(الصفحة 237)
الى انه خلاف الفتاوى بل الاجماع كما في الجواهر فالرواية تصير معرضاً عنها يكون مخالفاً لحديث الرفع ولما دلّ على ان الناسي أو الجاهل في باب الحج ليس عليه الكفارة إلاّ في مسألة الصيد ولما ورد في خصوص المقام من الرواية الصحيحة الدالة على اختصاص الكفارة بالمتعمد وانه لاشيء على الناسي والساهي والجاهل كصحيحة زرارة المتقدمة في أصل البحث فلا مجال للأخذ بهذه الصحيحة في المقام على انهما موافقتان لمذهب ابي حنيفة في الحكم بالدم في الخمسة.
هذا وامّا المناقشة في الصحيحة بكون أمرها دائراً بين الارسال كالرواية الثانية التي نقلها الكليني وبين كونها مسندة كما في نقل الشيخ كما في كلام بعض الاعلام (قدس سرهم) فمن الغرائب جدّاً فان الدوران انما يكون مورده ما اذا كان الراوي واحداً والامام الذي روى عنه واحداً فانه ـ ح ـ اذا كانت احدى روايتيه بنحو الارسال والاُخرى مسندة يكون أمر الرواية دائراً بين الارسال والاسناد ويخرج بذلك عن الحجية والاعتبار وامّا اذا كان الامام (عليه السلام) متعدداً فأي مانع من ان يكون نقله عن احدهما بنحو الارسال والآخر مسنداً ولا منافاة بين النقلين بوجه والمقام من هذا القبيل فان حريز روى الصحيحة عن الصادق (عليه السلام) بلا واسطة والمرسلة عن الباقر (عليه السلام) مع واسطة مجهولة ولا معنى للحكم بالدوران هنا بل الصحيحة باقية على حجيتها ووجود المرسلة لايقدح فيها بوجه هذا كلّه بالاضافة الى الخمسة وما زاد مالم يبلغ العشرة.
وامّا العشرة فلا شبهة في ان الكفارة فيها نصّاً واجماعاً هو دم شاة وقد وقع التصريح به في صحيحة ابي بصير المتقدمة كما انه لا شبهة في انه اذا كانت العشرة مجموع اليدين أو مجموع الرجلين تكون كفارة الدّم ثابتة وامّا اذا كانت مركبة من اليد والرجل كما اذا قلّم اظافير يد واحدة وكذا رجل واحدة فهل الكفارة الدم أو عشرة امداد
(الصفحة 238)
من الطعام ؟
صريح المتن هو الثاني حيث وقع فيه التصريح بانه لو قص من كل واحدة من اليد والرج لتسعة اظفار فعليه لكل واحد مدّ وقد تبع في ذلك صاحبي المسالك والجواهر (قدس سرهما).
والتحقيق يقتضي خلاف ذلك لأنّ المستند الوحيد في هذا المقام هي صحيحة ابي بصير المتقدمة وان جعل في الوسائل روايته متعددة وتبعه بعض الكتب الفقهية إلاّ ان الظاهر عدم كونها اُخرى كما أشرنا اليه مرارا.
وصحيحة ابي بصير الدالة على ثبوت المدّ لكلّ من ظفر لا مجال للاشكال في ثبوت الاطلاق لها بالاضافة الى ما دون العشرة فاذا قصّ اظفار احدى يديه وأربعة اظفار من رجليه ـ كلتيهما أو احديهما ـ فالحكم فيه هي تسعة امداد من الطعام مع عدم التجانس بين الاظفار لكون جملة منها من اليد وجملة اُخرى من الرجل ومن الواضح انّ مبنى الحكم ومستنده هي هذه الصحيحة وعليه فاللازم الالتزام بثبوت الاطلاق للضابطة الكلية المستفادة منها وهي ثبوت المدّ لكل ظفر فيما دون العشرة والحكم بانه لا فرق فيما دونها بين ان يكون الجميع من اليد أو من الرجل أو من كلتيهما على سبيل الاختلاط والتركيب.
فاذا كان الاطلاق ثابتاً لِلْمُعنيّى فالظاهر ثبوته بالنسبة الى الغاية وهي العشرة لأن الصحيحة مسوقة لبيان حكم كل من الصورتين وعليه فكما انه لا فرق فيما دون العشرة بين الفروض الثلاثة المذكورة كذلك لا فرق في العشرة بين تلك الفروض ولا مجال للتفكيك بين العنوانين فاذا كانت العشرة مركبة من اليد والرجل معاً فاللازم الحكم بثبوت كفارة الدّم فيها.
(الصفحة 239)
نعم هنا شيء ربما يمكن ان يوهم خلاف ذلك وهو ان التفريع المذكور بعده بقوله: فان قلم اصابع يديه ناظراً الى الاظفار المتجانسة وهي أظفار اليدين ولكن من الظاهر انّ التعرض لبعض الفروض في مقام التفريع لايوجب اختصاص الحكم به ولذا يستفاد منه حكم اظفار الرجلين ايضاً ولا شاهد على الاختصاص بالفرضين بل الظاهر شمول الحكم للفرض الثالث وهي صورة الاختلاط والشاهد على استفادة حكم الرجلين ايضاً السؤال الثاني لأبي بصير المشتمل على فرض الجمع بين اظفار اليدين والرجلين معاً فانه لو لم يكن حكم الرجلين مستفاداً من الجواب عن السؤال الاوّل لكان الاولى بل المتعيّن السؤال عنه قبل السؤال عن الجمع بين أظفار اليدين والرجلين معاً وقد عرفت انّ النسخة الصحيحة الملائمة مع كلمة «الفاء» ومع قوله: فقال هو اضافة كلمة «قلت» الظاهرة في السؤال الثاني قبل قوله فان قلّم اظافير يديه ورجليه معاً وعلى ما ذكرنا فالصحيحة تدلّ بالوضوح على انّ العشرة المركبة من اليد والرجل كفارتها ايضاً دم شاة.
ثم انّ المنسبق الى الذهن والمتفاهم العرفي من الصحيحة انّ ثبوت كفارة الدم فيما اذا بلغ عشراً انّما هو فيما اذا لم يتحقق التكفير عمّا دونه فلو فرض انه كفّر عقيب كلّ ظفر قصّه مدّاً من الطعام فالظاهر انه لا يترتب على قص الظفر العاشر الذي هو ظفر واحد بعد الكفارات المتعددة لما دونه إلاّ المدّ ولا يثبت كفارة الدم بمجرد قصّ ظفر واحد مع هذه الصفة كما انه لو كفر عقيب التسعة عن الجميع تسعة أمداد فقصّ الظفر العاشر فلا يترتب عليه إلاّ كفارة المدّ دون الدّم وهكذا في الفروض المشابهة حتى في مثل ما كفر عن ظفر واحد، فان ترتب كفارة الدم متوقف على العشرة بعده بحيث صار المجموع واحداً وعشرة ولا يكفي مجرّد تحقق العشرة في المجموع وهذا لا فرق فيه
(الصفحة 240)مسألة 42 ـ الكفارة لقصّ جميع اظفار اليد شاة، ولقصّ جميع اظفار الرجّل شاة، نعم لو قصّهما في مجلس واحد فللمجموع شاة إلاّ مع تخلّل الكفارة بين قصّ الاوّل والثاني فعليه شاتان، ولو قصّ جميع اظفار احديهما وبعض الاُخرى فللجميع شاة وللبعض لكلّ ظفر مدّ، ولو قصّ جميع احديهما في مجلس أو مجلسين وجميع الاُخرى في مجلس آخر أو مجلسين آخرين فعليه شاتان، ولو قصّ جميع أظفار يده في مجالس عديدة فعليه شاة وكذا في قصّ ظفر الرجل 1 .
بين القول بكون الموضوع لكفارة الدم هي العشرة المتجانسة كعشرة اليدين فقط أو الرجلين كذلك وبين القول بكون الموضوع أعمّ منها ومن العشرة المركبة المختلطة.
نعم على الاوّل ربما يتحقق الاشكال من جهة انه لو كفّر عن ظفر واحد فالعشرة المتجانسة لا تتحقق ـ ح ـ إلاّ على فرض كون الظفر المذكور من غير جنس البقية لعدم تحقق التجانس ـ ح ـ كما لو فرض انّه قصّ ظفراً واحداً من الرجل فكفّر ثم قصّ جميع اظفار اليد وإلاّ فلو فرض كون الظفر الذي كفّر عنه من اليد ثم قصّ ساير اظفارها وضم اليه واحداً من الرجل لايترتب عليه كفارة الدم لعدم التجانس ومن الواضح انه من المستبعد جدّاً فيصير مثل ذلك قرينة اُخرى على عدم اعتبار التجانس بوجه كما لايخفى.
(1) امّا ثبوت كفارة الشاة لقصّ جميع اظفار اليد أو جميع اظفار الرجل فقد مرّ البحث فيه في المسألة السابقة وتقدم انّ ذلك انّما هو فيما اذا لم يكن القصّ المذكور مسبوقاً بالتكفير عن بعض ما دون العشرة فضلاً عن جميعه وإلاّ لايترتب كفارة الشاة إلاّ اذا كان اللاحق على التكفير بالغاً الى العشرة مطلقاً أو خصوص المتجانسة على اختلاف الرأيين.
وامّا قصّ جميع اظفار اليدين والرجلين معاً فهو مورد للسؤال الثاني في صحيحة
(الصفحة 241)
ابي بصير المتقدمة وقد وقع التفصيل في جوابه بين ما اذا كان ذلك في مجلس واحد فعليه دم وبين ما اذا فعله متفرّقاً في مجلسين فعليه دمان، لكنه قد قيد في المتن الصورة الاولى بما اذا لم يتحقق التكفير بين القصين وانه مع تخلله بينهما ففيه ايضاً شاتان وهذا هو الظاهر لما عرفت في ذيل المسألة السابقة من ان المتفاهم العرفي من الصحيحة صورة عدم التخلل فكما انه في أصل ثبوت الشاة في العشرة يعتبر ذلك كذلك في ثبوت شاة واحدة في العشرين في مجلس واحد فلا اشكال في ذلك.
انّما الاشكال والمهم في هذه المسألة في ما لو قصّ جميع أظفار احداهما وبعض الاُخرى حيث انه في المتن تبعاً لصاحب الجواهر (قدس سره) الحكم بثبوت شاة بالاضافة الى عشرة اليد أو الرجل وبالاضافة الى البعض الزائد لكلّ ظفر مد.
وجه الاشكال انّ ظاهر الصحيحة المفصلة بين العشرة وما دونها بالحكم بثبوت كفارة الشاة في الاولى وثبوت المدّ لكل ظفر في الثانية ان العشرة الملحوظة فيها هي العشرة في مقابل النقيصة وما دونها لا خصوص عنوان العشرة في مقابل النقيصة والزيادة معاً وعليه فالعشرة في المقام انّما هي كالعشرة المعتبرة في قصد الاقامة في باب السفر الموجبة للاتمام في الصلاة والقاطعة لحكمه وتفريع قصّ اظفار اليدين عليه في الرواية على كون المراد بالعشرة ذلك لما عرفت من انّ التفريع يشتمل على بعض فروض المسألة والجواب عن السؤال الثاني فيها بما عرفت من التفصيل بين مجلس واحد وبين مجلسين بثبوت دم في الاوّل ودمين في الثاني يؤيد ما ذكرنا من انه مع بلوغ العشرة يرتفع كفارة المدّ وتتحول الى الدم والشاة، غاية الأمر ثبوت واحدة في بعض الموارد واثنتين في بعض الموارد الاُخر.
وبالجملة فظاهر الصحيحة التي حكم فيها بثبوت المدّ لكل ظفر وجعلت الغاية
|