(الصفحة 385)
حبيب بن مظاهر هو الشهيد بالطف وان حماد بن عثمان في ذلك الزمان كان موجوداً وبقي الى زمان الصادق (عليه السلام) فهو من المعمرين ولكن مع ذلك كلّه هذا صرف احتمال لا يوجب تصحيح الخبر فيتعين طرحه لضعف سنده.
اقول: كما انه لا يجدي في تصحيح الخبر كون حمّاد من اصحاب الاجماع لما مرّ غير مرة من انّ كون الراوي من اصحاب الاجماع لا يراد به الاّ مجرد كونه مجمعاً على وثاقته وصحة روايته من حيث نفسه وامّا انه لا يحتاج الى النظر في حال من قبله في السّند فلا يستفاد من ذلك بوجه.
ويمكن ان يقال بانه على تقدير الصحة ايضاً لا تعارض بين الرواية والتعليل بعد كون مورده الحدث والرواية واردة في الخبث وعليه فالعمدة في مستند المشهور ما ذكرنا.
بقي الكلام في المسئلتين في امرين:
الامر الاوّل انه وقع في المتن بعد الحكم بوجوب الاتمام فيما اذا جاوز النصف استثناء صورة تخلل الفعل الكثير واحتاط فيه وجوباً بالاتمام والاعادة وهذا الاستثناء غير موجود في كلام المشهور والظاهر انه ليس المراد من تخلل الفعل الكثير ما يرجع الى الموالات فانه يمكن الاخلال بها من دون ان يتحقق الفعل الكثير وعليه فيقع الكلام في ستند هذا الاستثناء.
والظاهر ان مستنده رواية ابن عطية المتقدمة المشتملة على قول السائل فانه فاته ذلك حتى اتى اهله وجوابه (عليه السلام) بقوله يأمر من يطوف عنه نظراً الى ان الرجوع الى الوطن والاهل مستلزم للفعل الكثير عادة والجواب ظاهر في لزوم الاستنابة في مجموع الطواف لاخصوص الشوط الواحد المنسىّ وحيث انه لم يقع الفتوى به من المشهور
(الصفحة 386)مسألة 18 ـ لو زاد على سبعة سهواً فان كان الزائد اقلّ من شوط قطع وصحّ طوافه. ولو كان شوطاً او ازيد فالاحوط اتمام سبعة اشواط اخر بقصد القربة من غير تعتين الاستحباب او الوجوب وصلّي ركعتين قبل السّعي وجعلهما للفريضة من غير تعيين للطواف الاول او الثاني وصلي ركعتين بعد السعي لغير الفريضة 1 .
فاحتاط وجوباً بالجمع بين الامرين.
هذا ولكن الاستظهار المذكور محل نظر بل منع لما عرفت من انه يحتمل ان يكون المراد هو طواف الشوط الواحد وقد عبر في الرواية عن الشوط لواحد بالطواف وعليه فالاحتياط المذكور استحبابي كما ذكرناه في التعليقة.
الامر الثاني انه ربما يمكن ان يتخيل ان قوله (عليه السلام) في رواية ابن عطية: يأمر من يطوف عنه، ظاهر في جواز الاستنابة ولو مع القدرة على رجوعه بنفسه الى مكة وعدم كونه مستلزماً للحرج على خلاف ما اذا كان المنسي مجموع الطواف فان اللازم في المرتبة الاولى الرجوع بنفسه ومع عدم الامكان او استلزام الحرج تجوز الاستنابة.
والظاهر بطلان هذا التخيل وعدم ثبوت الاطلاق في مثل المقام فان الرجوع الى الاهل في تلك الازمنة كان ملازماً لعدم امكان الرجوع او حرجيّته وعليه فلا مجال لدعوى الاطلاق وترك الاستفصال بل الظاهر ثبوت الترتيب كما في المتن فتدبر.
(1) في هذه المسئلة فرعان:
الفرع الاوّل ما اذا زاد على سبعة اشواط سهواً وكانت الزيادة غير بالغة الى شوط كامل فيكون تذكره قبل البلوغ الى الركن العراقي الذي فيه الحجر الاسود والمحكي عن الشيخ وبني زهرة والبرّاج وسعيد والفاضل وصريح المحقق في الشرايع بل المشهور كما في الجواهر هو ما في المتن من لزوم القطع وصحة الطواف.
والدليل عليه رواية ابي كهمس قال سئلت ابا عبدالله (عليه السلام) عن رجل نسي فطاف
(الصفحة 387)
ثمانية اشواط قال ان ذكر قبل أن يبلغ الركن فليقطعه(1) . وفي نقل اخر زيادة: وقد اجزاء عنه وان لم يذكر حتى بلغه فليتمّ اربعة عشر شوطاً وليصل اربع ركعات(2).
وضعف السند منجبر بفتوى المشهور على طبقها والاستناد اليها لكن في مقابل الرواية صحيحة عبد الله بن سنان عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال سمعته يقول من طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتم اربعة عشر شوطاً ثم ليصلّ ركعتين(3). وحيث انّ الدخول في الثامن مطلق شامل لما اِذا دخل فيه واتمّه وما اذا دخل فيه ولم يتمّه تكون رواية ابي كهمس المفصلة بين الفرضين مقيدة لاطلاقها وموجبة لاختصاصها بالاوّل ودعوى اختصاص الدخول في الثامن بما اذا لم يتمّه ممنوعة جدّاً.
مع ان الروايات المتعددة الاتية في الفرع الثاني الدالة على الاتمام اربعة عشر اشواطاً يكون موردها تحقق الطواف ثمانية اشواط وظاهرها مدخلية التماميه المذكورة في الحكم بالاتمام وعدم تحققه بدونها فتكون قرينة على ان المراد بالدخول ايضاً ذلك.
الفرع الثاني ما اذا كانت الزيادة المفروضة شوطاً او ازيد والكلام فيه يقع من جهات:
الجهة الاولى في صحة الطواف المأتي به وعدم لزوم اعادته من رأس وبطلانه رأساً بحيث تجب اعادته كذلك فالمشهور هي الصحّة لكنه حكي عن الصدوق في المقنع انه قال: «وان طفت بالبيت الطواف المفروض ثمانية اشواط فاعد الطواف وروى: يضيف
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 3 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 4 .
- (3) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 5 .
(الصفحة 388)
اليها ستّة فيجعل واحداً فريضة والاخر نافلة» وقد استفيد من كلامه ثبوت التخيير بين الامرين لانّه يعمل بجميع رواياته ولكن الظاهر عدم دلالة العبارة الاّ على اختيار وجوب الاعادة والنسبة الى الرواية تشعر بتمريضها وعليه فمرجع كلامه الى ترجيح الرواية الدالة على البطلان.
وحكي صاحب الجواهر (قدس سره) عن بعض من قارب عصره من الناس الحكم ببطلان السبعة والاعتداء بالثامن خاصة مكمّلاً له ستة على انه الطواف الواجب.
وكيف كان فالبحث من هذه الجهة تارة فيما تقتضيه القاعدة مع قطع النظر عن الروايات الواردة في المسئلة واخرى بلحاظ تلك الروايات.
امّا مقتضي القاعدة فقد ذكر صاحب الجواهر انه عبارة عن الفساد بالاضافة الى الثاني والاوّل لعدم النية ولتحقق الزيادة والظاهر صحة ما افاده بالنسبة الى الطواف الثاني وامّا بالنسبة الى الطواف الاوّل فحيث ان الزيادة تكون سهوية يكون مقتضي حديث رفع الخطأ والنسيان عدم البطلان فالقاعدة لا تقتضي البطلان بوجه.
وامّا الرّوايات فطائفة كثيرة
منها ظاهرة بل صريحة في الصحة مثل:
صحيحة ابي ايّوب قال قلت لابي عبدالله (عليه السلام) رجل طاف بالبيت ثمانية اشواط طواف الفريضة قال: فليضم اليها ستّاً ثم يصلّي اربع ركعات(1) . والظاهر اختصاص مورد السؤال بصورة النسيان ولا اقل من انها القدر المتيقن من اطلاقه مع ان الصحة في العمد تستلزم الصحة في السهو بطريق اولى.
ومنها صحيحة رفاعة قال كان علىّ (عليه السلام) يقول اذا طاف ثمانية فليتم اربعة عشر
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 13 .
(الصفحة 389)
قلت يصلي اربع ركعات قال يصلّي ركعتين(1) .
ومنها صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما (عليه السلام) قال قلت له رجل طاف بالبيت فاستيقن انه طاف ثمانية اشواط قال يضيف اليها ستّة وكذلك اذا استيقن انه طاف بين الصفا والمروة ثمانية فليضف اليها ستّة(2). والتعبير بالاستيقان خصوصاً بصورة التفريع ظاهر في ان مورد السؤال خصوص صورة النسيان هذا والرواية واحدة وان جعلها في لوسائل وفي الكتب الفقهية روايات متعددة خصوصاً مع كون الراوي عن محمد بن مسلم هو علا في الجميع وان كان بينها اختلاف في التعبير في الجملة.
ومنها رواية علىّ بن ابي حمزة عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال سئل ـ وانا حاضر ـ عن رجل طاف بالبيت ثمانيه اشواط فقال: نافلة او فريضة فقال فريضة فقال: يضيف اليها ستّة فاذا فرغ صلّي ركعتين عند مقام ابراهيم (عليه السلام) ثم خرج الى الصفا والمروة فطاف بينهما فاذا فرغ صلّي ركعتين اخر اوين فكان طواف نافلة وطواف فريضة(3).
وفي مقابل هذه الروايات روايات اخر:
منها موثقة عبدالله بن محمد عن ابي الحسن (عليه السلام) قال الطواف المفروض اذا زدت عليه مثل الصلوة المفروضة اذا زدت عليها فعليك الاعادة وكذلك السّعى(4).
وربما يقال ان الظاهر منها الزيادة العمدية لان الزيادة العمدية في الصلوة توجب البطلان غالباً وعليه فالنسبة بينهما وبين الروايات المتقدمة نسبة الخاص والعام فيخرج العامد منها وينحصر موردها بالنّاسى.
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 9 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 12 .
- (3) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 15 .
- (4) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 11 .