(الصفحة 364)الاشواط فالاحوط اعادة الشوط والظاهر عدم لزوم اعادة الطواف وان كانت احوط 1 .
(1) الكلام في هذا الامر يقع من جهتين ولكن قبل البحث فيهما ينبغي التعرض لخصوصية حجر اسماعيل (عليه السلام) من جهة كونه من اجزاء البيت وابعاضه او خارجاً عنه بجميع اجزائه فنقول: انّ المحكي عن الدروس انّ المشهور كونه منه بل في التذكرة والمنتهي ان جميعه منه وفي الاوّل: انّ قريشاً لما بنت البيت قصرت الاموال الطيبة والهدايا والنذور عن عمارته فتركوا من جانب الحجر بعض البيت وقطعوا الركنين الشاميين من قواعد ابراهيم (عليه السلام) وضيقوا عرض الجدار من الركن الاسود الى الشامي الذي يليه فبقي من الاساس شبه الدكان مرتفعاً وهو الذي يسمّي الشاذروان. وروى عن عايشة ان النبىّ قال ستة اذرع من الحجر من البيت.
هذا ولكن الروايات الكثيرة المعتبرة ظاهرة بل صريحة في خلافه وان الحجر لا يكون من البيت بوجه ففي صحيحة معاوية بن عمّار قال سئلت ابا عبدالله (عليه السلام) عن الحجر أمن البيت هو او فيه شيء من البيت؟ فقال: لا ولا قلامة ظفر ولكن اسماعيل دفن فيه امّه فكره ان يوطأ فجعل عليه حجراً وفيه قبور انبياء(1) .
وفي رواية المفضّل بن عمر عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال الحجر بيت اسماعيل وفيه قبر هاجر وقبر اسماعيل(2).
وفي رواية الحلبي عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال سئلته عن الحجر فقال انّكم تسمونه الحطيم وانما كان لغنم اسماعيل وانّما دفن فيه امّه كره ان يوطأ قبرها فحجر عليه وفيه قبور انبياء(3).
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الثلاثون ح ـ 1 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب الثلاثون ح ـ 3 .
- (3) الوسائل ابواب الطواف الباب الثلاثون ح ـ 10 .
(الصفحة 365)
وفي رواية يونس بن يعقوب قال قلت لابي عبدالله (عليه السلام) انّي كنت اصلّي في الحجر فقال لي رجل لا تصل المكتوبة في هذا الموضع فان في الحجر من البيت فقال: كذب صلّ فيه حيث شئت(1) .
ويؤيده نفس دفن اسماعيل امّه فيه وكذا دفن شخصه وجملة من الانبياء فانه لم يعهد جعل البيت او جزء منه مدفناً ولو كان نبيّاً او مرتبطاً به وان قلنا بجوازه فلا ينبغي الارتياب في خروج الحجر من البيت وعدم كون البيت شاملاً ولو ببعض اجزائه اذا عرفت ذلك يقع الكلام في الجهتين اللتين اشرنا اليهما فنقول:
الجهة الاولى في اصل اعتبار هذا الامر وهو ادخال الحجر في الطواف والمعاملة معه من هذه الجهة معاملة الكعبة المعظمة فنقول ان الفتاوى وان تطابقت عليه الاّ ان الظاهر عدم بلوغه في الظهور والوضوح مرتبة الامر السابق والدليل عليه السؤال عنه في جملة من الرّوايات ولو كان مثله لم يحتج الى السؤال بوجه كما فيه.
منها صحيحة الحلبي على رواية الشيخ (قدس سره) عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال قلت له رجل طاف بالبيت فاختصر شوطاً واحداً في الحجر قال يعيد ذلك الشوط(2). وفيما رواه الصدوق: يعيد الطواف الواحد، وتوصيف الطواف بالوحدة قرينة على كون المراد به هو الشوط وقد استعمل كثيراً في الروايات في الشوط.
ومنها صحيحة حفص بن البختري عن ابي عبدالله (عليه السلام) في الرجل يطوف بالبيت فيختصر في الحجر، قال: يقضي ما اختصر من طوافه(3).
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والخمسون ح ـ 1 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب الواحد والثلاثون ح ـ 1 .
- (3) الوسائل ابواب الطواف الباب الواحد والثلاثون ح ـ 2 .
(الصفحة 366)
ومنها صحيحة معاوية بن عمّار عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر الاسود الى الحجر الاسود(1) .
ومنها رواية ابراهيم بن سفيان قال كتبت الى ابي الحسن الرّضا (عليه السلام) امرأة طافت طواف الحج فلمّا كانت في الشوط السابع اختصرت وطافت في الحجر وصلّت ركعتي الفريضة وسعت وطافت طواف النّساء ثم اتت مني فكتب (عليه السلام): تعيد(2).
والمستفاد من الجميع عدم جواز الاكتفاء بالطواف في الحجر بل اللازم ان يكون الحجر داخلاً في الطواف كالبيت وعليه فلا اشكال في هذه الجهة.
الجهة الثانية في انّه لو طاف في الحجر في جميع الاشواط السبعة المعتبرة في الطواف فلا اشكال في بطلان طوافه ولزوم اعادته من رأس من دون فرق بين صورتي العمد والسهو لاِِطْلاق السوال في الروايات وترك الاستفصال في الجواب وعليه فيترتب على تعمده ما يترتب على تعمد ابطال الطواف وعلى سهوه ما يترتب على ابطاله سهواً وقد مرّ الكلام في ذلك في اوّل مباحث الطواف فراجع.
وامّا لو طاف من داخل الحجر شوطاً واحداً ـ مثلاً ـ ففيه احتمالات اربعة: بطلان ذلك الشوط فقط ولزوم اعادته باجمعه من الحجر الى الحجر، وكفاية اتمام الشوط من موضع سلوك الحجر، ولزوم اعادة الطواف بجميع اشواطه والفرق بين تجاوز النصف وعدمه واللازم ملاحظة مفاد الروايات المتقدّمة فنقول:
امّا رواية الحلبي فموردها الاختصار في الشوط الواحد ومقتضي ظاهر الجواب لزوم اعادة نفس الشوط فقط غاية الامر بتمامه من الحجر الى الحجر فيدل على بطلان
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الواحد والثلاثون ح ـ 3 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب الواحد والثلاثون ح ـ 4 .
(الصفحة 367)
المقدار الذي سلكه من الحجر الاسود الى حجر اسماعيل ايضاً واطلاق السوال يدل على انّه لا فرق بين تجاوز النصف وعدمه وقد عرفت انه لا فرق بين نقلي الشيخ والصدوق لان المراد بالطواف بعد توصيفه بالوحدة هو الشوط الواحد فمفاد الرواية لزوم اعادة مجموع الشوط فقط لا مجموع الطواف.
وامّا رواية حفص فالسؤال فيها امّا يختصّ بالاختصار في الحجر في مجموع الطواف وامّا ان يكون شاملاً للاختصار في بعض الاشواط ايضاً، ويجري في جوابها احتمالان: احدهما ان يكون قوله من طوافه بياناً للموصول فالمراد ـ ح ـ انه يقضي الطواف الذي اختصره وثانيهما ان تكون كلمة «من» متعلقة بالاختصار فالمراد ـ ح ـ لزوم قضاء المقدار الذي اختصره فينطبق على الاحتمال الثاني من الاحتمالات الاربعة المتقدمة والاحتمال الاوّل الذي تكون كلمة «من» بيانيّة خلاف الظاهر وذلك لانه كان ينبغي التعبير بـ يقضي طوافه كما لا يخفى فالتعبير الموجود شاهد على كون المراد هو الاحتمال الثاني في كلمة «من» لكن في انطباقه على الاحتمال الثاني كلام يأتي التعرض له في ذيل البحث.
وامّا رواية معاوية بن عمّار فان كان المراد من السؤال هو الاختصار في جميع الاشواط كما هو ظاهره فمفادها لزوم اعادة الطواف من الحجر الاسود الى الحجر الاسود وان كان المراد منه مطلقاً شاملاً للاختصار في بعض الاشواط فتدل على لزوم اعادة مجموع الطواف في بعض الاشواط ايضاً.
وقد ظهر لك انه لا دلالة لشىء من الروايات على التفصيل بين تجاوز النصف وعدمه والظاهر ان منشأ احتماله هو التعليل الوارد في بعض روايات عروض الحيض بانّها زادت على الثلث وقد مرّ انه لا يجوز التمسك بهذا العموم في جميع الموارد مع ان
(الصفحة 368)
رواية ابراهيم بن سفيان المتقدمة واردة في الشوط السابع ودالة على لزوم الاعادة فهذا التفصيل لا وجه له اصلاً.
وامّا لزوم اعادة الطواف بجميع اشواطه فهو وان كان يدل عليه صحيحة معاوية بن عمّار بناء على ان يكون مورد السؤال فيها مطلقا وكذا رواية حفص بناء على ما عرفت الاّ ان صحيحة الحلبي باعتبار ظهورها في عدم لزوم اعادة غير الشوط الذي وقع فيه الاختصار صالحة لتقييد الاطلاق على فرض ثبوته فانه لا مجال لانكار ظهور صحيحة الحلبي في لزوم اعادة خصوص الشوط الذي اختصر فيه وعدم لزوم اعادة الطواف باجمعه ولا يكون منشأ هذا الظهور مسئلة المفهوم التي تكون مورداً للاختلاف على ما قرر في لاصول بل المتفاهم العرفى منها ذلك والاّ يلزم ان يكون التعبير بذلك الشوط في قل الشيخ وبالطواف الواحد في نقل الصدوق غير مناسب بل دالاًّ على خلاف ما هو المقصود فلا شبهة في ظهورها في عدم لزوم اعادة مجموع الطواف وسبب هذا الظهور يتحقق تقييد اطلاق صحيحة معاوية على فرض ثبوت الاطلاق لها وعليه فلا وجه لهذا الاحتمال وان كان احوط فبقي من الاحتمالات الاربعة احتمالان وقد عرفت انّ ظاهر صحيحة الحلبي لزوم اعادة الشوط الذي وقع فيه الاختصار بجميع اجزائه حتى من الحجر الاسود الى حجر اسماعيل مع انه وقع في نفسه صحيحاً واجداً للشرائط ولا يتحقق الاخلال بالموالات بدخول الحجر والخروج منه والانتهاء في ذلك الشوط الى الحجر ومع ذلك ظاهر الصحيحة لزوم اعادة الشوط بالاضافة الى ذلك الجزء ايضاً.
وامّا صحيحة الحفص فالظاهر منها وان كان تعلق قوله: من طوافه بقوله: اختصر، ويكون ظاهره البدوي لزوم الاعادة من موضع سلوك الحجر الاّ انّ هنا نكتة ترشدنا الى ظهورها في اعادة جميع الشوط وهي ان كلمة «الاختصار» على ما يظهر من موارد