(الصفحة 409)في أن المعذور يستنيب
مسألة 9 ـ المعذور ـ كالمريض والعليل ـ وغير القادر على الرمي ـ كالطفل ـ يستنيب، ولو لم يقدر على ذلك ـ كالمغمى عليه ـ يأتي عنه الولي أوغيره، والأحوط تأخير النائب إلى اليأس من تمكن المنوب عنه، والأولى مع الإمكان حمل المعذور والرمي بمشهد منه، ومع الإمكان وضع الحصى على يده والرمي بها. فلو أتى النائب بالوظيفة ثم رفع العذر لم يجب عليه الإعادة، و استنابه مع اليأس، وإلاّ تجب على الأحوط . [1]
لكن صرح الشيخ وغيره: أن الرجوع إنما يجب مع بقاء أيام التشريق ومع خروجها تقضى في القابل. مستدلا عليه في التهذيب بخبر عمر بن يزيد المتقدمة. والاحتياط مقتض لما أفاده، خصوصاً بناءاً على الانجبار ـ كما عرفت ـ .
[1]
لا إشكال في وجوب الاستنابة عن المعذور، وغير القادر على الرمي ـ كالطفل ـ . ويدل عليه النصوص:
منها: صحيحة معاوية بن عمار وعبد الرحمن بن الحجاج جميعاً عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: الكسير والمبطون يرمى عنهما، قال: والصبيان يرمى عنهم.(1)
والرواية وإن كان ظاهرها وجوب الرمي عنهم، إلاّ أنها تدل على عدم السقوط بمجرد تعذر المباشرة، فالواجب هي الاستنابة. نعم في المغمى عليه غير القادر على
- (1) الوسائل: أبواب رمي جمرة العقبة، الباب السابع عشر، ح1.
(الصفحة 410)
الاستنابة وجوب إتيان الولي أو غيره عنه.
نعم يقع الكلام في أن المريض الذي يحتمل البرء وحصول القدرة في أواسط اليوم أو أواخره، هل يجوز له الاستنابة بعد عدم جوازها قطعاً فيما إذا علم بالبرء في بعض أوقات النهار؟ لأن العجز المجوز للاستنابة المسقط للمباشرة، هو العجز في مجموع الوقت لا في بعضه، نعم مع الشك في زوال العذر وعدمه يجوز له بمقتضى الاستصحاب وبقاء العذر إلى آخر الوقت البدار. لكن الأحوط التأخير إلى اليأس من التمكن، وهذا بعينه مسألة البدار في التيمم التي تقدمت.
ثم إن الأولى مع الإمكان حمل المعذور والرمي بمشهد منه، ويدل عليه بعض الروايات الظاهرة في الوجوب، مثل:
رواية إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن المريض ترمى عنه الجمار؟ قال: نعم يحمل إلى الجمرة ويرمى عنه(1).
ولكنه لم يقل أحد بالوجوب. ثم إن النائب لو أتى بالوظيفة ثم ارتفع العذر، لا تجب الإعادة قطعاً; ومع عدم اليأس تجب الإعادة احتياطاً ـ وقد تقدم ـ .
- (1) الوسائل: أبواب رمي جمرة العقبة، الباب السابع عشر، ح4.
(الصفحة 411)في فروض الشك
مسألة 10 ـ لو يئس غير المعذور ـ كوليه مثلا ـ عن رفع عذره، لا يجب استيذانه في النيابة، وإن كان أحوط. ولو لم يقدر على الإذن لا يعتبر ذلك . [1]
[1]
لا إشكال في أن الولي ـ مثلا ـ إذا لم يقدر على الإذن لأية جهة لا يعتبر في صحة عمله الاستيذان بوجه. وأما مع القدرة عليه يكون مقتضى الاحتياط الاستيذان. لأن التكليف متوجه إلى المعذور. فهو يأتي بالمأمور به، إما مباشرة وإما استنابة. فمقتضى الاحتياط الاستيذان. وإن كان يائساً من رفع عذر المعذور.
(الصفحة 412)مسألة 11 ـ لو شك بعد مضي اليوم في إتيان وظيفته لا يعتنى به، ولو شك بعد الدخول في رمي الجمرة المتأخرة في إتيان المتقدمة أو صحتها لا يعتنى به، كما لو شك بعد الفراغ أو التجاوز في صحة ما أتى، بنى على الصحة، ولو شك في العدد واحتمل النقصان قبل الدخول في رمي الجمرة المتأخرة، يجب الإتيان ليحرز السبع حتى مع الانصراف والاشتغال بأمر آخر على الأحوط، ولو شك بعد الدخول في المتأخرة في عدد المتقدمة، فإن أحرز رمي أربع حصيات وشك في البقية يتمها على الأحوط، وكذا لو شك في ذلك بعد إتيان وظيفة المتأخرة. ولو شك في أنه أتى بالأربع أو أقل، بنى على الاتيان بالاربع وأتى بالبقية . [1]
[1]
في هذه المسألة فروع:
الأول: الشك بعد مضي اليوم في إتيان وظيفة اليوم الماضي. والحكم فيه عدم الاعتناء لكونه شكاً بعد خروج الوقت المحدد ـ كالشك في الإتيان بالظهرين بعد غروب الشمس ومجئ وقت العشائين ـ .
الثاني: الشك بعد الدخول في رمي الجمرة المتأخرة في أصل الإتيان برمي الجمرة المتقدمة، أو صحة ما أتى به من رمي جمرتها. والحكم فيه أيضاً عدم الاعتناء. أمّا في الشك في أصل الإتيان، فلقاعدة الفراغ بعد اعتبار الترتيب مطلقاً. وفي الحقيقة يرجع إلى الشك في الصحة، لأجل اعتبار الترتيب، والحكم فيه بعد الفراغ عن العمل، الصحة.
الثالث: الشك في صحة ما أتى به من الرمي. والحكم فيه أيضاً الصحة; لما مر.
(الصفحة 413)
الرابع: الشك في العدد، واحتمال النقصان قبل الدخول في رمي الجمرة المتأخرة. والظاهر فيه لزوم الاعتناء والبناء على الأقل، للزوم إحراز السبع المأمور به، واقتضاء الاستصحاب عدم تحققه، فاللازم إحرازه. هذا فيما إذا لم ينصرف ولم يشتغل بأمر آخر واضح لا ارتياب فيه.
وأما مع الانصراف أو الاشتغال بأمر آخر، ففي المتن لزوم الاعتناء على الأحوط الذي يراد به الاحتياط الوجوبي الناشئ من عدم إحراز تحقق المأمور به الذي هو السبع. والشك ليس في صحة ما أتى به، حتى تجري فيه إصالة الصحة.
الخامس: الشك بعد الدخول في المتأخرة في عدد المتقدمة بعد إحراز رمي أربع حصيات والشك في البقية. ففي المتن أنه يتمها على الأحوط.
أما أصل الإتمام فلأن مقتضى الاستصحاب عدم الإتيان بما زاد على أربع. وأما كون الإتمام مقتضى الاحتياط الوجوبي، فلعدم إحراز جريان إصالة الصحة هنا، لأن الشك لا يكون في أصل الصحة، بل في العدد مع وجودها.
السادس: ذلك مع عدم إحراز رمي أربع حصيات. والحكم فيه ـ كما في المتن ـ أنه ينبى على الأربع ويأتي بالبقية.
أما البناء على الأربع فلجريان إصالة الصحة، وإن كان متقضى الاستصحاب عدمها. لأن في كل مورد تجري إصالة الصحة تكون هي متقدمة على الاستصحاب المقتضي لخلافها. وأما الإتيان بالبقية فلأن مقتضى الاستصحاب عدم الإتيان بها، ولا مجال لجريان إصالة الصحة بالإضافة إلى الزائد أصلا.
السابع: ذلك بعد الإتيان بوظيفة المتأخرة. والحكم فيه هو الحكم في الفرع