(الصفحة 406)
الاتيان بالزائد فلا اثر لهذا الدوران فان النقص مطابق للاصل كما ان عدم الزياده موافق للاصل.
وقد استدل على البطلان بوجوه بعض الاعلام (قدس سرهم) وقال بعد ذكرها ان هذه الوجوه احسن ما يستدل به لمذهب المشهور ولم ارمن استدلّ بها الاوّل ما يستفاد من صحيحة الحلبي ـ المتقدمة ـ من ان العبرة بالتيقن بالسبع لقوله (عليه السلام): امّا السبعة فقد استيقن وانّما وقع وهمه على الثامن ويظهر منه ان السبع لابد من القطع به ومن المفروض ان السبع غير مقطوع به في المقام لاحتمال كونه ستّة ونصف وبعبارة اخرى يستفاد من الصحيحة ان استصحاب عدم الزائد غير حجة في باب الطواف كما انه غير حجة في باب اعداد الصلوة وركعاتها.
ويرد عليه مضافاً الى التهافت بين هذا الكلام وبين ما افاده في الفرع الاوّل من ان مقتضي اصالة عدم الاتيان بالشوط الثامن وصحيحة الحلبي هي الصحة وعدم البطلان فان مقتضي ذلك هي كون الرواية مؤيدة لاصالة عدم الزيادة ودالة على اعتبارها ان المستفاد من الصحيحة انه لابد وان يكون السبع متيقناً ولا يعتني باحتمال الزائد ووقوع الوهم عليه وهذا المعنى يتحقق في المقام بتكميل الشوط الذي بيده فانه بعد التكميل يصير السبع متيقناً والوهم واقعاً على الثامن ودعوى كون الطاهر من الرواية هو حصول التيقن في زمن حدوث الشك مدفوعة بانه لا اشعار في الرواية بذلك فضلاً عن الدلالة فان مفادها مدخلية التيقن بالسبع في صحة الطواف وهذا يتحقق مع اكمال الشوط كما هو واضح.
الثاني موثقة ابي بصير التي في سندها اسماعيل بن مرار الذي يكون موثقاً بالتوثيق العام قال قلت له رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدرستّة طاف ام
(الصفحة 407)
سبعة ام ثمانية قال يعيد طوافه حتى يحفظ الحديث(1) . نظراً الى ان مفادها لزوم كون الطائف حافظاً للسّبع ومحرزاً له وفي المقام غير محرز وغيرها حافظ له نظير اعتبار الحفظ في لركعتين الاوّليين.
ويرد عليه ان المراد من الحفظ اللازم بعد ملاحظة مورد الرواية هل هو الحفظ بالاضافة الى الزيادة او الحفظ بالنسبة الى النقيصة او الحفظ بلحاظ كلتيهما.
فان كان المراد هو الاحتمال الاوّل فهو ينافي ما افاده في الفرع الاوّل وهو الشك بين السبعة والثمانية عند الوصول الى الحجر الاسود من الحكم بالصحة لعدم تحقق الحفظ بالاضافة الى الزيادة.
وان كان المراد والاحتمال الثاني فلزوم الحفظ فيه لا يستلزم البطلان في المقام حيث انه لا يكون هنا احتمال النقيصة بوجه فانّ المراد بالنقيصة المحتملة هي النقيصة من جهة عدد الاشواط لا نقص الشوط وعدم الوصول الى الحجر الاسود ومن الواضح عدم تحقق احتمال النقيصة بالمعنى المذكور في المقام.
وان كان المراد و الاحتمال الثالث الذي هو مورد الرواية لدوران الامر بين الستّة والسبعة والثمانية فيرد عليه ان البطلان فيه ايضاً لا يستلزم البطلان في المقام بعد عدم ثبوت احتمال النقيصة بوجه.
وقد ظهر من جميع ذلك انه لا مجال للاستدلال بهذا الوجه ايضاً لا ثبات البطلان في لمقام.
الثالث الروايات ـ الاتية ـ الواردة في الشك بين الست والسّبع الدالة على بطلان الطواف فانّ اطلاقها يشمل بعد الفراغ من الشوط ووصوله الى الحجر الاسود كما انه
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الثالث والثلاثون ح ـ 11 .
(الصفحة 408)
يشمل الاثناء وقبل الوصول اليه فلو تجاوز عنه بمقدار خطوات وشك ان ما في يده سادس او سابع فلم يحرز ولم يحفظ الطواف فان الطواف اسم للمجموع ويصدق انه طاف ولم يدرستّة طاف او طاف سبعة وان لم يصل الى الحجر ولم يتم الشوط بل تخصيص حصول الشك بين الستّة والسبعة بحين الوصول الى الحجر تخصيص بالفرد النادر اذ انما الشك غالباً يحصل في الاثناء وقبل الوصل الى الحجر.
والاستدلال بهذا الوجه من الغرائب فانّ المفروض في الفرع الثاني صورة وجود احتمال الزيادة بالنسبة الى عدد الاشواط ولا يكون في البين احتمال النقيصة من هذه الجهة وان كان نفس الشوط ناقصاً لم يكمل بعد ولم يصل الى الحجر الاسود الاّ انه بملاحظة العدد المعتبر في اشواط الطواف وهي السبعة لا يكون احتمال النقيصة موجوداً بوجه فامره دائر كما صرح به في فرض المسئلة بين ستة ونصف وسبعة ونصف فهنا نقصان احدهما متيقن الوجود وثانيهما متيقن العدم امّا الاوّل فبالاضافة الى الشوط الذي بيده حيث انه يكون في اثنائه ويعلم بعدم اكماله وامّا الثاني فبالنسبة الى العدد حيث انه يعلم بعدم النقيصة بل الشك انّما هو بملاحظة الزيادة حيث انه يحتمل كون ما بيده الذي لم يكمل بعد هو الشوط الثامن.
وعليه فالاستدلال لحكم هذا الفرض بالروايات التي يكون موردها خصوص صورة احتمال النقيصة من جهة عدد الاشواط لان موردها صورة الشك بين الستّة والسبعة مما لا ينبغي ان يصدر من متفقة فضلاً عمن له شأن في الفقه والفقاهة ومن الواضح انّ دعوى ثبوت الاطلاق لها وعدم الاختصاص بالفرد النادر وهو حدوث الشك عند الوصول الى الحجر الاسود لا تقتضي ثبوت الحكم المذكور فيها بالنسبة الى غير موردها وهو ما اذا كان احد طرفي الشك احتمال النقيصة بالنسبة الى عدد الاشواط
(الصفحة 409)
والظاهر وقوع الخلط بين النقصين وتحقق الاشتباه في البين.
وقد انقدح من جميع ما ذكرهنا عدم تمامية شيء من الوجوه الثلاثة التي قد جعلت احسن ما يستدل به للمشهور كما انك عرفت عدم تمامية الدليل الذي ذكره صاحب المسالك وارتضاه صاحب الجواهر فلم ينهض الى الان دليل على البطلان والظاهر ان الاسناد الى المشهور ايضاً غير تامّ فان العبارة المذكورة في الشرايع هكذا: ومن شك في عدده بعد انصرافه لم يلتفت، وان كان في اثنامه فان كان شكّاً في الزيادة قطع ولا شيء عليه، وان كان في النقصان استأنف في الفريضة.
فان الظاهر ان المراد من الشك في العدد بعد الانصراف اعم من الشك في الزيادة او في لنقيصة او في كلتيهما وقد حكم فيه بالصحة وعدم الالتفات لفرض كون حدوث الشك بعد الانصراف وامّا قوله: وان كان في اثنائه فالظاهر بقرينة المقابلة مع قوله بعد الانصراف انّ المراد منه هو قبل الانصراف سواء كان عند تمام الشوط والوصول الى الحجر الاسود او قبل تمام الشوط وقد حكم فيه بالقطع وانه لا شيء عليه ومعناه هي صحة الطواف وان كان التعبير بالقطع لا يلتئم مع اتمام الشوط وامّا الفرض الثالث الذي حكم فيه فقط بالبطلان في طواف الفريضة هو الشك في النقصان الحادث قبل الانصراف سواء كان بعد تمام الشوط او قبله.
وعليه فلا يستفاد من العبارة المذكورة الحكم بالبطلان في الفرع الذي هو محل الكلام لكن التأمل في كلام صاحب الجواهر في شرح العبارة يقضي بكونه قد حملها على خلاف ما تقتضيه الدقة في العبارة فراجعه باجمعه تجد صدق ما ذكرنا وقد ظهر مما ذكرنا عدم ثبوت الشهرة على البطلان ولا نهوض دليل عليه فما في المتن محل اشكال بل منع فتدبّر.
(الصفحة 410)
الفرع الثالث ما لو شك في اخر الدوّر او في الاثناء انه السابع او السادس او غير ه من صور النقصان والمشهور فيه بطلان الطواف ولزوم الاستيناف من رأس وحكي العلامة عن المفيد انه قال: من طاف بالبيت فلم يدراسّتاً طاف او سبعاً فليطف طوافاً اخر ليستيقن انه طاف سبعاً، والظاهر ان مراده من الطواف الاخر هو الشوط الاخر لا الاستيناف وحكاه ايضاً عن على بن بابويه والحلبي وابي على واختاره صاحب المدارك ومستندهم اصالة عدم الزيادة وقبلها بعض الروايات التي يأتي التعرض لها الله تعالى
وامّا يدل على المشهور فعدّة من الرّوايات مثل:
ما رواه الشيخ باسناده عن موسى بن القاسم عن عبدالرحمن بن سيّابة عن حمّاد عن حريز عن محمد بن مسلم قال سألت ابا عبدالله (عليه السلام) عن رجل طاف بالبيت فلم يدر أستّة طاف او سبعة طواف فريضة قال فليعد طوافه قيل انّه قد خرج وفاته ذلك قال
ليس عليه شيء(1) . قال صاحب الوسائل بعد نقل الرّواية: «اقول عبدالرحمن الذي يروي عنه موسى بن القاسم هو ابن ابي بحران وتفسيره هنا بابن سيّابة غلط كما حقّقه صاحب المنتقي وغيره».
والوجه في عدم رواية موسى بن القاسم عن ابن سيابة هو ان موسى بن القاسم من اصحاب الرضا والجواد (عليهما السلام) وابن سيابة من اصحاب الصادق (عليه السلام) ومن البعيد جدّاً روايته عنه مع اختلاف الطبقة بهذه الكيفية مع ان موسى بن القاسم روى كثيراً عن ابن ابي بحران وروايته عن ابن سيابة وهو عن حماد منحصرة بهذه الرّواية.
هذا مع انه لا يترتب على هذا البحث ثمرة مهمة بعد كون ابن ابي نجران موثقاً بالتوثيق الخاص وابن سيابة موثقاً بالتوثيق العام لوقوعه في اسناد كتاب كامل الزيادات
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الثالث والثلاثون ح ـ 1 .