(الصفحة 350)
قال: ان كان طواف نافلة بني عليه، وان كان طواف فريضة لم يبن(1) . وموردها وان كان شوطاً او شوطين الاّ انّ الظاهر انه لا خصوصية فيهما بل يشمل الشوط الثالث وكذا الرّابع فما زاد واحتمال الاختصاص بما اذا لم تتحقق تمامية الشوط الرابع لا مجال له اصلاً ومجرد وقوع التفصيل في روايات الحدث العارض في اثناء الطواف بين تمامية الشوط الرابع بالحكم بالبناء على طوافه بعد الوضوء او الغسل وعدم تماميتها فيعيد الطواف من رأس لا دلالة له على كون مورد هذه الرواية هو قبل تمامية الشوط المذكور لعدم الارتباط بين المسئلتين بوجه وعليه فالظاهر انّ المراد من مورد الرواية كون الرجل في اثناء الطواف ولمّا يتم طوافه بعد كما انّ المراد من الخروج مع الرجل في حاجته هو مجرد الخروج عن الطواف ودائرة المطاف ومقتضي اطلاقه الشمول لما اذا كان الفصل الذي يستلزمه الخروج المذكور قصيراً غير قادح في الموالاة وعليه فمقتضي الرواية ان الخروج المذكور موجب للبطلان في طواف الفريضة دون النافلة وبهذه الصحيحة يقيّد اطلاق صحيحة صفوان الجمال قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام)الرجل يأتي اخاه وهو في الطواف فقال يخرج معه في حاجته ثم يرجع ويبني على طوافه(2). بالحمل على طواف النافلة فيصير المتحصل من الجمع بطلان طواف الفريضة بمجرد الخروج ورفع اليد عن الطواف لكن هذا لا ينطبق على مسئلة الموالاة لان النسبة بين عدم الموالاة وبين الخروج عموم من وجه لانه قد يتحقق الاخلال بالموالاة من دون خروج كما اذا جلس في اثناء الطواف ساعات متعددة في نفس دائرة المطاف وقد يتحقق الخروج من دون ان يخلّ بالموالاة كما اذا خرج ورجع بعد زمان يسير لا يوجب
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الواحد والاربعون ح ـ 5 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب الثاني والاربعون ح ـ 1 .
(الصفحة 351)
الاخلال بالموالاة وقد عرفت انّ مقتضي اطلاق صحيحة ابان الشمول لهذه الصورة ايضاً وعليه فلا يمكن الاستدلال بها لاعتبار الموالات التي هي محلّ البحث في المقام.
ثم انّ الروايات الواردة في عروض الحدث في الاثناء الدالة على التفصيل بين تمامية الشوط الرابع وعدمها لا يمكن ان يستفاد منها حكم المقام لانّها مضافاً الى دلالتها على الصحة بعد تمامية الشوط المذكور واعتبار الموالاة على تقديره لا يختص بما قبلها لانّ القائل به يقول باعتبارها مطلقا كما في جميع اجزاء الصلوة وركعاتها يكون موردها عروض الحدث غير الاختياري ولا تشمل الفصل الاختياري المانع عن تحقق الموالاة واشتمال بعض الروايات الواردة في عروض الحيض على التعليل بقوله (عليه السلام): لانّها زادت على النصف لا دلالة له على كون الزيادة على النصف انّما هي الملاك والمعيار في جميع الموارد بل يختص بموردها وما يشابهه مثل حدث الجنابة وبطريق اولى يشمل الحدث الاصغر ايضاً وامّا استفادة حكم المقام منها فلا مجال لها اصلاً.
لكن يظهر من المتن في مسئلة عشرين الآتية من مسائل الطواف ما لعلّه يغاير المقام حيث قال فيها: «لو قطع طوافه ولم يأت بالمنافي حتى مثل الفصل الطويل اتمّه وصحّ طوافه، ولو اتى بالمنافي فان قطعه بعد تمام الشوط الرابع فالاحوط اتمامه واعادته» فان قوله: ولو اتى بالمنافي يراد به بقرينة الصدر ما يشمل الفصل الطويل وظاهره اختصاص مورد الاحتياط الوجوبي بالاتمام والاعادة بما اذا كان القطع بعد تمام الشوط الرابع وعليه فاذا كان القطع قبل تمامه فالظاهر منه هو الحكم بالبطلان مع ان المذكور هنا في المتن ان اعتبار الموالات يكون بنحو الاحتياط الوجوبي مطلقا من دون فرق بين تمام الشوط الرابع وعدمه.
(الصفحة 352)القسم الثاني ما عدّ جزء لحقيقته ولكن بعضها من قبيل الشرط والامر سهل وهي امور:
الاوّل الابتداء بحجر (بالحجر ظ) الاسود وهو يحصل بالشروع من حجر (الحجر ظ) الاسود من اوّله او وسطه او اخره 1 .
وكيف كان فلم ينهض دليل على اعتبار الموالاة بالمعني المذكور في المتن في جميع اشواط الطواف والانصاف انه لم يقع التنقيح للمسئلة لا في كلام صاحب الجواهر (قدس سره)ولا في كلام غيره بل وقع الخلط بينها وبين مسئلة الخروج وكذا القطع وكذا عروض الحدث في الاثناء على ما اشرنا اليه فان ثبت هنا شهرة كما يظهر من الجواهر فاللازم الحكم بالاحتياط الوجوبي دون الفتوى بالاعتبار فتدبّر جيّداً.
(1) في هذا الامر جهات من الكلام:
الجهة الاولى في اصل اعتبار الابتداء في الطواف بالحجر الاسود والظاهر انه بعد استقرار السيرة العملية من جميع فرق المسلمين على الشروع في طوافهم من الحجر الاسود ووضوح اتصال هذه السيرة بزمان الرسول والائمة (عليه السلام) من دون ريب لاحاجة الى اقامة دليل اخر عليه لظهور عدم استقرار السيرة على مجرّد العمل بل المرتكز في ذهانهم انه لا يجوز الشروع في الطواف من غير الحجر الاسود ولعلّه لذلك لم يقع التعرض لاصل اعتباره في النصوص بل ظاهر بعض ما وقع فيه التعرض المفروعية من هذه الجهة وان المقصود بالافادة امر اخر مثل صحيحة معاوية بن عمّار عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر الاسود الى الحجر الاسود(1) . فان المقصود بالافادة هو بطلان الطواف ولزوم اعادته اذا اختار الاختصار وطاف من داخل حجر اسمعيل وذكر كون الطواف من الحجر الى الحجر انّما
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الواحد والثلاثون ح ـ 3 .
(الصفحة 353)
هو لاجل تسلّمه ووضوحه وان كان في البين مناقشة وهو انّ هذه الجهة لا ترتبط بالاختصار والطواف من داخل الحجر ولكن اصل المطلب من الوضوح بمكان لا ينثلم بمثل هذه المناقشات.
نعم يوجد في بعض الروايات ما لعلّ ظاهره في بادي النظر ينافي ما ذكرنا مثل صحيحة اخرى لمعاوية بن عمّار قال: قال ابو عبدالله (عليه السلام) كنّا نقول لابد ان نستفتح بالحجر ونختم به فامّا اليوم فقد كثر الناس (عليه)(1) .
ولكن الظاهر ان المراد منها هو الاستفتاح بالحجر والختم به استلاماً لا شروعاً في لطواف وختماً به ويدل عليه التعبير بقوله بالحجر ولو كان المراد هو الشروع لكان اللازم التعبير بـ «من الحجر» مضافاً الى ان كثرة الناس وازدحامهم تمنع عن الاستلام لاعن اصل الشروع في الطواف من الحجر ويؤيده كلمة «عليه» في بعض النسخ الدالة الى الازدحام على الحجر والتعبير باللاّبدية لشدة استحبابه لا لوجوبه حتى تكشف عن كون المراد الابتداء والختم بالحجر الاسود.
الجهة الثانية في انه هل اللازم الابتداء باوّل الحجر بحيث يمرّ كلّه او يكفي الابتداء به سواء كان من اوله او وسطه او اخره؟ المحكي عن العلاّمة بل غيره ممّن تأخر عنه هو الاوّل قال في المسالك: «والبدئة بالحجر بان يكون اوّل جزء منه محاذياً لاوّل جزء من مقاديم بدنه بحيث يمرّ عليه علماً او ظنّاً» قال في الجواهر: «ولم نعرف شيئاً من ذلك لمن سبق العلاّمة وعللّه في كشف اللثام بانه لازم من وجوب الابتداء بالحجر والبطلان بالزيادة على سبعة اشواط والنقصان عنها ولو خطوة او اقلّ فانه ان ابتداء بجزء من وسطه لم يأمن من الزيادة او النقصان».
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب السادس عشر ح ـ 1 .
(الصفحة 354)
والجواب عن الدليل الذي ذكره كاشف اللثام انه ما الفرق بين اوّل الحجر واخره حيث انه يمكن ان يبدء من الاوّل بحيث يأمن من الزيادة والنقصان ولا يمكن ان يبدء بالاخر كذلك مع انّ الوسط وان كان اوسع من الاوّل والاخر الاّ انه حيث يمكن جعل العلامة للنقطة التي شرع منها الطواف يتحقق الاطمينان بعدم الزيادة والنقصان هذا وقد وقع الخلاف بين اصحاب هذا القول في تعيين اوّل جزء من البدن وانه هل هو الانف او البطن او ابهام الرجلين وربما اختلف الاشخاص بالنسبة الى ذلك.
وكيف كان فالظاهر انه لم ينهض دليل على لزوم كون البدئة باوّل الحجر بل ظاهر بعض الروايات خلافه مثل ما رواه الصدوق باسناده عن محمد بن مسلم قال سمعت ابا جعفر (عليه السلام) يقول حدثني ابي انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) طاف على راحلته واستلم الحجر بمحجنه وسعي عليها بين الصفا والمروة(1) . والمراد بالمحجن هو العصا الذي له اعوجاج فان الطواف على الراحلة لا يتحقق مع مخاداة اوّل الحجر نوعاً.
ثمّ انه هل يجب قصد البدئة بالحجر بمعنى ان نفس الابتداء لابد وان يتعلق القصد به اَوْلا يجب القصد الاّ ان اللازم وقوع الطواف متصفاً بها مع عدم لزوم تعلق القصد بها ذكر في الجواهر بعد نفي الريب عن كونه احوط انّ الاقوى عدم اعتباره وذكر في لمدارك تفريعاً على اعتبار اصل البدئة قوله: فلو ابتدء الطائف من غيره لم يعتد بما فعله حتى ينتهي الى الحجر الاسود فيكون منه ابتداء طوافه ان جدّد النية عنده او استصحبها فعلاً. هذا ويمكن ان يقال بالفرق بين كون الابتداء معتبراً بنحو الجزئية وبين كونه معتبراً بنحو الشرطية فان كان على النحو الاوّل فاللازم تعلق القصد به كسائر اجزاء العبادات مثل الركوع والسجود وغيرهما من اجزاء الصلوة فانه لابد من تعلق القصد
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الواحد والثمانون ح ـ 2 .