(الصفحة 383)
سواء كان هو الاصغر والاكبر مثل الجنابة غير الاختيارية العارضة له بعد التجاوز عنه في الطواف يكون مقتضي عموم التعليل جريان الحكم فيه وامّا في مثل المقام فلا يحصل الاطمينان بالعموم المذكور ويمكن ان يقال بانّ ضمّ الروايتتين الواردتين في المقام مع ملاحظة انّ رواية ابن عطيّة وان كانت لا اختصاص له بخصوص ما اذا كان المنسىّ خصوص شوط واحد الاّ انّ الغاء الخصوصية منها ليس بمقدار يشمل ما اذا كان المنسىّ متجاوزاً عن النصف بل يشمل ما اذا كان شوطين او ثلاثة اشواط ورواية ابن عمّار يكون الظاهر من عنوان «البعض» المنسىّ من الطواف المتذكّر له في اثناء السعي هو البعض غير البالغ حدّ النصف على ما هو المتفاهم منه في الاستعمالات العرفية فانّ ضمّهما الى التعليل الذي يصلح لان يكون مؤيّداً وان كانت صلاحيته للاستدلال به مخدوشة على ما عرفت ينتج صحة التفصيل الذي ذهب اليه المشهور.
هذا ولكن بعض الاعاظم (قدس سره) على ما في تقريرات بحثه ناقش في الاستناد بعموم التعليل بوجوه عمدتها وجهان:
الوجه الاوّل ان التعليل الوارد في بعض روايات الحيض يكون بالتعبير بقوله (عليه السلام): لانّها زادت على النصف وقد بين في محلّه ان خبر انّ المفتوحة يؤول الى المصدر فيكون نظير قولنا اكرم زيداً لعلمه لا نظير قولنا اكرمه فانه عالم و ـ ح ـ يكون ملاكاً لا علّة والعلة التي يراد بها الموضوع يؤخذ بعمومها لان الحكم دائر مدارها وجوداً وعدماً بخلاف الملاك فان الحكم وان كان لا يمكن ان يكون بلا ملاك الاّ انه يمكن ان يكون الملاك موجوداً والحكم غير موجود لوجود مانع عنه نظير ان الصلوة لم تكن واجبة في صدر الاسلام مع كون الملاك ثابتاً فيها وذلك لوجود المانع وهذا بخلاف العلّة التي هي الموضوع فلا يمكن انفكاك الحكم عنها وجوداً وعدماً.
(الصفحة 384)
ويرد عليه انّ مرجع كلامه الى الفرق بين قوله: اكرم زيداً لانه عالم وبين قوله اكرم زيداً فانه عالم مع انه لا فرق بينهما في المتفاهم العرفي بوجه وان كان احدهما مع اللام وانّ المفتوحة والاخر مع الفاء وانّ المكسورة نعم يمكن قبول الفرق بين المثالين اللذين ذكرهما وامّا في المقام فَلا ويمكن ان يكون الاوّل الى المصدر المذكور في انّ المفتوحة لم يكن بمثابة ترجع الى كونه قائماً مقام المصدر في جميع الجهات وتمام الآثار فتدبر وكيف كان فالمناقشة في عموم التعليل من هذا الطريق لا تكون مقبولة بوجه.
الوجه الثاني تعارض عموم التعليل مع رواية حبيب بن مظاهر التي رواها عنه حمّاد بن عثمان قال: ابتدأت في طواف الفريضة فطفت شوطاً واحداً فاذاً انسان قد اصاب انفي فادماه فخرجت فغسلته ثم جئت فابتدأت الطواف فذكرت ذلك لابي عبدالله (عليه السلام)فقال: بئس ما صنعت كان ينبغي لك ان تبني على ما طفت ثم قال اما انه
ليس عليك شيء(1) . نظراً الى صراحتها في صحة الطواف مع قطعه لغسل انفه من الدّم مع انه لم يأت الاّ بشوط واحد فتخالف التعليل المذكور.
ولكنه اجاب عن هذا الوجه بضعف سند الرواية قال: فانه مع قطع النظر عن اصل اسناد الصدوق (قدس سره) الى حمّاد نقول: انه ضعيف بحبيب بن مظاهر فانه لو كان المراد به الشهيد بالطف فلا اشكال في وثاقته لكنه لم يكن في زمان ابي عبدالله (عليه السلام) وهذا الحديث مروّي عنه مع ان الراوي عنه هو حمّاد وهو كان في زمان ابي عبدالله (عليه السلام) فلا نعرف انّ حبيباً هذا من هو، الاّ ان يقال ان المراد من ابي عبدالله (عليه السلام) هو الحسين بن على (عليه السلام)(ولا جله وصفه صاحب الوسائل بالحسين في نقل الرواية) والمراد من
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الواحد والاربعون ح ـ 2 .
(الصفحة 385)
حبيب بن مظاهر هو الشهيد بالطف وان حماد بن عثمان في ذلك الزمان كان موجوداً وبقي الى زمان الصادق (عليه السلام) فهو من المعمرين ولكن مع ذلك كلّه هذا صرف احتمال لا يوجب تصحيح الخبر فيتعين طرحه لضعف سنده.
اقول: كما انه لا يجدي في تصحيح الخبر كون حمّاد من اصحاب الاجماع لما مرّ غير مرة من انّ كون الراوي من اصحاب الاجماع لا يراد به الاّ مجرد كونه مجمعاً على وثاقته وصحة روايته من حيث نفسه وامّا انه لا يحتاج الى النظر في حال من قبله في السّند فلا يستفاد من ذلك بوجه.
ويمكن ان يقال بانه على تقدير الصحة ايضاً لا تعارض بين الرواية والتعليل بعد كون مورده الحدث والرواية واردة في الخبث وعليه فالعمدة في مستند المشهور ما ذكرنا.
بقي الكلام في المسئلتين في امرين:
الامر الاوّل انه وقع في المتن بعد الحكم بوجوب الاتمام فيما اذا جاوز النصف استثناء صورة تخلل الفعل الكثير واحتاط فيه وجوباً بالاتمام والاعادة وهذا الاستثناء غير موجود في كلام المشهور والظاهر انه ليس المراد من تخلل الفعل الكثير ما يرجع الى الموالات فانه يمكن الاخلال بها من دون ان يتحقق الفعل الكثير وعليه فيقع الكلام في ستند هذا الاستثناء.
والظاهر ان مستنده رواية ابن عطية المتقدمة المشتملة على قول السائل فانه فاته ذلك حتى اتى اهله وجوابه (عليه السلام) بقوله يأمر من يطوف عنه نظراً الى ان الرجوع الى الوطن والاهل مستلزم للفعل الكثير عادة والجواب ظاهر في لزوم الاستنابة في مجموع الطواف لاخصوص الشوط الواحد المنسىّ وحيث انه لم يقع الفتوى به من المشهور
(الصفحة 386)مسألة 18 ـ لو زاد على سبعة سهواً فان كان الزائد اقلّ من شوط قطع وصحّ طوافه. ولو كان شوطاً او ازيد فالاحوط اتمام سبعة اشواط اخر بقصد القربة من غير تعتين الاستحباب او الوجوب وصلّي ركعتين قبل السّعي وجعلهما للفريضة من غير تعيين للطواف الاول او الثاني وصلي ركعتين بعد السعي لغير الفريضة 1 .
فاحتاط وجوباً بالجمع بين الامرين.
هذا ولكن الاستظهار المذكور محل نظر بل منع لما عرفت من انه يحتمل ان يكون المراد هو طواف الشوط الواحد وقد عبر في الرواية عن الشوط لواحد بالطواف وعليه فالاحتياط المذكور استحبابي كما ذكرناه في التعليقة.
الامر الثاني انه ربما يمكن ان يتخيل ان قوله (عليه السلام) في رواية ابن عطية: يأمر من يطوف عنه، ظاهر في جواز الاستنابة ولو مع القدرة على رجوعه بنفسه الى مكة وعدم كونه مستلزماً للحرج على خلاف ما اذا كان المنسي مجموع الطواف فان اللازم في المرتبة الاولى الرجوع بنفسه ومع عدم الامكان او استلزام الحرج تجوز الاستنابة.
والظاهر بطلان هذا التخيل وعدم ثبوت الاطلاق في مثل المقام فان الرجوع الى الاهل في تلك الازمنة كان ملازماً لعدم امكان الرجوع او حرجيّته وعليه فلا مجال لدعوى الاطلاق وترك الاستفصال بل الظاهر ثبوت الترتيب كما في المتن فتدبر.
(1) في هذه المسئلة فرعان:
الفرع الاوّل ما اذا زاد على سبعة اشواط سهواً وكانت الزيادة غير بالغة الى شوط كامل فيكون تذكره قبل البلوغ الى الركن العراقي الذي فيه الحجر الاسود والمحكي عن الشيخ وبني زهرة والبرّاج وسعيد والفاضل وصريح المحقق في الشرايع بل المشهور كما في الجواهر هو ما في المتن من لزوم القطع وصحة الطواف.
والدليل عليه رواية ابي كهمس قال سئلت ابا عبدالله (عليه السلام) عن رجل نسي فطاف
(الصفحة 387)
ثمانية اشواط قال ان ذكر قبل أن يبلغ الركن فليقطعه(1) . وفي نقل اخر زيادة: وقد اجزاء عنه وان لم يذكر حتى بلغه فليتمّ اربعة عشر شوطاً وليصل اربع ركعات(2).
وضعف السند منجبر بفتوى المشهور على طبقها والاستناد اليها لكن في مقابل الرواية صحيحة عبد الله بن سنان عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال سمعته يقول من طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتم اربعة عشر شوطاً ثم ليصلّ ركعتين(3). وحيث انّ الدخول في الثامن مطلق شامل لما اِذا دخل فيه واتمّه وما اذا دخل فيه ولم يتمّه تكون رواية ابي كهمس المفصلة بين الفرضين مقيدة لاطلاقها وموجبة لاختصاصها بالاوّل ودعوى اختصاص الدخول في الثامن بما اذا لم يتمّه ممنوعة جدّاً.
مع ان الروايات المتعددة الاتية في الفرع الثاني الدالة على الاتمام اربعة عشر اشواطاً يكون موردها تحقق الطواف ثمانية اشواط وظاهرها مدخلية التماميه المذكورة في الحكم بالاتمام وعدم تحققه بدونها فتكون قرينة على ان المراد بالدخول ايضاً ذلك.
الفرع الثاني ما اذا كانت الزيادة المفروضة شوطاً او ازيد والكلام فيه يقع من جهات:
الجهة الاولى في صحة الطواف المأتي به وعدم لزوم اعادته من رأس وبطلانه رأساً بحيث تجب اعادته كذلك فالمشهور هي الصحّة لكنه حكي عن الصدوق في المقنع انه قال: «وان طفت بالبيت الطواف المفروض ثمانية اشواط فاعد الطواف وروى: يضيف
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 3 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 4 .
- (3) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 5 .