(الصفحة 317)
بالبطلان ولا يقول باعتبار مراسيل ابن ابي عمير ومثله ايضاً ولا يذهب الى انجبار ضعف سند الرواية باستناد الاصحاب اليها سلك طريقاً اخر للوصول الى صحة الفتاوى ومحصلّه انّ حدوث الحيض في اثناء الطواف وان كان نادراً جدّاً ولكنه قد كثر السؤال عنه في الرّوايات بخلاف صدور الحدث فانه مع كثرة الابتلاء خصوصاً من المريض والشيخ ونحوهما خصوصاً عند الرخام ومع ملاحظة افتقار الطواف الى زمان كثير ومع ذلك لم ينسب القول بالصّحة الى احد من الاصحاب بل تسالموا على البطلان وهو يوجب الوثوق بصدور الحكم من الائمة (عليهم السلام) ولو لم يكن كذلك لخالف بعض العلماء ولو شاذّاً فمن ذلك يستكشف الحكم بالبطلان.
ويرد عليه مضافاً الى منع كون عروض الحيض نادراً بخلاف الحدث فان الظاهر كون كليهما من المسائل المبتلى بها انّ وصول الحكم من ناحية الائمة (عليه السلام) هل يكون من غير طريق الرواية والسؤال والجواب او البيان الابتدائي او يكون كسائر الاحكام من طريق الرّواية لا مجال لادّعاء الاوّل بوجه وفي الفرض الثاني يسئل عنه ما الوجه في عدم نقل الروايات وعدم وصولها الينا فاللازم ان يقال امّا بدلالة الروايات الدالة على اصل شرطية الطهارة في الطواف على البطلان في هذا الفرض كما حققناه وامّا بصدور المرسلة المتقدمه عنهم الدالة على فتاوى الاصحاب وعلى اىّ تقدير يثبت المطلوب.
ثم انه ممّا ذكرنا ظهر ان الاحتياط الوجوبي المذكور في المتن الشامل مورده لهذا الفرض لا موقع له فانّه بعد تطابق النص والفتوى على البطلان لا تصل النوبة الى الاحتياط المذكور المتحقق بالاتمام بعد الوضوء ثم اعادة مجموع الطواف من رأس نعم لا تنبغي المناقشة في كون مقتضي الاحتياط الاستحبابي ذلك هذا تمام الطلام في لفرض الاوّل.
(الصفحة 318)
الفرض الثاني ما اذا عرضه الحدث بين النصف بالمعنى المذكور وتمامية الشوط الرّابع ومقتضي القاعدة فيه ايضاً البطلان لكن لابدّ من ملاحظة مفاد المرسلة المتقدمة تارة من جهة كلمة «النصف» المذكورة فيها وانه هل المراد منه هو النصف الصحيح يعني اربعة اشواط او النصف الكسرى اعنى ثلاثة ونصفاً واخرى من جهة عنوان التجاوز والاقليه المذكورين فيها.
امّأ من الجهة الاولى فربما يستبعد ان يكون المراد بالنصف هو النصف الواقعي الذي هو احد الكسور التسعة المعروفة نظراً الى انّه لو كان المراد بالنصف ذلك كان التعبير بالوصول الى الركن الثالث اسهل واولى فان النصف الكسرى هو الوصول الى الركن الثالث من دون فرق بين ما اذا كانت المسافة بينه وبين الكعبة قليلة او كثيرة فان الطواف حول الكعبة على نحو الدائرة والوصول الى الركن الثالث هو النصف على كل تقدير.
ويدفعه انه لو كان المراد بالنصف هو الشوط الرابع التام لكان التعبير بتمامية الشوط الرابع اسهل واولى لعدم احتماله خلاف المقصود بخلاف النصف الذي يجري فيه احتمالان فالاستبعاد المذكور في غير محلّه.
مضافاً الى انّ الحكم بالصحة قد رتب في الرواية لاعلى النصف بل على التجاوز عن النصف فاذا كان المراد من النصف اربعة اشواط فاللازم تحقق التجاوز عنه في الحكم بالصحة ولذا حكى في الجواهر عن المسالك والمحقق الكركي تفسير التجاوز عن النصف بالاربعة وهو يدل على عدم كون المراد من النصف اربعة اشواط وكيف كان تفسير النصف بذلك خلاف الظاهر جدّاً.
نعم يرد على ظاهر المرسلة عد تعرض الجواب بحسب الظاهر لجميع الصور التي
(الصفحة 319)
يدل عليه اطلاق السؤال وهو صيرورة الطائف الذي قد طاف بعض طوافه محدثاً لان الجملة الاولى متعرضة لحكم صورة التجاوز عن النصف والجملة الثانية لحكم صورة الاقل من النصف فيبقى حكم صورة النصف غير مذكور في المرسلة وهو بعيد جدّاً لان ظاهرها التعرض لحكم جميع الصّور فاللازم التامل في مفاد الرّواية وهنا بعض الروايات الاخر الواردة في الحائض ويمكن استفادة حكم المقام منها.
مثل رواية ابراهيم بن اسحاق عمّن سئل ابا عبدالله (عليه السلام) عن امرأة طافت اربعة اشواط وهي معتمرة ثم طمثت قال تمّ طوافها وليس عليها غيره ومتعتها تامّة ولها ان تطوف بين الصفا والمروة لانّها زادت على النصف وقد قضت متعتها فلتستأنف بعد الحج وان هي لم تطف الاّ ثلاثة اشواط فلتستأنف الحج فان اقام بها جمالها بعد الحج فلتخرج الى الجعرانة او الى التنعيم فليتعمر(1) .
والتحقيق في مفاد الرواية ان صيرورة المرئة حائضاً بعد تماميه الطواف اربعة اشواط تكون مفروضة في كلام السّائل من دون ان يكون مذكوراً في كلام الامام (عليه السلام)وقد حكم فيه بالصحة معلّلا بانّها زادت على النصف فيدل على ان ملاك الحكم بالصحة هي الزيادة على النصف المتحققة في الطواف اربعة اشواط ولكنه لا دلالة له على أنّه قبل تمامية الأربعة لا يمكن ان تتحقق الزيادة على النصف فيمكن ان تتحقق بزيادة ربع شوط واحد على النصف فهذا المقدار من الرواية شاهد على ان المراد من النصف ليس تمامية الشوط الرابع كما افاده بعض الاعلام (قدس سره) على ما عرفت كذلك شاهد على ان المراد بالتجاوز عن النصف ليس تمامية الشوط المذكور كما حكى عن الشهيد والمحقق الثانيين لان تطبيقه على مورد السؤال انّما هو باعتبار كونه احد مصاديق
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الخامس والثمانون ح ـ 4 .
(الصفحة 320)
التجاوز لا منحصراً به بالاضافة الى الاقل كما انه لا يكون منحصراً به بالاضافة الى الاكثر.
نعم يبقى الكلام في ذيل الرواية وهو قوله (عليه السلام): وان هي لم تطف الاّ ثلاثة اشواط فان الظاهر ان المراد به صورة عدم الزيادة كما انّ مقتضي التأمل في مفاد هذه الصّورة هو كون المراد بالزيادة المنفية هو تماميه الشوط الرابع فما زاد وهذا يظهر مع الالتفات اوّلاً الى كون هذه الصورة مفروضة في كلام الامام (عليه السلام) من دون ان يكون لها ارتباط بما هو المفروض في كلام السائل لان مورد كلامه صورة تمامية اربعة اشواط، ومع الدقّة ثانياً في انّ مقتضي رعاية المناسبة في بادي النظر عدم عنوان هذه الصورة بالعبارة المذكورة في كلام الامام (عليه السلام) لانه بعد ما عللّ الحكم بالصحة في مفروض السؤال بانّها زادت على النصف يظهر ان الملاك في الحكم المذكور هو عنوان الزيادة على النصف ففي جانب النفي والحكم بالبطلان واستيناف الطواف من رأس يكون التناسب موجباً لان يكون مورده وموضوعه هو عدم تحقق الزيادة على النصف كما في جميع موارد وجود التعليل اذا اريد بيان نفي الحكم المعلّل فان مورد النفي صورة عدم وجود العلة التي هي المناط في الحكم اثباتاً ونفياً وعليه فلابد ان يكون للعدول عن التعبير بعدم الزياده على النصف بالتعبير بانّها لم تطف الاّ ثلاثة اشواط وجه افتضي ذلك وهذا الوجه ليس الاّ ان المراد بالعبارة المذكورة عدم تمامية الشوط الرابع وان زادت على النصف الكسرى الذي هو المعنى الظاهر للنصف واذا كان المراد بها ذلك فيصير قرينة على ان المراد بالزيادة على النصف الواقعة علّة للحكم بالصحة في مورد السؤال هو تماميه الشوط الرابع فيظهر ـ ح ـ صحة ما حكى عن العلمين من تفسير التجاوز عن النصف بذلك فالرواية ـ ح ـ تدل على التفصيل في صورة عُرض الحيض
(الصفحة 321)
بين ما اذا كان عروضه بعد تمامية الشوط الرابع فيصح وبين ما اذا كان عروضه قبلها فيبطل وتجب عليها الاعادة.
ويؤيد ما ذكرنا بعض الروايات الاخر مثل رواية اسحاق بن عمار عن ابي الحسن (عليه السلام) في رَجُل طاف طواف الفريضة ثم اعتلّ علّة لا يقدر معها على اتمام الطواف فقال: ان كان طاف اربعة اشواط امر من يطوف عنه ثلاثة اشواط فقد تمّ طوافه وان كان طاف ثلاثة اشواط ولا يقدر على الطواف فان هذا مما غلب اللّه عليه فلا بأس بان يؤخّر الطواف يوماً او يومين فان خلته العلّة عاد فطاف اسبوعاً وان طالت علّته امر من يطوف عنه اسبوعاً ... الحديث(1) . فان هذه الرواية وان كان في سندها سهل بن زياد وتكون واردة في المريض الذي صار المرض مانعاً عن اتمام طوافه الاّ انه حيث يكون الفرضين فيها واقعين في كلام الامام (عليه السلام) وقد جعل الفرض الثاني هو الطواف ثلاثة اشواط في قابل الفرض الاول الذي هو تمامية اربعة اشواط يدل على ان المراد من الطواف ثلاثة اشواط هي صورة عدم تماميه الشوط الرابع وان كان زائداً على النصف بالمعنى الذي استظهرناه اوّلاً.
وبعد ذلك نرجع الى مفاد المرسلة المتقدمة التي هي المدرك في المقام وهو عروض الحدث في الاثناء فنقول ان المراد بالتجاوز عن النصف في الجملة الاولى بملاحظة ما ذكرنا هو تمامية الشوط الرابع وهو يصير قرينة على ان المراد بالاقل من النصف في لجملة الثانية بعد عدم امكان الالتزام بعدم تعرض الرواية لبعض الموارد الذي يشمله اطلاق السوال هو عدم تمامية الشوط الرابع وعليه فالمرسلة كما تدل على البطلان فيما اذا لم يبلغ النصف الكسرى كذلك يدلّ على البطلان فيما اذا بلغه وتجاوز
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الخامس والاربعون ح ـ 2 .