(الصفحة 122)
المنتهى المتقدّمة. مع أنّ الظاهر إن تعجيل أبي الحسن (عليه السلام) على مافي رواية ابن عطية كان لأجل مرضه، لأنه بدونه لاوجه له.
وأمّا الناسي فيدل على جواز افاضته حديث رفع الخطأ والنسيان. كما أنه لا كفارة عليه.
وأمّا الجاهل فبناءً على التفسير المتقدم عن صاحب الحدائق الذي اخترناه في رواية مسمع المتقدمة المشتمل ذيلها على قوله: «وإن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة» يكون مفادها ثبوت الكفارة على الجاهل الذي أفاض قبل طلوع الفجر. وثبوت الكفارة يكشف عن ثبوت الحرمة وتحقق الإثم ـ كما اعترف به صاحب الجواهر ـ وعليه فلا يجوز للجاهل الإفاضة المذكورة للرّواية.
الأمر الثاني: إن ظاهر المتن أن مقتضى الإحتياط الوجوبي أن لا ينفروا قبل نصف الليل. ويظهر من الجواهر كون الإحتياط المذكور استحبابيّاً، حيث قال: وينبغي للمعذورين أن لا يفيضوا إلاّ بعد انتصاف الليل.
ولم يظهر لي وجه لهذا الإحتياط، إلاّ قوله (عليه السلام) في إحدى روايتي أبي بصير: إذا زال الليل بناء على كون المراد من زواله هو انتصافه لا زواله وارتفاعه.
الأمر الثالث: إن الظاهر هو الإختلاف بين الطوائف المذكورة من جهة أنه لا يجب على النساء والشيوخ العود إلى المشعر لإدراك الوقوف بين الطلوعين، وإن كانا قادرين على ذلك، بخلاف غيرهما من الخائف والمريض ومن ينفر بالنساء ويمرض المريض، فإنه بعد جواز الإفاضة لهم يكون الجواز باقياً ما دام كان العنوان باقياً. وأمّا إذا ارتفع الخوف والمرض بعد الإفاضة وأمكن العود إلى المشعر للوقوف
(الصفحة 123)في مالو خرج قبل طلوع الفجر متعمدا
مسألة 2 ـ من خرج قبل طلوع الفجر بلا عذر ومتعمّداً ولم يرجع إلى طلوع الشمس فإن لم يفته الوقوف بعرفات ووقف بالمشعر ليلة العيد إلى طلوع الفجر، صحّ حجّه على المشهور وعليه شاة. لكن الأحوط خلافه، فوجب عليه بعد إتمامه الحجّ من قابل، على الأحوط. [1]
المذكور فالظاهر هو الوجوب، خصوصاً بعد كون الواجب محدوداً ببين الطلوعين وكون الركن مسمّى هذا الواجب. وجواز الإفاضة لا يستلزم جواز عدم العود بعد زوال العنوان وإمكانه. ومنه يظهر الحال بالإضافة إلى من ينفر بهم، وكذا بالإضافة إلى الجاهل والناسي بعد زوال الجهل والنسيان بطريق أولى، فتدبر.
[1] قد مرّ البحث في هذه المسألة في أوال بحث الوقوف بالمشعر. وتقدم أن المستند في ذلك هي رواية مسمع المتقدمة(1) على مافهم منها المشهور. ومرّ أيضاً أن مقتضى التحقيق في مفاد الرواية ما استفاد منها صاحب الحدائق، وعليه لا دلالة لها على صحة الحج في مفروض المسألة، بل مقتضى ما تقدم من أن الركن في باب الوقوف المشعر هو المسمى ممّا بين الطلوعين هو البطلان، للإخلال به متعمّداً، فيجب عليه بعد الإتمام، الحج من قابل.
- (1)
سائل: أبواب الوقوف بالمشعر، الباب الثامن عشر، ح1.
(الصفحة 124)في مالو لم يدرك الوقوف بين الطلوعين والوقوف بالليل لعذر
مسألة 3 ـ من لم يدرك الوقوف بين الطلوعين والوقوف باللّيل لعذر وأدرك الوقوف بعرفات، فإن أدرك مقداراً من طلوع الفجر من يوم العيد إلى الزّوال ووقف بالمشعر ولو قليلا، صحّ حجّه. [2]
والذي ينبغي البحث عنه هنا، انه لو سلم دلالة الرواية على مرام المشهور فما الوجه في تقييد الحكم بعدم فوت الوقوف بعرفات ـ كما في المتن ـ تبعاً للمحقق في الشرايع مع أنه لا يوجد هذا التقييد في الرّواية أصلا؟
والظاهر ان الوجه في عدم تقييد الحكم به في الرواية ان الصحة التي دلت عليه الرواية على هذا التقدير هو حكم حيثى، وبالإضافة إلى خصوصية الوقوف بالمشعر ولا يكون حكماً مطلقاً حتى يكون مقتضى إطلاقه عدم الفرق بين صورة إدراك الوقوف بعرفات وصوت الفوت ـ كما في جميع الموارد التي يحكم فيها بالصحة في الأعمال المركّبة ـ فإن الظاهر ثبوت الفرق فيها بين الحكم بالصحة والحكم بالبطلان. فإنّ الأوّل إضافي والثاني مطلق. وعليه فلابد في الحكم بالصحة المطلقة من فرض عدم فوت الوقوف بعرفة، فتدبر.
[2] من لم يدرك الوقوف بالمشعر أصلا لا في الليل ولا فيما بين الطلوعين وكان السبب في عدم الإدراك هو العذر، كما إذا أفاض منه عرفات بعد غروب الشمس ولم يصل إلى المشعر لأجل الإنحراف عن طريقه أو كثرة الزحام والوسائل النقلية وعدم إمكان المشي بدونها. فالظاهر إن وقت الوقوف بالمشعر يمتدّ بالإضافة إليه إلى زوال الشمس. وحكى إبن إدريس عن السيّد: الإمتداد إلى الغروب، لكن في مجمي المختلف أنكره أشدّ الإنكار. وقد ادعى صاحب الجواهر الاجماع بقسميه على الأوّل.
ومنشأه روايات متعددة واردة في هذه المجال، مثل:
صحيحة جميل عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: من أدرك المشعر الحرام يوم النّحر من قبل زوال الشمس فقد أدرك الحجّ.(1)
- (1) وسائل: أبواب الوقوف بالمشعر، الباب الثالث والعشرون، ح9.
(الصفحة 125)
ورواية عبدالله بن المغيرة، قال: جائنا رجل بمنى، فقال: إنّي لم أدرك الناس بالموقفين جميعاً ـ إلى أن قال ـ فدخل إسحاق بن عمّار على أبي الحسن (عليه السلام) فسأله عن ذلك، فقال: إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس يوم النحر، فقد أدرك الحج.(1)
ورواية يونس ان عبدالله بن مسكان لم يسمع من أبي عبدالله (عليه السلام) إلاّ حديث «من أدرك المشعر فقد أدرك الحج» قال: وكان أصحابنا يقولون من أدرك المشعر قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحج. فحدثني محمد بن عمير وأحسبه رواه: إن من أدركه قبل الزوال من يوم النحر فقد أدرك الحجّ.(2)
ورواية الحسن العطّار عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إذا أدرك الحاج عرفات قبل طلوع الفجر، فأقبل من عرفات ولم يدرك الناس بجمع ووجدهم قد أفاضوا، فليقف قليلا بالمشعر الحرام وليلحق الناس بمنى، ولا شيء عليه.(3)
وغير ذلك من الروايات الدالة عليه.
- (1) وسائل: أبواب الوقوف بالمشعر، الباب الثالث والعشرون، ح6.
- (2) وسائل: أبواب الوقوف بالمشعر، الباب الثالث والعشرون، ح13.
- (3) وسائل: أبواب الوقوف بالمشعر، الباب الرابع والعشرون، ح1.
(الصفحة 126)في أقسام إدراك الوقوفين :
1- ادراك اختياريهما
2- عدم ادراك الاختياري والاضطراري منهما
مسألة 4 ـ قد ظهر ممّا مرّ انّ لوقوف المشعر ثلاثة أوقات: وقتاً إحتياريّاً وهو بين الطلوعين، ووقتين اضطراريين: أحدهما ليلة العيد لمن له عذر، والثاني من طلوع الشمس من يوم العيد إلى الزوال كذلك. وانّ لوقوف عرفات وقتاً إختياريّاً هو من زوال يوم عرفة إلى الغروب الشرعي، اضطرارياً هو ليلة العيد للمعذور. فحينئذ بملاحظة إراك أحد الموقفين أو كليهما إختيارياً أو اضطرارياً، فرداً وتركيباً، عمداً أو جهلا أو نسياناً أقسام كثيرة. نذكر ماهو مورد الإبتلاء:
الاوّل: إدراك إختياريهما. فلا إشكال في صحة حجّه من هذه الناحية.
الثاني: عدم إدراك الإختياري والإضطرارى منهما، فلا إشكال في بطلانه عمداً كان أو جهلا أو نسياناً، فيجب عليه الإتيان بعمرة مفردة مع إحرامه الذي للحج ، والأوى قصد العدول إليها، والأحوط لمن كان معه الهدي أن يذبحه، ولو كان عدم الإدراك من غير تقصير لا يجب عليه الحج إلاّ مع حصول شرائط الإستطاعة في القابل، وإن كان عن تقصير يستقر عليه الحج ويجب من قابل، ولو لم يحصل شرائطها. [1]
[1] أشار في المتن إلى أنّ منشأ الأقسام الكثيرة تعدّد الموقف وثبوت الإختياري والإضطراري لكل منهما، بل ثبوت اضطراريين للثاني من جهة وكون الإدراك فرداً وممتزجاً تركيبيّاً من جهة ثانية. وكون المنشأ لعدم الإدراك، التعمد أو الجهل أو