(الصفحة 444)
ثم انّ ظاهر صحيحة اخرى لعمر بن يزيد التفصيل فيما اذا مضي من مكة قليلاً ولازمه ـ ح ـ عدم المشقة في الرجوع بين الرجوع للاتيان بالصلوة بنفسه وبين الاستنابة وامر بعض الناس بالصلوة عنه حيث روى عن ابي عبدالله (عليه السلام) فيمن نسي ركعتي الطواف حتى ارتحل من مكّة قال ان كان قد مضي قليلاً فليرجع فليصلهما او يامر بعض الناس فليصلّهما عنه(1) .
فانّ ظاهرها التخيير بين الامرين ولذا اورد صاحب الحدائق على المشهور بهذه الرواية حيث انه لا يكون من التخيير في كلامهم في هذه الصورة عين ولا اثر مع ان الرواية ظاهرة فيه.
لكنه اجاب بعض الاعلام (قدس سره) عن هذا الايراد بما يرجع محصّله ان حرف «او» وان كان ظاهراً في التخيير ولكن الظاهر منه هنا عطفه على مجموع الجزاء والشرط لا خصوص الجزاء والمعنى ان من مضي وخرج قليلاً ان كان متمكناً من الرجوع فليصل بنفسه بعد الرجوع وان لم يتمكن يستنيب قال وهذا النحو من الاستعمال شايع نظير ما اذا قيل اذا دخل الوقت توضّأ او تيمّم يعني اذا دخل الوقت وكان متمكنا من الماء يتوضّأ، وان دخل الوقت ولم يكن متمكنا من الماء يتيمّم....
هذا وامّا جواز الاستنابة في صورة الارتحال من مكّة ومشقة الرجوع التي عرفت ان مقتضي الرّوايات المتعددة فيها لزوم الصلوة حيث يذكر بالمباشرة فلم يتعرض له الكثير نعم وقع التصريح به في محكىّ التحرير بل التذكرة ولا مجال لدعوى انّ عدم التعرض ليس لاجل عدم الجواز بل لاجل التعرض لاحد طرفي الواجب التخييري ولعلّ النكتة فيه سهولة الاتيان به بالاضافة الى الطرف الاخر والوجه في عدم صحة هذا
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والسبعون ح ـ 1 .
(الصفحة 445)
التوجيه كونه مخالفاً للظاهر جدّاً.
وكيف كان فالظاهر ان مقتضي الجمع بين الروايات المتقدمة وبين الروايات التي ظاهرها تعيّن التوكيل والاستنابة هو الحمل على التخيير مثل: صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما (عليهما السلام) قال سألته عن رجل نسي ان يصلي الركعتين قال: يصلّي عنه(1) .
وصحيحة عمر بن يزيد عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال: من نسي ان يصلّي ركعتي طواف الفريضة حتى خرج من مكة فعليه ان يقضي او يقضي عنه وليّه او رجل من المسلمين(2). ولكن الظاهر ان المراد منه ما افاده بعض الاعلام في تفسير رواية عمر بن يزيد المتقدمة بل هذه الرواية اظهر لانه لا تصل النوبة الى قضاء الولّى قبل موت المكلف فهذه الرواية لا ارتباط لها بما نحن فيه بل موردها المسئلة الاتية وهي قضاء الولى صلوة الطواف عن الميت.
ورواية ابن مسكان قال حدثني من سأله عن الرجل يَنْسي ركعتي طواف الفريضة حتى يخرج فقال: يوكّل(3).
فانّ مقتضي الجمع بين الطائفتين هو الحمل على التخيير ولذا انفينا البعد عن جواز الاستنابة في التعليقة على المتن.
بقي في هذه المسئلة امور:
الامر الاوّل لو تذكر ترك صلوة الطواف في اثناء السعي فالمشهور هو لزوم القطع والرجوع الى المقام والاتيان بالصلوة ثم اتمام السعي من حيث قطع من دون فرق بين
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والسبعون ح ـ 4 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والسبعون ح ـ 13 .
- (3) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والسبعون ح ـ 14 .
(الصفحة 446)
الا شواط اصلاً وعن الصّدوق جواز الاتيان بالصلوة بعد اكمال السعي ايضاً ويظهر من صاحب الوسائل في عنوان الباب ويدل على المشهور روايات كثيرة مثل:
صحيحة معاوية بن عمّار عن ابي عبدالله (عليه السلام) انه قال في رجل طاف طواف الفريضة ونسي الركعتين حتى طاف بين الصفا والمروة ثم ذكر قال: يعلم ذلك المكان ثم يعود فيصلّي الركعتين ثم يعود الى مكانه(1) . والمراد من قوله طاف بين ... هو الشروع فيه لا الفراغ عنه بقرينة الجواب كما ان الظاهر ان المراد من قوله يعود الى مكانه هو لزوم العود الى المسعى لاتمام السعي واكماله.
وصحيحة محمّد بن مسلم عن احدهما (عليهما السلام) قال سألته عن رجل يطوف بالبيت ثم ينسي ان يصلي الركعتين حتى يسعى بين الصفا والمروة خمسة اشواط او اقلّ من ذلك قال ينصرف حتى يصلي الركعتين ثم يأتي مكانه الذي كان فيه فيتمّ سعيه(2).
ومرسلة حمّاد بن عيسى عمّن ذكره عن ابي عبدالله (عليه السلام) انه قال في رجل طاف طواف الفريضة ونسي الركعتين حتى طاف بين الصفا والمروة قال: يعلم ذلك الموضع ثم يعود فيصلّي الركعتين ثم يعود الى مكانه(3).
ومستند الصدوق ما رواه باسناده عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر (عليه السلام) انه رخصّ له ان يتم طوافه ثم يرجع فيركع خلف المقام(4). ولكن حيث انّ في سند الصدوق الى محمد ابن مسلم مناقشة فلا تصلح هذه الرواية لاثبات شيء في مقابل ما تقدم.
الامر الثاني انّ مقتضي جميع الروايات الواردة في المسئلة الدالة على لزوم الرجوع
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب السابع والسبعون ح ـ 1 .
- (2) الوسائل ابواب الطواف الباب السابع والسبعون ح ـ 3 .
- (3) الوسائل ابواب الطواف الباب السابع والسبعون ح ـ 4 .
- (4) الوسائل ابواب الطواف الباب السابع والسبعون ح ـ 2 .
(الصفحة 447)مسألة 5 ـ لو مات وكان عليه صلاة الطواف يجب على ولده الاكبر القضاء 1 .
الى المسجد والمقام في بعض وعدم لزومه بل تكفي صلوته حيث يذكر او تجوز الاستنابة انّ ما يلزم ان يقضي هي نفس الصلوة التي تركها نسياناً وامّا الاعمال المترتبة على الصلوة المتأخرة عنها فلا تجب اعادتها حتى لو تذكر في اثناء السعي من ان متقضي النص وفتوى المشهور لزوم الرجوع الى المقام والاتيان بالصلوة ثم العود الى المسعى لاكمال السعي واتمامه.
الامر الثالث المحكي عن الشهيد في الدروس انه قال: لو نسي الركعتين رجع الى المقام فان تعذر فحيث شاء من الحرم فان تعذر فحيث امكن من البقاع وذكر صاحب الجواهر انه لا موافق له على هذا التفصيل ولا دليل كما اعترف به بعضهم.
الامر الرّابع انّ الجاهل بوجوب صلوة الطواف التارك لها بحكم النّاسي ويدل عليه صحيحة جميل بن درّاج عن احدهما (عليه السلام) انّ الجاهل في ترك الركعتين عند مقام ابراهيم (عليه السلام) بمنزلة النّاسى. ومقتضي اطلاقها عدم الفرق بين قسمي الجاهل القاصر والمقصّر وعليه فيجري في الجاهل بكلا قسميه ما تقدم من الاحكام بالاضافة الى النّاسي من دون فرق بينهما.
(1) يدل على وجوب قضاء الولى صلوة الطواف عن الميت فيما لو تركها زمن حيوته نسياناً او جهلاً مضافاً الى بعض الاطلاقات الدالّة على انّه يقضي عنه اولى الناس بميراثه ما عليه من صلاة او صيام كصحيحة حفص صحيحة عمر بن يزيد عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال من نسي ان يصلّي ركعتي طواف الفريضة حتى خرج من مكّة فعليه ان يقضي او يَقْضي عنه وليّه او رجل من المسلمين(1) .
بناء على ما مرّ من ان المراد منها وجوب اتيانه بنفسه في حال الحيوة وقضاء الولى
- (1) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والسبعون ح ـ 13 .
(الصفحة 448)مسألة 6 ـ لو لم يتمكن من القرائة الصحيحة ولم يتمكن من التعلّم صلّي بما امكنه وصحّت، ولو امكن تلقينه فالاحوط ذلك والاحوط الاقتداء بشخص عادل لكن لا يكتفي به كمالا يكتفي النائب 1 .
عنه بعده وعطف رجل من المسلمين على الولّى انّما هو باعتبار كون اتيان الغير مبرءً لذمة الميت ايضاً سواء كان تبرعاً او بالاجرة.
(1) من لم يتمكن من القرائة الصحيحة تارة لا يكون متمكّناً من التعلم ايضاً واخرى يكون متمكّناً منه ففي الصورة الاولى لا اشكال في صحة صلوته لانّ وظيفته لا تكون الاّ هذا المقدار الذي يتمكن منه وقد تقدم في باب التلبية حكم تلبية الاخرس وما ورد من انّ تلبيته وتشهده وقرائته القران في الصلوة هو تحريك لسانه واشارته باصبعه وبعض الروايات الاخر الدالة على انه قد ترى من المحرم من العجم لا يراد منه ما يراد من العالم الفصيح.
وفي الصورة الثانية لا اشكال في ان وظيفته التعلم وتصحيح القرائة وتحسينها مقدمة للاتيان بالمأمور به التي هي الصلوة الصحيحة في صورة الامكان فان اهمل وتسامح حتى ضاق الوقت فمقتضي اطلاق المتن انه يصلّي بما امكنه وتصحّ صلوته ولكن احتاط بالتلقين في صورة امكانه وظاهره هو الاحتياط الوجوبي والوجه فيه انه مع التلقين تتحقق الصلوة من نفسه مباشرة ومع القرائة الصحيحة ولا يكون فيه اية شبهة.
وامّا الاقتداء ففيه شبهة عدم مشروعية الجماعة في صلوة الطواف ولذا لم ينقل فيها قول ولافعل من المعصوم (عليه السلام) مع انه انّما يفيد بالنسبة الى القرائة الساقطة عن المأموم وامّا بالاضافة الى سائر الاذكار خصوصاً التشهد والتسليم فلا يجدي بوجه كما ان النيابة وان كانت ثابتة في مثل المريض والكسير الاّ انّ ثبوتها في غير المتمكن من