(الصفحة 395)
وامّا الروايات فهي مختلفة فاكثرها ظاهرة في وجوب الاربع مثل رواية على بن ابي حمزة وصحيحة زرارة المتضمنة لحكاية فعل على (عليه السلام) وخبر جميل الذي رواه ابن ادريس عن نوادر ابن ابي نصر البزنطي ـ وفي اسناده ضعف ـ عنه انه سئل ابا عبدالله (عليه السلام) عمّن طاف ثمانية اشواط وهو يري انّها سبعة قال فقال انّ في كتاب علىّ (عليه السلام) انه اذا طاف ثمانية اشواط يضمّ اليها ستة اشواط ثم يصلي الركعات بعد قال: وسئل عن الركعات كيف يصليّهن او يجمعهنّ او ماذا؟ قال يصلّي ركعتين للفريضة ثم يخرج الى الصّفا والمروة فاذا رجع من طوافه بينهما رجع يصلي ركعتين للاسبوع الاخر(1) .
ويدل على وجوب الاربع ايضاً صحيحة ابي ايوب المتقدمة.
هذا ولكن ظاهر طائفة منها عدم وجوب ازيد من الركعتين مثل رواية رفاعة المتقدمة الصريحة في نفي وجوب الاربع وصحيحة عبدالله بن سنان عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال سمعته يقول من طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتم اربعة عشر شوطاً ثم ليصل ركعتين(2). بعد حمل الدخول على تمامية الشوط الثامن بقرينة لزوم اتمام اربعة عشر شوطاً كما لا يخفي هذا ومقتضي القاعدة جعل هذه الطائفة قرينة على عدم لزوم الاربع وكون الركعتين الاخرتين صلوة مستحبة وعليه فلا مجال للموافقة مع ما في المتن حيث ان ظاهره وجوب الاربع.
ثم انه لو قلنا بوجوب الاربع فالظاهر انّ مقتضي اطلاق بعض ما يدل عليه من الروايات الصحيحة انه لا فرق بين الاتيان بالجميع قبل السعي وبين الاتيان بالاخيرة
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 16 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 5 .
(الصفحة 396)مسألة 19 ـ يجوز قطع الطواف المستحب بلاعذر، وكذا المفروض على الاقوى، والاحوط عدم قطعه بمعني قطعه بلا رجوع الى فوت الموالات العرفية 1 .
بعده لو لم نقل بان ظاهره هو الاتيان بالجميع قبل السّعي وذلك لانّ ما ورد مما يدلّ على التفصيل والتفريق مخدوش امّا من حيث السند وامّا من جهة المفاد فلا يصلح لتقييد الاطلاق بوجه.
وامّا لو قلنا باستحباب الصلوة الثانية وعدم وجوبها كما اخترناه فمع ملاحظة انّ التقييد والاطلاق في باب المستحبات يغاير باب الواجبات حيث انّ الواجبات لا تكون ذات مراتب متفاوته من حيث الشدة والضعف ولاجله في صورة احراز وحدة الحكم من ناحية وحدة السّبب او من غيرها لا محيص عن التقييد وحمل المطلق على المقيد وهذا بخلاف المستحبات التي يكون اكثرها ذا مراتب مختلفة من حيث الفضيلة قلة وكثرة فانه لا مجال فيها لحمل المطلق على المقيد بعد امكان الحمل على اختلاف مرتبتي الفضيلة الاّ في موارد احراز عدم الاختلاف من هذه الجهة ومع ملاحظة ان جريان قاعدة التسامح في ادلة السنن لا يختص بما اذا كان الدليل الفاقد لشرائط الحجية دالاًّ على اصل استحباب شيء بل يجري فيما اذا كان الدليل المذكور وارداً في مقام بيان الكيفية ايضاً وعليه فلابد من الالتزام في المقام بان اصل الاتيان بالصلوة الثانية وان كان مستحبّاً لكن الاتيان بها بعد الفراغ عن السعي افضل لدلالة روايات متعدّدة عليه وان كان كل واحدة منها غير خال عن الخدشة فيه كما عرفت.
(1) لا شبهة في انه يجوز قطع الطواف المستحب كصلوة النافلة وان لم يكن مستنداً الى عذر، وامّا الطواف الواجب فهل هو كالصلوة الواجبة حيث انه لا يجوز قطعها للاجماع على عدم جواز القطع بلا عذر او انه كالطواف المستحب فيجوز قطعه كذلك قد قوىّ في المتن الثاني والمستند فيه مضافاً الى القاعدة حيث انها لا تقتضي
(الصفحة 397)
عدم الجواز بوجه ولا يكون الطواف كاصل الحج او العمرة حيث انه يجب اتمامهما بالشروع بل في موارد الفساد ايضاً على ما مرّ في بحث الجماع من محرمات الاحرام لعدم نهوض دليل على المماثلة المذكورة الروايات المتعدّدة الواردة في هذا المجال مثل:
صحيحة صفوان الجمّال قال قلت لابي عبدالله (عليه السلام) الرجل يأتي اخاه وهو في الطواف، فقال يخرج معه في حالته ثم يرجع ويبني على طوافه(1) . فان مقتضي اطلاق السؤال وترك الاستفصال في الجواب انه لا فرق بين الطواف الواجب والمندوب لو لم نقل بظهوره في خصوص الطواف الواجب ومن الواضح انه لا خصوصية للخروج مع الرجل في حاجته بعد عدم كونه عذراً وضرورة فتدل على الجواز بدون مثل هذا الغرض ايضاً كما ان الامر بالخروج لا دلالة له على الوجوب لوقوعه في مقام توهم الحظر فلا يستفاد منه ازيد من الجواز ومرسلة سكين بن (عن خ لـ) عمّار عن رجل من اصحابنا يكنّي ابا احمد قال كنت مع ابي عبدالله (عليه السلام) في الطواف ويده في يدي اذ عرض لى رجل له حاجة فَأوْمَأتُ اليه بيدي فقلت له: كما انت حتى افرغ من طوافي فقال ابو عبدالله (عليه السلام) ما هذا؟ فقلت اصلحك الله رجل جائني في حاجة فقال لي امسلم هو؟ قلت: نعم فقال لي اذهب معه في حاجته فقلت له اصلحك اللّه فاقطع الطّواف؟ قال نعم قلت وان كنت في المفروض؟ قال: نعم وان كنت في المفروض قال: وقال ابو عبدالله (عليه السلام) من مشي مع اخيه المسلم في حاجة كتب اللّه له الف الف حسنة ومحي عنه الف الف سيئته ورفع له الف الف درجة(2).
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الثاني والاربعون ح ـ 1 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب الثاني والاربعون ح ـ 3 .
(الصفحة 398)مسألة 20 ـ لو قطع طوافه ولم يأت بالمنافي حتى مثل الفصل الطويل اتمّه وصحّ طوافه، ولو اتى بالمنافي فان قطعه بعد تمام الشوط الرّابع فالاحوط اتمامه واعادته 1 .
ورواية ابان بن تغلب قال كنت اطوف مع ابي عبدالله (عليه السلام) فعرض لي رجل من اصحابنا كان سألني الذهاب معه في حاجته فبينما انا اطوف اذ اشار الىَّ فرأه ابو عبدالله (عليه السلام) فقال يا ابان اياك يريد هذا؟ قلت: نعم قال فمن هو؟ قلت رجل من اصحابنا قال هو على مثل الذي انت عليه؟ قلت نعم، قال: فاذهب اليه قلت واقطع الطواف؟ قال نعم، قلت وان كان طواف الفريضة قال: نعم فذهبت معه الحديث(1) .
ثم ان الظاهر ان الاحتياط المذكور في المتن احتياط وجوبي وان كان مسبوقاً بالفتوى مرجعه الى لزوم رعاية الاحتياط في خصوص مورد واحد وهو ما اذا كان القطع موجباً لفوات الموالات العرفيه التي عرفت ان مقتضي الاحتياط اعتبارها في صحة الطواف ولكنه يرد عليه انّ الموالات معتبرة في الحكم الوضعي وهي الصحّة والبحث هنا في جواز القطع وعدمه على سبيل الحكم التكليفي ولا ارتباط بين الامرين فكما ان صلوة النافلة تعتبر فيها الموالات لعدم صحتها بدونها ومع ذلك يجوز قطعها كذلك المقام فانه لا يستلزم اعتبار الموالات عدم جواز القطع ولو بنحو الاحتياط الوجوبي اللّهم ان يكون مثل ذلك قرينة على كون المراد هو الاحتياط الاستحبابي فتدبّر.
(1) في هذه المسئلة فروض:
الفرض الاوّل ما لو قطع طوافه ولم يأت بالمنافي حتى مثل الفصل الطويل المانع عن تحقق الموالات العرفية والحكم فيه صحة الطواف وجواز الاتمام لان المفروض عدم كون القطع موجباً لتحقق ما يخلّ بالصحّة وتقدح فيها مضافاً الى دلالة صحيحة صفوان الجمال المتقدمة في المسئلة السابقة حيث انّ القدر المتيقن من موردها هذا
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الثاني والاربعون ح ـ 4 .
(الصفحة 399)
الفرض وقد حكم فيها بالصحة وجواز البناء على طوافه.
الفرض الثاني ما لو اتى بالمنافي الشامل لمثل الفصل الطويل بقرينة الصّدر وكان القطع بعد اتمام الشوط الرابع وقد احتاط فيه وجوباً بالاتمام والاعادة وسيأتي وجهه.
الفرض الثالث ما يستفاد من المفهوم وهو ما لو كان القطع قبل اتمام الشوط الرابع والظاهر ان مراد المتن البطلان فيه ولزوم الاعادة من رأس.
وقد ورد في الفرضين روايات:
منها صحيحة صفوان الجمال المتقدمة فان مقتضي اطلاقها جواز البناء على الطواف ولو كان طواف الفريضة وكان قبل اتمام الشوط الرابع كما ان مقتضي اطلاقها انه لا فرق في القطع بين صورة الاتيان بالمنافي ولااقل من الفصل الطويل وصورة عدمه ومنها صحيحة ابان بن تغلب عن ابي عبدالله (عليه السلام) في رجل طاف شوطاً وشوطين ثم خرج مع رجل في حاجة (حاجته ظ) قال ان كان طواف نافلة بني عليه وان كان
طواف فريضة لم يبن(1) وفي رواية الكلينى: لم يبن عليه:
ومن الظاهر انه لا خصوصية للشوط او الشوطين بل يجري الحكم فيما اذا طاف ثلاثة اشواط ايضاً نعم لا مجال للتعدي الى اربعة اشواط فما زاد بعد ملاحظة وجود الفرق في موارد كثيرة عرفت جملة منها كعروض الحدث او الحيض في الاثناء.
ومنها صحيحة الحلبي عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال اذا طاف الرجل بالبيت ثلاثة اشواط ثم اشتكي اعاد الطواف يعني الفريضة(2). والرواية منقولة في الوسائل هكذا وليس في لطبعتين الجديدتين المشتملتين على تعيين مصدر الروايات في الذيل ومارد
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الواحد والاربعون ح ـ 5 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب الخامس والاربعون ح ـ 1 .