(الصفحة 229)
ورواية عمر بن يزيد التي في سندها ابنه محمد وهو لم يوثق عن ابي عبدالله (عليه السلام)قال: لابأس بحكّ الرأس واللحية مالم يلق الشعر وبحكّ الجسد مالم يدمه(1) .
ولا ينافيهما رواية زرارة قال سألت ابا عبدالله (عليه السلام) هل يحكّ المحرم رأسه ويغتسل بالماء؟ قال: يحك رأسه مالم يتعمّد قتل دابة الحديث(2). بعد كون اطلاقها محمولاً على صورة عدم الادماء خصوصاً مع كون الغالب عدم ايجاب حكّ الرأس لادمائه كما لا يخفى.
العنوان الرابع: عصر الدّمل وقد وردت فيه صحيحة معاوية بن عمّار انه سأل ابا عبدالله (عليه السلام) عن المحرم يعصر الدّمل ويربط عليه الخرقة فقال: لا بأس(3). ومقتضى اطلاق السؤال وترك الاستفصال وان كان هو عدم الفرق بين صورة خروج الدم وصورة عدمه خصوصاً مع كون عصر الدمل يتعقبه خروج الدم ايضاً غالباً إلاّ ان الرواية محمولة على صورة الضرورة للتأذي ببقاء الدّمل على حاله وعدم عصره بقرينة ما تقدم من الروايات.
العنوان الخامس: الجرب وقد وردت فيه موثقة عمّار بن موسى عن ابي عبدالله (عليه السلام)قال سألته عن المحرم يكون به الجرب فيؤذيه قال: يحكّه فان سال الدم فلا بأس(4).
وامّا قلع الضرس فهو من محرمات الاحرام وقد وقع البحث فيه مستقلاً وسيأتي انشاء الله تعالى.
- (1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثالث والسبعون، ح2.
- (2) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثالث والسبعون، ح4.
- (3) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب السبعون، ح1.
- (4) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الواحد والسبعون، ح3.
(الصفحة 230)الواحد والعشرون: قلم الاظفار و قصّها ـ كلاًّ أو بعضاً ـ من اليد أو الرجل من غير فرق بين آلاته كالمقراضين والمدية ونحوهما، والأحوط عدم ازالته ولو بالضرس ونحوه، بل الأحوط عدم قصّ الظفر من اليد الزائدة أو الاصبع الزائد وان لايبعد الجواز لو علم انّهما زائدان 1 .
ثم انه لم ينهض دليل على ثبوت الكفارة في الادماء وان حكى عن الدروس ان فدية اخراج الدم شاة وحكاه عن بعض اصحاب المناسك وعن الحلبي في حكّ الجسم حتى يدمي مدّ طعام مسكين لكن لم يعرف الدليل المعتبر على شيء منهما.
(1) الظاهر انه لا اشكال ولا خلاف في اصل الحكم وفي الجواهر بعد نفي وجدان الخلاف فيه بل ثبوت الاجماع بقسميه عليه قال: بلى في المنتهى والتذكرة نسبته الى علماء الامصار.
والأصل في المسألة النصوص المتعددة الواردة فيها وهي على طائفتين:
الطائفة الاولى: ما تدلّ لعى حرمة القصّ أو وجوب الابقاء بالمطابقة مثل:
صحيحة معاوية بن عمّار التي رواها الشيخ (قدس سره) عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل المحرم تطول اظفاره قال: لايقصّ شيئاً منها ان استطاع، فان كانت تؤذيه فليقصّها «فليقلمها خ ل» وليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام(1) .
قال في الوسائل بعد نقل الرواية: ورواه الصدوق في المقنع مرسلا.
ولكنه رواه في باب آخر عن الصدوق مسنداً بسند صحيح مع اضافة قوله في السؤال: أو ينكسر بعضها فيؤذيه(2).
ودلالتها على حرمة القصّ بالمعنى الأعم الشامل لمطلق الإزالة والقطع ظاهرة
- (1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب السابع والسبعون، ح1.
- (2) الوسائل، ابواب بقية كفارات الاحرام، الباب الثاني عشر، ح4.
(الصفحة 231)
خصوصاً لو فرض كون التعبير في صورة الايذاء بالقلم كما في بعض النسخ كما ان دلالتها على حرمة قصّ شيء من الاظفار ايضاً كذلك وعليه فتدلّ على حرمة قصّ ظفر أصبع واحد بل بعضه والاستطاعة المأخوذة في لسان الدليل يكون المراد هي الاستطاعة العرفية كسائر العناوين المأخوذة في الادلّة والظاهر انّ مقابلتها مع الأذية تقتضي ان لايكون المراد بالأذية مطلقها الشامل لما اذا كانت قابلة للتحمل عادة ولا تكون موجبة للعسر والجرح بل خصوص الأذية غير القابلة لذلك الواقعة في مقابل الاستطاعة العرفية وكيف كان فلا شبهة في دلالة الرواية على الحرمة بالمطابقة.
وموثقة اسحاق بن عمّار عن ابي الحسن (عليه السلام) قال سألته عن رجل أحرم فنسي ان يقلّم اظفاره، قال: فقال يدعها قال قلت انّها طوال قال وان كانت قلت فان رجلاً أفتاه أن يقلّمها ويغتسل ويعيد احرامه ففعل قال: عليه دم(1) .ورواه صاحب الوسائل في موضع آخر(2) وقد توهم لأجله انّهما روايتان مع وضوح انّهما رواية واحدة خصوصاً مع عدم الاختلاف بينهما في العبارة إلاّ يسيراً كتوصيف الرجل المفتى بكونه من أصحابنا ومثل ذلك.
وظاهر ان مرجع الضمير وان كان هو المحرم الذي قلّم اظفاره استناداً الى فتوى الرجل الذي هو من اصحابنا إلاّ ان الظاهر كون المراد منه هو الرجل المفتى لوجهين:
الاوّل دلالة الروايات المتعددة على نفي ثبوت الكفارة في المقام بالاضافة الى الناسي والساهي والجاهل وسيأتي التعرض لبعضها ومن المعلوم كون المحرم في مورد الرواية جاهلاً واستند في عمله الى فتوى المفتى.
- (1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب السابع والسبعون، ح2.
- (2) الوسائل، ابواب بقية كفارات الاحرام، الباب الثالث عشر، ح2.
(الصفحة 232)
الثاني التصريح بذلك في رواية اسحاق الصيرفي قال: قلت لأبي ابراهيم (عليه السلام) انّ رجلاً أحرم فقلّم اظفاره وكانت له اصبع عليلة فترك ظفرها لم يقصّه فأفتاه رجل بعدما أحرم فقصّه فأدماه فقال على الذي أفتى شاة(1) . والظاهر عدم مدخلية الادماء في ثبوت الكفارة على المفتي خصوصاً بعد عدم تجاوز الفتوى عن حدّ القصّ وان حكى عن المشهور الفتوى بذلك مقيَّداً بالادماء نظراً الى هذه الرواية.
الطائفة الثانية: ما تدلّ على الحرمة بالدلالة الالتزامية لدلالتها على ثبوت الكفارة مثل:
صحيحة زرارة عن ابي جعفر (عليه السلام) قال: من قلّم اظافيره ناسياً أو ساهياً أو جاهلاً فلا شيء عليه ومن فعله متعمّداً فعليه دم(2). وسيأتي البحث انشاء الله تعالى في مسألة الكفارة ان الجمع المضاف الواقع فيها هل يكون المراد به خصوص الجميع أو الأعم منه ومن البعض ثم انه لا فرق في هذا المحرّم بين الرجل والمرأة وان وقع التعبير بالاوّل في جملة من الروايات لكن الظاهر انه لا خصوصية له خصوصاً بعد التعبير بـ «من» في صحيحة زرارة كما انه لا فرق بمقتضى الاطلاق بين اليد والرجل والظاهر انه لا فرق بين آلات القطع لدلالة بعض الروايات على وجوب الابقاء المنافي للقلع ولو بالضرس ونحوه وعليه فالظاهر عدم الجواز بمثله ايضا.
واما اليد الزائدة والأصبع الزائد فظاهر المتن التفصيل بين ما اذا كان الزائد منهما مشخّصاً معلوماً فنفى البعد عن الجواز فيه، وبين ما اذا لم يكن مشخّصاً فاحتاط وجوباً عدم القصّ والقلم.
- (1) الوسائل، ابواب بقية كفارات الاحرام، الباب الثالث عشر، ح1.
- (2) الوسائل، ابواب بقية كفارات الاحرام، الباب العاشر، ح5.
(الصفحة 233)مسألة 41 ـ الكفارة في كل ظفر من اليد أو الرجّل مدّ من الطّعام مالم يبلغ في كل منهما العشرة فلو قصّ تسعة أظفار من كل منهما فعليه لكل واحد مد 1 .
والظاهر انه لا فرق بين الصورتين في عدم الجواز فان كون اليد زائدة أو الأصبع كذلك لاينافي اضافة الظفر الى الرجل المحرم غاية الأمر انّه انسان له خصوصية كذا ولا يكون الزائد خارجاً عن الجزئية له والاضافة اليه ولذا يجب غسلهما خصوصاً في باب الغسل الذي يعتبر فيه غسل جميع البدن، ودعوى انصراف الادلة المانعة عن ظفر الأصبع الزائد أو اليد الزائدة ممنوعة جدّاً خصوصاً لو قلنا بان الجمع المضاف الى الضمير في مثل قوله: اظافيره ظاهر في جميع الاظافير وهذا هو الذي قواه الفخر وتبعه الشهيد وان احتمل صاحب الجواهر خلافه.
(1) المشهور انّ ثبوت الكفارة بالاضافة الى كل ظفر مالم يبلغ العشرة بالاضافة الى كل من اليد والرجل انّما هو بمقدار مدّ من طعام وظاهرهم تعيّن نفس المدّ وانه لايجتزي بقيمته.
لكن حكى عن الاسكافي انه قال: في الظفر مُدٌّ او قيمته حتى يبلغ خمسة فصاعداً فدم ان كان في مجلس واحد فان فرّق بين يديه ورجليه فليديه دم ولرجليه دم.
وعن الحلبى : في قصّ ظفر كفّ من طعام وفي اظفار احدى يديه صاع، وفي اظفار كلتيهما دم شاة، وكذا حكم اظفار رجليه وان كان الجميع في مجلس فدم.
وظاهر الوسائل في عنوان الباب التخيير بين مدّ من الطعام وبين كفّ منه.
وكيف كان فالدليل على المشهور صحيحة ابي بصير بناء على نقل الصّدوق قال سألت ابا عبدالله (عليه السلام) عن رجل قصّ ظفراً من اظافيره وهو محرم قال: عليه مدّ من طعام حتى يبلغ عشرة فان قلم اصابع يديه كلّها فعليه دم شاة، فان(1) قلّم اظافير يديه ورجليه
- (1) هكذا في الوسائل ولكنه حكى عن المصدر زيادة «قلت» وهو الظاهر وإلاّ لايكون كلمة الغاء وكذا ذكر «فقال» ملائماً كما لايخفى.