(الصفحة 305)في ما يكفي في التقصير
مسألة 28 ـ يكفي في التقصير قص شيء من الشعر أو الظفر بكل آلة شاء. والأولى قص مقدار من الشعر والظفر أيضاً، والأحوط لمن عليه الحلق أن يحلق جميع رأسه. ويجوز فيهما المباشرة والإيكال إلى الغير. وتجب فيهما النية بشرائطها ينوي بنفسه، والأولى نية الغير أيضاً مع الإيكال إليه . [1]
أيضاً، وإما أن يكون محلا، فلا وجه لحرمة الحلق بعده.
[1] في هذه المسألة فروع وأحكام:
الأول: أن الواجب في باب التقصير هو صدق عنوانه، والظاهر تحققه بما دون القبضة بل ما دون الأنملة، ولا يتوقف على صدق القبضة ـ كما ربما يحكى عن أبي علي ـ ولا على صدق الأنملة ـ كما لعله ربما يستظهر من عبارة الشرائع حيث قال: ويجزيهن منه ولو مثل الأنملة كما في محكي القواعد والنافع والتهذيب وبعض الكتب الاُخر أيضاً ـ ولكن الظاهر ـ كما قلنا ـ كفاية المسمى وصدقه بما دونهما وعدم توقفه على شيء منهما.
الثاني: أن الظاهر كفاية القص من الشعر أو الظفر، ولكن الجمع بينهما هو الأولى لظهور بعض الروايات في وجوب الجمع. لكن حيث إن الضرورة والإجماع قائمان على عدم وجوب الجمع، فالظاهر هو الاستحباب ـ كما في صحيحة سعيد الأعرج ـ .
الثالث: أنه تجوز فيهما المباشرة، ويجوز الإيكال إلى الغير، لعدم قدرة غالب
(الصفحة 306)
الناس على الحلق مباشرة بخلاف التقصير. فالتخيير بين الأمرين مع ذلك ظاهر في عدم وجوب المباشرة، وجواز الإيكال إلى الغير.
وحيث إنهما من العبادات، والعبادة مفتقرة إلى النية فاللازم وجوب النية، بالمباشرة، والأولى نية الغير أيضاً مع الإيكال إليه. لكن الكلام في الذابح من جهة الإمكان يجزي في هذه الصورة أيضاً في بعض الفروض.
الرابع: أن الأحوط وجوباً لمن عليه الحلق أن يحلق جميع رأسه ولا يقتصر على البعض بأن يحلق بعض الرأس فقط. وإن كان الحلق يصدق عليه أيضاً ـ كما في جانب التقصير ـ إلاّ أن ظاهر الأدلة في الحلق هو الجميع ـ كما في الآية ـ وقام الدليل على الإجزاء بالبعض في التقصير، مضافاً إلى استمرار السيرة ووجود إصالة الاشتغال، فالأحوط هو حلق الجميع، مع أنه لا يمكن في ناحية التقصير غالباً، وهو خلاف السيرة أيضاً.
(الصفحة 307)في إمرار الموسى على الرأس مع عدم الشعر
مسألة 29 ـ لو تعين عليه الحلق ولم يكن على رأسه شعر، يكفي إمرار الموسى على رأسه، ويجزي عن الحلق. ولو تخير من لا شعر له بينه وبين التقصير، يتعين عليه التقصير ولو لم يكن له شعر حتى في الحاجب والظفر، يكفي إمرار الموسى على رأسه . [1]
[1]
في هذه المسألة أيضاً فروع:
الفرع الأول: ما لو تعين عليه الحلق، ولم يكن على رأسه شعر، فمقتضى النص والفتوى ثبوت البدل المجزي له عن الحلق، وهو إمرار الموسى على الرأس.
ففي رواية زرارة: إنّ رجلا من أهل خراسان قدم حاجاً، وكان أقرع الرأس لا يحسن ان يلبي، فاستفتى له أبا عبدالله (عليه السلام) فأمر له أن يلبي عنه وأمر الموسى على رأسه، فإن ذلك يجزي عنه(1). والرواية ضعيفة السند.
وموثقة عمار الساباطي عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث، قال: سألته عن رجل حلّق قبل أن يذبح، قال: يذبح ويعيد الموسى، لأن الله تعالى يقول:
(... وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْي مَحِلَّهُ...(2)
) (3).
ورواية أبي بصير، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المتمتع أراد أن يقصر فحلق رأسه، قال: عليه دم يهريقه، فإذا كان يوم النحر أمّر الموسى على رأسه حين يريد أن
- (1) الوسائل: أبواب الحلق والتقصير، الباب الحادي عشر، ح3.
- (2) الوسائل: أبواب الحلق والتقصير، الباب الحادي عشر، ح2.
- (3) سورة البقرة (2): 196 .
(الصفحة 308)في الإشكال في الاكتفاء بقصر العانة والإبط
مسألة 30 ـ الاكتفاء بقصر شعر العانة أو الإبط مشكل. وحلق اللحية لا يجزي عن التقصير ولا الحلق . [1]
يحلّق(1).
الفرع الثاني: ما لو تخير من لا شعر له بينه وبين التقصير. والظاهر فيه تعين التقصير، لعدم ثبوت البدلية المطلقة لإمرار الموسى. والضابطة الكلية أنه إذا تعذر أحد فردي الواجب التخييري يتعين الفرد الآخر المفروض في المقام مكانه، وهو التقصير.
الفرع الثالث: ما لو يكن له شعر حتى في الحاجب ولم يكن له ظفر. وفي هذا الفرع أيضاً يكفي الإمرار لعدم ثبوت القدرة لا على الحلق ولا على التقصير، فيتعين الرجوع إلى البدل المستفاد من الأدلة. فالظاهر هي كفاية الإمرار في هذا الفرع أيضاً.
[1] أما الإشكال في الاكتفاء بقصر شعر العانة أو الإبط، فلأن الشعرين خارجان عند العرف. وإن كان يصدق عليهما الشعر.
وأمّا عدم إجزاء حلق اللحية عن التقصير فلأنهما ـ أي الحلق والتقصير ـ أمران متغايران عند العرف. مع أن الحلق لابد وأن يكون متعلقاً بالرأس. ولذا ورد في بعض الروايات المتقدمة إمرار الموسى على الرأس في مورد الأقرع الذي لا شعر
- (1) الوسائل: أبواب الحلق والتقصير، الباب الحادي عشر، ح 1.
(الصفحة 309)في زمان الحلق أو التقصير و مكانهما
مسألة 31 ـ الأحوط أن يكون الحلق والتقصير في يوم العيد، وإن لا يبعد جواز التأخير إلى آخر أيام التشريق ومحلهما منى ولا يجوز اختياراً في غيره. ولو ترك فيه ونفر يجب عليه الرجوع إليه، من غير فرق بين العالم والجاهل والناسي وغيره. ولو لم يمكنه الرجوع حلق أو قصر في مكانه، وأرسل شعره إلى منى لو أمكن، واستحب دفنه مكان خيمته . [1]
لرأسه.
وأما عدم إجزاء حلق اللحية عن الحلق الواجب، فلأن حلق اللحية إما أن يكون حراماً، وإما أن يكون مخالفاً للاحتياط الوجوبي. وعلى كلا التقديرين لا يجتمع مع العبادية التي يتصف بها جزء العبادة أيضاً، مضافاً إلى بعض ما ذكر.
[1] وقع البحث في هذه المسألة في زمان الحلق أو التقصير ومكانهما.
أما الزمان: فالظاهر أن جميع مناسك منى الثلاثة لابد وأن يقع يوم النحر، وهو ظاهر المحقق في الشرايع، بل لا خلاف ظاهراً في عدم جواز التقديم، إلاّ لبعض الطوائف ـ كالنساء والخائف ـ نعم لا دليل معتبراً ولا صريحاً في لزوم الوقوع يوم النحر، وإن وقع التعبير في بعض الروايات به، إلاّ أنه لا صراحة في اعتبار يوم النحر بحيث لو لم يفعلهما في يوم النحر لما تحقق الإجزاء. ولذا نفى البعد عن جواز التأخير إلى آخر أيام التشريق.
وأما المكان: فالظاهر أنه منى. وأنه لا يجوز إيقاعهما اختياراً في غيره.