(الصفحة 413)
ومنها ذيل موثقة محمد بن مسلم المتقدمة(1) وصحيحة منصور بن حازم(2)وصحيحة معاوية بن عمار(3) المشتمل بعد حكم الامام (عليه السلام) بما ظاهره وجوب اعادة الطواف في لشك بين الستة والسبعة على السوال عن الخروج والفوت والجواب بانه ليس عليه شيء او ما ارى عليه شيئاً وفي الصحيحة الثانيه اضافة قوله (عليه السلام) والاعادة احبّ الىّ وافضل.
بتقريب انّ مورد السوال الثاني لا يكون مغايراً لمورد السوال الاول وهو حدوث الشك حين الوصول الى الحجر الاسود قبل تحقق الانصراف غاية الامر ان خصوصية السوال الثاني انّما هي بلحاظ الخروج والفوت وعليه فالحكم بانه ليس عليه شيء ظاهر في ان الحكم بالاعادة في الجواب عن السوال الاول انّما يكون المراد به الاستحباب ويؤيده قوله ـ ع ـ والاعادة احبّ الىّ ... وعليه فالروايات الثلاثة بلحاظ ديلها يكون الظاهر منها الاستحباب ولازمه عدم بطلان الطواف بالشك المذكور ولو كان حدوثه قبل الانصراف.
ويرد على الاستدلال بها انه على هذا التقدير كان اللازم الحكم في الجواب بلزوم الاتيان بالشوط المشكوك كما هو مدّعى المستدل ولا مجال لعدم التعرض لما هو الوظيفة الواجبة والتعرض مكانه لحكم استحبابي وليس في الرواية فرض الاتيان بالشوط المشكوك وعليه فالروايات بهذا المعنى مما لم يقل بمفادها احد من الاصحاب.
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الثالث والثلاثون ح ـ 1 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب الثالث والثلاثون ح ـ 8 .
- (3) الوسائل ابواب الطواف الباب الثالث والثلاثون ح ـ 10 .
(الصفحة 414)
فاللازم حمل الذيل فيها على كون المراد من السوال فيه هو السوال عن حكم صورة حدوث الشك بعد الانصراف وعليه فالفرق بينه وبين مورد السوال الاول انّما هو في كون المراد منه هو حدوث الشك قبل الانصراف الذي هو محل البحث والكلام في المقام فلا دلالة للذيل على كون المراد من الصدر الظاهر في بطلان الطواف ولزوم اعادته هو استحباب الاعادة كما هو ظاهر ومنها صحيحة منصور بن حازم المتقدمة التي جعلناها من ادلة المشهور فانّ صاحب المدارك قد استدل بها لمذهبه وهو البناء على الاقلّ مع انّ مورد السوال الاول فيها هو الشك بين الستّة والسبعة والبناء على الاقل واضافة شوط اخر مشكوك الوجود والجواب مشتمل على التوبيخ والاعتراض بقوله (عليه السلام)هلاّ استأنفت الظاهر في البطلان ووجوب الاعادة ظهوراً قويّاً لا يبلغ ظهور صيغة الامر في الوجوب مرتبته بوجه ولا يقبل الحمل على الاستحباب ولكنه مع ذلك استفاد منها صاحب المدارك عدم وجوب الاعادة ولزوم البناء على الاقل بقرينة الذيل الدال على انه ليس عليه شيء فيما اذا طاف وذهب بعد ملاحظة انّ الذهاب بمجرده لا يصلح لان يكون مصحّحاً للطواف الواقع باطلاً فلابد وان لا يكون الحكم فيه البطلان ولزوم الاعادة من رأس.
هذا والتحقيق ان يقال انه لا مجال للاشكال في ظهور الرواية في كون مورد السوال الثاني متّحداً مع مورد السوال الاول من جهة كون ظرف حدوث الشك بين الستّة والسبعة قبل الانصراف وبمجرد الوصول الى الحجر الاسود غاية الامر اضافة فرض الذهاب عقيب الطواف المذكور الذي بنى فيه على الاقل وطاف شوطاً اخر لكن اختلاف الحكمين والجوابين غاية الاختلاف وعدم امكان التصرف في الحكم الاوّل بالحمل على الاستحباب يستدعى الالتزام باحد امرين:
(الصفحة 415)
امّا ان يقال باختلاف مورد السؤالين وان مورد السؤال الاوّل هو الشك قبل الانصراف ومورد السؤال الثاني هو الشك الحادث بعد الانصراف والذهاب وقد فسرنا الرواية في بعض المباحث المتقدمة بهذا النّحو وعليه فلا مانع من اختلاف الحكمين بالكيفية المذكورة.
وامّا ان يقال بان مورد السؤال الثاني صورة الجهل بالوظيفة والاتيان بالطواف بالنحو المذكور الذي لا يكون صحيحاً بوجه والجهل في باب الطواف وان كان ملحقاً بالعلم بخلاف النسيان الاّ انه لا مانع من الالتزام بالصحة في بعض صور الجهل بعد قيام الدليل عليه ودلالة الرواية الصحيحة وهو خصوص صورة الشك بين الستّة والسبعة وفوت زمان التدارك بالذهاب والخروج الى بلده وأهله وقد حكى عن صاحب الحدائق (قدس سره) انه ادعى عدم النزاع والخلاف على الصحة في هذه الصورة وانّ محل الخلاف انما هو مع الحضور وحكى التصريح بهذا التفصيل عن العلامة المجلسى (قدس سره).
ولكن صاحب الجواهر ادّعى الاجماع على الخلاف وانه يجب حمل الصحيح على ارادة كون الشك بعد الفراغ قال: وان ابيت فالطرح وايكال علمه اليهم (عليهم السلام) خير من ذلك.
هذا والظاهر عدم ثبوت الاجماع بهذا النحو لمعارضة دعويه با دعاء صاحب الحدائق نفي الخلاف في الصحة في هذه الصورة وقد اختاره العلامة المجلسى (عليه السلام) مع ان خصوص هذه الصورة لم يكن مورداً لتعرض كثير من الفقهاء حتى يتحقق فيه الاجماع فالانصاف انه لا مجال لدعوى الاجماع ولكنه مع ذلك يكون الالتزام بالامر الاوّل ارجح واوفق بالفتاوى فتدبّر.
بقي الكلام في هذا الفرع فيما اذا كان الشك في الاقل من الستّ والسبع كما لو
(الصفحة 416)مسألة 24 ـ كثير الشك في عدد الاشواط لا يعتني بشكه، والاحوط استنابة شخص وثيق لحفظ الاشواط، والظنّ في عدد الاشواط في حكم الشكّ 1 .
شك بين الثلاث والاربع والحكم فيه ايضاً البطلان امّا لانّ الجميع بعد الاكمال ينتهي الى الشك بين الستّة والسبعة الذي كان الحكم فيه البطلان وامّا لدلالة روايات معتبرة على البطلان في خصوصه ايضاً مثل:
موثقة جنان بن سدير قال قلت لابي عبدالله (عليه السلام) ما تقول في رجل طاف فاوهم قال: طفت اربعة او طفت ثلاثة فقال ابو عبدالله (عليه السلام) اىّ الطوافين كان طواف نافلة ام طواف فريضة؟ قال ان كان طواف فريضة فليلق ما في يديه وليستأنف وان كان طواف نافلة فاستيقن ثلاثة وهو في شك من الرابع انه طاف فليبن على الثلاة فانه يجوز له(1) .
ومرسلة الصدوق المعتبرة قال: وسئل (عليه السلام) عن رجل لا يدري ثلاثة طاف او اربعة قال طواف نافلة او فريضة؟ قيل أجنبي فيهما جميعاً قال ان كان طواف نافلة فابن على ما شئت وان كان طواف فريضة فاعد الطواف(2).
وغيرهما من الرّوايات.
وبمثلهما ظَهَرَان الحكم بالبطلان في الشك في النقيصة يختص بطواف الفريضة وامّا طواف النافلة فلا يبطل بالشك المذكور بل الظاهر ان الحكم فيه هو البناء على الاقل الذي هو مقتضي اصالة عدم الاتيان بالزائد وان حكى عن جماعة جواز البناء على الاكثر ايضاً نظراً الى مثل المرسلة المتقدمة والامر سهل.
(1) قد وقع التعرض في هذه المسئلة لحكم عنوانين:
الاوّل كثير الشك في عدد الاشواط وصرّح في المتن بانه لا يعتني بشكّه والوجه فيه
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الثالث والثلاثون ح ـ 7 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب الثالث والثلاثون ح ـ 6 .
(الصفحة 417)
انّ ما دلّ على انه لا شك لكثير الشك لا يختص بباب الصلوة والشك في عدد ركعاتها سواء كان الشك موضوعاً للحكم بالبطلان كما في الشك في صلوتي الصبح والمغرب ام موضوعاً للحكم بالبناء على الاكثر والاتيان بصلوة الاحتياط بعد تمامية الصّلوة ومقتضي اطلاق مثل هذا الدليل الشمول للطواف ايضاً غاية الامر انه احتاط في المتن استحباباً بالاضافة الى استنابة شخص وثيق لحفظ الاشواط والوجه فيه قلة الابتلاء بالطواف بخلاف الصّلوة مع الفرق بينهما ايضاً بعدم جواز التكلم في الصلوة وجوازه في الطواف واثر هذا الفرق امكان الاستعلام من الحافظ وامكان اخراجه من الغفلة على تقديرها في الطواف دون الصلوة وكيف كان فالعمدة ما عرفت من ثبوت الاطلاق لما دل على انه لا شك لكثير الشك مع ملاحظة حكومته على الادلة الدالة على ترتب الحكم على الشك كما قد حقق في محله.
الثاني الظن في عدد الاشواط وفي المتن انه بحكم الشك لكنه ذكر المحقق في الشرايع ان لا بأس ان يقول الرجل على غيره في تعداد الطواف لانه كالامارة. والظاهر ان مقصوده من الامارة هي العلامة التي تفيد الظن غالباً وحكى مثله صاحب الجواهر (قدس سره) عن القواعد وغيرها ومحكي النهاية والمبسوط والسرائر والجامع.
والعمدة في الحكم بجواز التعويل المذكور بعد لزوم احراز حجية الظن الذي يكون مقتضي الاصل في مشكوكة الحجية منه العدم وحجيته في باب ركعات الصلوة انّما هي لاجل قيام الدليل عليها ولا ملازمة بين الصلوة والطواف من هذه الجهة روايتان واردتان في المقام:
احديهما رواية سعيد الاعرج قال سئلت ابا عبدالله (عليه السلام) عن الطواف أيكتفي