدل عليه الحكم بالوجوب في خصوص الطواف الواجب بعد هذا التعبير الجاري في مطلق الطواف اعم من الواجب والمستحب وكيف كان لا دلالة لهذا التعبير على لزوم المبادرة ولم ار التعرض لهذه الجهة لا في كلام المحقق ولا في الجواهر نعم ذكر في ذيل شرح المسئلة الخامسة قوله: «ان قلنا بفورية صلاة الطواف كما يشعر به بعض النصوص...»
وامّا الروايات فيدل على وجوب المبادرة مثل:
صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة في الجهة الاولى بلحاظ قوله (عليه السلام) في الصّدر اذا فرغت من طوافك فاتت مقام ابراهيم (عليه السلام) وصلّ ركعتين واظهر منه قوله (عليه السلام) في الذيل ولا تؤخرها ساعة تطوف وتفرغ فَصَلِّهِما.
وصحيحة محمّد بن مسلم قال: سئلت ابا جعفر (عليه السلام)عن رجل طاف طواف الفريضة وفرغ من طوافه حين غربت الشمس قال: وجبت عليه تلك السّاعة الركعتان فليصلّهما قبل المغرب(1) . اي قبل صلوة المغرب.
وصحيحة منصور بن حازم عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال سألته عن ركعتي طواف الفريضة قال: لا تؤخّرها ساعة اذا طفت فصلّ(2).
وغير ذلك من الروايات الظاهرة في وجوب المبادرة العرفية وعدم جواز تأخير الصلوة عن الطواف والظاهر ان المراد من الوجوب هو الوجوب الشرطي الذي مرجعه الى شرطية المبادرة في صحة الصّلوة وكون الاخلال بها موجباً للبطلان كسائر الاوامر والنواهي الواردة في العبادات والمعاملات حيث انّها ظاهرة في الارشاد الى الشرطية
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب السادس والسبعون ح ـ 1 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب السادس والسبعون ح ـ 5 .