(الصفحة 214)فيما لو لم يوجد غير الخصىّ
مسألة 9 ـ لو لم يوجد غير الخصىّ لايبعد الإجتزاء به، و إن كان الأحوط الجمع بينه و بين التام في ذي الحجة فى هذا العام و إن لم يتيسّر ففى العام القابل أو الجمع بين الناقص والصوم، ولو وجد الناقص غير الخصىّ فالأحوط الجمع بينه و بين التام في بقيّة ذي الحجة فإن لم يكن ففى العام القابل، والإحتياط التام الجمع بينهما و بين الصوم. [1]
[1] امّا بالنسبة إلى الخصىّ لو لم يوجد غيره فقد نفى البعد عن الاجتزاء به فى هذا الفرض. لكن مقتضى إطلاق الإصحاب عدم الإجزاء، كما اعترف به في الحدائق حتى قال: لم اقف على من قيّد إلاّ على الشيخ في النهاية و تبعه الشهيد في الدروس و بعض من تأخر عنه والروايات التى استدل لها أو يمكن الإستدلال بها على الإجزاء في صورة عدم وجدان غير الحضىّ، ثلاثة:
إحديها: ما استدل به في المدارك من صحيحة معاوية بن عمّار في حديث، قال: قال ابوعبدالله (عليه السلام) اشتر فحلاً سميناً للمتعة فإن لم تجد فموجوءاً، فان لم تجد فمن فحولة المعز، فان لم تجد فنعجة، فان لم تجد فما استيسر من الهدى.(1)
والإستدلال إن كان بلحاظ وجود عنوان الموجوء في الرواية، فقد عرفت أن الموجوء غير الخصىّ بل غير المرضوض أيضاً. فلامجال للإستدلال بها على حكم الخصىّ و أن كان بلحاظ الاستشهاد بقوله تعالى:
(فما استيسر من الهدى) و أنه يدل على جواز الميسور من الهدى و إن كان فاقداً لبعض الامور المعتبرة فيه. و بعبارة
- (1) وسائل: ابواب الذبح، الباب الثانى عشر، ح 7.
(الصفحة 215)
اخرى تدل الرواية على أنه مع فقد بعض تلك الأمور ينطبق قوله تعالى:
(فما استيسر من الهدى) لاقوله تعالى:
(فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج...) فلابأس بهذا النحو من الإستدلال.
ثانيتها: رواية ابى بصير عن أبى عبدالله (عليه السلام) في حديث، قال: فالخصىّ يضحى به؟ قال: لا إلاّ أن لايكون غيره.(1)
ولكنها مخدوشة من حيث السند بعلى بن ابى حمزة الرّاوي عن ابي بصير.
ثالثتها: صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج، قال: سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن الرجل يشتري الهدي فلمّا ذبحه إذا هو خصىّ مجبوب ولم يكن يعلم أنّ الخصىّ لايجزى الهدى هل يجزيه أم يعيده؟ قال: لايجزيه إلاّ أن يكون لاقوّة به عليه.(2)
وهذه الرواية لاتنطبق على المدعى، لأنه عبارة عما لو لم يوجد غير الخصىّ و هذه الرواية تدل على الاجزاء فيما لو لم يقدر و لم يؤسر على الخصىّ. و يدلّ عليه صحيحته الأخرى، قال: سألت ابا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يشترى الكبش فيجده خصيّاً مجبوباً، قال: إن كان صاحبه موسراً فليشتر مكانه.(3) الاّ أن يقال أن الإجزاء في صورة عدم اليسر يدل على الاجزاء في صورة عدم وجدان غير الخصىّ بطريق اولى فتدبّر.
و بملاحظة ما ذكرنا ينقدح أنه لايبعد الحكم بالاجتزاء في مفروض المسألة كما في المتن، و إن كان مقتضى الإحتياط الإستحبابى ما هو المذكور فيه ايضاً. هذا بالنسبة
- (1) وسائل: ابواب الذبح، الباب الثانى عشر، ح 3.
- (2) وسائل: ابواب الذبح، الباب الثانى عشر، ح 3.
- (3) وسائل: ابواب الذبح، الباب الثانى عشر، ح 4.
(الصفحة 216)
إلى الخصىّ.
وأما بالنسبة إلى الناقص غير الخصىّ فالظاهر أن العنوان المفروض في المتن يغاير ما هو المفروض في كلام الفقهاء من زمن الشيخ (قدس سره) إلى زمان المحقق و من بعده. فإن المفروض في المسألة هو عدم وجدان غير الناقص و مورد كلام الفقهاء هو ما لو اشترى هدياً على أنّه تام الأجزاء و خال عن النقص فانكشف بعد الشّراء أنه ناقص غير تامّ و هما أمران لابد من البحث في كل منهما مستقّلاً، فنقول:
الأمر الأوّل: ما هو المذكور في المتن و قد احتاط فيه وجوباً بالجمع بين الناقص يوم العيد و بين التام في ذي الحجة في هذا العام أو العام القابل مع عدم التمكن في هذا المقام ولازمه أنه لم يستفد من الأدلة شيئاً من الإجزاء و عدمه فوصلت النوبة إلى الإحتياط اللّزومى و اللازم في هذا الأمر ملاحظة صحيحة على بن جعفر (عليه السلام) المتقدمة الدالة على أنّه لايجوز أن يكون الهدي ناقصاً من جهة أنّ المستفاد منها هل هو اعتبار عدم النقص و شرطيته بنحو الإطلاق الذى مرجعه إلى ثبوت الشرطية سواء وجد التام أم لم يوجد؟ أو أن مفادها شرطية التمامية فى الجملة و مرجعها إلى أن القدر المتيقن هي الشرطية في خصوص صورة وجدان التام لامطلقاً، فعلى الأوّل يكون مقتضى اطلاق دليل المقيّد أنه مع عدم وجدان غير الناقص ينتقل إلى الصيام و أن المورد داخل في قوله تعالى:
(فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) .
كما أنه على الثاني يكون مقتضى الإقتصار في دليل المقيد على القدر المتيقن و هى صورةوجدان التام لزوم اشتراء الهدى الناقص مع عدم وجدان التام و أن المورد داخل في قوله تعالى:
(فما استيسر من الهدى) .
(الصفحة 217)
والظاهر من المتن بملاحظة الإحتياط الوجوبى أنه لم يظهر له من الدليل و هى الصحيحة شىء من الإطلاق و عدمه مع أن الظاهر ثبوت الإطلاق لها و لازمه الانتقال إلى البدل و ارتفاع الحكم بلزوم الهدى في الأضحى، و إن كان المستفاد من صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة، أن قوله تعالى:
(فما استيسر من الهدى) يدل على الإكتفاء بالميسور منه، لكنه مجرد استيناس لايقاوم الإطلاق الذي يدل عليه صحيحة علي بن جعفر (عليه السلام) فتدبّر.
الأمر الثاني: ماوقع التعرض له في صدر المسألة العاشرة الآتية و هو ما لو انكشف بعد شراء الهدى بعنوان أنّه تام خلافه و أنه ناقص والمحكّى عن الأكثر هو عدم الإجزاء مطلقاً، سواء ظهر النقص بعد نقد الثمن أو قبله أو بعد الذبح أو قبله، والدليل عليه صحيحة على بن جعفر (عليه السلام) بلحاظ كون موردها هذه الصورة حيث إنّه روى عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) أنه سأل عن الرجل يشترى الأضحية عوراً فلا يعلم عورها الاّ بعد شرائها هل تجزى عنه؟ قال: نعم، إلا أن يكون هدياً واجباً فإنه لايجوز (ان يكون ظ) ناقصاً.(1)
فانّ مقتضى إنطباق الجواب على السؤال الحكم بعدم الإجزاء في الهدى في مورده الذى هو المقام، و مقتضى إطلاق السؤال و ترك الإستفصال في الجواب أنه لافرق في الحكم بعدم الإجزاء بين جميع صور المسألة المتقدمة و غيرها.
لكن هنا روايتان آخرتان صالحتان لتقييد إطلاق الصحيحة المتقدمة:
احديهما: صحيحة معاوية بن عمّار عن ابى عبدالله (عليه السلام) في رجل يشترى هدياً
- (1) وسائل: ابواب الذبح، الباب الرابع والعشرون، ح 2.
(الصفحة 218)
فكان به عيب، عور أو غيره، فقال: إن كان نقد ثمنه فقد أجزأ عنه، و إن لم يكن نقد ثمنه ردّه و اشترى غيره، الحديث.(1)
والظاهر ان موردها صورة العلم بعدالشراء فتدل على التفصيل بين صورة نقد الثمن وصورة عدمه بالاجزاء في الأولى والرّد في الثانية، لأجل خيار العيب و عدم إجزاء المعيب في الهدي.
ثانيتهما: صحيحة عمران الحلبى عن ابى عبدالله (عليه السلام) قال: من اشترى هدياً ولم يعلم انّ به عيباً حتّى نقد ثمنه ثم علم فقد تمّ.(2) والظاهر بلحاظ كون القيود مأخوذة في كلام الإمام (عليه السلام) في بيان موضوع الحكم بالاجزاء خصوصاً مع كونه مخالفاً للضابطة المستفادة من صحيحة علىّ بن جعفر (عليه السلام) هي مدخلية الجميع في الحكم المذكور. فكما أن نقد الثمن دخيل في الإجزاء، كذلك الإنكشاف بعد النقد فبملاحظة هذه الصحيحة يقيد اطلاق صحيحة على بن جعفر بالقيدين المذكورين هنا. و قد أفتى على طبقها الشيخ (قدس سره) في محكّي التهذيب.
ولكن الإشكال في أنّ فتوى المشهور على طبق رواية على بن جعفر (عليه السلام) والحكم بعدم الإجزاء بنحو الإطلاق، هل لأجل إعراضهم عن هاتين الروايتين فلا يبقى مجال للجمع الدلالي وبينهما و بينها؟ أو لأجل الجمع الدلالى بالحمل على بعض الوجوه كحمل الإجزاء على صورة عدم القدرة على استرجاع الثمن أو على الاضحية غير الواجبة. ولكن الظاهر هو الأول كما في الجواهر حتى ذكر أن الشيخ في
- (1) وسائل: ابواب الذبح، الباب الرابع والعشرون، ح 1.
- (2) وسائل: ابواب الذبح، الباب الرابع والعشرون، ح 3.