(الصفحة 430)
والمانعيّة كقوله (عليه السلام) لا تصلّ في وبرما لا يؤكل لحمه ولا تبع ما ليس عندك وعليه فليس الاخلال بالمبادرة موجباً لمخالفة حكم تكليفي نفسي بل موجباً لعدم وقوعها صحيحة اصلاً ثم ان هنا بعض الروايات الدالة على كراهة الاتيان بصلوة الطواف في بعض حالات الشمس كاحمراده وطلوعه او عدم جواز الاتيان بها بعد الغداة وبعد العصر وهو في وقت الصّلوة وهذه الروايات مضافاً الى ثبوت المعارض لها كصحيحة معاوية بن عمار المتقدمة والروايات الاخر لا تنافي اصل الحكم بوجوب المبادرة الى الصلوة بعد الفراغ عن الطواف فان البحث في هذه الجهة راجع الى نفس صلوة الطواف من حيث هي وهذا لا ينافي ثبوت الكراهة بل عدم الجواز في بعض الموارد والحالات ولا بأس بالتعرّض لما يدل على عدم الجواز وهي صحيحة على بن يقطين قال سئلت ابا الحسن (عليه السلام) عن الذي يطوف بعد الغداة وبعد العصر وهو في وقت الصلوة يصلّي ركعات الطواف نافلة كانت او فريضة؟ قال لا(1) .
ونقل في الوسائل عن الشيخ انه حملها على تأخير ركعتي الطواف عن الفريضة الحاضرة والظاهر انه ليس مراد الشيخ صورة تضيق وقت الحاضرة كما استفاده بعض الاعلام (قدس سره) بل كلامه يشمل صورة السعة ايضاً ولذا اورد عليه صاحب الجواهر (قدس سره) بانّ فيه منعاً ضرورة ان الاصل يقتضي التخيير بينهما كما عن الفاضل التصريح به لانهما واجبان موسّعان فلا وجه لترجيح احدهما على الاخر بل ان قلنا بفورية صلاة الطواف كما يشعر به بعض النصوص اتجه ـ ح ـ تقديمها على الفريضة كما هو واضح.
هذا ولكن تعارضها في موردها صحيحة ابن مسلم المتقدمة الدالة على وجوب الاتيان بصلوة الطواف قبل صلوة المغرب التي دخل وقتها فاللازم في مقام الجمع امّا
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب السادس والسبعون ح ـ 11 .
(الصفحة 431)
حمل صحيحة ابن يقطين على خصوص صورة تضييق وقت الحاضرة بقرينة صحيحة ابن مسلم حيث ان موردها صورة سعة وقت صلوة المغرب وعدم تضيّقها وامّا الحكم بالتعارض والتساقط ثم الرجوع الى صحيحة معاوية بن عمار الدالة على جواز الاتيان بها في اىّ ساعة من ساعات الليل والنهار من دون كراهة في البين فضلاً عن عدم الجواز والروايات الدالة على ان صلوة الطواف من جملة اربع صلوات او خمس التي تصلي في كل حال هذا وكلنك عرفت انّ مثل صحيحة ابن يقطين لا يكون دليلاً على الخلاف ففي اصل المسئلة وهو لزوم المبادرة في صلوة الطواف من حيث هي.
ثم انه ورد في بعض الرّوايات ما يدل على انّ الناس قد اخذوا من الحسنين (عليهما السلام)شيئاً واحداً مثل موثقة اسحق بن عمار عن ابي الحسن (عليه السلام) قال: ما رأيت الناس اخذوا عن الحسن والحسين الاّ الصلوة بعد العصر وبعد الغداة في طواف الفريضة(1) .
لكن في صحيحة محمد بن اسماعيل بن بزيع ما لعلّه ينافي ما في الموثقة قال سئلت الرّضا عن صلوة طواف التطوع بعد العصر فقال لا فذكرت له قول بعض آبائه ان النّاس لم يأخذوا عن الحسن والحسين (عليهما السلام) الاّ الصلوة بعد العصر بمكّة فقال نعم ولكن اذا رأيت النّاس يقبلون على شيء فاجتنبه فقلت ان هولاء يفعلون فقال لستم مثلهم(2).
قال المجلسى (قدس سره) في شرح الحديث: «اي على تجسس شيء فانهم يتجسّسون ويمنعون عن صلوة الطواف في ذلك الوقت وذلك علامة التشيع عندهم قال فان العامة ايضاً يفعلون فقال لستم مثلهم لانكم معروفون بالتشيع فاذا فعلتم احتجوا عليكم
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب السادس والسبعون ح ـ 4 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب السادس والسبعون ح ـ 10 .
(الصفحة 432)مسألة 2 ـ الشك في عدد الركعات موجب للبطلان، ولا يبعد اعتبار الظنّ فيه، وهذه الصلوة كسائر الفرائض في الاحكام 1 .
بخلاف بعض العامّة فانهم يعلمون انهم يوافقونهم في المذهب كذا خطر بالبال».
هذا ولكن الظاهر ثبوت الاشكال في مفاد الصحيحة من جهة دلالة الموثقة على ان ما اخذوا عن الحسنين (عليه السلام) كان بالنسبة الى صلوة طواف الفريضة مع ان مورد السؤال في لصحيحة كان هي صلوة طواف التطوع ومن جهة انّ المحكي عن ابائه (عليه السلام)فيها لا اشعار فيها بالاختصاص بصلوة الطواف ومن جهة الحكم بعدم الجواز رأساً والحكم بوجوب الاجتناب .
الجهة الثالثة في استحباب قرائة سورة التوحيد في الركعة الاولى من صلوة الطواف وسورة قل يا ايها الكافرون في الركعة الثانية وهو المشهور ويدل عليه صحيحة معاوية ابن عمار المتقدمة ولا مجال لتوهم كون ظاهرها بيان الكيفية وانّه لابد وان يؤتى بها كذلك بعد وقوعها في عداد المستحبات الكثيرة المذكورة فيها وعدم الفتوى بالتعين من احد من الاصحاب مضافاً الى خلو الروايات الواردة في مقام البيان عن ذكر هذه الخصوصية ولا موقع لحمل المطلق على المقيد في باب المستحبات بعد ثبوت المراتب فيها غالباً.
الجهة الرابعة جواز الاجهار بصلوة الطواف والاخفات لخلّو الروايات الواردة في مقام البيان عن التعرض لتعين احدى الخصوصتين مع انها لا تكون من الصلوات اللّيلية التي يؤتى بها جهراً ولا من الصلوات النهارية التي يؤتى بها اخفاتاً لوقوعها في جميع الساعات من ساعات الليل والنهار من دون كراهة فيجوز الاجهار بها والاخفات والجمع بينهما ايضاً كما لا يخفى.
(1) صلوة الطواف الواجب بمنزلة فريضة الصبح فيعتبر فيها جميع ما يعتبر في
(الصفحة 433)مسألة 3 ـ يجب ان تكون الصلوة عند مقام ابراهيم (عليه السلام) والاحوط الذي لا يترك خلفه، ولو تعذّر الخلف للازدحام اتى عنده من اليمين او اليسار، ولو لم يمكنه ان يصلّي عنده يختار الاقرب من الجانبين والخلف، ومع التساوي يختار الخلف ولو كان الطرفان اقرب من الخلف لكن خرج الجميع عن صدق كونها عنده لا يبعد الاكتفاء بالخلف لكن الاحوط اتيان صلوة اخرى في احد الجانبين مع رعاية االاقربية، والاحوط اعادة الصلوة مع الامكان خلف المقام لو تمكن بعدها الى ان يضيق وقت السّعي 1 .
الصلوات المفروضة وجوداً وعدماً كما انه يترتب عليها ما يترتب على فريضة الصبح من البطلان في الشك في عدد الركعات كما انه يعتبر الظنّ فيه كما يعتبر الظن في عدد ركعات مطلق الصلوات حتى مثل فريضة الصبح وبالجملة صلوة الطواف الواجب باعتبار كونها صلوة مفروضة يعتبر فيها جميع ما يعتبر فيها من طهارة البدن واللباس والطهارة من الحدثين واستقبال القبلة وغيرها وباعتبار كون ركعاتها اثنتين يجري فيها ما يجري في فريضة الصبح لعدم اختصاص شيء من الادلة بخصوص الفرائض اليومية ولا بخصوص صلوة الصبح فتدبّر.
(1) في هذه المسئلة جهات من الكلام:
الجهة الاولى في لزوم ان تكون صلوة الطواف الواجب عند مقام ابراهيم (عليه السلام)وهو المشهور كما في الجواهر لكنه جعل المشهور موفقاً لما في عبارة المحقق في الشرايع حيث قال في المسئلة الثالثة: يجب ان يصلي ركعتي الطواف في المقام حيث هو الآن فان منعه رخام صلّ ورائه او الى احد جانبيه وحكى عن الخلاف جواز فعلهما في غيره بل عنه الخلاف عن اجزاء الصلوة في غيره وعدم وجوب الاعادة، وعن الصدوقين جواز فعلهما في سائر مواضع المسجد في خصوص طواف النّساء والظاهر ان مستندة ما في قه الرضا الذي لم يثبت اعتباره.
(الصفحة 434)
وكيف كان العمدة في المقام قوله تعالى: واتخذوا من مقام ابراهيم مصلّي ويجري فيه احتمالات:
الاوّل ان تكون كلمة «من» للتبعيض يعني انه يجب اتخاذ بعض المقام مصلّي وايجاد الصلوة في ذلك البعض.
ويرد عليه انه لا يجتمع مع حمل المقام على معناه الظاهر وهي الصخرة التي قام عليها ابراهيم (عليه السلام) وفيها آثار قدمه وتكون ذراعاً في ذراع وذلك لان الصخرة المذكورة لايكون جميعاً قابلاً لان يتخذ مصلّي فضلاً عن بعضها فهو يغاير ما اذا قيل اتخذ من المسجد محلاً للعبادة واشتغل بالعبادة فيه فانه قابل للتبعيض نوعاً وتكون ابعاضه صالحة لوقوع العبادة فيها بخلاف المقام.
الثاني ان تكون كلمة «من» بمعني «في» ودالة على الظرفية يعني يجب ان تكون الصخرة المعهودة ظرفاً للصلوة بعد الطواف حكى ذلك عن كشف اللثام حيث قال: «لا بأس عندي بارادة نفس الصّخرة وحقيقة الظرفية بمعنى انه ان امكن الصلوة على نفسها فعل لظاهر الآية فان لم يمكن كما هو الواقع في هذه الازمنة صلّى خلفه او الى جانبيه».
ويرد عليه مضافاً الى انّ الظرفية لا تجتمع مع ما عرفت من كون الصخرة ذراعاً في ذراع لعدم امكان وقوعها بهذه المساحة ظرفاً للصلوة التي تحتاج الى هيئة السجود ايضاً ولا تكون الهيئة المعتبرة فيها منحصرة بالهيئة القيامية او المقعودية او الركوعية التي لا تحتاج الى ظرف وسيع انه لم ينقل عن النبى (صلى الله عليه وآله) وغيره الصلوة على نفس الصخرة ولو كانت واقعة لبانت.
الثالث ان تكون كلمة «من» للابتداء ومعنى الآية ـ ح ـ انه يجب الابتداء من