(الصفحة 378)مسألة 14 ـ لو قصد الاتيان زائداً عليها او ناقصاً عنها بطل طوافه ولو اتمّه سبعاً، والاحوط الحاق الجاهل بالحكم بل السّاهي والغافل بالعامد في وجوب الاعادة 1 .
واستمرت السيرة العملية القطعية المتصلة بزمان المعصوم (عليه السلام) على رعايته ولاجله لم يقع التعرض له في الروايات ولم يقع في شيء منها السؤال عن الكلمية ومقدار الشوط كما وقع السؤال عنّ الحدّ ـ مثلاً ـ على ما عرفت في رواية محمد بن المسلم المتقدمة الواردة في حدّ الطواف بل الروايات الواردة في هذا المجال قد وقع التعرض فيها لبعض فروع هذا الامر ومسائله مثل الشك بين الستة والسبعة او الزيادة على السبعة او القران بين اسبوعين واشباهها نعم ورد في بعض الروايات الواردة في مقام بيان اعمال الحج والعمرة ومناسكهما التعرض للسبع بنحو الاجمال والعمدة ما مرّ من ان وضوحه اغني عن بيانه او السؤال عنه فلا شبهة في اصل اعتبار هذا الامر.
(1) في هذه المسئلة امران:
احدهما انه لو كان المقصود من اوّل الشروع في الطواف الاتيان بالزيادة بعنوان الجزئية للطواف او الاتيان بالناقص كذلك فطوافه باطل وان كان المأتي به خارجاً هي السبعة وذلك لعدم تعلق القصد بما هو الواجب وهو الطواف سبعة اشواط فلم يتعلق النية بما هو جزء للحج او العمرة وقد عرفت في اوّل مباحث واجبات الطواف لزوم رعاية النية المتعلقة بعنوان الطواف الواجب وعليه ففي الموردين ما وقع لم يقصد وما قصده لم يقع فهو كما لو قصد الاتيان بصلوة الصبح ـ مثلاً ـ ثلث ركعات او ركعة واحدة فانه لا يمكن ان يقع صحيحاً بوجه.
ثانيهما انه لا شبهة في الحاق الجاهل المقصر بالعامد في اعتبار الامر المذكور الذي يترتب عليه البطلان مع نيّة غيره زيادة او نقيصة وامّا الجاهل القاصر والساهي والغافل فهل يلحق به ام لا احتاط في المتن وجوباً بالالحاق ولعلّ الوجه في عدم الفتوى
(الصفحة 379)مسألة 15 ـ لو تخيل استحبابشوط بعد السبعة الواجبةفقصد ان يأتي بالسبعة الواجبة واتى بشوط اخر مستحبّ صحّ طوافه1 .
بذلك انه لم ينهض دليل لفظي على اطلاق جزئية سبعة اشواط ومدخليتها في الطواف حتى يكون مقتضاه عدم الفرق بين الموارد المذكورة بل قد عرفت ان عمدة الدليل هي السيرة العمليّة المستمرة ومن الظاهر ان السيرة دليل لبي لا اطلاق له بل القدر المتيقن منها العالم العامد ومن بحكمه من الجاهل المقصر فلا يشمل غيرهما من الموارد.
هذا ولكنك عرفت في اوّل مباحث الطواف في البحث عن مقتضي القاعدة وانه هل هي الركنية او عدمها ان التحقيق يقتضي المصير الى الرّكنية بالمعنى الخاص الموجود في لحج وهو كون الاخلال به موجباً للبطلان اذا كان عن عمد سواء كان عالماً او جاهلاً ولا يكون الاخلال الناشي عن مثل النسيان موجباً له لكنه فيما اذا كان الدليل على الجزئية دليلاً لفظيّاً صالحاً للتمسك باطلاقه فلو فرض وجوده في المقام فاللازم التفصيل بين صورة الجهل وبين صورة النسيان ومثله ومع عدمه كما في المقام لا وجه لالحاق شيء منهما بالعالم العامد وعليه فالاحتياط في المقام استحبابي لا وجوبي كما في المتن فتدبّر.
(1) الوجه في صحة الطواف في مفروض المسئلة ظاهر لانه لم يقصد بعنوان الطواف الواجب الذي هو جزء للعمرة او الحجّ الاّ سبعة اشواط واتى بها خارجاً بهذا العنوان غاية الامر انه اعتقد على خلاف الواقع استحباب شوط اخر زائد على ما هو الواجب من السبعة وعمل على طبق هذا الاعتقاد ولا دليل على قدحه في الطواف الواجب بل وجود الزائد كالعدم وعليه فلا مجال للاشكال في صحة طوافه وليس هذا الفرض مثل ما اذا زاد على سبعة اشواط عمداً او سهواً فان مورد، هناك وقوع المجموع بعنوان الطواف الواجب بخلاف ما هنا حيث ان الزائد قد اتى به بعنوان الاستحباب.
(الصفحة 380)مسألة 16 ـ لو نقص من طوافه سهواً فان جاوز النصف فالاقوى وجوب اتمامه الاّ ان يتخللّ الفعل الكثير فح: الاحوط الاتمام والاعادة، وان لم يجاوزه اعاد الطواف لكن الاحوط الاتمام والاعادة 1 .
مسألة 17 ـ لو لم يتذكر بالنقص الاّ بعد الرجوع الى وطنه ـ مثلاً ـ يجب مع الامكان الرجوع الى مكّة لاستينافه، ومع عدمه او حرجيّته تجب الاستنابة والاحوط الاتمام ثم الاعادة 2 .
(1) و (2) التفصيل المذكور في المتن بين ما اذا تجاوز النصف وبين ما اذا لم يتجاوز بالحكم بوجوب الاتمام في الصورة الاولى ووجوب اعادة الطواف من رأس في لصورة الثانية هوالمشهور بل عن الرياض: لا يكاد يظهر فيه الخلاف الاّ من جمع ممّن تأخر حيث قالوا: لم نظفر بمستند لهذا التفصيل بل الموجود في محكىّ التهذيب والتحرير والتذكرة والمنتهي انّ من طاف ستّة اشواط وانصرف فليضف اليها ولا شيء عليه. وحكي عن صاحب المدارك الاستشكال في الحكم بالصحّة واختصاصه بما اذا كان المنسىّ شوطاً واحداً.
وما ورد في هذا المجال روايتان:
احديهما موثقة الحسن بن عطيّة قال سأله سليمان بن خالد وانا معه عن رجل طاف بالبيت ستة اشواط قال ابو عبدالله (عليه السلام) وكيف طاف ستة اشواط قال: استقبل الحجر وقال اللّه اكبر وعقد واحداً فقال ابو عبدالله (عليه السلام) يطوف شوطاً فقال سليمان فانه فاته ذلك حتى اتى اهله قال: يأمر من يطوف عنه(1) . وذكر العلامة المجلسى (قدس سره) في المرأت في مقام بيان المراد من قوله: استقبل الحجر... انه كان منشأ غلطه انه حين ابتداء الشوط عقد واحداً فلمّا كملت الستّة عقد السبعة فظنّ الاكمال ولا اشكال في دلالة الرواية على
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الثاني والثلاثون ح ـ 1 .
(الصفحة 381)
صحة الطواف في موردها ولكنه لا اشعار فيها بالاختصاص بما اذا كان المنسىّ شوطاً واحداً لوجود الفرق بين ما اذا كان المورد مفروضاً في كلام الامام (عليه السلام)وبين ما اذا كان مذكوراً في كلام السّائل حيث انه يجري في الاوّل احتمال الاختصاص دون الثاني نعم حيث انه وقع في جملة من الموارد التفصيل بين صورتي التجاوز عن النصف وعدمه لا يبقى مجال للاستناد اليها بالاضافة الى صورة عدم التجاوز ايضاً وامّا ما في ذيل الرواية من قوله (عليه السلام): يأمر من يطوف عنه فيجري فيه احتمال لزوم الاستنابة في جميع الطواف واحتمال لزوم الاستنابة في خصوص الشوط الواحد المنسي وقد عبّر عنه بالطوّاف في الرواية في الجملة السّابقة.
ثانيتهما موثقة اسحق بن عمّار قال قلت لابي عبدالله (عليه السلام) رجل طاف بالبيت ثم خرج الى الصّفا فطاف بين الصفا والمروة فبينما هو يطوف اذ ذكر انّه قد ترك بعض طوافه بالبيت قال: يرجع الى البيت فيتم طوافه ثم يرجع الى الصّفا والمروة فيتمّ ما بقى(1) . وكلمة «البعض» وان كانت مطلقة بحسب اللغة شاملة للجزء القليل والكثير من المركب المشتمل على اجزاء متعددة الاّ انّها بحسب العرف ظاهرة في الجزء القليل الذي يكون اقلّ من النصف نعم مقتضي اطلاق السؤال وترك الاستفصال في الجواب انه لا فرق في الحكم المذكور بين ما اذا خرج الى الصفا للسعي بعد الطواف بلا فصل او اخّر السّعي حيث انّه يجوز تأخيره عن الطواف الى الليل كما سيأتى.
هذا والرواية في المقام منحصرة بهاتين الرّوايتين وامّا صحيحة الحلبي عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال قلت رجل طاف بالبيت واختصر شوطاً واحداً في الحجر قال: يعيد
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الثاني والثلاثون ح ـ 2 .
(الصفحة 382)
ذلك الشوط(1) . فلا ترتبط بالمقام لان موردها، اذا طاف من داخل الحجر جهلاً منه بلزوم كون الطواف واقعاً خارجاً عن الحجر ومورد البحث في المقام هو النسيان ولا يجب فيه اعادة مجموع الشوط حتى الاجزاء الواقعة صحيحة وعليه فالرواية لا تكون من روايات المقام وان عدّها صاحب الجواهر منها.
وكيف كان فقد ذكر صاحب الجواهر (قدس سره) بعد نقل الروايات المتقدمة ما لفظه: «قلت يمكن ان يكون مستند التفصيل المزبور فحوى ما تسمعه من النصوص في مسئلة عروض الحدث في الاثناء بل قد تقدم في بحث ان الحائض والنفساء اذا منعهما عذرهما عن اتمام العمرة يعد لان الى الافراد والقران من النصوص ما هو مشتمل على التعليل الشامل للمقام ففي خبر ابراهيم بن اسحاق عمن سئل ابا عبدالله (عليه السلام) عن امرأة طافت بالبيت اربعة اشواط وهي معتمرة ثم طمثت قال: تتمّ طوافها فليس عليها غيره ومتعتها تامة فلها ان تطوف بين الصفا والمروة وذلك لانّها زادت على النصف وقد مضت متعتها ولتستأنف بعد الحجّ(2). وخصوص المورد لا يقدح في عموم التعليل المؤيّد بما سمعت وفحوى ما تسمعه في المريض وغيره ممّا هو ظاهر في كون المدار في صحة الطواف تجاوز النصف وعدمه مضافاً الى فتوى الاصحاب».
هذا ولكن الظاهر ان دعوى توسعة دائرة التعليل وعمومها لمثل المقام مما يكون الاخلال بالطواف ونقصه من ناحية الجزء لامن ناحية الشرط مشكلة جدّاً بل يمكن ان يقال بانه لا دليل على العموم في ناحيه الشرط اذا كان الاخلال به اختياريّاً كما اذا احدث بعد التجاوز عن النصف اختياراً نعم فيما اذا عرض له الحدث من غير اختيار
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الواحد والثلاثون ح ـ 1 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب الخامس والثمانون ح ـ 4 .