(الصفحة 408)
يشمل الاثناء وقبل الوصول اليه فلو تجاوز عنه بمقدار خطوات وشك ان ما في يده سادس او سابع فلم يحرز ولم يحفظ الطواف فان الطواف اسم للمجموع ويصدق انه طاف ولم يدرستّة طاف او طاف سبعة وان لم يصل الى الحجر ولم يتم الشوط بل تخصيص حصول الشك بين الستّة والسبعة بحين الوصول الى الحجر تخصيص بالفرد النادر اذ انما الشك غالباً يحصل في الاثناء وقبل الوصل الى الحجر.
والاستدلال بهذا الوجه من الغرائب فانّ المفروض في الفرع الثاني صورة وجود احتمال الزيادة بالنسبة الى عدد الاشواط ولا يكون في البين احتمال النقيصة من هذه الجهة وان كان نفس الشوط ناقصاً لم يكمل بعد ولم يصل الى الحجر الاسود الاّ انه بملاحظة العدد المعتبر في اشواط الطواف وهي السبعة لا يكون احتمال النقيصة موجوداً بوجه فامره دائر كما صرح به في فرض المسئلة بين ستة ونصف وسبعة ونصف فهنا نقصان احدهما متيقن الوجود وثانيهما متيقن العدم امّا الاوّل فبالاضافة الى الشوط الذي بيده حيث انه يكون في اثنائه ويعلم بعدم اكماله وامّا الثاني فبالنسبة الى العدد حيث انه يعلم بعدم النقيصة بل الشك انّما هو بملاحظة الزيادة حيث انه يحتمل كون ما بيده الذي لم يكمل بعد هو الشوط الثامن.
وعليه فالاستدلال لحكم هذا الفرض بالروايات التي يكون موردها خصوص صورة احتمال النقيصة من جهة عدد الاشواط لان موردها صورة الشك بين الستّة والسبعة مما لا ينبغي ان يصدر من متفقة فضلاً عمن له شأن في الفقه والفقاهة ومن الواضح انّ دعوى ثبوت الاطلاق لها وعدم الاختصاص بالفرد النادر وهو حدوث الشك عند الوصول الى الحجر الاسود لا تقتضي ثبوت الحكم المذكور فيها بالنسبة الى غير موردها وهو ما اذا كان احد طرفي الشك احتمال النقيصة بالنسبة الى عدد الاشواط
(الصفحة 409)
والظاهر وقوع الخلط بين النقصين وتحقق الاشتباه في البين.
وقد انقدح من جميع ما ذكرهنا عدم تمامية شيء من الوجوه الثلاثة التي قد جعلت احسن ما يستدل به للمشهور كما انك عرفت عدم تمامية الدليل الذي ذكره صاحب المسالك وارتضاه صاحب الجواهر فلم ينهض الى الان دليل على البطلان والظاهر ان الاسناد الى المشهور ايضاً غير تامّ فان العبارة المذكورة في الشرايع هكذا: ومن شك في عدده بعد انصرافه لم يلتفت، وان كان في اثنامه فان كان شكّاً في الزيادة قطع ولا شيء عليه، وان كان في النقصان استأنف في الفريضة.
فان الظاهر ان المراد من الشك في العدد بعد الانصراف اعم من الشك في الزيادة او في لنقيصة او في كلتيهما وقد حكم فيه بالصحة وعدم الالتفات لفرض كون حدوث الشك بعد الانصراف وامّا قوله: وان كان في اثنائه فالظاهر بقرينة المقابلة مع قوله بعد الانصراف انّ المراد منه هو قبل الانصراف سواء كان عند تمام الشوط والوصول الى الحجر الاسود او قبل تمام الشوط وقد حكم فيه بالقطع وانه لا شيء عليه ومعناه هي صحة الطواف وان كان التعبير بالقطع لا يلتئم مع اتمام الشوط وامّا الفرض الثالث الذي حكم فيه فقط بالبطلان في طواف الفريضة هو الشك في النقصان الحادث قبل الانصراف سواء كان بعد تمام الشوط او قبله.
وعليه فلا يستفاد من العبارة المذكورة الحكم بالبطلان في الفرع الذي هو محل الكلام لكن التأمل في كلام صاحب الجواهر في شرح العبارة يقضي بكونه قد حملها على خلاف ما تقتضيه الدقة في العبارة فراجعه باجمعه تجد صدق ما ذكرنا وقد ظهر مما ذكرنا عدم ثبوت الشهرة على البطلان ولا نهوض دليل عليه فما في المتن محل اشكال بل منع فتدبّر.
(الصفحة 410)
الفرع الثالث ما لو شك في اخر الدوّر او في الاثناء انه السابع او السادس او غير ه من صور النقصان والمشهور فيه بطلان الطواف ولزوم الاستيناف من رأس وحكي العلامة عن المفيد انه قال: من طاف بالبيت فلم يدراسّتاً طاف او سبعاً فليطف طوافاً اخر ليستيقن انه طاف سبعاً، والظاهر ان مراده من الطواف الاخر هو الشوط الاخر لا الاستيناف وحكاه ايضاً عن على بن بابويه والحلبي وابي على واختاره صاحب المدارك ومستندهم اصالة عدم الزيادة وقبلها بعض الروايات التي يأتي التعرض لها الله تعالى
وامّا يدل على المشهور فعدّة من الرّوايات مثل:
ما رواه الشيخ باسناده عن موسى بن القاسم عن عبدالرحمن بن سيّابة عن حمّاد عن حريز عن محمد بن مسلم قال سألت ابا عبدالله (عليه السلام) عن رجل طاف بالبيت فلم يدر أستّة طاف او سبعة طواف فريضة قال فليعد طوافه قيل انّه قد خرج وفاته ذلك قال
ليس عليه شيء(1) . قال صاحب الوسائل بعد نقل الرّواية: «اقول عبدالرحمن الذي يروي عنه موسى بن القاسم هو ابن ابي بحران وتفسيره هنا بابن سيّابة غلط كما حقّقه صاحب المنتقي وغيره».
والوجه في عدم رواية موسى بن القاسم عن ابن سيابة هو ان موسى بن القاسم من اصحاب الرضا والجواد (عليهما السلام) وابن سيابة من اصحاب الصادق (عليه السلام) ومن البعيد جدّاً روايته عنه مع اختلاف الطبقة بهذه الكيفية مع ان موسى بن القاسم روى كثيراً عن ابن ابي بحران وروايته عن ابن سيابة وهو عن حماد منحصرة بهذه الرّواية.
هذا مع انه لا يترتب على هذا البحث ثمرة مهمة بعد كون ابن ابي نجران موثقاً بالتوثيق الخاص وابن سيابة موثقاً بالتوثيق العام لوقوعه في اسناد كتاب كامل الزيادات
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الثالث والثلاثون ح ـ 1 .
(الصفحة 411)
ولم يعارضه قدح خاص واحتمال كون ذكر عبدالرحمن مستنداً الى غلط النسّاخ واشتباه الكتاب كما احتمله بعض الاعلام في غاية البعد.
وما رواه ايضاً باسناده عن موسى بن القاسم عن النخعي عن ابن ابي عمير عن معاوية بن عمار عن ابي عبدالله (عليه السلام) في رجل لم يدراستّة طاف او سبعة قال: يستقبل(1) . وقد استشكل في السند لان النخعي مردّد بين الثقة وغيره لكن اجيب عنه بان الطاهر كونه لقباً لابي ايّوب الدّراج وهو ثقة وموسى بن القاسم روى عنه في غير هذا المورد مع ان المحكي ان الكليني رواها وليس في السّند النخعى.
وصحيحة منصور بن حازم قال قلت لابي عبدالله (عليه السلام) انّي طفت فلم أدرأسّتة طفت ام سبعة فطفت طوافاً اخر فقال هلاّ استأنفت قلت: طفت وذهبت قال: ليس عليك شيء(2).
وصحيحة الحلبي عن ابي عبدالله (عليه السلام) في رجل لم يدرستّة طاف او سبعة قال: يستقبل(3).
ورواية ابي بصير قال قلت له: رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدرستّة طاف ام سبعة ام ثمانية قال: يعيد طوافه حتى يحفظ الحديث بناء على كون وجوب الاعادة لتحقق الحفظ انّما هو لاجل وجود احتمال النقيصة في البين لعدم كون احتمال الزيادة قادحاً على ما عرفت.
وغير ذلك من الروايات الدالة على البطلان من رأس في مفروض المسئلة.
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الثالث والثلاثون ح ـ 2 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب الثالث والثلاثون ح ـ 3 .
- (3) الوسائل ابواب الطواف الباب الثالث والثلاثون ح ـ 9 .
(الصفحة 412)
وامّا القول بالبناء على الاقل والاتيان بالمشكوك فقد استدل عليه بطائفة من الروايات.
منها ما رواه الصدوق باسناده عن رفاعة عن ابي عبدالله (عليه السلام) انه قال في رجل لا يدري ستة طاف او سبعة قال: يبني على يقينه(1) . بناء على كون المراد من البناء على اليقين هو البناء على الاقل الذي هو المتيقن في الدوران بين الاقلّ والاكثر واللازم ـ ح ـ الاتيان بالمشكوك وعدم بطلان الطواف.
ويرد عليه اوّلاً انه لم يثبت كون المراد منه ذلك بل يحتمل قويّاً ان يكون المراد منه هو لزوم الحفظ الذي قد وقع التعبير به في بعض الروايات المتقدمة متفرعاً على الحكم بالبطلان ولزوم الاعادة وقد وقع مثل هذا التعبير في الشك في اعداد ركعات الصلوة الذي يكون حكمه البناء على الاكثر واتمام الصلوة والاتيان بصلوة الاحتياط نظراً الى ان الطريق المحصل لليقين بالفراغ هي هذه الطريقة التي علّمها الشارع وعليه فالبناء على اليقين في المقام انّما يتحقق يرفع اليد عن الطواف المشكوك والاتيان بسبعة اشواط بنحو اليقين هذا ولو لم يثبت ظهور الرواية فيما ذكرنا يكفي مجرد احتماله المساوى للاحتمال الاخر في عدم تماميه الاستدلال بها على البطلان وثانياً انه على تقدير تسليم ظهور الصحيحة في مرام المستدل نقول انّها مطلقة من جهة طواف الفريضة والنافلة واطلاقها قابل للتقييد بطواف النافلة بسبب الروايات المتقدمة الظاهرة اكثرها في طواف الفريضة وقد وقع التصريح بالتفصيل في جملة من الروايات وان كان بعضها غير خال من ضعف السند.
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الثالث والثلاثون ح ـ 11 .