(الصفحة 417)
انّ ما دلّ على انه لا شك لكثير الشك لا يختص بباب الصلوة والشك في عدد ركعاتها سواء كان الشك موضوعاً للحكم بالبطلان كما في الشك في صلوتي الصبح والمغرب ام موضوعاً للحكم بالبناء على الاكثر والاتيان بصلوة الاحتياط بعد تمامية الصّلوة ومقتضي اطلاق مثل هذا الدليل الشمول للطواف ايضاً غاية الامر انه احتاط في المتن استحباباً بالاضافة الى استنابة شخص وثيق لحفظ الاشواط والوجه فيه قلة الابتلاء بالطواف بخلاف الصّلوة مع الفرق بينهما ايضاً بعدم جواز التكلم في الصلوة وجوازه في الطواف واثر هذا الفرق امكان الاستعلام من الحافظ وامكان اخراجه من الغفلة على تقديرها في الطواف دون الصلوة وكيف كان فالعمدة ما عرفت من ثبوت الاطلاق لما دل على انه لا شك لكثير الشك مع ملاحظة حكومته على الادلة الدالة على ترتب الحكم على الشك كما قد حقق في محله.
الثاني الظن في عدد الاشواط وفي المتن انه بحكم الشك لكنه ذكر المحقق في الشرايع ان لا بأس ان يقول الرجل على غيره في تعداد الطواف لانه كالامارة. والظاهر ان مقصوده من الامارة هي العلامة التي تفيد الظن غالباً وحكى مثله صاحب الجواهر (قدس سره) عن القواعد وغيرها ومحكي النهاية والمبسوط والسرائر والجامع.
والعمدة في الحكم بجواز التعويل المذكور بعد لزوم احراز حجية الظن الذي يكون مقتضي الاصل في مشكوكة الحجية منه العدم وحجيته في باب ركعات الصلوة انّما هي لاجل قيام الدليل عليها ولا ملازمة بين الصلوة والطواف من هذه الجهة روايتان واردتان في المقام:
احديهما رواية سعيد الاعرج قال سئلت ابا عبدالله (عليه السلام) عن الطواف أيكتفي
(الصفحة 418)
الرجل باحصاء صاحبه فقال نعم(1) .
وسعيد الاعرج من رجال صفوان الذين يروي عنهم وقد اشتهر ان كل من يروي عنه فهو ثقة ولكنه لم يثبت كما في البرنطي وابن ابي عمير ولذا وصفه كاشف اللثام بالجهالة.
ثانيتهما رواية الهذيل عن ابي عبدالله (عليه السلام) في الرجل يتكلّ على عدد صاحبه في لطواف ايجزيه عنها (عنهما ظ) وعن الصبّي فقال نعم الا ترى انّك تأتمّ بالامام اذا صليت خلفه فهو مثله(2). ولكن هذه الرواية ايضاً ضعيفة بالهذيل وقد ذكر صاحب الجواهر ان النص والفتوى قد جعلت الاحكام المذكورة للشك في الطواف على وجه يظهر منه عدم اندراج المظنون معه في الحكم المذكور قال ولا ينافيه ما تقدم في بعض النصوص من قوله (عليه السلام): حتى تثبته او حتى نحفظه لامكان القول بان الظن اثبات له وحفظ له.
وهذا الكلام منه عجيب جدّاً ضرورة ان المراد من الشك في الطواف الذي جعل موضوعاً للاحكام المذكورة هو عدم العلم الشامل للظن ايضاً ويدل عليه صحيحة صفوان قال سئلته عن ثلاثة دخلوا في الطواف فقال واحد منهم احفظوا الطواف فلمّا ظنّوا انهم قد فرغوا قال واحد منهم معي ستة اشواط قال ان شكّوا كلّهم فليستأنفوا، وان لم يشكوا وعلم كل واحد منهم ما في يديه فلينبوا(3). ورواه الشيخ باسناده عن ابراهيم بن هاشم عن صفوان قال سئلت ابا الحسن (عليه السلام) ثم ذكر مثله الاّ انه قال: قال واحد معي
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب السادس والستون ح ـ 1 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب السّادس والستون ح ـ 3 .
- (3) الوسائل ابواب الطواف الباب السادس والستون ح ـ 2 .
(الصفحة 419)مسألة 25 ـ لو علم في حال السعي عدم الاتيان بالطواف قطع واتى به ثم اعاد السعى. ولو علم نقصان طوافه قطع واتمّ ما نقص ورجع واتمّ ما بقي من السّعي وصحّ لكن الاحوط فيها (فيه ظ) الاتمام والاعادة لو طاف اقل من اربعة اشواط وكذا لو سعي اقلّ منها فتذكّر 1 .
سبعة اشواط وقال الاخر معي ستة اشواط وقال الثالث معي خمسة اشواط فان قرينة المقابلة بين الشك واليقين في الرواية والحكم باختلاف حكمها تقتضي ان يكون المراد بالشك هو عدم العلم وان المناط في جواز البناء وعدم لزوم الاستيناف هو العلم غاية الامران الاطمينان والظن المتاخم لليقين علم بنظر العرف فيجوز البناء معه وامّا مجرد الظن فهو داخل في الشك الذي يترتب عليه لزوم الاستيناف وبذلك كُلِّة تظهر تمامية ما في المتن ولم تثبت شهرة على خلافه لعدم تعرض كثير لتحرير المسئلة كما في الجواهر كما انه ظهر انه لا فرق بين اسباب حصول الظن ولو كان السبب هو اخبار الغير المفيد للظنّ.
(1) في هذه المسئلة فرعان:
الفرع الاوّل ما لو تذكر في حال السعي انه ترك الطواف رأساً والحكم فيه وجوب قطع السعي والاتيان بالطواف واعادة السعي من رأس ويدل عليه مضافاً الى الرواية الأتية في الفرع الثاني صحيحة منصور بن حازم قال سئلت ابا عبدالله (عليه السلام) عن رجل بدأ بالسّعي بين الصفا والمروة قال: يرجع فيطوف بالبيت ثم يستأنف السّعي قلت ان ذلك قد فاته قال عليه دم الا ترى انّك اذا غسلت شمالك قبل يمينك كان عليك ان تعيد على شمالك(1) . ومقتضي اطلاق السؤال بعد وضوح عدم شموله لصورة العلم والعمد عدم الفرق بين صورة الجهل وفرض النسيان الذي هو محلّ البحث والكلام فعلاً كما ان
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الثالث والستون ح ـ 1 .
(الصفحة 420)
مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين صورة رفع النسيان في اثناء السعي وبين صورة رفعه بعده وعلى اىّ فالرواية تدل على البطلان في المقام.
ثم انه قد جعل في الوسائل صحيحة منصور روايتين مع وضوح اتحادهما وان كان بينهما الاختلاف في التعبير وفي الاشتمال على السؤال الثاني وعدمه.
الفرع الثاني ما لو تذكر في اثناء السعي نقصان الطواف وعدم تماميّته وقد افتى فيه في لمتن بلزوم اتمام كليهما غاية الامر لزوم اتمام الطواف اوّلاً والسعي ثانياً لكنه احتاط استحباباً بالجمع بين الاتمام والاعادة لو كان الطواف اقل من اربعة اشواط وكذا في السعي لو كان التذكر قبلها هذا ولكنه قال المحقق في الشرايع لو دخل في السعي فذكر انه لم يتم طوافه رجع فاتمّ طوافه ان كان تحاوز النصف ثم تمَّمَ السّعى. ومقتضاه لزوم اعادة الطواف من رأس لو لم يتجاوز النصف والمسئلة خلافية بالاضافة الى الطواف والى السعي كليهما فظاهر عبارة الشرايع التفصيل المزبور في خصوص الطواف وان الحكم في السّعي هو لزوم الاتمام مطلقا كما عن النهاية والسرائر والتذكرة والتحرير والمنتهي لكن المحكي عن المبسوط والقواعد لزوم استيناف السعي في صورة استيناف الطواف. وظاهر محكي النهاية والتهذيب والتحرير والتذكرة والمنتهي والنافع اطلاق اتمام الطواف كما في المتن.
والمستند الوحيد في هذا الفرع موثقة اسحاق بن عمّار قال قلت لابي عبدالله (عليه السلام)رجل طاف بالكعبة ثم خرج فطاف بين الصفا والمروة فبينما هو يطوف اذ ذكر انه قدترك من طواف بالبيت قال يرجع الى البيت فيتم طوافه ثم يرجع الى الصفا والمروة فيتم ما بقى، قلت فانه بدء بالصفا والمروة قبل ان يبدء بالبيت فقال يأتي البيت فيطوف به ثم يستأنف طوافه بين الصفا والمروة، قلت فما فرق بين هذين؟ قال
(الصفحة 421)
لانّ هذا قد دخل في شيء من الطواف وهذا لم يدخل في شيء منه(1) . وقد حكاها صاحب الجواهر مع الاختلاف في بعض العبارات.
ولا شبهة في ظهور الموثقة في اطلاق الحكم بالاتمام بالاضافة الى الطواف والسعي كليهما كما في المتن فان كلمة «من» في قوله قد ترك من طوافه انّما هي للتبعيض واطلاق البعض يشمل ما لو كان المتروك اقلّ او اكثر كما ان قوله: فبينما هو يطوف يشمل ما لو كان التذكر قبل الشوط الرابع او بعده، والشبهة الموجبة لسؤال الفرق انّما هي بالاضافة الى السّعي لعدم الفرق بين الفرضين بالنسبة الى الطواف بعد كون الحكم فيه الرجوع للاتيان بما نقص او بالجميع في فرض عدم الاتيان بشيء من اشواطه فالسؤال انّما هو بالنسبة الى السعي حيث ان الحكم فيه في الاوّل الاتمام وفي الثاني الاستيناف والجواب متضمن لبيان الفرق بالاتيان بشيء من الطواف في الاوّل وعدم الاتيان بشيء منه في الثاني.
وكيف كان فالموثقة ظاهرة فيما في المتن فيقع الكلام ـ ح ـ في مستند التفصيل المتقدّم المذكور في عبادة الشرايع ويظهر من الجواهر انّ الوجه في ذلك امران:
احدهما الاستظهار من كلمة الشيء التي وقعت في السوال الاول على وفق نقله حيث نقله هكذا: ثم ذكر انه قد بقي عليه من طوافه شيء ان المراد منها هي الاقل من النصف.
ويرد عليه مضافاً الى عدم وجود هذا التعبير في نقل الوسائل كما عرفت منع الاستظهار المذكور بالاضافة الى الموثقة وذلك بملاحظة التقليل الواقع في ذيلها بالنسبة الى الصورتين فان قوله قد دخل في شيء من الطواف لا يكون المراد من
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الثادلث والستون ح ـ 3 .