(الصفحة 326)
مجال لجريان قاعدة الفراغ بعد عدم تماميته ومقتضي القاعدة في باب الصلوة اذا عرض له الشك في الاثناء ايضاً ذلك الاّ انه قام الدليل على عدم قدح الشك المذكور في صحتها ولعلّه لاجل تخلل الفعل الكثير وهو الوضوء في اثنائها او لزوم وقوع جميع الاكوان والسكوتات والسكونات المتخللة ايضاً مع الوضوء ولا يمكن تحصيل ذلك بالوضوء في الاثناء فلاجل التسهيل قام الدليل الخاص على الصحة فيها والاّ فمقتضي القاعدة البطلان وهذا بخلاف الطواف الذي يمكن تحصيل الوضوء في اثنائه على ما عرفت وكيف كان فالعمدة في المقام ملاحظة مستند التفصيل المذكور في المتن مع عدم اشارة اليه في شيء من الكلمات نفياً واثباتاً فهل يمكن ان يقال باستفادته مما ورد من الروايات المتقدمة في مسئلة عروض الحدث الاصغر او الاكبر في الاثناء التي وقع فيها التفصيل بين تمامية الشوط الرابع وعدمها وكذا ما ورد في المريض الذي عرض له المرض المانع عن الاتمام في الاثناء الذي فيه التفصيل كذلك كما عرفت نظراً الى انّ المستفاد منها ان الطواف كانه يكون عملين مترتبين احدهما تمامية اربعة اشواط وثانيهما الاشواط الثلاثة الباقية فالشك في الطهارة قبل تماميه العمل الاول موجب لبطلانه بخلاف الشك فيها بعدها فانه بمنزلة الشك في الفراغ فيرجع ذلك الى كلام صاحب الجواهر غاية الامر بهذا التفصيل لا بنحو الاطلاق المذكور فيه.
او انه لا يمكن القول بالاستفادة المذكورة فانّ تلك الروايات المفصلّة لا دلالة لها على الاستفادة المذكورة ولا اشعار فيها بكون الطواف عملين مترتبين والظاهر هو هذا الاحتمال وعليه لا مجال لما في المتن من التفصيل بل مقتضي الاحتياط الوجوبي في لتا الصورتين الوضوء ثم الاتمام والاعادة.
الفرع الثاني ما لو شك في اثنائه في انه اغتسل من الحدث الاكبر قبل الطواف ام لا
(الصفحة 327)الثالث: طهارة البدن واللباس، والاحوط الاجتناب عمّا هو المعفو عنه في الصّلوة كالدّم الاقلّ من الدّرهم وما لا تتم فيه الصلوة حتى الخاتم، وامادم القروح والجروح فان كان في تطهيره حرج عليه لا يجب، والاحوط تأخير الطواف مع رجاء امكان التطهير بلا حرج بشرط ان لا يضيق الوقت كما ان الاحوط تطهير اللباس او تعويضه مع الامكان 1 .
وقد وقع فيه التفصيل ايضاً بين الصورتين في المتن لكن مع الاختلاف بينه وبين الفرع الاوّل في ضم الاحتياط الاستحبابي في الصورة الاولى والفتوى مكان الاحتياط الوجوبي في الصورة الثانية والظاهر انّ الوجه في الاختلاف ثبوت الفرق بين الفرعين لامن جهة كون المفروض في الاوّل هو الحدث الاصغر وفي الثاني هو الحدث الاكبر فقط بل من جهة كون مورد الفرع الاوّل صورة عدم احراز الطهارة وعدم جريان شيء من استصحابي الطهارة والحدث ومورد الفرع الثاني صورة استصحاب بقاء الحدث الاكبر واختلاف الموردين انّما هو باعتبار قلّة مصاديق الحدث الاكبر وموارد تحققه بخلاف الحدث الاصغر الذي انواع متعددة ولكل منها مصاديق متكثرة.
وكيف كان فلا ينبغي الاشكال في ان مورد هذا الفرع ما اذا كان استصحاب الحدث الاكبر جارياً ويدل عليه الحكم في المتن بلزوم الخروج من المسجد فوراً فان هذا الحكم لا يجتمع الاّ مع ثبوت بقاء الحدث المذكور وجداناً او تعبدّاً وهذا هو الوجه ايضاً في الفتوى بالبطلان فيما لو كان الشك قبل تمامية الشوط الرابع والحكم بلزوم الاعادة بعد الاغتسال وامّا الحكم بالصحّة في الصورة الاخرى فمبناه ما افاده في الفرع الاوّل من كون الشك بعد تمامية الشوط المذكور كانّه يكون شكّاً بعد الفراغ ومقتضي قاعدته الحكم بالصحة ولو في صورة جريان استصحاب الحدث لكن عرفت منّا الاشكال في ذلك ومنه ظهر الحكم في الفرع الثالث المذكور في المتن.
(1) في اعتبار هذا الشرط جهات من الكلام:
(الصفحة 328)
الجهة الاولى في اصل اعتباره وشرطيته في الجملة وقد حكى عن الاكثر الاعتبار بل عن الغنية الاجماع عليه لكن عن ابن الجنيد كراهته في ثوب اصابه دم لا يعفى عنه في لصّلوة، وعن ابن حمزة كراهته مع النجاسة في ثوبه او بدنه وعن صاحب المدارك من المتأخرين الميل اليه.
وما استدل به على الاعتبار امور:
الاوّل النبوي العامي المعروف: الطواف بالبيت صلوة بعد وضوح شرطيه الطهارة عن الخبث في باب الصلوة كالطهارة عن الحدث.
وقد مرّ الجواب عن الاستدلال به في شرطية الطهارة من الحدث وانّ هذا التنزيل لا دلالة له على اعتبار جميع ما يكون معتبراً في الصلوة في الطواف ايضاً بل المراد امّا التنزيل في الفضيلة والرجحان وامّا كون تحية المسجد الحرام هو الطواف كما ان تحيّة سائر المساجد الصلوة هذا مضافاً الى ضعفه من حيث السّند.
الثاني استلزام حرمة ادخال النجاسة في المسجد وان لم تكن مسرية لبطلان الطواف معها ويظهر من الجواهر صحة هذا الاستدلال بناء على الحرمة المذكورة كما انه يظهر من صاحب المدارك ذلك حيث اجاب عنه بمنع المبنى وان النجاسة اذا لم تكن متعدّية ولا هاتكة لحرمة المسجد لا يكون ادخالها بمحرّم.
والعجب ممن استدل بهذا الامر فانّ ادخال النجاسة في المسجد ولو كانت محرمة مطلقا لكنه لا يتحدّ مع عنوان الطواف بوجه وان كان على فرض الاتحاد ايضاً لا يكاد يتحقق خلل في الطواف كما عرفت في الجنب المتيمم اذا دخل المسجد الحرام وقلنا بعدم اباحة التيمم للدخول وذلك اي وجه عدم الاتّحاد في المقام انّ عنوان الادخال وكذا الابقاء لا يكون متحدّاً مع الطواف وان كان عنوان المكث متحدّاً معه وعليه فهذا
(الصفحة 329)
الاستدلال في غاية الضعف.
الثالث وهو المهم الرواية الخاصة الواردة في المقام وهي رواية يونس بن يعقوب التي رواها الصدوق والشيخ لكن في سند الصدوق حكم بن مسكين الذي لا يكون له توثيق خاص بل له توثيق عام وفي سند الشيخ محسن بن احمد وهو لم يوثق والعجب جعلها في الوسائل وفي الكتب الفقهية روايتين مع انه من الواضح كونها رواية واحدة رواها يونس بن يعقوب والسؤال والجواب فيها واحد وان كان هناك اختلاف في التعبير:
ففي الاوّل قال قلت لابي عبدالله (عليه السلام) رأيت في ثوبى شيئاً من دم وانا اطوف قال فاعرف الموضع ثم اخرج فاغسله ثم عُد فابن على طوافك(1) .
وفي الثاني قال سئلت ابا عبدالله (عليه السلام) عن رجل يرى في ثوبه الدّم وهو في الطواف قال ينظر الموضع الذي رأي فيه الدّم فيعرفه ثم يخرج ويغسله ثم يعود فيتم طوافه(2). ودلالتها على اعتبار الطهارة في الاشواط الباقية بعد رؤية الدم واضحة فتدل على الاعتبار في الجميع لو كانت الرؤية قبل الشروع في الطواف ولا مجال لتوهم الفرق اصلاً كما ان دلالتها على اعتبار طهارة البدن امّا من طريق الاولوية وامّا من جهة الغاء الخصوصية ايضاً كذلك وضعف السند على تقديره نظراً الى عدم كفاية التوثيق العام منجبر باستناد المشهور اليها وهو جابر للضعف على فرضه لكن في مقابلها مرسلة ابن أبي نصر عن بعض اصحابه عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال قلت له رجل في ثوبه دم مما لا تجوز الصلوة في مثله فطاف في ثوبه فقال اجزأه الطواف ثم ينزعه ويصلي في ثوب
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الثاني والخمسون ح ـ 1 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب الثاني والخمسون ح ـ 2 .
(الصفحة 330)
طاهر(1) . ولو لم يكن المراد منها الطواف في الثوب الكذائي نسياناً كما حكى انه اشار اليه الشيخ (قدس سره) وقلنا بان موردها الطواف في الثوب المزبور عالماً عامداً لكن حيث ان الروايه مرسلة اوّلاً ومعرض عنها عند الاصحاب ثانياً لا مجال للاعتماد عليها في مقابل الروايه المتقدمة ثم انّ مقتضي اطلاق السؤال في الرواية وترك الاستفصال في الجواب انه لا فرق في اعتبار الطهارة من الجنب بين الطّواف الواجب والمندوب ولا مانع من الفرق بين الطهارتين في الطواف المندوب حيث انّه قد دلّت الروايات التي تقدم بعضها على عدم اعتبار الطهارة من الحدث في الطواف المندوب غاية الامر انه يعتبر في صلوته الطهارة ومقتضي اطلاق الرواية الواردة في المقام عدم الفرق بين الطوافين من هذه الجهة كما انه مقتضي الفتاوى ايضاً على ما يظهر من صاحب الجواهر (قدس سره).
الجهة الثانية في انه هل يعتبر الاجتناب عما هو المعفو عنه في الصّلوة كالدّم الاقل من الدّرهم وما لا تتم فيه الصلوة ام لا احتاط في المتن وجوباً الاجتناب وصرّح بتوسعة الحكم بالاضافة الى الخاتم تبعاً للعلاّمة فيه وعليه فيتحقق الفرق بين الصلوة وبين الطواف.
والظاهر انه في الدّم الاقل من الدرهم اذا كان في البدن او الثوب يكون مقتضي اطلاق السوال في الروايه وترك الاستفصال في الجواب كما عرفت في الطواف المندوب الحكم بالاعتبار بصورة الفتوى كما صرّح به في الجواهر حيث قال: فالتحقيق عدم العفو في الاقل من الدّرهم والظاهر انّ التنزل من الفتوى الى الاحتياط الوجوبي كما في لمتن منشأه استبعاد كون الطواف اضيق حكماً من هذه الجهة من الصلوة التي هي امّ العبادات وفي رأسها كما انه يمكن ان يكون منشأه انصراف السوال في الرواية
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الثاني والخمسون ح ـ 3 .