(الصفحة 287)
العمرة؟ فان قلنا بلزوم التجديد فمن الواضح انّ لازم التجديد بطلان الاحرام السابق لانه لا يجتمع بقائه مع لزوم التجديد بوجه وان قلنا بالعدم فذلك ينافي ما ورد من لزوم وقوع حج التمتع وعمرته بجميع ابعاضهما في سنة واحدة فهذا الاحتمال لا مجال له اصلاً.
كما انّ هنا احتمالا سادساً اشار اليه صاحب الجواهر وقد جعله بعض الاعاظم (قدس سرهم)مقتضى التحقيق وهو ان يقال بابتناء بطلان الاحرام بعد بطلان العمرة على كون الاحرام مأخوذاً بنحو الجزئية بالاضافة الى مجموع العمرة وامّا اذا كان الاحرام مأخوذاً بنحو الشرطية كشرطية الطهارة بالنسبة الى الصلوة فبطلان العمرة لا يوجب بطلان الشرط كما ان بطلان الصلوة بمثل الضحك والتكلم وزيادة الركن او نقصيته لا يوجب بطلان الطهارة المعتبرة فيها.
اقول انّ روايات العدول وكذا ما ورد في تمامية الحج بادراك احد المواقف الثلاثة وكذا ما ورد فيمن احرم للحج ولم يدرك المشعر اصلاً من انه يجعل حجّه عمرة مفردة وان كان شيء منها لا يشمل المقام الاّ ان الحكم ببقاء الاحرام الى السنة الآتية قد عرفت انه لا يمكن الالتزام به فيبقى الحكم ببطلان الاحرام وهو وان كان مقتضى القاعدة في بادى النظر الاّ ان لازمه الحكم ببطلان الاحرام بمجرد تحقق الصّد والحصر في المصدود والمحصور من دون ان يتوقف على ذبح هدى في المحلّ كما في الاوّل او في مكة او منى كما في الثاني في الجملة مع انه سيأتي في بحثهما عدم التحلّل بنفس صدّ العدو او مثله وحصر المرض بل لابد مما ذكر مع انه لو فرض وقوع نظيرهما في الصلوة لكان اللازم الحكم ببطلانها بجميع اجزائها بمجرّد تحقق احد العنوانين المانعين عن الاتمام.
(الصفحة 288)
فهذا يكشف عن انّ الاحرام في باب الحج او العمرة اذا تحقق صحيحاً لابد وان يكون هنا شيء يقع التحلّل به ولا يبطل بمجرّد بطلان الحج او العمرة بل قد عرفت في مسألة الحج الفاسد بالجماع انّه لابدّ وان يأتي بجميع مناسكه ولو قلنا بان الاوّل فاسد والثاني واجبه وعليه فدعوى كون الاحرام يتصف بالبطلان بمجرد بطلان العمرة كما عرفت في كلام بعض الاعلام (قدس سرهم) ممّا لا مجال لها اصلاً بل لابدّ من التحقيق فيما به يتحلّل من هذا الاحرام الّذي لا يتصف بالبطلان بذلك فنقول انّ ما يمكن ان يقع به التحلّل احد امرين:
الاوّل العدول الى حجّ الافراد والاتيان بالعمرة المفردة بعده كما في سائر موارد حجّ الافراد وقد جعله في المتن مقتضى الاحتياط الوجوبي بضميمة الاتيان بحج التمتع في العام القابل وجعله بعض الاعلام (قدس سرهم) مقتضى الاحتياط الاستحبابي بعد الحكم ببطلان الاحرام.
الثاني العدول الى عمرة مفردة والاتيان بمناسكها فقط والخروج عن الاحرام بسببه وقد مرّ في ذيل البحث السابق ان صاحب المدارك (قدس سره) بعد ان وصف المسئلة بكونها قوية الاشكال جعل احد الوجهين استصحاب بقاء الاحرام الى ان يتحقق ما يعلم حصول التحلل به وهي العمرة المفردة فجعلها بانّها يعلم الخروج عن الاحرام بسببها فيكون ذلك مفروغاً عنه عنده وان قال صاحب الجواهر (قدس سره) لم يحضرني الآن ما يدلّ على ذلك ـ يعني دعوى استفادته من الادلّة ـ .
وامّا ما افاده بعض الاعلام (قدس سرهم) في هذا المجال في بعض المسائل السابقة الواردة في كيفية عمرة التمتع الذي هو عين المقام من انّ الاحوط ان يأتى ببقية الاعمال بقصد الاعم من اتمامها حجّ افراد او عمرة مفردة فيأتي باعمال الحج رجاءً ثم يأتي بالطواف
(الصفحة 289)
والسعي بقصد الاعم من حج الافراد او عمرة مفردة وعليه الحج من قابل اذا كان واجباً عليه. فقد اورد عليه هناك بانه لا يكاد يلتئم مع الذوق الفقهي وما هو الثابت في ارتكاز المتشرعة لان لازمه التبعيض في العمل الواحد بالاتيان ببعض اجزائه بقصد خصوص عنوان واحد رجاء وبالبعض الآخر مردّداً بين العنوانين.
فالامر يدور بين الامرين الاوّلين وعليه فيمكن الاستشكال على ما في المتن بانّه ما الوجه في جعل مقتضى الاحتياط خصوص الوجه الاول بنحو التعين خصوصاً مع ما عرفت من مفروغية الوجه الثاني عند صاحب المدارك وقد اختاره المحقق الكركي قبله.
والذي يمكن ان يوجّه به ما فى المتن من تعين الوجه الاوّل انّ العدول مطلقا وان كان على خلاف القاعدة في جميع موارده من دون فرق بين الحج وسائر العبادات ولا يصار اليه الاّ مع اقتضاء الدليل له الاّ ان مقتضى التتبع انه في جميع موارد العدول الثابت في عمرة التمتع كما اذا ضاق الوقت عن اتمامها وادراك الحج بالمعنى الذي تقدم البحث فيه او صارت المرئة حائضاً بعد دخولها مكة ـ مثلاً ـ ويكون حيضها مانعاً عن الاتمام وادراك الحج لعدم حصول العدم حصول الطهارة لها بهذا المقدار يكون المعدول اليه هو حجّ الافراد ولا يوجد مورد يكون العدول فيه الى عمرة مفردة.
كما ان مقتضى التتبع ان العدول في الحج في موارد ثبوته يكون الى العمرة المفردة ولا يوجد فيها مورد يكون العدول الى غيرها وذلك كما ورد فيمن لم يدرك المشعر ايضاً من انه يعدل الى العمرة المفردة وغيره من سائر الموارد.
وعليه فالظاهر ان ما في المتن ناظر الى ما ذكرنا من مقتضى التتبع في كلا النسكين وان كان مع قطع النظر عن ذلك لا دليل على التعين في البين فتدبّر جيّداً.
(الصفحة 290)مسألة 2 ـ لو ترك الطواف سهواً يجب الاتيان به في ايّ وقت امكنه، وان رجع الى محلّه وامكنه الرجوع بلا مشقة وجب، والا استناب لاتيانه 1 .
(1) يقع الكلام في هذه المسألة في مقامات:
المقام الاوّل في ان ترك الطواف سهواً هل يكون مثل تركه جهلاً موجباً لبطلان عمرة التمتع ام لا فنقول قد نفى في الجواهر وجد ان خلاف معتدّ به في الصحة بل حكى عن الخلاف والغنية الاجماع عليه لكن المحكيّ عن الشيخ في كتابي الاخبار «التهذيب والاستبصار» وكذا عن الحلبي البطلان والكلام في هذا المقام تارة من جهة ما تقتضيه القاعدة مع قطع النظر عن الروايات الخاصّة الواردة في المسألة واخرى مع ملاحظة الرّوايات.
امّآ من الجهة الاولى فقد مرّ في مسألة ركنية الطواف انّ مقتضى القاعدة ثبوتها بالاضافة الى صورة الجهل وعدم ثبوتها بالنسبة الى صورة النسيان لما عرفت من ان حديث الرفع بلحاظ اشتماله على رفع الخطاء والنسيان يكون بمنزلة المقيّد في مقابل الطلاق ادلة الجزئية الشامل لصورة النسيان ايضاً ومقتضاه تخصيص الاطلاق بغير هذه الصّورة وعليه فمقتضى القاعدة عدم البطلان خصوصاً مع ان النسيان امر غير اختياري ومن البعيد ان يكون موجباً للبطلان المستلزم لِلْحَرَج بخلاف مثل باب الصلوة فلا اشكال من هذه الجهة.
وامّا من الجهة الثانية فقد ورد في هذا الفرض روايتان:
احديهما صحيحة هشام بن سالم قال سئلت ابا عبداللّه (عليه السلام) عمّن نسى زيادة البيت حتى رجع الى اهله فقال: لا يضرّه اذا كان قد قضى مناسكه(1) . وحكاه في الجواهر هكذا: عمّن نسى طواف زيارة البيت وقد حمل الشيخ الرواية على طواف
- (1) الوسائل، ابواب زيارة البيت، الباب الاوّل، ح 4.
(الصفحة 291)
الوداع مع انّه لا وجه له فانّ طواف الوداع امر مستحب لا يجب الاتيان به مع الالتفات وعدم النسيان ايضاً ولا دلالة لقوله (عليه السلام) اذا كان قد قضى مناسكه على كون المراد قضاء جميع المناسك حتى الطواف بل المراد قضاء سائر المناسك ما عداه وعليه فنفس السؤال خصوصاً من مثل هشام قرينة على ان المنسى كان امراً واجباً يجب الاتيان به مع عدم عروض النسيان كما ان قوله (عليه السلام) فى الجواب: لا يضرّه، ظاهر في انه لو لم يكن النسيان لكان الترك يضرّ به وهذا لا ينطبق على طواف الوداع بوجه كما ان الظاهر عدم كون المراد به طواف النساء بعد عدم كونه من مناسك الحج واجزائه بل واجب فيه يكون اثره حصول التحلل بالاضافة الى النّساء وعليه فالرواية بمقتضى اطلاقها الشامل للحج وللعمرة تدل على ان نسيان الطواف في عمرة التمتع لا يضر بحصتها ولا يوجب بطلانها بوجه.
ثانيتهما صحيحة على بن جعفر عن اخيه (عليه السلام) قال سئلته عن رجل نسى طواف الفريضة حتى قدم بلاده وواقع النّساء كيف يَصْنَع؟ قال: يبعث بهدى، ان كان تركه في حجّ بعث به في حجّ، وان كان تركه في عمرة بعث به في عمرة، ووكّل من يطوف عنه ما تركه من طوافه(1) . وحكى فى الجواهر بدل: طوافه، طواف الحج لكن الموجود في الوسائل مطابق لما ذكرنا، وقد حملها الشيخ (قدس سره) على طواف النّساء ولا وجه له ظاهراً فانّه ان كان الوجه في ذلك هو التعبير في السّؤال بمواقعة النساء المناسبة لطواف النساء لتوقف حلّيتهن عليه فمن الواضح انه لا دلالة له على ذلك لانّ طواف النساء المؤثر في حليّتهن هو الطواف الواقع بعد الطواف والسّعي لا مجرد طواف النساء في اىّ ظرف تحقّق.
- (1) الوسائل، ابواب الطواف، الباب الثامن والخمسون، ح 1.