(الصفحة 270)
الظاهر وخلاف ماهو المتعارف في باب السؤال والجواب انّ الأولوية انّما هي متحققة في ناحية المنطوق الذي يكون الحكم فيه الجواز وامّا في ناحية المفهوم الذي يكون الجزاء فيه عدم الجواز تكون الأولوية بالعكس لأن عدم جواز اللبس في صورة عدم الخوف لايستلزم عدم جواز الحمل ايضاً كما لايخفى.
ثانيها ما أفاده بعض الاعلام (قدس سرهم) ممّا يرجع مع توضيح منّا الى ان لا مغايرة بين الحمل بالمعنى اللغوي لا بالمعنى العرفي الذي أشرنا اليه وبين اللبس إلاّ بنحو العموم والخصوص مطلقاً نظراً الى ان اللبس من مصاديق الحمل بل أظهر مصاديقه وافراده والتعبير به في الجواب مع كون السؤال عن مطلق الحمل انّما هو لأجل غلبة اللبس في الخارج وكونه أظهر مصاديقه وعليه فمتعلق الحكم في الجواب هو الحمل بحسب الواقع وإلاّ يلزم عدم التطابق بين السؤال والجواب.
ويرد عليه ان حمل الرواية على خلاف المعنى العرفي وان كان موافقاً للمعنى اللغوي خلاف الظاهر جدّا.
ثالثها ما يستفاد من صاحب الجواهر (قدس سره) وهو ان حمل السلاح تارة يكون بنحو يصدق على الشخص الحامل انه مسلّح فكما يصدق على اللابس هذا العنوان كذلك يصدق على الحامل ايضاً مثل ما اذا أخذ السلاح بيده أو وضعه في جيبه أو في كمّه أو تحت لباسه فانه يصدق في جميع هذه الموارد عنوان «المسلح» واُخرى بنحو لايصدق على الحامل ذلك كما اذا وضعه في الصندوق الذي أخذه بيده وهو يحمله وعليه فيقال في الرواية ان ذكر عنوان الحمل في السؤال وعنوان اللبس في الجواب قرينة على كون المراد هو عنوان المسلّح الجامع بين اللابس وبين الحامل بالنحو الأوّل والظاهر انّ هذا التوجيه هو الظاهر ولا منافاة بين هذه الرواية وبين الروايات الدالة على حرمة عنوان
(الصفحة 271)
اللبس مثل:
صحيحة عبيدالله بن علي الحلبي عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال «انّ خ» المحرم اذا خاف العدوّ «و خ» يلبس السّلاح فلا كفارة عليه(1) . لكن مفادها ثبوت الكفارة في صورة اللبس من غير خوف العدو ولم يعرف به قائل كما في الجواهر.
وما رواه الصدوق باسناده عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: المحرم اذا خاف لبس السلاح(2). ولكن الظاهر عدم كونها رواية اُخرى لعبد الله بن سنان بل اتحادها مع روايته السّابقة وان كان بينهما الفرق في بعض الجهات. ورواية زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام)قال لابأس بان يحرم الرجل وعليه سلاحه اذا خاف العدو(3).
الجهة الثالثة في ان الظاهر ان الحكم يختص بما يعدّ عرفاً سلاحاً كالأمثلة المذكورة في المتن وامّا الآلات التي يستفاد منها في الحرب لكن بعنوان التحفظ والوقاية ولا يصدق عليها السلاح وعلى اللابس لها انه مسلّح كالدرع والمغفر والترس ونحوها فالظاهر انه لا دليل على حرمة لبسها وان حكى عن البعض التعميم لكن لا مستند له نعم يمكن ان يقال بالمنع في بعضها لأجل كونه موجباً لتغطية الرأس المحرمة على الرجل المحرم أو لأجل كونه شبيهاً للمخيط الذي يحرم لبسه كذلك وامّا من جهة الدخول تحت السلاح المأخوذ في روايات المقام فلا.
وقد انقدح من جميع ما ذكرنا ان الأقوى ما عليه المشهور من ان لبس السلاح في حال الاحرام حرام لا مكروه كما انه ظهر ان مقتضى التأمل في صحيحة عبدالله بن سنان
- (1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الرابع والخمسون، ح1.
- (2) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الرابع والخمسون، ح3.
- (3) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الرابع والخمسون، ح4.
(الصفحة 272)
هي حرمة احدى صورتي الحمل وعليه فما هو ظاهر المتن من كراهة حمل السلاح اذا لم يلبسه الظاهر بمقتضى اطلاقه انه لا فرق بين صورتي الحمل في الكراهة نظراً الى ان الحمل مغاير للبس غير وجيه لثبوت الحرمة في احدى الصورتين وعدم الدليل على الكراهة ايضاً في الصورة الاُخرى كما ان التقييد بصورة الظهور والاشتهار مع انه لايكون من هذا العنوان أثر في الروايات الواردة في المقام، لا وجه له ايضاً نعم حكى عن الحلبيين تحريم الاشتهار وان لم يكن معه لبس ولا حمل يصدق عليه انّه متسلح بل كان معلّقاً على دابة ونحوها.
نعم هنا روايات واردة في مورد الدخول في الحرمة كصحيحة حريز عن ابي عبدالله (عليه السلام)قال لاينبغي ان يدخل الحرم بسلاح إلاّ أن يدخله في جوالق أو يغيبه يعني يلفّ على الحديد شيئا(1) . ورواية ابي بصير عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال سألته عن الرجل يريد مكّة أو المدينة يكره ان يخرج معه بالسّلاح فقال: لابأس بان يخرج بالسلاح من بلده ولكن اذا دخل مكّة لم يظهره(2). وغير ذلك ممّا ورد في هذا الباب ولكن البحث في المقام في محرّمات الاحرام لا في أحكام الحرم وقد مرّ انه ليس في شيء من الروايات الواردة في هذا البحث اشعار بعنوان الاظهار وعدمه فالتقييد في غير محلّه.
ثم انّك عرفت انه لا كفارة في المقام وانه لا قائل بثبوتها فيه لكن الظاهر انّ اطلاق الكفارة ينصرف الى دم الشاة كاطلاق الدّم في كثير من الروايات الواردة في الكفارات ودعوى انّ مقتضى اطلاقها جواز الاكتفاء بقبضة من الطعام أو مدّ منه مدفوعة بثبوت الانصراف المذكور لكن الأمر سهل بعد عدم ثبوت القائل بها في المقام واِن كان
- (1) الوسائل، ابواب مقدمات الطواف، الباب الخامس والعشرون، ح1.
- (2) الوسائل، ابواب مقدمات الطواف، الباب الخامس والعشرون، ح2.
(الصفحة 273)
مقتضى المفهوم في بعض الروايات المتقدمة عبارة عن الثبوت. الى هنا انتهى ـ بحمد الله والمنّة ـ البحث في محرمات الاحرام ويتلوه البحث في الطواف ان شاء الله تعالى.
(الصفحة 274)