(الصفحة 301)
ولكن من الواضح عدم صحة هذا الاستدلال لانّ الجاهل لا يشمل الناسي خصوصاً بعد ما عرفت من ثبوت الفرق بينهما من جهة ان النسيان لا يوجب البطلان بخلاف الجهل ولذا ورد في الجواب فيهما لزوم اعادة الحج مضافاً الى البدنة مضافاً الى ضعف سند الرواية الثانية بعليّ بن ابي حمزة.
كما انه قد يستدل بصحيحة معاوية بن عمّار قال سئلت ابا عبدالله (عليه السلام) عن متمتع وقع على اهله ولم يزر قال ينحر جزوراً وقد خشيت ان يكون قد ثلم حجّه ان كان عالماً وان كان جاهلاً فلا شيء عليه وسئلته عن رجل وقع على امرأته قبل ان يطوف طواف النساء قال عليه جزور سمينة وان كان جاهلاً فلا شيء عليه(1) . وحكاه في الجواهر في صدر كلامه في الصورة الاولى مكان فلا شيء عليه، فلا بأس به ولكنه حكى عن المدارك في ذيل كلامه مثل ما في الوسائل ولكن الظاهر مضافاً الى ظهور الرواية في طواف الحج وعدم شمولها لعمرة التمتع انّه لا دلالة لها على حكم الناسى خصوصاً بعد كون النسيان في العمرة غير موجب لبطلانها بحيث تجب الاعادة من قابل بخلاف الجهل الذي عرفت ان الترك معه يوجب بطلان العمرة ولزوم الحج من قابل وعليه فيمكن ان يكون الحكم في النسيان ثبوت الكفارة مكان الاعادة من قابل بخلاف الجهل الموجب للبطلان مضافاً الى دلالة الروايتين المتقدمتين الواردتين في الجاهل الدالتين على لزوم كلا الامرين.
وكيف كان فالعمدة في المقام هي صحيحة على بن جعفر الدالة على ثبوت كفارة الهدي الشامل للشاة ايضاً ولم تثبت شهرة على خلافها حتى يرفع اليد بسببها عنها غاية الامر نسبة القول بعدم الكفارة الى الاكثر والنسبة مضافاً الى عدم ثبوتها يكون المنسوب
- (1) الوسائل، ابواب كفارات الاستمتاع، الباب التاسع، ح 1.
(الصفحة 302)مسألة 3 ـ لو لم يقد رعلى الطواف لمرض ونحوه فان امكن ان يطاف به ولو بحمله على سرير وجب، ويجب مراعاة ما هو معتبر فيه بقدر الامكان والاّ تجب الاستنابة عنه 1 .
اليها فيها هو الاكثر وهو يختلف مع المشهور كما لا يخفي.
فالظاهر انه لا محيص عن الاخذ بمقتضى الصحيحة والحكم بثبوت كفارة الهدى كما اختاره بعض الاعلام (قدس سرهم) وان كان ظاهر المتن بلحاظ عدم التعرض للكفارة عدم ثبوتها كما لا يخفى نعم ذكر في المسألة الثانية عشر مما يجب بعد اعمال منى ما هذا لفظه «لو نسى و ترك الطواف الواجب من عمرة او حج او طواف النساء ورجع وجامع النساء يجب عليه الهدى ينحره او يذبحه في مكّة والاحوط نحو الابل، ومع تمكّنه بلا مشقة يرجع ويأتي بالطواف والاحوط اعادة السعي في غير نسيان طواف النساء ولو لم يتمكن استناب» وهو كما يدل على ثبوت الكفارة وهي الهدي الاعم من الابل كذلك يدل على ما ذكرنا من ان مقتضى الاحتياط الوجوبي اعادة السّعي ايضاً ثم انّك عرفت في بعض مباحث الجماع الذي هو من محرّمات الاحرام وقوع الاختلاف في نقل صحيحة معاوية بن عمار من جهة قول السائل: ولم يزر حيث وقع التعبير بـ «لم يقصر» في بعض الكتب الناقلة لها فراجع وعلى التقدير الاخير لا ترتبط بالمقام بوجه.
(1) اقول مقتضى القاعدة الاوّلية السارية في جميع الاعمال العبادية وهو لزوم صدور الفعل عن المكلّف مباشرة اوّلاً وكون صدوره عن ارادة واختيار ثايناً ان يكون الطواف ايضاً كذلك لانه من تلك الاعمال ومع كونه جزء للحج او العمرة ولكنه يجب ان يتحقق من المكلف مقروناً بقصد عنوانه ونية القربة كما سيأتي انشاء اللّه تعالى وعليه فاللاّزم في باب الطواف ان يطوف بنفسه بالنحو المذكور لكن لا يلزم فيه المشي على المطاف بل يمكن ان يتحقق راكباً كما حكي عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه طاف راكباً لكن
(الصفحة 303)
الركوب في المرتبة الاولى لابد وان يكون بحيث تستند الحركة والدوران حول الكعبة الى ارادة الطائف واختياره ليتحقق عنوان الطواف بنفسه هذا ولكن مع عدم القدرة على هذا النحو لمرض او كسر او كبر او غيرها تصل النوبة الى الطواف به وهو ان يطاف بحيث لا يكون منه ارادة ولا تستند الحركة الى نفسه وهو قد يكون في الموارد المذكورة التي يتحقق منه نيّة الطواف وقد يكون في مثل الاغماء الذي لا يشعر بالحركة ولا يتحقق منه نية الطواف بل ينويه وليّه وفي المرحلة الثالثة تصل النوبة الى النيابة التي مرجعها الى صدور العمل من النائب غاية الامر اقترانه بقصد النيابة عن المنوب عنه وهو الذي يعبّر عنه بالطواف عنه.
ويدل على ثبوت المرحلتين الاخيرتين وترتبهما على المرتبة الاولى وترتب الثالثة على الثانية الروايات المتعددة الواردة في المقام وملاحظة الجمع بينها فنقول.
منها صحيحة حريز عن ابي عبداللّه (عليه السلام) قال المريض المغمي عليه يرمي عنه ويطاف به(1) . والظاهر ان المراد بالمريض المغلوب في موثقة اسحق بن عمّار هو المغمى عليه حيث روى عن ابي الحسن (عليه السلام) في حديث قال: قلت المريض المغلوب يطاف عنه قال لا ولكن يطاف به(2). والظاهر اتحادها مع رواية اخرى لاسحق بن عمّار المذكورة بعدها في الوسائل وان كان مورد السؤال فيها مطلق عنوان المريض.
ومنها صحيحة اخرى لحريز عن ابي عبداللّه (عليه السلام) قال سئلته عن الرجل يطاف به ويرمى عنه فقال نعم اذا كان لا يستطيع(3).
- (1) الوسائل، ابواب الطواف، الباب السابع والاربعون، ح 1.
- (2) الوسائل، ابواب الطواف، الباب السابع والاربعون، ح 5.
- (3) الوسائل، ابواب الطواف، الباب السابع والاربعون، ح 3.
(الصفحة 304)
ومنها رواية ابي بصير انّ ابا عبداللّه (عليه السلام) مرض فامر غلمانه ان يحملوه ويطوفوا به فامرهم ان يخطّوا برجليه الارض حتى تمسّ الارض قدماه في الطواف(1) . والظاهر ان الامر الثاني ناش عن استحباب مماسّة القدمين للارض لا وجوبها لما عرفت من عدم الوجوب في المرحلة الاولى ايضاً وانه يجوز في تلك المرتبة الطواف راكباً ولازمه عدم المماسة المذكورة.
ومنها رواية يونس بن عبدالرحمن البجلّي قال سئلت ابا الحسن (عليه السلام) او كتبت اليه عن سعيد بن يسار انه سقط من جمله فلا تستمسك بطنه اطوف عنه واسعى؟ قال لا ولكن دعه فان برء قضا هو والاّ فاقض انت عنه(2).
ومنها صحيحة حبيب الخثعمي عن ابي عبداللّه (عليه السلام) قال امر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ان يطاف عن المبطون والكسير (الكبير خل)(3).
ومنها رواية الربيع بن خثيم قال شهدت ابا عبدالله الحسين (عليه السلام) وهو يطاف به حول الكعبة في محمل وهو شديد المرض فكان كلّما بلغ الركن اليماني امرهم فوضعوه بالارض فاخرج (فادخل خل) يده من (في) كوّة المحمل حتى يجرّها على الارض ثم يقول ارفعوني فلمّا فعل ذلك مراراً في كلّ شوط قلت له جعلت فداك يابن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) انّ هذا يشق عليك فقال انى سمعت اللّه ـ عزّ وجلّ ـ يقول ليشهدوا منافع لهم فقلت منافع الدنيا او منافع الآخرة فقال: الكلّ(4). وهذه الرواية قرينة ايضاً على عدم كون جرّ الرجل في رواية ابي بصير المتقدمة واجباً لانّ جرّ اليد غير واجب
- (1) الوسائل، ابواب الطواف، الباب السابع والاربعون، ح 10.
- (2) الوسائل، ابواب الطواف، الباب الخامس والاربعون، ح 3.
- (3) الوسائل، ابواب الطواف، الباب التاسع والاربعون، ح 5.
- (4) الوسائل، ابواب الطواف، الباب السابع والاربعون، ح 8.
(الصفحة 305)مسألة 4 ـ لو سعى قبل الطّواف فالاحوط اعادته بعده، ولو قدم الصّلوة عليه تجب اعادتها بعده 1 .
قطعاً والظاهر انّ جرّ الرجل مثله. ثم انه ذكر في ذيل هذه الرواية في حاشية الوسائل المطبوعة بالطبع الجديد انه في الفروع من الكافي والتهذيب الذي اخذ الرواية من الكليني ترك لفظة الحسين (عليه السلام) والظاهر انه زيادة من المصنف ـ يعني صاحب الوسائل ـ لانه رأى ان الربيع المتوفى سنة 61 (او) 63 لا يروي عن ابيعبداللّه (عليه السلام)ففسّره بالحسين (عليه السلام) ولكن يرد عليه اشكال آخر وهو رواية محمد بن الفضيل الرّاوي عن الكاظم (عليه السلام) عنه.
(1) والظاهر انّ المراد من موضوع المسألة هو السعي نسياناً قبل الطواف وتقديمه عليه كذلك وليس المراد هو التقديم عن عمد والتفات وذلك لانّ التقديم بهذه الصورة موجب لبطلان السعي لما سيأتي في مبحثه من اشتراط تأخره عن الطواف وصلوته وعليه فلا يتمشى منه قصد القربة بالاضافة الى السعي الذي قدمه على الطواف كذلك فلا معنى لوقوعه صحيحاً وعليه فالاحتياط الوجوبي بالاعادة الدالّ على احتمال وقوعه صحيحاً يكشف عن كون المراد صورة التقديم نسياناً.
مضافاً الى انه وقع التصريح في المتن في المسألة الرابعة من مباحث السعي الآتية بقوله (قدس سره): يجب ان يكون السعي بعد الطواف وصلوته فلو قدمه على الطواف اعاده بعده ولو لم يكن عن عمد وعلم. فانّ ظاهره ان لزوم الاعادة في صورة العمد والعلم مما لا خفاء فيه بوجه ولا يجرى فيه احتمال العدم وظاهرها وان كان الفتوى باللزوم في صورد النسيان ايضاً وهو يغاير المقام الذي حكم فيه بالاحتياط الوجوبي دون الفتوى لكن هذه المغايرة لا تنافي دلالة تلك المسئلة على بيان موضوع المقام.
ثم انه يرد على المتن انه لا وجه للتعرض لهذه المسئلة بكلا فرعيها في عداد