(الصفحة 280)
رجع الى اهله، قال اذا كان على وجه الجهالة اعاد الحج وعليه بدنة(1) . وفي نقل الصدوق باسناده عنه أنّه قد رواه عن ابي الحسن (عليه السلام) الاّ انّه قال سهى ان يطوف ولكن الامر سهل بعد ضعف الرواية بعليّ بن ابي حمزة والعمدة هي الصحيحة.
والسؤال فيها وان كان عن ترك طواف الفريضة جهلاً من دون التقييد بالحج الاّ ان يقال بظهور عنوان طواف الفريضة في خصوص طواف الحج وهو محل تأمل كما يظهر بملاحظة الروايات المشتملة على هذا العنوان الاّ ان التقييد بالحج في الجواب ظاهر في الاختصاص بالحج وعدم الشمول للعمرة وعليه فلا مجال للاستدلال بالصحيحة لحكم المقام الاّ ان يقال بانّ عمرة التمتع حيث تكون مرتبطة بالحج بحيث يعدّان عملاً واحداً ولذا لا يكتفي باحدهما اصلاً. ولا تكفي الاستطاعة المعتبرة بالاضافة الى احدهما فالرواية شاملة لعمرة التمتع لان ترك الطواف فيها ترك الطواف في الحجّ.
او يقال باستفادة حكم العمرة من طريق الاولوية نظراً الى انّ تأثير طواف الحج في حصول التحلّل واثره فيه يكون قليلاً لحصول عمدة التحلل بالاضافة الى اكثر محرمات الاحرام بسبب الاتيان بمناسك منى يوم النحر وتبقى حلية الصيد والطيب والنساء متوقفة على طواف الحج وطواف النساء بل حرمة الصيد في الحرم من احكام الحرم لا الاحرام فتدبر وعليه فاذا كان الاخلال بالطواف الذي له اثر قليل في التحلل موجباً لبطلان الحج من رأس ولزوم الاعادة فالاخلال بطواف عمرة التمتع الذي له دخالة مهمة في حصول التحلل يكون موجباً لبطلانها بطريق اولى.
او يقال بان كلمة «الحج» قد تطلق في مقابل العمرة كما في قوله تعالى: واتمّوا الحج والعمرة للّه ... وقد تطلق ويراد بها الاعم منها كما في موارد كثيرة وعليه فالظاهر
- (1) الوسائل، ابواب الطواف، الباب السادس والخمسون، ح 2.
(الصفحة 281)
ان الحج في الصحيحة انما يكون شاملاً للعمرة لا في مقابلها.
هذا ولكن شيء من هذه التوجيهات الثلاثة لا توجب حصول الطمأنينة للنفس بشمول الصحيحة لطواف عمرة التمتع ايضاً بحيث يمكن دعوى ظهورها فيه وعدم الاختصاص بالحج كما لا يخفى فاللاّزم ان يرجع في ذلك الى مقتضى القاعدة فنقول: قد وقع الاختلاف في مثل الصلوة من العبادات التي يكون معنى الركن فيها بطلان العبادة بالجزء الركني ولو في حال السّهو والنسيان في انّه اذا ثبت جزئية شيء لها وتردد امره بين كونه جزء ركنياً او غير ركني حتى لا يوجب الاخلال به سهواً موجباً للبطلان وكان لدليل الجزئية اطلاق شامل لصورة النسيان في ان مقتضى القاعدة هل هي الركنيّة او عدمها فالذي اختاره المحققّان النائيني والعراقي (قدس سرهما) هي اصالة الركنية المقتضية لكون الاخلال السهوي موجباً للبطلان ونحن قد اخترنا في محل هذا البحث من علم الاصول الذي هو ذيل مباحث الاقل والاكثر الارتباطي انّ القاعدة تقتضي عدم الركنية تبعاً للامام الماتن ـ قدّس سره الشريف ـ نظراً الى ان دليل الاعتبار والجزئية وان كان له اطلاق يشمل صورة النسيان ايضاً الاّ ان حديث رفع الخطأ والنسيان بمنزلة المقيّد لذلك الاطلاق كتقييد دليل نفى الحرج بالاضافة الى المطلقات وتكون نتيجة التقييد اختصاص الجزئية بغير صورة النسيان وكون دليل المطلق صادراً بعنوان القاعدة والضابطة التي يكون مقتضى الارادة الاستعمالية فيه كذلك وان كانت دائرة الارادة الجدية اضيق من دائرة الارادة الاستعمالية كما هو مقتضى الجمع بين العام والخاص وعليه فاطلاق دليل الجزئية يقيد بحديث رفع الخطاء والنسيان فتصير النتيجة ان مقتضى القاعدة اصالة عدم الركنية هذا في مثل الصلوة.
وامّا في باب الحج الذي عرفت ان معنى الركن فيه هو تأثير الاخلال عن جهل
(الصفحة 282)
ايضاً في البطلان دون الاخلال نسياناً فالّذي يمكن ان يقع في مقابل اطلاق ادلة جزئية الطواف لعمرة التمتع الشامل لصورة الجهل ايضاً انّما هو الحديث المزبور بالاضافة الى فقرة ما لا يعلمون ونحن وان اخترنا ان المرفوع في حديث الرفع ليس المؤاخذة واستحقاق العقوبة خلافاً لمثل صاحب الجواهر (قدس سرهما) القائل بان المعلوم ارادة نفي العقاب من حديث الرفع بل قلنا بان المرفوع عبارة عن كل ما يكون متعلقاً للجهل وعدم العلم سواء كان حكماً تكليفيّاً او وضعيّاً كالجزئية والشرطية واشباههما الاّ انه لا مجال لان يعامل معه معاملة رفع الخطاء والنسيان الذي عرفت انه بمنزلة التقييد بل نفسه وذلك لان النسيان امر خارجي يجتمع مع اطلاق دليل الجزئية وامّا عنوان ما لا يعلمون فهو لا يتحقق مع وجود الاطلاق الذي هو حجة معتبرة ومن الظاهر ان المراد ما لا يعلمون ما لا حجّة فيه ومن الواضح انّ الاطلاق حجة لا تصل النوبة معه الى تحقق عنوان ما لا يعلمون فكما ان اطلاق قوله تعالى: واحلّ الله البيع حجة معتبرة على صحة البيع المعاطاتي مثلاً كذلك اطلاق دليل جزئية الطواف لعمرة التمتع حجة ودليل على الجزئية في حال الجهل فلا يكون هنا عنوان ما لا يعلمون حتى يكون رفعه مقيّداً لذلك الاطلاق نعم لو لم يكن لدليل الجزئية اطلاق كما لو فرض ثبوت الجزئية من طريق الاجماع الذي يقتصر فيه على القدر المتيقن لكان التمسك بحديث الرفع مما لا مانع منه اصلاً لكن الموجود في المقام الادلة اللفظية الدالة على الجزئية الشاملة باطلاقها لصورة الجهل ايضاً فاللازم الاخذ بمقتضى الاطلاق والحكم بثبوت الجزئية في هذا الحال ايضاً المستلزم للبطلان مع الاخلال.
وقد انقدح مما ذكرنا ان مقتضى الاصل في باب الحج في مورد الشك في الركنية وعدمها هي الركنية وان كان مقتضاه في غير هذا الباب مثل الصلوة واشباهها هو عدم
(الصفحة 283)
الركنية كما عرفت وجهه فافهم واغتنم.
نعم ربما يقال كما قيل بان قوله (عليه السلام) اىّ رجل ركب امراً بجهالة فلا شيء عليه كما تقدم في بعض الروايات الواردة في رجل محرم دخل مسجد الحرام وعليه قميصه يدلّ على عدم البطلان في صورة كون الاخلال ناشياً عن الجهالة فيدل على اصالة عدم الركنية في باب الحج ايضاً.
ولكن الظاهر اختصاص مورده بما اذا ارتكب امراً وجوديّاً تعلّق الطلب بتركه وعدم ايجاده في الخارج فيدلّ على نفي الشيء على من ارتكب شيئاً من محرمات الاحرام من دون ان يختص بمورده وهو لبس المخيط وامّا دلالته على الاخلال بالامور الوجودية التي كان المطلوب فيها الوجود فممنوعة فان لابس المخيط ـ مثلاً ـ يصدق عليه أنّه ارتكب امراً بجهالة وامّا تارك الطواف في عمرة التمتع التي هي محلّ البحث فلا يصدق عليه هذا العنوان لانه لم يتحقق منه شيء حتى يقال انه ارتكب امراً فلا يشمل مثل المقام.
الجهة الرّابعة في انّه بعد بطلان عمرة التمتع بسبب ترك الطواف فيها عمداً ولو جهلاً هل يخرج من الاحرام ام لا وبعبارة اخرى هل يحصل له التحلل بمجرد البطلان ام لا يظهر من سيّد المدارك انّ فيه وجوهاً ثلاثة:
احدها وهو الذي يقتضيه التحقيق فعلاً ان يقال بالخروج عن الاحرام بمجرد الحكم ببطلان العمر لان العمرة عبارة عن امر مركب اعتباري لا تتحقق الاّ بالمجموع ولا يكون اجزائها مستقلة بل ارتباطية وفي مثله اذا لم يتحقق شيء من الاجزاء اللاحقة فذلك يؤثر في بطلان الاجزاء السّابقة كما في باب الصلوة فانّ الاخلال بشيء من اجزائها اذا كان موجباً لبطلانها يكون مرجعه الى ان الاجزاء السابقة كانها لم تتحقق ولم
(الصفحة 284)
توجد فوجود الاجزاء اللاحقة وصحتها شرط في صحة الاجزاء السّابقة بنحو الشرط المتأخر ومقتضى ذلك بعد فرض كون الاحرام من اجزاء العمرة وان وجّهنا ما في المتن من كون الطواف اوّل واجبات العمرة بالوجهين المتقدمين الاّ انّ شيئاً منهما لا يقتضي الخروج عن دائرة المركب الاعتباري الذي يسمى في الشرع بالعمرة ان يكون عدم تحققها موجباً لبطلان جميع الاجزاء السابقة التي منها الاحرام مع الاخلال بشيء من الاجزاء اللاحقة فمقتضى القاعدة ـ ح ـ المعاملة مع العمرة معاملة الصلوة ومثلها.
ثانيها ان يقال بانه يبقى على احرامه الى ان يأتي بالفعل الفائت في محلّه قال: ويكون اطلاق اسم البطلان عليه مجازاً كما قاله الشهيد في الحج الفاسد بناء على ان الاوّل هو الفرض.
ثالثها ان يقال بحصول التحلّل بافعال العمرة يعني العمرة المفردة قال: وجزم المحقق الشيخ علي في حواشي القواعد بالاخير ثم ذكر في ذيل كلامه ان المسئلة قوية الاشكال من حيث استصحاب حكم الاحرام الى ان يعلم حصوص المحلّل وانما يعلم بالاتيان بافعال العمرة ومن اصالة عدم توقفه على ذلك مع خلوّ الاخبار الواردة في مقام البيان عنه ولعلّ المصير الى ما ذكره ـ يعني الشيخ عليّ (قدس سرهما) ـ احوط.
ومنه يظهر انّ ما ذهب اليه المحقق الكركي هو الوجه الثالث لا الوجه الثاني كما نسب اليه بعض الاعلام (قدس سرهما) كما انه ظهر انّ الوجه الثاني وان احتمله صاحب المدارك في صدر كلامه لكنه عدل عنه في الذيل حيث جعل طرفى الاشكال بعد الحكم بقوته غير هذا الوجه فتدبّر ولهذا البحث تتمة بل تفصيل يأتي البحث عنه في شرح المسئلة الاولى الآتية انشاء اللّه تعالى. ثم انه قد تقدم البحث مفصّلاً في ان الملاك في ضيق الوقت هو فوات الجزء الركني من الوقوف بعرفات لا مجموع الواجب منه الذي هو